يمثل مشروع طريق الحرير الجديد في الصين حجر الزاوية في استراتيجية الرئيس الصيني “شي جين بينغ” لممارسة بلاده دوراً قيادياً على الساحة الدولية، لكن يبدو أن جائحة كورونا أتت بما لا تشتهي طموحات بكين لتتوقف معها مشاريع الطريق حول العالم.
وبحسب منظمة مقرها لندن، واجه نحو 15 مشروعًا صينيًا من “مبادرة الحزام والطريق“، مشاكل العام الماضي؛ وتقدر قيمة تلك المشروعات بما يزيد عن 2.4 مليار دولار أمريكي، ويشمل ذلك مشروع كهرباء تصل قيمته إلى 680 مليون دولار أمريكي في زيمبابوي.
وأرجع التقرير، الذي نشره معهد التنمية لما وراء البحار (ODI)، بعض التأخيرات إلى الأوضاع التي فرضتها جائحة كوفيد -19، فيما نسب الباقي لأسباب مثل: الاحتجاجات المالية والداخلية والمجتمعية.
وفي صدارة المشروعات التي توقفت عن العمل تأتي تلك المشروعات الخاصة بصناعة التعدين الأسترالية – والتي بلغت قيمتها 23.23 مليون دولار.
ويسلط التقرير الضوء على 14 دولة تم فيها إلغاء أو تأخير المشاريع، ويلفت إلى أن بكين قد واصلت أيضًا تأخير أو إلغاء العديد من المشاريع البارزة في دول مثل كوستاريكا وقيرغيزستان وميانمار.
وتوضح الخريطة أدناه تفاصيل المشاريع التي تم إيقافها ومقدار قيمتها ولماذا تم إيقافها، بإمكانك أن تقف فوق النقاط للكشف عن تلك التفاصيل.
ويشير التقرير إلى أن ثلاثة من تلك المشاريع قد توقفت بسبب Covid-19 في ميانمار ونيجيريا وكوستاريكا.
وتشمل الأسباب الأخرى لوقف هذه المشروعات، المخاطر السياسية، والمخاوف الأمنية والعقبات المالية.
الهند وأستراليا وزيمبابوي
ويضاف إلى تلك القائمة من الدول التي توقفت فيها مشاريع صينية، ثلاث دول تستحق النظر فيها بتمعن أكبر وتأتي الهند في المقدمة منها، حيث دخلت الصين معها في نزاع حدودي مثير للجدل منذ أوائل الستينيات.
وخاض البلدان حربًا فضلا عن وقوع عدة مناوشات متبادلة في المناطق الحدودية، ولم تحل القضية بعد.
في يونيو 2020، اشتبك الجيشان الصيني والهندي بشكل متكرر على الحدود، حيث قتل ما لا يقل عن 20 جنديًا هنديًا، لكن ليس لدينا تقارير موثوقة عن عدد الجنود الصينيين الذين قتلوا.
يضاف إلى ذلك التوتر توتر آخر، كان قد اندلع قبل أعوام حين أفادت تقارير بأن الصين قد بنت قرية داخل الأراضي الهندية، الأمر الذي خلف توترا غير مسبوق في العلاقات الهندية الصينية، ما تسبب بعدها في إيقاف نظام عبور بالسكك الحديدية رفيع المستوى بقيمة 148 مليون دولار في الهند.
علاوة على ذلك، كان رد الفعل الهندي على التوغل الصيني هو الإضرار بالصين اقتصاديًا، وشمل ذلك أيضًا حظر التطبيقات المملوكة للصين مثل “Tik-tok” وتطبيقات الألعاب الشهيرة مثل “PUBG”.
إلى جانب الصين تأتي أستراليا التي أعربت عن رغبتها في التحقيق في أصل فيروس كورونا في ووهان، لكن ذلك تسبب في دخول علاقاتها مع الصين في نفق مظلم.
وبعد تدهور العلاقات التجارية بين البلدين، صرح الأستراليون علنا بضيقهم من الاستثمارات الصينية المنتشرة في البلاد.
وتسببت مخاوف تتعلق بالأمن القومي، في إقدام أستراليا على وقف 13 ٪ من حصة شركة صينية في الشركات الأسترالية.
في قائمة الدول التي واجهت الصين فيها مشاكل مؤخرا، تأتي زيمبابوي الدولة الإفريقية الفقيرة، المثقلة بالقروض الصينية.
وفي الواقع، تدين حكومة زيمبابوي بدين كبير لشركة “Sinosure” الصينية، لدرجة أن شركات التأمين الصينية تحجم عن دعم مشاريع البنية التحتية في زيمبابوي.
كما رفضت زيمبابوي دفع 10 ملايين دولار كرسوم لـ “Sinosure” ، وبعد ذلك أوقفت الشركة تطوير السد – الذي كلف 680 مليون دولار.
زيادة المديونية للصين
سئمت البلدان في جميع أنحاء العالم من القروض والمشاريع الصينية – حيث أصبحت المزيد والمزيد من الدول مدينة للصين.
انظر إلى هذه الخريطة التي توضح مقدار القروض التي قدمتها الصين للبلدان منذ عام 2008 حتى عام 2019.
وتأتي باكستان في صدارة الدول التي اقترضت من الصين، عند 39.8 مليار دولار، فيما يبلغ حجم الديون الروسية 37 مليار دولار، تلتها أنغولا بـ29.6 مليار دولار.
القائمة تشهد كذلك تواجد، البرازيل والإكوادور 28.2 مليار دولار و 18.4 مليار دولار على التوالي.
ويشير التقرير إلى أن الصين أقرضت 93 دولة، من بينها 54 دولة حصلت على أكثر من مليار دولار في شكل قروض، أكثر من 58٪ من هذه البلدان هي من البلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض أو المنخفض.
قدمت الصين قروضًا إلى 33 دولة ذات دخل متوسط أعلى و6 دول ذات دخل مرتفع أيضًا.
هذا أمر مفهوم ، في ضوء تأثيرات Covid-19 والتباطؤ في الاستثمار الخارجي والإقراض الذي بدأ قبل الوباء، مدفوعًا جزئيًا بالانتقادات الدولية لمشاريع “الفيل الأبيض” الصينية في البلدان النامية.
“الفيل الأبيض” هو استعارة للمباني أو المشاريع باهظة الثمن ولكن بدون أي فائدة أو قيمة.
أظهرت بيانات من جامعة بوسطن بعنوان “تمويل التنمية الخارجية بالصين” أن القروض الصينية قد تراجعت منذ عام 2016.
وفي عام 2019، انخفضت إلى 3.9 مليار دولار فقط مقارنة بعام 2016 عندما لامست رقماً قياسياً قدره 75 مليار دولار.
بسبب نقص البيانات التجارية، لا يمكن تحديد ما إذا كانت بكين تبطئ الإقراض، ربما يكون Covid-19 قد زاد بشكل غير مباشر من مخاطر المشاريع في المراحل الأولى من التنمية، بسبب تدهور ظروف الاقتصاد الكلي في البلدان المتلقية.
يقول تقرير ODI أيضًا إنه من الممكن ألا يتم استئناف هذه المشاريع.
ومع ذلك، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في أوائل كانون الثاني (يناير) إن الصين حافظت على عمليات أكثر من 1100 مشروع للتعاون في الأحزمة والطرق في إفريقيا، مع وجود ما يقرب من 100 ألف موظف فني وهندسي صيني في مواقعهم.