بدأت الهند حملة قمع واسعة ضدّ لاجئي الروهينغا الذين يعيشون في البلاد، وقد تمّ القبض على نحو مئتين منهم، بينهم رجال ونساء وأطفال، ليتمّ وضعهم في سجن هيرانغار في منطقة كشمير.
السلطات الهندية تصف الروهينغا الذي يعيشون في مخيّمات البؤس هناك، بأنّهم مهاجرون غير شرعيين، وتقول إنّه سيتمّ ترحيلهم إلى ميانمار، البلد التي فرّوا منها جرّاء إبادة جماعية ارتكبها الجيش هناك بحقهم.
يبلغ عدد اللاجئين الروهينغا في جمّو وكشمير نحو 40 ألفاً، ويُنظر إلى الإعتقالات الجماعية على أنّها جزء من حملة قمع واسعة النطاق، على مستوى البلاد ضدّ مسلمي الروهينغا، الذين يحمل الكثير منهم بطاقات اللاجئين المسجلة لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي من المفترض أن توفّر لهم الحماية من الاحتجاز التعسفي.
دخلنا إلى مخيم “نروال جمّو”، وتحدّثنا إلى عدد من اللاجئين الروهينغا الذين انفصلوا عن عائلاتهم بسبب الإعتقالات والترحيل، وقد عبّروا لنا عن سوء المعاملة التي يواجهونها من قبل السلطات، واصفين تصرفات الحكومة الهندية حيالهم بأنّها تكرار لما حدث معهم في ميانمار.
“نحن مثل الدجاج في الغابة وكأنّ هناك شيء ما يهاجمنا”
مختار أحمد، لاجىء مسن من الروهينغا تمّ اعتقال زوجته ريحانة، وهي أمّ لـ 4 أطفال. يقول مختار لـ”أخبار الآن“: “يتمّ تكرار ما حصل معنا في السابق قبيل مغادرتنا ميانمار، فالحكومة هنا تكرر الشيء نفسه… إنّنا أبرياء نعمل طوال النهار لإطعام عائلاتنا، ما هي جريمتنا”؟
وتابع: “كنت في العمل بينما اعتقلت الشرطة زوجتي. لا يوجد من يتحدث باسمنا، ليس لنا إلّا الله. في العام 2011 حصلنا على بطاقة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقالوا لنا إنّه يمكنكم استخدامها للسفر إلى الهند والعيش هنا وكسب رزقنا، ويتمّ تجديد البطاقة كل عامين، فالشرطة أخبرت زوجتي أنّها ستؤخذ لتقديم استمارة ما”.
وأضاف مختار لـ”أخبار الآن“: “من الصعب جدّاً العيش هنا، نحن خائفون، نعمل هنا كعمّال لكن الآن لا يمكننا فعل ذلك، فالمال ينفذ لدينا، ماذا سنفعل، مِن مَنْ سنطلب المساعدة؟ نحن مثل الدجاج في الغابة وكأنّ هناك شيء ما يهاجمنا دائماً، نخشى أن يتم احتجازنا مثل الآخرين في حال خرجنا إلى العمل”.
وأشار هذا المسن إلى أنّ ما حصل معهم في ميانمار قبل الهروب من العنف، يتمّ تكراره دائماً من قبل الحكومة الهندية، لافتاً إلى أنّ اللاجئين الروهينغا أبرياء يعملون طوال النهار لإطعام عائلاتهم، قائلاً: “ما هي جريمتنا؟ لماذا تم احتجاز زوجتي؟ كلنا مهددون بالسجن… لقد جئنا إلى هنا في العام 2011 ولم نقم بأيّ نشاط خاطئ، إلّا أننا نعمل لنكسب رزقنا”.
وأضاف مختار: “لا أعرف كيف حال زوجتي الآن، لم تكن على ما يرام بالفعل، إنّها تتناول الدواء 3 مرات في اليوم! لماذ لا يطلبون منا المغادرة سنفعل ربما، لكن جميعنا خائف هنا وقد تفرقت عائلاتنا. أترى هذه الأكواخ التي نعيش فيها، فنحن ندفع بدلاً شهرياً للبقاء فيها، لا أحد هنا يقوم بأيّ نشاط خاطئ”.
