الإرهاب والقتل عصب النظام.. إيران تقتلُ الناس في سيستان وبلوشستان
اتجهت الأنظار مؤخراً نحو محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية التي شهدت مجزرة نفذها الحرس الثوري الإيراني بحق المواطنين البلوش.
وإزاء ذلك، شدّدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” على ضرورة فتح تحقيق شفاف بشأن ما حصل في المحافظة الإيرانية يوم 22 فبراير/شباط الجاري، خصوصاً أن قوات الحرس الثوري الإيراني قتلت 10 أشخاص على الاقل من المواطنين البلوش في منطقة سروان الحدودية.
وذكر موقع “حملة النشطاء البلوشيين”، الذي ينقل انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة، أن “الحرس الثوري الإيرَاني أغلق في 22 فبراير/شباط الطريق الذي يستخدمه السكان لنقل الوقود إلى باكستان في منطقة إسكان الحدودية في بلدة سروان، في محافظة سيستان وبلوشستان. وبعدها، فتحت قوات الأمن النار على من حاول فتح الطريق، فقتلت 10 أشخاص على الأقل”.
وأكّدت تارا سبهري فر، باحثة إيران في “هيومن رايتش ووتش” أنه “على السلطات الإيرَانية إجراء تحقيق شفاف ونزيه على وجه السرعة في إطلاق النار على حدود سروان”، لافتة إلى أنه “على السلطات محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وتعويض الضحايا بشكل مناسب، والتأكد من اتخاذ حرس الحدود أقصى الاحتياطات لاحترام الحق في الحياة وحقوق الإنسان الأخرى”.
إلى ذلك، ذكرت التقارير أنّه تمّ قطع الانترنت على الهاتف المحمول يوم 25 فبراير/شباط عن أجزاء عدة من المحافظة منها زاهدان وسروان. ومع هذا، قال العديد من الناشطين أنّ الاتصال بالإنترنت انقطع في المنطقة منذ حادثة 22 فبراير/شباط.
الفقر يضربُ سيستان وبلوشستان في إيران.. الواقع مرير
وتعاني محافظة سيستان وبلوشستان من ارتفاع معدل الفقر وغياب البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية. وفي الواقع، فقد أدى الافتقار إلى الفرص الاقتصادية إلى عمل العديد من السكان في تجارة نقل الوقود عبر الحدود مع باكستان والعراق.
وخلال السنوات الـ3 الماضية، استخدمت السلطات الإيرَانية بشكل متزايد قطع الإنترنت على نطاق واسع خلال فترات الاضطرابات والاحتجاجات لتعطيل حصول المجتمعات المحلية والمراقبين الدوليين على المعلومات.
وإثر وقوع المجزرة بحق مواطني البلوش، اندلعت تظاهرات كبيرة في سيستان وبلوشستان، وأثار الهجوم حالة من الغضب في سرافان، إذ اقتحم أفراد عائلات القتلى مكتب المحافظ في المنطقة يوم الثلاثاء، كما كانت محاولات أيضاً لاقتحام مراكز أمنية مثل مخفر كورين.
وفعلياً، فإنّ ما حصل في إيران يكشف عن القمع المفرط الذي يستخدمه النظام ضد المواطنين. ومع هذا، فإن مقاطعة سيستان وبلوشستان الإيرَانية تعاني من الظروف المريرة، إذ أدّى الإفتقار إلى الأنشطة الاقتصادية والتصنيع والمرافق المدنية والتنمية البشرية، إلى بطالة هائلة، كما ساهم ذلك في تحوّل الشباب إلى أعمال التهريب المُربحة التي تعدّ محفوفة بالمخاطر في الوقت نفسه. كذلك، يلجأ المئات من الشباب البلوش المتعلمين إلى تجارة النفط لكسب قوت يومهم، إذ أنّهم يهربون الوقود والمخدرات والفواكه لتغطية نفقاتهم.
وكان متوسط معدل البطالة في سيستان وبلوشستان دائماً أسوأ من المتوسط في إيرَان، وأحياناً كان الأسوأ من بين جميع المحافظات الـ31، بحسب موقع “iranwire” الالكتروني.
وكان اقتصاد المنطقة يعتمد على إنتاج المحاصيل الزراعية، إلا أن موجات الجفاف المستمرة خلال السنوات الأخيرة الماضية، واختفاء المياه الجوفية الصالحة للري، وكذلك انقطاع مياه الأنهار الموسمية الجارية عبر الحدود مع أفغانستان، كلها عوامل ساهمت في انهيار القطاع الزراعي في هذه المنطقة، وتسببت في ارتفاع معدلات المجاعة والبطالة والفقر. ووسط ذلك، لم تبادر الحكومة الإيرانية اتجاه تلك المنطقة، وتركتها لمصيرها كما أنها لم تقم بتنميتها وتأهيلها، والعامل الأكبر وراء ذلك هي أنها منطقة ذات غالبية سنيّة، ولا يتناسب مع إيران دعمها.
وتشير التقديرات إلى أنه في العام 2016، كان 1.232.275 شخصاً يعيشون في فقر في المحافظة، وهو ما يعادل 269341 أسرة. ووفقاً لبيانات المركز الإحصائي لإيرَان، تُظهر الأسعار في المناطق الحضرية في سيستان وبلوشستان في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 زيادة بنسبة 52.7 في المائة مقارنة بالأسعار في العام 2016.
ومع هذا، فقد كشف أحد المسؤولين الإيرانيين خلال العام 2020 أنّ 74% من سكان سيستان وبلوشستان هم تحت خط فقر الأمن الغذائي، وليس لديهم عمل مستقر. ووسط تفشي فيروس “كورونا”، عانى سكان المحافظة من التهميش الكبير من قبل الحكومة، حيث أن معدل الاصابات ارتفع بشكل كبير ولم يكن هناك أي تحرّك واضح باتجاه المنطقة المحرومة.
الحدود الإيرانية – الباكستانية تغلي.. نار على وقع التهريب والفقر!
اشتبكَ مواطنون وقوات الأمن في مدينة سرافان الإيرانية في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيرَان. كان ذلك يوم الثلاثاء، أي بعد يوم على مقتل 10 من مهربي الوقود برصاص الحرس الثوري الإيراني بالقرب من الحدود الباكستانية – الإيرَانية بمدينة بنجغور في بلوشستان. كذلك، قتل أو جرح العديد من البلوش الباكستانيين في الحادث، وتتم معالجتهم في المستشفى المحلي في بلوشستان.