أعرب بيتر ستانو ، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في لقاء مع “أخبار الآن” عن أسفه في “الإجراءات التي تتخذها إيران بشأن زيادة تخصيب اليورانيوم”، مضيفاً: “الاتحاد الأوروبي هو منسق الاتفاق النووي الذي عقد سابقاً مع إيران .. نحن واضحون منذ البداية ونأسف للقرارات الإيرانية بزيادة نسب التخصيب”.
وتابع ستانو أن “القرارات الأخيرة المتعلقة بالاتفاق النووي، وأنشطة زيادة نسب التخصيب لا تتفق مع التزامات إيران فهذه الأنشطة غير متسقة مع التزامات طهران بناءً على مشاركتها في خطط العمل الشاملة المشتركة، في الاتفاق النووي”.
وزاد لـ “أخبار الآن” : “ندعو ونحث إيران على التوقف عن هذه الخطوات الأحادية الجانب والقيام بأي إجراءات أخرى يمكن أن تقوض الاتفاق النووي الذي أعتبره مهما للغاية”، لافتا إلى أن “منسق السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل أعرب نيابة عن جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن قلقه وأسفه بشأن الخطوات التي اتخذتها إيران“.
وقال ستانو: “أوضحنا للسلطات الإيرانية ضرورة التراجع عن تلك الخطوات، لأن ما يجري غير مقبول مطلقاً، وما يحدث تطور خطير يهدد بتقويض الاتفاق النووي، لأنه يشكل خروجا على التزامات وواجبات إيران على أساس الاتفاق النووي .. على الرغم من تأكيدات إيران المتتالية بالالتزام بالاتفاق وضرورة القيام بواجباتهم بموجبه”.
ووفق ستانو، فإن الاتحاد الأوروبي يتفهم مطالب إيران ويفي بالتزاماته، وقد رفع العقوبات على النحو الذي توقعه إيران .. فيقول المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي “نحن منخرطون ونحاول إيجاد طرق لمساعدة إيران في الحصول على فوائد من الاتفاق النووي”.
وتابع: “في نفس الوقت نقول على إيران أن توقف كل أفعالها وعكس جميع الخطوات التي تتعارض مع التزامات الاتفاق لأن إيران على مدى العامين الماضيين كانت تتخذ خطوات لا تتماشى مع التزامات الصفقة النووية، لذا فإننا نحث الإيرانيين على العودة إلى الصفقة التي يقولون إنهم ما زالوا يحترمونها وما زالوا يريدون المشاركة فيها”.
وأضاف ستانو “عندما يتعلق الأمر بتخصيب اليورانيوم من قبل إيران، فإن المهم بالنسبة لنا كاتحاد أوروبي هو دور التحقق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، هذه هي الهيئة الدولية المستقلة الوحيدة التي يمكنها أن تقول ما تفعله إيران أو لا تفعله، طالما أن لديهم إمكانية الوصول وحتى الآن لديهم إمكانية الوصول، كان آخر تأكيد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو أن إيران بدأت إجراءات لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20٪ لذلك نحن لا نتحدث عن 40٪ أو 60٪”.
وبحسب ستانو، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت في هذه المرحلة أن يكون التخصيب بنسبة 20٪، ولكن بغض النظر عن النسبة المئوية، اعتبر ستانو أن الأمر يمثل تطورا خطيرا بالنسبة لبروكسل، فضلا عن كونه مصدر قلق عميق.
ويقول المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي “نحثهم مرارًا وتكرارًا ونستمر في حثهم على عكس تلك الخطوات لأننا نرى خطوات بالغة الأهمية خطيرة وتعرض للخطر البنية التحتية الكاملة للاتفاقية وهي لا تتماشى مع الالتزامات والتعهدات”.
وأكمل “نحث إيران على التراجع عن هذه الخطوات والامتناع عن المزيد من التصعيد لأن استمرار التعاون الكامل وفي الوقت المناسب مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهم للغاية، لكن من المهم جدًا أن تلتزم إيران بالتزاماتها وتعهداتها، وما تفعله إيران الآن في إجراءاتها الأخيرة لا يتوافق حقًا مع تلك الالتزامات، على حد تعبير ستانو.