“نعيش ظروفاً أكثر سوءاً ممّا حدث معنا في ميانمار”
ليلى بيغام، وهي لاجئة من الروهينغا في كشمير، تقول لـ”أخبار الآن“: “كان زوجي في العمل عندما تم اعتقاله ووضعه في سجن هيرانغار. لقد كانوا 20 شخصاً يعملون هناك وتمّ اعتقال 7 منهم”. وتضيف: “من الصعب تأمين الطعام لأطفالي الآن، لقد جئنا إلى هنا هرباً من العنف في بلدنا ميانمار، أمّا الآن فإلى أين سنذهب؟ إنّنا نعيش في ظلّ في وضع صعب للغاية، لا أعرف ماذا يمكن أن أفعل؟ كيف أطعم أطفالي وكيف أرسلهم إلى المدرسة؟ إنّ زوجي هو المعيل الوحيد للأسرة”.
وتتابع ليلى لـ”أخبار الآن“: “في بلدنا قتلوا شقيق زوجي حرقاً، وقد قتلت عمتي بالأسلوب نفسه، لهذا هربنا وأتينا إلى هنا. الآن الشيء نفسه يتكرّر معنا هنا. إنّني أناشد الحكومة أن تطلق سراح زوجي، وإذا أرادوا منّا أن نغادر هذا المكان فسنفعل، أعرف إنّه ليس بلدنا، إذا لم تسمح لنا الحكومة بالعيش هنا فلن نبقى”.
وتقول: “ترتكب الفظائع بحقنا في كلّ مكان. أنظر، أليست من الصعب أن يتم فصل أطفالي عن أبيهم؟! يجب على الحكومة أن تنظر إلى هؤلاء الأطفال وتطلق سراح المعتقلين من أجلهم. فأيّ جرم ارتكبه زوجي حتى يتم اعتقاله؟ لماذا يعاقبونهم؟ إنّ ذلك يبدو أسوأ ممّا حدث معنا في ميانمار”.
“ترتكب فظائع بحقنا فأين نذهب؟
أمّا الشاب محمد علي، الذي تمّ اعتقال صهره وشقيقته الحامل في شهرها الرابع، منذ أيام عديدة، أوضح لـ”أخبار الآن” أنّ المسؤولين لا يقدمون لهم أيّ تفاصيل عنه شقيقته وزوجها، قائلاً: “لديهما بطاقات صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تمّ إصدارها في دلهي، والآن الشرطة أخذتها الشرطة منهما”.
وأضاف: “ليس لدينا مشكلة في العودة إلى بلدنا إذا أصبح هناك سلام، لا يحتاجون إلى أن يطلبوا منا أن نغادر، سنغادر بمفردنا بمجرد توقف العنف هناك. نحن نقتل في ميانمار ولهذا هربنا من هناك، والآن السلطات ترتكب فظائع بحقنا هنا أيضاً، أين نذهب؟ إنّني أطالب الحكومة الهندية بالإفراج عن أفراد عائلتنا”.
وختم محمد بالقول لـ”أخبار الآن“: “منذ أن بدأت حملة القمع لا أستطيع النوم بشكل صحيح، أخاف أن تأتي الشرطة في أيّ وقت وتحتجزنا. إنّني بسبب هذا التوتر، غير قادر على تناول الطعام كما يجب، حتى أنّني لا أستطيع الذهاب إلى العمل الآن”.
إذاً، يعيش هؤلاء اللاجئون الروهينغا في ظلّ خوف كبير، هم مشرّدون لا مكان يأويهم، حتى بات يطلق عليهم الأقلية التي لفظها وطنها. ويقول الناشطون في الهند إنّ الأمور أصبحت صعبة على المسلمين الروهينغا في هذا البلد، خصوصاً بعد وصول حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي برئاسة رئيس الوزراء ناريندرا، إلى السلطة في العام 2014.