بعد أكثر من 20 عاماً على وجودها في أفغانستان وإسقاط حكم طالبان، أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ستبدأ بسحب قواتها من هناك، اعتباراً من بداية مايو المقبل، على أن يكتمل ذلك بحلول الحادي عشر من سبتمبر، من العام الجاري 2021، ويصادف في هذا اليوم، الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر.
باعتبار أمريكي، فالوقت حان لوضع حدّ لأطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها، وأكّد جو بايدن أنّ للأفغان حقّاً في حكم بلادهم، وأنّ القوات الأجنبية لن تخلق حكومة مستقرة.
في أفغانستان، ثمّة نحو 2500 إلى 3500 جندي أمريكي في الوقت الراهن، بالإضافة إلى عناصر قوة الناتو، وهم أقل من 8000 جندي. وفي هذه البلاد، 325 مقاطعة تسيطر طالبان على 76 منها، أي ما يعادل 19 %، فيما القوات الحكومية تسيطر على 127مقاطعة، أي ما يعادل 32 %، والبقية متنازع عليها.
وسط الإعلان عن الخطوة الأمريكية الأخيرة، فإنّ الأنظار تتجهُ إلى الشارع الأفغاني الذي يعيشُ مخاوفَ كبيرة. الأفغان يخشون سيطرة طالبان مجدّداً على السلطة والبلاد، فالإنسحاب الأمريكي من المحتمل أن يكون بدايةَ فصلٍ صعبٍ آخر للشعب الأفغاني، الذي يثير تساؤلات كثيرة بشأن مستقبله، بعد خروج القوات الأمريكية من البلاد.
“الشعب هو الضحية الشعب الأفغاني الضحية”
وهنا تكمن الحكاية، أعوام كثيرة مضت والشعب الأفغاني مازال ينشد السلام المفقود، لكن ثمّة من قلب المعادلة بتحدٍّ وإصرار على المضي في انتزاع هذا الحق، فمن حقّهم أن يعيشوا بسلام وآمان. لكن قبل التعرف على شابات وشبان أفغان، نتوقف مع ما قاله الصحافي الأفغاني عزت الله مهرداد لـ”أخبار الآن“، إنّه في خضمّ مشاريع واقتراحات السلام الكثيرة، والتي لم يتحقق منها شيء، ثمّة أمر ثابت وحيد، هو أن الشعب الأفغاني هو الضحية. الصحافي الأفغاني ركّز في حديثه لـ”أخبار الآن“، على أعداد الضحايا الهائلة جرّاء هذا التوتر الأمني في أفغانستان، مشيراً إلى أنّ ذلك بدلاً من أن يدفعَهم لتحقيق السلام، جعلهم يستمرون بلعبة السياسة، التي لم تؤتِ ثمارُها حتى اليوم.
فن القتال.. رسالة تحرر وتحد في آن
الحديث هنا يعكس جانباً ضبابياً قاتماً، فهذا هو الواقع مع الأسف في أفغانستان، لكن في جانب مضيء، ثمّة مَنْ تحدّى هذا الواقع الأليم، الذي أعاق تقدمَ البلاد وتقدمَ أبنائِه. في التقرير التالي، أفغانيات تحدّينَ كلَّ شيء من أجل حرياتهِنَّ، وتقاتلن من أجل الحفاظِ عليها. فمن هن أبطال الجودو في أفغانستان؟
فتيات تتحدين طالبان والإعاقة
فقد يبدو ما تفعله هؤلاء الفتيات أمراً عادياً، لكن في أفغانستان، إذا أرادت الفتاة ممارسةَ أيِّ نوعٍ من الرياضات، يعتبر ذلك أمراً محفوفاً بالمخاطر دائماً، لا سيّما في ظلّ تهديد طالبان المستمر. لكن إلى هذا التحدّي الأمني، تتحدى هؤلاء الأفغانيات عامل الإعاقة، التي لم تقف عائقاً أمام تحقيق الحلم في منتخب أفغانستان لكرة السلة على كرسي متحرك.
إعلان الرئيس الأمريكي هذا، أدّى لا شك إلى حدوث هزّات في المنطقة، خصوصاً أنّه أتى من دون أيّ شروط، لناحية أن تتخذ طالبان خطوات لمنع القاعدة، أو أيّ جماعة أخرى، من الإحتماء في أفغانستان، والموافقة على حوار حول تقاسم السلطة مع الحكومة الأفغانية، وذلك كان ضمن شروط الإدارة الأمريكية السابقة. كما أن هذا الإعلان أزال كلّ الحوافز التي تدفع طالبان للموافقة على الحوار مع الحكومة الأفغانية، وسط مخاوف الشباب دائماً لا سيّما الأفغانيات، اللواتي يؤكّدن عزمهُنَّ على المضي قدماً في مسيرة الرياضة والحرية والتحرر، والأهم السلام.
لا شك أنّ للإعلان الأمريكي تأثير على جهاتٍ فاعلة داخلَ أفغانستان وخارجَها، وسط كلام يفيد بأنّه لا توجد دولة في المنطقة ستبقى بمنأى عن المساس، فماذا سيحصل؟ ذلك رهن بالتطوات في المستقبل، الذي ينظر إليه الشباب الأفغاني رغم كلّ شيء، بعين أخرى من زاوية السلام الداخلي والخارجي، بعيداً من منطق الحديد والنار.