وقال: “عندما تتحدث عن عقوبات محتملة، فأعتقد في هذه المرحلة ، أن هذا سابق لأوانه بعض الشيء لأن ما نؤمن به وما نشارك فيه هو مفاوضات ومناقشات، نحن بحاجة إلى حل جميع القضايا المتعلقة بالاتفاق النووي معاً، هذا هو أحد بنود الاتفاق النووي، إذا كان هناك مشكلات فإن اللجان التي انضمت إلى خطة العمل الشاملة المشتركة هي أفضل منصة للتعامل مع أي مشاكل لوجود ممثلين لجميع الموقعين الاتحاد الأوروبي هو المنسق لذلك، نحن نسهل ونحاول التوسط ومساعدتهم في إيجاد الحلول”.
وتابع أيضاً: “نحن نحاول أولاً حل كل هذه القضايا وقد رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات لأننا قلنا أن هذا التزام مهم، طالما أن إيران تفي بالتزاماتها وتفي بالتزاماتها، عندها سيستمر الاتحاد الأوروبي في نهجه العملي والإيجابي، ولكن إذا واصلت إيران هذه الخطوات الأحادية الجانب، وإذا واصلت إيران خروجها التدريجي من التزاماتها من خطة العمل الشاملة المشتركة، فهذه مسألة للنقاش من قبل جميع المشاركين، وهذا يحدث في خطة العمل الشاملة المشتركة”.
حفر أنفاق
وإلى جانب ذلك، يرى مراقبون أن إيران باتت تتخذ مواقفاً مستغربة في سياق مشروعها النووي؛ حيث بدأت طهران بحفر العديد من الأنفاق، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلامية إيرانية بالقرب من منشأة نطنز النووية، الأمر الذي أثار الشكوك بإمكانية استئناف التخصيب في تلك المنطقة، وذلك منذ مطلع العام الحالي، ومع اقتراب تنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأمريكية.
طهران قررت زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، وفق صحف ووكالات أنباء ألمانية، لا سيما وأن نسبة التخصيب في هذه المرة مرتفعة وقد تصل إلى ما نسبته 20%، وهو ما اعتبرته الكثير من الدول إجراء تصعيدياً بعد تراجعها التدريجي عن ذلك منذ العام 2019، وهو ما أثار حفيظة العديد من الدول الأوروبية والعربية التي تواجه خطر المشروع الإيراني، بحسب مراقبين.
في هذا السياق، قالت صحيفة “تاغس شبيغل” الألمانية في مقال نشرته الأسبوع الماضي: “إذا كان هناك شيء واحد تجيده القيادة الإيرانية فهو فن الاستفزاز، الملالي يختبر حدود الآلام التي قد يتحملها الغرب ويرفع سقف الاحتمالات”، في إشارة إلى الخطر الذي يواجه الدول الأوروبية ودول العالم نتيجة تخصيب اليورانيوم.
ويتخوف خبراء، من أن تكون هذه الأنشطة بحفر العديد من الأنفاق بالقرب من المنشآت النووية، خطوة أولى نحو امتلاك القنبلة الذرية، ومحاولة إيرانية للتركيز على البرنامج النووي لاسيما مع تخوفات إيران من عودة بايدن إلى اشتراط التفاوض على ملفات مختلفة إلى جانب الاتفاق النووي، ما يعني مزيداً من القيود على إيران وتوجهاتها في امتلاك الأسلحة النووية.
منشآت نووية أخرى
تشير معلومات نقلتها وكالة أنباء أسوشيتد برس أن إيران بدأت في بناء موقع داخل منشآتها النووية تحت الأرض في فوردو، والذي بدأ البناء فيه أواخر سبتمبر الماضي؛ حيث أظهرت صور حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس من شركة “ماكسار تكنولوجيز” أن “البناء يتم في منطقة الركن الشمالي الغربي من الموقع؛ وذلك بالقرب من مدينة قم الشيعية المقدسة لدى إيران وعلى بعد نحو 90 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من طهران”.
الاتفاق النووي الإيراني
ومع اقتراب تسلم الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو بايدن لزمام السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، تؤكد معلومات أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تعود إلى الاتفاق النووي الذي وقع في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وكان بايدن حينها نائبا للرئيس، ما يعني توافقاً في التوجهات والرؤى والمنطلقات السياسية في التعامل مع إيران.
وتتضمن بنود الاتفاق أن إيران سوف تواصل برنامجها النووي السلمي بدرجة تخصيب تصل إلى 3.67٪ وسيكون التخصيب في منشأة نطنز الواقعة في شمال أصفهان، وستتحول منشأة فوردو من موقع لتخصيب اليورانيوم إلى مركز للأبحاث النووية والتقنية، كما سيتم في هذا المركز التشجيع على التعاون الدولي في مجالات الأبحاث والتنمية المتفق عليها كما لن تكون في فوردو مواد قابلة للانشطار.
