التقارب الصيني – الروسي.. تهديد للأمن العالمي
لا يمكن أبداً اغفال التقارب بين روسيا والصّين والذي برز خلال الآونة الأخيرة خصوصاً بعد المحادثات بين بكين والولايات المتحدة في ألاسكا، والتي أثارت الكثير من الاهتمام والتعليقات.
فبعد هذه المحادثات، تحركت روسيا بسرعة لتعزيز مكانة بكين والتأكيد على التحالف المشترك. وفي هذا السياق، زار وزير الخارجية سيرغي لافروف الصين، وراح يدافع عن الحزب الشيوعي الصيني ويؤكد على ضرورة تعزيز وحماية العلاقات بين موسكو وبكين. ومع هذا، فقد أشار لافروف إلى أن روسيا تعتزم الابتعاد عن الاعتماد على الأنظمة المالية التي تسيطر عليها الدول الغربية.
وفعلياً، فإن التقارب بين الصين وروسيا يثيرُ قلقاً دولياً، وأساسه ناشئ في ظل الضغط الأمريكي على الجانبين. واليوم، فإن المواجهة مع الغرب تعزز نقطة الوصل بين بكين وموسكو لمجابهة واشنطن، كما أن النظامين الصّيني والروسي يعتقدان أن الاولوية لهما في تكريس السلطة على الساحة الدولية واستبعاد أمريكا عن قيادة النظام العالمي. وفي الواقع، فإنّ المخاوف الأكبر من هذا التقارب تتمحور حول تشكيل الصين مع روسيا تكتلاً يدير الحروب الالكترونية فضلاً عن تعزيز التعاون العسكري، وكل ذلك يهدد الدول الأخرى والأمن العالمي.
وإلى جانب ذلك، فإن الصّين وروسيا وجّهتا دعوة إلى المجتمع الدولي للمساهمة في إقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب أكثر عدلاً وديمقراطية وعقلانية. وفي هذا الاطار، طرح تقرير لمنظمة الدفاع عن الديمقراطيات “FDD” تساؤلاً أساسياً: “هل يعتقد أي شخص حقاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو الرئيس الصيني شي جين بينغ مهتمان بالعدالة أو ضمان وجود المزيد من الديمقراطية؟”.
في الحقيقة، فإنّ الأداء الروسي والصيني على صعيد الديمقراطية يتعارض جداً مع المطالبات بتكريسها. وعلى وجه الخصوص، فإن بكين تضرب الديمقراطية بشكل كبير في هونغ كونغ، وتنسف حقوق الانسان والعدالة التي تطالب بها في شينجيانغ من خلال قمع أقلية الإيغور المسلمة وغيرها من الأقليات العرقية. أما في روسيا، فإنّ الديمقراطية غائبة خصوصاً في تعاطي السلطة مع المعارضين وعلى رأسهم أليكسي نافالني الذي تعتقله السلطات الروسية كونه يعارض نظام بوتين. كذلك، فإن التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية عام 2016، وتحركاتها في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا والقوقاز كلها تؤكد على عدم وجود ديمقراطية، ولا احترام لحقوق الانسان ولا احترام لإرادة الشعوب.
ولهذا، فإن الممارسة بعيدة جداً عن الشعارات، والحقائق على ذلك عميقة، والواقع يؤكد أنه “لا ديمقراطية” في نظامي بوتين أو جين بينغ، علماً أنهما ينتقدان توجه الولايات المتحدة المرتبط بتسليط الضوء على انتهاكات الديمقراطية حول العالم خصوصاً في الصين وروسيا، وهذا الأمر الذي قد لا يروق للأنظمة هناك.
شاهد أيضاً: خامنئي يتحدث عن صعوبات تواجه نظامه في ظل تصاعد الغضب الشعبي