فجر الأربعاء فٌقدت غواصة “كي آر آي نانجالا” الإندونيسية بعد أقل من 25 دقيقة على طلبها القيام بمناورة طوربيد، منذ ذلك الحين والأخبار تتوارد حول حجم الأكسجين المتاح إلى أن ظهرت أنباء عن تحطمها بالكامل وغرق من كان على متنها.
ما قصة الغواصة الإندونيسية “نانجالا”؟ وما الذي حدث على متنها؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال التقرير التالي.
كي آر آي نانجالا – الغواصة الإندونيسية المفقودة
إحدى غواصات الأسطول الإندونسي، غواصة هجوم تعمل بالكهرباء والديزيل، وهي واحدة من طراز Cakra المكون من نوعين للغواصات الهجومية والتي طورت بواسطة HDW شركة بناء السفن الألمانية ومقرها في كيل.
نانجالا غواصة من نوع 209، وطُلبت في 1977 وأطلقت لأول مرة عام 1980 وحصلت على التفويض في العام التالي.
طراز 209 تم تطويره في الستينيات لكي يستبدل غواصات الحرب العالمية الثانية، ولم يتم استعمالها قط بواسطة الألمان نفسهم، لكنها كانت ناجحة للغاية لأن ألمانيا باعت أكثر من 60 غواصة لعدة دول مختلفة من ضمنها الهند وإندونيسيا بالطبع، وتعد تلك هي أكثر الغواصات غير النووية بيعا في العالم.
ساهمت تلك الغواصة في أكثر من عملية مخابراتية في المحيط الهندي وحول تيمور الشرقية وولاية نونوكان.
الغواصة الإندونيسية المفقودة خضعت لعملية تجديد في HDW في عام 1989 وبعد عقدين من الزمان خضعت لعملية تجديد كاملة لمدة عامين في كوريا الجنوبية من قبل شركة DSME واكتملت عام 2012. تكلفة التجديد بلغت 63.7 مليون دولار، نظرا لاستبدال معظم الهيكل العلوي للغواصة وبتحديث الأسلحة والسونار والرادار والتحم في القتال وأنظمة الدفع.
بعد عملية التجديد أصبحت الغواصة قادرة على إطلاق 4 طوربيدات في وقت واحد على 4 أهداف مختلفة وإطلاق صواريخ مضادة للسفن.
كما زاد عمق الغوص الآمن إلى 257 مترا، وزادت السرعة القصوى من 21.5 عقدة إلى 25 عقدة. وفقا لوزارة الدفاع الإندونيسية.
انقطاع الاتصال
في الثامنة صباح الأربعاء تم رصد بقعة نفطية في بحث جوي حول مكان الغوص الذي تواجدت به الغواصة، على الرغم من ذلك قالت البحرية في بيان رسمي إنها لا تستطيع تحديد ما إذا كان الوقود من الغواصة نفسها أم لا.
انتشرت سفن قوات البحرية في محاولة للبحث وأصدرت طلبا للمساعدة أجابت عليه القوات البحرية السنغافورية والأسترالية. وأعلن الجيش الأمريكي فيما بعد تقديمه يد العون في عمليات البحث.
ركزت عمليات البحث الإندونيسية على المنطقة التي وجد فيها بقعة النفط بعد اختفاء الغواصة.
وصرح يودو مارجون رئيس الأركان البحرية الإندونيسية: “عثرنا على جسم غير معروف يتسم بدرجة عالية من المغناطيسية على عمق يتراوح بين 50-100 متر، نأمل أن تكون الغواصة”.
البحرية الإندونيسية قالت بعد ذلك إن انقطاع في الكهرباء قد يكون حدث أثناء الغوص الساكن، ما تسبب في فقدان السيطرة ومنع تنفيذ إجراءات الطوارئ إذ سقطت الغواصة إلى عمق يصل 600-700 متر. ما يعني أن الجزء الموجود لا علاقة له بعمق الغواصة الفعلي.
جوكو ويدودو رئيس إندونيسيا طلب بتكثيف جهود البحث يوم الخميس، وبذل كل الجهد الممكن بذله من أجل إيجاد الغواصة المفقودة.
وصرح ويدودو للصحفيين: “طلبت من قائد الجيش ورئيس أركان البحرية ووكالة البحث والإنقاذ وكل الجهات الأخرى أن تضع كافة قوتها من أجل إيجاد وإنقاذ طاقم الغواصة”.
وواصل “أولويتنا الرئيسية هي إنقاذ الطاقم المكون من 53 فردا”.
فيما تحدث يودو مورجونو رئيس أركان البحرية الإندونيسية حول البحث وقال: “نأمل أن يمكننا إيجاد طاقم الغواصة قبل أن ينتهي إمداد الهواء في الغواصة للطاقم والذي يكفي حتى يوم السبت”.
البحرية الإندونيسية بعد ذلك قالت إن بقعة النفط قد توضح أن هناك تلفا قد حدث في الغواصة أو مجرد إشارة من الطاقم.
خرجت أكثر من 24 سفينة أندونيسية وطائرة دورية للبحث يوم الجمعة، مع إجراء عمليات مماثلة خلال آخر يومين.
طيار في سلاح الجو الإندونيسي صرح لوكالة رويترز أنه تم نقل ستة أطنان من المعدات إلى قاعدة للمساعدة في البحث بما في ذلك بالونات من أجل المساعدة في رفع الغواصة للأعلى.
مع كل تلك الجهود.. ما فرص نجاة الغواصة الإندونيسية؟
ماركوس هيلير محلل يركز على القدرات الدفاعية والتكنولوجيا العسكرية في معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالية قال لإذاعة “ناشيونال”: “حوادث الغواصات دائما كارثية”.
في عام 2000 تعرضت الغواصة النووية الروسية كورسك لتفجيرات داخلية، وغرقت أثناء مناورات في بحر بارنتس، توفي معظم طاقمها البالغ عدده 118 فردا.
في نوفمبر 2017 فقدت غواصة أرجنتينية وعلى متنها 44 فردا في جنوب المحيط الأطلسي، تطلب الأمر عاما حتى تم العثور على حطامها على عمق 800 مترا.
يتابع هيلير بعد رصد الحوادث: “من النادر جدا أن يظل الناس على قيد الحياة بعد تسرب أولي أو انفجار أو حريق لعطل ميكانيكي”.
وأردف “حينما تسوء الأمور، فهي تصبح كارثية للغاية على نحو سيء”.
واسترسل “ولكن كانت هناك عملية إنقاذ ناجحة لغواصة، وهي عملية إنقاذ USS Squalus في 1939”.
وأكمل “الغواصة كانت تغوص في شمال الأطلسي بالقرب من ولاية نيوهامبشير، لكنها غرقت بعد فشل في الصمام ودخول المياه وغاصت لعمق 73 مترا”.
وتابع “أفراد طاقم كانوا يتواجدون في غواصة مجاورة أطلقوا إنذارا وتمكنوا من تحديد موقع الغواصة، وتم إنقاذ 33 ناجيا من على متنها لاحقا”.
وأتم “علموا بالضبط أين كانت الغواصة، ولحسن الحظ كانت بالقرب من القاعدة، كانوا قادرين من إنقاذ الطاقم وخروجه على قيد الحياة، لكن كان هذا استثناء”.
ما حالة الغواصة الإندونيسية المفقودة الآن؟
أعلنت البحرية الإندونيسية تغيير حالة الغواصة الإندونيسية من “غواصة مفقودة” إلى “غواصة غارقة”، بعدما قدم قائد بحري حطاما يعتقد أنه من السفينة وذلك خلال مؤتمر صحفي.
وأوضح يودو مارجونو رئيس الأركان البحرية الإندونيسية أن السلطات تتوقع الآن القيام بعملية إخلاء لاستعادة الغواصة الإندونيسية نانجالا أو أي من طاقمها عندما يتم حديد موقعها.
ذلك التحديث الأخير، يعني تضاؤل الآمال بالنسبة لأفراد الطاقم الـ53 الذين كان من المتوقع ان ينفذ منهم الأكسجين في وقت مبكر من يوم السبت وفقا للبحرية الإندونيسية، ولم يتم العثور على أي أثر لهم بعد وفقا للبيان.
وستتجه بعض السفن الحربية التي نشرت في بحر بالي (آخر منطقة حدث خلالها اتصال مع الغواصة)، للمساعدة في العثور على الغواصة الإندونيسية من خلال الكشف عن الأجسام المعدنية أو الأجزاء المغناطيسية في البحر.
وتم إيجاد 6 قطع يُعتقد أنها حطام الغواصة وتم تقديمها في مؤتمر صحفي، وجدت على بعد ميلين من النقطة التي بدأت فيها الغواصة رحلتها قبل أن تختفي، وشملت زجاجة شحم وجزء من قاذفة طوربيد وجزء من أنبوب معدني وسجادة للصلاة ووقود.
قطع الحطام التي وجدت كانت في موقع يعتقد أن عمق البحر فيه يصل إلى 850 مترا، وتم استشارة أشخاص قاموا بمهمات سابقة على متن الغواصة المفقودة، ليوضحوا أن قطع الحطام بالفعل تنتمي للغواصة.
وصرح يودو للصحفيين: “لا نعتقد أن هناك انفجارا قد وقع على متن الغواصة، لكن الضغط الثقيل على السفينة قد يكون خلق صدعا تمكنت بعض الأشياء التسرب من خلاله”.
الآمال معقودة حتى وإن كانت ضعيفة
لازالت الآمال معقودة لإيجاد ناجين من طاقم الغواصة الإندونيسية الغارقة مع العديد من الجهود المبذولة محليا ودوليا لمحاولة إنقاذ من يمكن إنقاذه.