قادة العالم يدعون عبر مجلس الأمن لمواجهة التغير المناخي
اجتمع قادة العالم الثلاثاء لمناقشة تداعيات التغير المناخي على السلم العالمي وفي حين تتفق غالبية الدول على ضرورة معالجة المسألتين على أنهما قضيتان متصلتان، فإنها تواجه معارضة من روسيا.
وجه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وعالم الطبيعة المخضرم ديفيد أتنبوره نداءات مباشرة الثلاثاء إلى مجلس الأمن الدولي بحضور قادة العالم لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن أزمة المناخ تحت طائلة مواجهة تفاقم عدم الاستقرار في العالم.
ويمثل الاجتماع خروجًا عن اجتماعات مجلس الأمن التقليدية التي تركز على تجنب النزاعات أو إنشاء عمليات لحفظ السلام. وكان جونسون الذي ترأس بلاده مجلس الأمن الدولي خلال شهر شباط/فبراير، وراء فكرة انعقاده.
وقال جونسون الذي ترأس الجلسة الافتراضية لقادة العالم : “من الواضح تمامًا أن تغير المناخ يشكل تهديدًا لأمننا الجماعي وأمن دولنا”.
وأضاف: “أعلم أن هناك أشخاصًا في جميع أنحاء العالم سيقولون إن ما هذا … سوى ملاحظات خضراء من حفنة من محبي التوفو الذين يعانقون الأشجار ولا تتناسب مع الدبلوماسية الدولية والسياسة الدولية. … لكن لا يسعني سوى أن اختلف معهم أكثر في العمق”.
وشدد جونسون على أن مساعدة البلدان الضعيفة على التكيف مع تغير المناخ وخفض الانبعاثات العالمية إلى صافي الصفر سيساعد في حماية التنوع البيولوجي وكذلك الازدهار والأمن.
وساق على سبيل المثال كيف يصير المزارعون عرضة لاتخاذ موافق متطرفة عندما تجف محاصيلهم، أو كيف تقع الفتيات فريسة للاتجار بالبشر عندما يبتعدن عن المنزل خلال بحثهن اليومي عن الماء.
وسأل: “متى عسانا نفعل شيئًا ما لم نتحرك الآن؟ … عندما تصل حشود من الفارين من الجفاف والحرائق والنزاعات إلى حدودنا بحثا عن موارد؟”. وختم كلمته بالقول: “سواء أعجبكم ذلك أم لا، المسألة تتعلق بمتى وليس إن كان سيتعين على بلدكم وشعبكم التعامل مع الآثار الأمنية لتغير المناخ”.
من جانبه، شبه السير أتنبوره التهديد الذي تتعرض له الحضارة البشرية بالتهديد الذي مثلته الحرب العالمية الثانية التي عايشها في شبابه.
ولكنه قال إن التهديدات الجديدة “لا تفرِّق بيننا. … إنها تهديدات يجب أن توحدنا، بغض النظر عن أي جزء من العالم أتينا منه، لأنها تواجهنا جميعًا”.
وتابع أن “التغيير المطلوب في حد ذاته يبدو هائلاً، وهو بالطبع كذلك، لكن لدينا بالفعل العديد من التقنيات اللازمة، على الأقل للتغييرات الأولية. وربما والأهم، لدينا أيضًا مستوى من الدعم العام ومطالبة بالتحرك لم أر شخصيًا مثلها من قبل”.
واضطر جونسون بعدها بقليل لمغادرة الجلسة التي شارك فيها قادة العالم ومنهم الهند والمكسيك اللتين انضمتا إلى مجلس الأمن في مطلع السنة، ومن كينيا والنيجر وكذلك من تونس والنروج وإيرلندا.
قادة العالم يسعون الى تبني قرارات لمواجهة التغييرات المناخية
أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فحذر من تأثيرات التغير المناخي بقوله إن “في أفغانستان، حيث يعمل 40% من القوة العاملة في الزراعة، يؤدي انخفاض المحاصيل إلى الفقر
وانعدام الأمن الغذائي، وهذا يجعل الناس عرضة للتجنيد من قبل العصابات الاجرامية والجماعات المسلحة”.
لكن روسيا شككت، على العكس من ذلك، بفكرة أن القضايا البيئية تمثل “جذور” النزاعات. وقال فاسيلي نيبينزيا، السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، إن دعم مثل هذا القول يوازي “صرف الانتباه” عن “الأسباب الحقيقية”.
وقال “إن فرض مثل هذا الارتباط بشكل منهجي سيكون خطيرًا حتى”. وأضاف أن روسيا “تشارك فكرة أن علينا استحضار استجابة سريعة للتغير المناخي، ولكن يجب أن يتم ذلك في إطار الآليات التي يتم التعامل معها من قبل مختصين”، مدافعًا عن نهج يختلف حسب المناطق، وليس “عالميًا”.
وفي موقف يتباين عنه قليلًا، قالت الصين بلسان مبعوثها الخاص للمناخ شيه تشن هوا إن “التنمية المستدامة هي المفتاح لحل جميع المشكلات والقضاء على أسباب النزاعات”.
وأضاف أن “التعاون الدولي بشأن المناخ يجب أن يعالج في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الدولية للمناخ باعتبارها النهج الرئيسي لذلك”.
“ارتباط لا يمكن إنكاره”
ومثل فرنسا رئيسها إيمانويل ماكرون الذي قال إن “الارتباط بين المناخ والأمن، لا يمكن إنكاره، على الرغم مما يتسم به من تعقيد”.
وأشار إلى أنه “من بين الدول العشرين الأكثر تضرراً من النزاعات في العالم، اثنتا عشرة دولة من الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ”.
ودعا، مثل ألمانيا، إلى تعيين “مبعوث أو مبعوثة خاصة للأمن المناخي”.
في العام الماضي، صاغت برلين مشروع قرار ينص على إنشاء منصب مبعوث للأمم المتحدة، ولكنه لم يطرح للتصويت تحت التهديد باستخدام حق النقض من قبل الولايات المتحدة وروسيا وحتى الصين.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الثلاثاء “حان الوقت لإعادة طرح نص قوي على الطاولة واعتماده”.
ويتوقع دبلوماسيون أن تتغير ديناميكية النقاش مع تولي الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يحمل وجهات نظر معارضة جذريًا لتلك التي دافع عنها دونالد ترامب.
تنعقد جلسة مجلس الأمن بحضور قادة العالم بعد أيام قليلة من عودة الولايات المتحدة بقيادة الديموقراطي بايدن رسميًا إلى اتفاقية باريس 2015 الهادفة إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وقال جون كيري المبعوث الأميركي لشؤون تغير المناخ إن “أزمة المناخ هي بلا منازع من المواضيع التي تهم مجلس الأمن. … لا يمكن لأي بلد أن يحل هذه الأزمة بمفرده، من أجل هذا النوع من المشكلات تحديدًا أنشئت الأمم المتحدة”.