ونص الاتفاق أيضاً على أن يبقى “أراك” موقعاً للماء الثقيل مع إجراء تغيير في قلب المفاعل، بحيث لا يُنتج بلوتونيوم لاستخدامه في التسلح، ولن تتم فيه إعادة المعالجة وسيتم تصدير الوقود المستهلك فيه، كما جرى التفاهم على مجموعة تدابير للإشراف على تنفيذ محتوى البرنامج الشامل للعمل المشترك وتنفيذ البروتوكول الإضافي بشكل طوعي.
وتستخدم الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقنيات حديثة للإشراف، وكذلك تم التوصل إلى إمكانية تفتيش المنشآت النووية في أي وقت كان، كما ستشارك إيران في التعاون الدولي في مجال الطاقة النووية السلمية، وقد يشمل ذلك بناء المحطات النووية والمفاعلات النووية للأبحاث، والمجال الآخر للتعاون في مجال السلامة والأمن النووي.
في المقابل – بموجب الاتفاق – ينهي الاتحاد الأوروبي كل الحظر الاقتصادي والمالي المرتبط بالبرنامج النووي. كما تتوقف الولايات المتحدة عن تنفيذ الحظر المالي والاقتصادي الثانوي المرتبط بالبرنامج النووي، تزامنا مع تنفيذ إيران التزاماتها النووية الرئيسية عبر مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
بموجب الاتفاق، يتم إصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي يؤيد فيه البرنامج الشامل للعمل المشترك، وستُلغى فيه كل القرارات السابقة المرتبطة بالموضوع النووي، وتوضع بعض التدابير المقيدة المحددة لفترة زمنية متفق عليها.
أهداف عسكرية
وتقول مواقع إخبارية ووسائل إعلامية ومراكز بحثية متخصصة بالشأن الإيراني إن طهران تهدف من خلال ما تقوم به من تخصيب لليورانيوم واستئناف برنامجها النووي إلى تنفيذ أهداف عسكرية، وليست أهدافاً مدنية.
واستشهدت المراكز البحثية بأن ما نسبته 20% لتخصيب اليورانيوم كافٍ جدا لتنفيذ البرنامج النووي، وعلى الرغم من الاستفزازات الإيرانية إلا أن أوروبا حاولت التفاوض معها مرات عديدة لكن إيران كانت تناقض وعودها في كل مرة.
وكانت صحيفة “نويه تسوريشر تسايتونغ” السويسرية قالت إن “هناك الكثير من الأدلة على أن إيران قد نفذت أنشطة (نووية) في السنوات السابقة لا يمكن تفسيرها بأهداف مدنية … وثمة أدلة تشير إلى أن إيران حصلت على تصميم لقنبلة نووية ونفذت أعمالا مختلفة تتصل بتصنيعها”.
الاتحاد الأوروبي: الإجراء الإيراني برفع نسب تخصيب اليورانيوم يهدد العملية الدبلوماسية
أما الاتحاد الأوروبي، فقد اتخذ موقفا جازما من إيران بدعوتها إلى العدول عن قرار تخصيب اليورانيوم وإعطاء الدبلوماسية فرصة، وفق بيان صدر عن الاتحاد قال فيه إن “شروع إيران في تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20% في منشأة فوردو لتخصيب الوقود تحت الأرض، تطور في غاية الخطورة، ومبعث قلق شديد”.
واعتبر البيان أن الإجراء الإيراني في هذه المرحلة الحرجة يهدد بتقويض الجهود الرامية إلى البناء على العملية الدبلوماسية القائمة، ما يستوجب من إيران الامتناع عن المزيد من التصعيد والعدول عن هذا العمل دون تأخير.
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إن أمام القوى العالمية وإيران أسابيع، وليس أشهرا، لإنقاذ الاتفاق النووي، بمجرد أن يتولى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن السلطة يوم 20 يناير.
وكانت واشنطن اعتبرت أن إيران أكبر راع للإرهاب في العالم ولا ينبغي السماح لها بتخصيب اليورانيوم بأي نسبة، فيما هددت إيران بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما لم يتم رفع العقوبات المالية والمصرفية والنفطية بحلول 21 فبراير المقبل.