إيران تهدد مهلة لتقليص عمل المفتشين الدوليين
وصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي إلى طهران، السبت، عشية انتهاء مهلة حددتها إيران لتقليص عمل المفتشين بحال عدم رفع واشنطن للعقوبات المفروضة عليها، مع دعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن لتعاون دبلوماسي بشأن الملف النووي الإيراني.
ونشر كاظم غريب أبادي، سفير إيران لدى الوكالة، صورة عبر حسابه على تويتر، مرفقة بتعليق جاء فيه “المدير العام غروسي وصل الآن الى طهران، وكان في استقباله (نائب رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية والمتحدث باسمها بهروز) كمالوندي والسفير غريب أبادي”.
وانسحبت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أحادياً من الاتفاق النووي العام 2018، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.
وبعد عام من ذلك، بدأت طهران بالتراجع تدريجاً عن العديد من الالتزامات الأساسية في الاتفاق المبرم في فيينا العام 2015 بينها وبين كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا.
وأبدت إدارة بايدن استعدادها للعودة إلى الاتفاق، لكنها اشترطت بداية عودة إيران إلى التزاماتها. في المقابل، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات، مؤكدة أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قامت الولايات المتحدة بذلك.
وبموجب قانون أقره مجلس الشورى الإيراني في كانون الأول/ديسمبر، يتعين على الحكومة الإيرانية تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، في حال عدم رفع واشنطن للعقوبات بحلول 21 شباط/فبراير.
وسيقيد ذلك بعض جوانب نشاط مفتشي الوكالة التي تبلغت من طهران دخول الخطوة حيز التنفيذ في 23 منه.
وكان غروسي كتب عبر تويتر الجمعة أنه سيلتقي “مسؤولين إيرانيين بارزين من أجل التوصل الى حل مقبول من الطرفين، متلائم مع القانون الإيراني، لتتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مواصلة نشاطات التحقق الأساسية في إيران”.
وأضاف “أتطلع قدماً الى (تحقيق) نجاح، يصب ذلك في مصلحة الجميع”.
وتستمر زيارة المدير العام للوكالة التابعة للأمم المتحدة حتى الأحد.
وأكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي أن الخطوة الجديدة ستدخل حيز التنفيذ الثلاثاء.
ونقل عنه الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي قوله السبت إن بلاده تنفذ قرار البرلمان “والطرف الآخر لم ينفذ حتى الآن واجباته برفع العقوبات، لذا سيتم تعليق عمليات التفتيش التي تتجاوز (اتفاق) الضمانات”.
وأضاف “خلال لقاء الغد (الأحد) مع السيد غروسي، ستتم مراجعة ومناقشة اعتبارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات والتعاون الثنائي” بينهما.
إيران.. تصرفات مزعزعة للاستقرار
وسبق لطهران التأكيد أنها لن تطرد مفتشي الوكالة التابعة للأمم المتحدة أو توقف التعاون معهم.
وأبرم الاتفاق النووي بعد أعوام من المفاوضات، وهدف بشكل أساسي الى رفع الكثير من العقوبات المفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان عدم سعيها لتطوير سلاح نووي.
وأبدت إدارة بايدن الخميس استعدادها للمشاركة في مباحثات برعاية الاتحاد الأوروبي ومشاركة كل أطراف الاتفاق، للبحث في السبل الممكنة لإحيائه.
والجمعة، أبلغ بايدن مؤتمر ميونيخ للأمن أن بلاده ستتعاون عن كثب مع حلفائها في سبل التعامل الدبلوماسي مع إيران، بعدما اعتمد سلفه ترامب سياسة عدائية حيال طهران قامت بشكل أساسي على “الضغوط القصوى”.
وقال بايدن إنّ “تهديد الانتشار النووي لا يزال يتطلّب دبلوماسيّةً وتعاوناً دقيقَين في ما بيننا”.
وأضاف “لهذا السبب قُلنا إنّنا مستعدّون لإعادة الانخراط في مفاوضات مع مجموعة 5+1 بشأن برنامج طهران النووي”، في إشارة إلى الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا.
وتابع “يجب علينا أيضاً معالجة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وسنعمل في تعاون وثيق مع شركائنا الأوروبيين وغيرهم بينما نمضي قدماً”.
إيران والولايات المتحدة.. أخذ وردّ دبلوماسي
سبق للإدارة الجديدة أن أبدت رغبة في توسيع الاتفاق ليشمل ملفات أبرزها برنامج الصواريخ البالستية والنفوذ الإقليمي لطهران. الا أن مسؤولين إيرانيين بينهم الرئيس حسن روحاني، أعلنوا رفضهم أي تعديل في بنوده.
وجددت طهران الجمعة على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف، تأكيد مطلبها رفع العقوبات المفروضة عليها، في أعقاب الطرح الأمريكي للمباحثات.
وكتب ظريف على تويتر “ترفع الولايات المتحدة بشكل غير مشروط وفاعل كلّ العقوبات التي فرضت أو أعيد فرضها أو أعيدت تسميتها من قبل ترامب”، مضيفاً “عندها، سنعكس فوراً كلّ الإجراءات التعويضيّة التي اتّخذناها” من 2019.
وستكون خطوة طهران المقبلة الأحدث ضمن سلسلة الخطوات التي اتخذت تدريجاً منذ أيار/مايو 2019، ومنها في كانون الثاني/يناير، زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم الى 20 بالمئة، بينما يحددها الاتفاق بـ3,67.
وحذرت الولايات المتحدة والدول الأوروبية المنضوية في الاتفاق، طهران من تبعات خطوتها المقبلة. ودعت هذه الدول بعد اجتماع لوزراء خارجيتها الخميس طهران الى تقييم “عواقب إجراء خطير كهذا، خصوصاً في هذه اللحظة التي تسنح فيها الفرصة، العودة إلى الدبلوماسية”.
لكن المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي رأى أن الإجراء لا يحول دون ملاقاة أي بادرة حسن نية أمريكية.
وكتب في مقال رأي السبت في صحيفة “إيران” الحكومية إن الخطوة المقبلة “لا تتعارض مع التزامنا بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي)، وليست عائقاً حيال ردود متناسبة ومتناسقة مع أي خطوة من الولايات المتحدة لتثبت حسن نيتها في مسار عودة الأطراف الى التزاماتهم”.
وأضاف “الآن، يمكننا أن نتوقع بثقة، أنه على رغم الأخذ والرد الدبلوماسي الذي يشكل مقدمة طبيعية لعودة كل الأطراف الى الزاماتهم بما فيها رفع كل العقوبات في المستقبل القريب، فإن المبادرات الدبلوماسية ستعمل بشكل جيد الى حين تحقيق النتيجة المرجوة”.