تتصاعد الأزمة بين الاتحاد الأوروبي والصين بسبب العقوبات التي فرضها كل طرف على الآخر مؤخرا، ما بين خُطبة حادة من هانا نيومان عضوة البرلمان الأوروبي ردا على بكين تبعها المزيد من التطورات من طرف الاتحاد الأوروبي.
الصين فرضت عقوبات على أعضاء البرلمان الأوروبي، ولجنة حقوق الإنسان بالكامل، و27 من سفراء لجنة الأمن والسياسة في البرلمان وعدد كبير من مؤسسات الفكر والرأي. ذلك التصاعد تسبب في توقف اتفاقية الاستثمار الصيني.
“نظام يطلق النار على حرية الرأي بشكل تعسفي”
قرارات الحزب الشيوعي الصيني دفعت هانا نيومان عضوة البرلمان الأوروبي للاعتراض بشكل غاضب على ما يحدث.
هانا تحدثت في البرلمان الأوروبي قائلة: “أولا وقبل كل شيء أعتقد أننا بحاجة للحديث عن اللغة، لأن تلك ليست عقوبات مضادة”.
وواصلت عضوة البرلمان الأوروبي: “فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 4 صينيين من منتهكي حقوق الإنسان، وردت الصين بفرض عقوبات على أعضاء مختلفين من البرلمان”.
وتابعت “مع عقوبات للجنة حقوق الإنسان بالكامل و27 من سفراء لجنة الأمن والسياسة وعدد لا بأس به من مؤسسات الفكر والرأي، هذا النظام يطلق النار بشكل تعسفي ببندقية صيد تستهدف حرية التعبير، وحريتنا في الأبحاث وحقوقنا كأعضاء برلمان”.
وأكملت نيومان: “كرد نحن واضحون في ردنا كبرلمان أوروبي، كأعضاء في لجنة حقوق الإنسان لم يعد بإمكاننا السفر إلى الصين، أو استدعاء خبراء صينيين إلى مجلسنا لأنهم سيواجهون عقوبات بالتساوي. لا يمكننا على مراكز الأبحاث، لأنهم ممنوعون من السفر إلى الصين، لذلك عندما يتعلق الأمر باتفاقية الاستثمار التي تريدنا الصين أن نصادق عليها، فقد نتمكن من مناقشة البعد الاقتصادي بإسهاب”.
واستطردت “لكن بكين منعتنا من مناقشة آثارها على حقوق الإنسان، ولست على استعداد لترك دولة أجنبية، تملي علي كيف أقوم بعملي كعضو برلمان ولا أعتقد أن أيا منكم يجب أن يقبل ذلك. ولست متأكدة إذا ما كنا واضحين بشأن ذلك في جميع المجالات”.
وأتمت “طالما أن أي فرد منا يخضع لعقوبات، أعتقد أن هذا البرلمان يجب أن يرفض حتى البدء في مناقشة اتفاقية الاستثمار الصينية، ناهيك عن المصادقة عليها، لأن التزامنا بحقوق الإنسان، وتضامننا مع الإيغور والحركة الديموقراطية في هونغ كونغ يجب أن يكون أكثر أهمية من أي جهد اقتصادي محتمل، أو منفعة اقتصادية محتملة”.
كيف بدأ الخلاف؟
لفترة طويلة أدان أعضاء البرلمان الأوروبي انتهاكات حقوق الإنسان في الصين، حتى أنه في شهر مارس الماضي صدر بيان مشترك بعد إصدار سلطات بكين عقوبات على اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان ولجان ومسؤولين أوروبيين.
وأصدر الاتحاد الأوروبي خلال شهر مارس عقوبته الأولى ضد الصين لأول مرة منذ أكثر من 30 عاما، واستهدفت تلك العقوبات مجموعة التدابير المصممة بالتنسيق مع الحلفاء الغربيين، وهم 4 مسؤولين صينيين ومