استعدادات مكثفة.. بابا الفاتيكان يلتقي السيستاني في العراق
في أقدس مدينة في العراق، سيلتقي البابا بالمرجع العراقي علي السيستاني، وسيسجل التاريخ رسالة التعايش في مكان لطالما عانى من الانقسامات المريرة.
أحدهما هو الراعي الرئيسي للكنيسة الكاثوليكية في جميع أنحاء العالم، والآخر شخصية بارزة لدى المسلمين الشيعة تحديدًا، وله تأثير قوي في الشارع العراقي.
تحضيرات اللقاء
ومن المقرر أن يلتقي البابا فرنسيس والسيستاني يوم السبت لمدة 40 دقيقة، في منزل رجل الدين الشيعي المتواضع في مدينة النجف. تم التأكد من كل التفاصيل في وقت مبكر كجزء من استعدادات مضنية تطرقت إلى كل شيء من الأحذية إلى ترتيبات المقاعد.
إن التأثيرات الجيوسياسية تثقل كاهل الاجتماع، إلى جانب تهديدات مزدوجة من جائحة كورونا وتوترات مستمرة مع إطلاق صواريخ الجماعات المارقة المدعومة من إيران.
بالنسبة للأقلية المسيحية في العراق، فإن إظهار التضامن من المرجع العراقي يمكن أن يساعد في تثبيتهم في البلاد بعد سنوات من النزوح.
من خلال الاجتماع، يعترف البابا ضمنيًا به باعتباره المحاور الرئيسي للإسلام الشيعي ضد منافسه، المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وزادت أنباء الاجتماع من حدة التنافس بين المدارس الدينية الشيعية في النجف ومدينة قم الإيرانية .
وقال مسؤول ديني في النجف، مشارك في التحضيرات: “ستكون زيارة خاصة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، ولن تضاهي أي زيارات سابقة”.
في ديسمبر (كانون الأول)، قال لويس ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق، لوكالة أسوشييتد برس إن الكنيسة كانت تحاول تحديد موعد لقاء بين البابا والسيستاني، وقد تم تضمينه في المسودة الأولى لبرنامج الزيارة، “لكن عندما زار وفد (الفاتيكان) النجف، كانت هناك مشاكل”، على حد قوله، دون الخوض في التفاصيل.
نادرًا ما يكون للسيستاني رأي في المسائل السياسية، وعندما يفعل ذلك، فقد غير مسار تاريخ العراق الحديث.
شكلت دعوته سببًا للعديد من العراقيين للمشاركة في انتخابات يناير (كانون الثاني) 2005، وهي الأولى بعد دخول الولايات المتحدة عام 2003. كما أدت الفتوى التي أصدرها عام 2014 والتي تدعولمحاربة تنظيم داعش الإرهابي إلى تضخم صفوف الميليشيات الشيعية. وفي عام 2019، عندما اجتاحت المظاهرات المناهضة للحكومة البلاد، أدت خطبته إلى استقالة رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي.
السيستاني معروف أيضا بأنه منعزل ولم يغادر منزله في النجف منذ سنوات. ولا يظهر بشكل علني، ويتم إلقاء خطبه من قبل ممثلين، ونادرا ما يستقبل كبار الشخصيات الأجنبية.
تفاصيل اللقاء
وكان الفاتيكان يأمل أن يوقع البابا وثيقة مع المرجع العراقي يتعهد فيها بالأخوة الإنسانية، تمامًا كما فعل مع شيخ الأزهر، أحمد الطيب، المقيم في مصر.
وسينتقل موكب خاص البابا البالغ من العمر 84 عامًا عبر شارع “رسول” المزدحم الذي تصطف على جانبيه الأعمدة في النجف.
وسيمشي البابا 30 مترًا إلى منزل السيستاني المتواضع، وفي سيستقبله عند المدخل نجل السيستاني محمد رضا.
سيلتقي البابا بالسيستاني وجهاً لوجه. وسيقدم كل منهما لفتة بسيطة من الاحترام المتبادل. سينزع البابا حذائه قبل دخول غرفة السيستاني، فيما سيقف السيستاني، الذي يظل جالسًا عادة للزوار، لتحية البابا عند الباب ويصطحبه إلى أريكة زرقاء، ويدعوه إلى الجلوس.
قال مسؤول ديني في النجف: “هذا لم يحدث من قبل السيستاني مع أي ضيف من قبل”.
وأضاف المسؤول: “إن السيستاني سيقدم إلى البابا رسالة سلام ومحبة للبشرية جمعاء”.
وسيتم تبادل الهدايا، لكن ليس من الواضح ما الذي ستمنحه النجف، ومن شبه المؤكد أن البابا سيقدم للسيستاني نسخًا مجلدة من أهم كتاباته، وعلى رأسها آخر منشوراته “الإخوة جميعًا” حول الحاجة إلى مزيد من الأخوة بين جميع الشعوب.
حتى الآن ، انتهت الخطط البابوية السابقة لزيارة العراق بالفشل. لم يتمكن البابا الراحل يوحنا بولس الثاني من الذهاب عام 2000 ، عندما فشلت المفاوضات مع الحكومة العراقية آنذاك.
أما اليوم فالعراق يشهد موجة ثانية من فيروس كورونا المتحور ، كما استؤنفت سلسلة من الهجمات الصاروخية التي تستهدف الوجود الأمريكي في البلاد. وألقت الولايات المتحدة باللوم على الميليشيات المتحالفة مع إيران.
تشعر الحكومة العراقية والمسؤولون الدينيون بالقلق من أن هذه الميليشيات قد تنفذ هجمات صاروخية في بغداد أو أي مكان آخر للتعبير عن استيائهم من لقاء السيستاني مع البابا
السيستاني يرفض لقاء مسؤول ايراني
وقال مسؤول ثان في النجف: “من المحتمل أن تزعج الزيارة بعض الناس وقد يحاولون تأخير الزيارة أو إلغائها”.
إبراهيم رئيسي، كبير القضاة في إيران، والذي يعتبر مرشحًا رئاسيًا محتملاً أو حتى خليفة لخامنئي، لم ينجح في محاولاته للقاء السيستاني في رحلة أخيرة.
وقال المسؤول “زاد هذا التوتر مع الإيرانيين لأن السيستاني لم يلتقي رئيسي لكنه سيقابل قداسة البابا”.
ترقب لزيارة بابا الفاتيكان الاستثنائية إلى العراق
تبدو زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس الأول إلى العراق زيارة إستثنائية في وقت صعب، والتي من المقرر أن تبدأ في الخامس من مارس وتستمر حتى الثامن.