إيران تغلغلت في الأرجنتين وأسست شبكة تجسس.. مُحامٍ فضح كل الحقائق
نشر موقع “إيرَان وير” تقريراً جديداً سلط الضوء فيه على حقائق كشفها المدعي العام الأرجنتيني السابق ألبرتو نيسمان عن توسع وتسلل إيرَان السري في بلاده، وقد جاء ذلك في تقرير أعده قبل العثور عليه مقتولاً داخل شقته في بوينس آيرس يوم 18 يناير/كانون الثاني 2015.
وكان نيسمان يحقق في خطة بين الرئيسة الأرجنتينية آنذاك كريستينا فرنانديز دي كيرشنر والنظام الإيراني، وكانت تهدف للتستر على تورط طهران في تفجير مركز يهودي عام 1994 والذي أسفر عن مقتل 85 شخصاً وإصابة المئات. ووفقاً للتقارير، فقد كانت كيرشنر التي تولت رئاسة الأرجنتين من 2007 إلى 2015 متهمة بمحاولة إخفاء تورط إيرَان في التفجير مقابل صفقات تجارية مربحة مع الحكومة الإيرانية.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يخطط فيها نيسمان للإبلاغ عن وجود “حزب الله” اللبناني في الأرجنتين. ففي 29 مايو/أيار 2013، ندد المحامي بتسلل النظام الإيرَاني إلى دول أمريكا اللاتينية وإقامة قواعد استخباراتية سرية لرعاية وترويج وارتكاب أعمال الإرهاب الدولي.
استغلال للدين والمساجد.. هكذا عملت إيران على التوسع في الأرجنتين
وكانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ الأرجنتين التي يقدم فيها تقرير أدلة مفصلة وشاملة عن الوسائل التي من خلالها يتسلل نظام إيران الإرهابي إلى البلاد منذ عقود. وبحسب “إيران واير”، فإنّ معظم القواعد والعناصر الإيرانية تمركزت في النقطة المعروفة باسم المنطقة الثلاثية الحدودية (TBA)، حيث تلتقي حدود الأرجنتين والبرازيل وباراغواي.
وبحسب نيسمان، فإن “حزب الله” قد عُرِف لأول مرة في الأرجنتين عام 1983 بعد وصول رجل دين شيعي إلى البلاد يُدعى محسن رباني.
وفي الواقع، فإن هذا الرجل كان مسؤولاً عن إنشاء أول شبكة تجسس لصالح إيرَان، وقد أصبح إماماً لمسجد التوحيد في بوينس آيرس، واستخدم هذا المركز لبناء شبكة تجسس داخل البلاد.
ووفقاً للسلطات القضائية الأرجنتينية، فقد تورط محسن رباني في تفجير مركز الجالية اليهودية (AMIA) في بوينس آيرس في عام 1994. واستناداً إلى التحقيقات، أصدرت الحكومة الأرجنتينية مذكرة اعتقال دولية بحق رباني، ما أجبره على مغادرة الأرجنتين والعودة إلى إيرَان.
وفي تقريره، أشار نيسمان إلى شركتين مسجلتين في الأرجنتين، ويعتقد أنهما من ضمن شبكة التجسس الإيرَانية وهما: مؤسسة التجارة الحكومية (GTC) و “إيمانكو”.
وفي مقال نُشر في مارس/آذار 2020 لمجلة “Studies in Conflict & Terrorism”، ذكر محللا الاستخبارات إيوان بوب وميتشل سيلفر هاتين الشركتين في سياق العمليات الخارجية لإيران وحزب الله، وأدرجا شركة أخرى في الأرجنتين تسمى “South Beef SA”.
ويقول المؤلفان إن هذه الشركات الـ3 كانت جزءاً من الغطاء التجاري لشبكة التجسس الإيرانية في الأرجنتين. ووفقاً لهذا التقرير، كان مديرو ومسؤولو الشركات مسؤولين عن تنفيذ مهام الاستخبارات الإيرانية في البلاد. ومع هذا، فقد زعم أيضاً أنّ المدير التنفيذي لـ”GTC” في الأرجنتين سيد جمال اليوسفي، كان مسوؤلاً في المخابرات الإيرانية. ومع هذا، فقد قال نيسمان أن “GTC” وإيمانكو لم تقوما بأي نشاط تجاري لفترات طويلة، مما جعل وجودهما مشبوهاً على الفور، بحسب نيسمان.
وتحدث المدعي العام الأرجنتيني الراحل عن ندوة استضافتها طهران عام 1982 حول “حكومة إسلامية مثالية”، والتي حضرها 380 من رجال الدين من 70 دولة. وعن هذه الندوة، قال نيسمان: “لقد أثبتت أنها نقطة انطلاق لتصدير الثورة”.
ومع هذا، أوضح نيسمان إن الحدث قدم “تبريراً للعنف كطريقة معترف بها لإزالة العقبات التي وجدت في طريق توسع الثورة الإسلامية في إيران”.
وكان السبق الحاسم لهذه الندوة هو إنشاء “منظمة حركات التحرير الإسلامية” (OILM) في أكتوبر/تشرين الأول 1980، وتضمنت مكاتبها قسماً يسمى وحدة الدراسات والبحوث، والذي حلل الأوضاع الاجتماعية والسياسية في الخارج بهدف تصدير أيديولوجية الجمهورية.
وبعد بضعة أشهر من ندوة العام 1982، أرسلت جمهورية إيرَان الإسلامية محسن رباني ليستقر في الأرجنتين. في غضون ذلك، عين رباني عبد القادر كوكيل له في غيانا، وأصبح رباني فيما بعد العقل المدبر لتفجير “AMIA” بينما كان قادر مسؤولاً عن محاولة تفجير مطار جون إف كينيدي في نيويورك. وفي وقتٍ لاحق، تم القبض على قادر بينما كان يستعدّ للسفر إلى إيران لتوضيح التفاصيل النهائية لهذه المؤامرة الإجرامية.
ويسلط تقرير نيسمان الضوء على قول لمحسن رباني نفسه، إذ قال الأخير: “وفقاً لوجهة نظرنا الإسلامية، أمريكا اللاتينية بالنسبة لنا وللعالم، منطقة عذراء حيث للأسف لم تؤخذ إمكاناتها الهائلة في الاعتبار حتى الآن من قبل شعب إيرَان… نتلقى دعماً قوياً ضد الإمبريالية والصهيونية، وهذا يمثل مساعدة مهمة لوجودنا في هذه المنطقة”.
وربما كان الجانب الأكثر أهمية في تقرير ألبرتو نيسمان هو شرحه المفصل للوظيفة المزدوجة للمؤسسات الثقافية والدينية كواجهة لأعمال سياسية وأحياناً إجرامية من قبل النظام الإيراني. وعلى سبيل المثال ، تم استخدام المساجد كقاعدة للتجنيد.
وليست كل الأنشطة الثقافية أو الدينية أو الدبلوماسية مرتبطة بالإرهاب. في الواقع، يمكن أن يؤدي هذا الاستنتاج الخاطئ إلى تقليص الأنشطة المشروعة والقيمة للمجتمع الإسلامي والأوسع. ما قاله نيسمان هو أن هذا كان نمطاً متكرراً ونموذجيًا لسلوك العملاء الإيرَانيين في أجزاء مختلفة من العالم، بحسب “إيران واير”.
ماذا حصل في الأرجنتين؟
في 14 يناير/كانون الثاني 2015، أحدث نيسمان هزة في الأرجنتين، إذ ندّد علناً بالعديد من المسؤولين في بلادهم لمحاولتهم التستر على المتهمين بالتورط في تفجير المركز اليهودي، وذلك باتفاق مع طهران. ومن بين المسؤولين الذي وجه نيسمان اتهاماته إليهم: الرئيسة السابقة كريستينا كيرشنر، الوزير السابق هيكتور تيمرمان، النائب أندريس لاروك، الزعيم الاشتراكي لويس ديليا، زعيم حركة كيبراشو فرناندو إستيتشي وغيرهم.
وكان تواصل المسؤولين الأرجنتينيين مع إيران يسعى بشكل أساسي الى توفير حصانة قانونية للإيرانيين الذين تم اتهامهم في قضية تفجير المركز اليهودي.
ويقول نيسمان أنه تم تفعيل الخطة الإجرامية عندما سافر تيمرمان إلى حلب عام 2011 والتقى سراً بنظيره الإيراني علي أكبر صالحي. ويضيف: “في ذلك الاجتماع، أبلغ تيمرمان نظيره الإيراني أن السلطات الأرجنتينية مستعدة للتخلي عن تحقيق تفجير المركز اليهودي، وذلك في سبيل إعادة العلاقات التجارية الكاملة بين الدولتين”.
ومع هذا، فقد أورد نيسمان قائمة بأسماء مسؤولين إيرانيين قال أنهم جزء من المؤامرة، وهم:
- علي أكبر هاشمي بهراماني رفسنجاني (الرئيس السابق لإيران).
- علي أكبر ولايتي (وزير الخارجية الإيراني السابق)
- علي فلاحجان (وزير المخابرات الإيراني السابق)
- محسن رضائي (القائد السابق للحرس الثوري الإسلامي)
- أحمد وحيدي (قائد سابق لفيلق القدس ووزير دفاع إيراني سابق)
- محسن رباني (مستشار ثقافي سابق في السفارة الإيرانية في الأرجنتين)
- أحمد رضا أصغري (السكرتير الثالث السابق للسفارة الإيرانية في الأرجنتين)
- هادي سليمبانبور (سفير جمهورية إيرَان السابق في الأرجنتين)
- علي أكبر صالحي (وزير خارجية إيرَان من 2010 إلى 2013)
واتهم نيسمان المجموعة معاً بـ”التخطيط للهجوم على المركز اليهودي وإسناد تنفيذها إلى حزب الله”. ومع هذا، كان من المقرر أن يقدم نيسمان النتائج التي توصل إليها إلى الكونغرس الوطني يوم 19 يناير/كانون الثاني 2015، إلا أنه عُثر عليه ميتاً في شقته في بوينس آيرس ليلة 18 يناير/كانون الثاني، وقد أصيب برصاصة في الرأس. عندما وصلت الشرطة إلى مكان الحادث، كانت لا تزال نسخ من شكوى المدعي العام والملاحظات على طاولة غرفة الطعام.
وسارعت الحكومة الأرجنتينية إلى إعلان وفاة نيسمان على أنها “انتحار”. إلا أنه في العام 2018، حكم قاضٍ أرجنتيني بأن الحادثة هي جريمة قتل.
باكستان تُعاني بسبب “القائمة الرمادية” الخاصة بتمويل الإرهاب الخسائر بالمليارات
باكستان تتكبّد خسائر بـ38 مليار دولار بسبب وجودها على ”القائمة الرمادية“ الخاصة بتمويل الإرهاب قبل أيام، قرّرت مجموعة العمل المالي، وهي هيئة عالمية معنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إبقاء باكستان على “القائمة الرمادية”، وذلك رغم بعض التقدم الذي تم احرازه على صعيد مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.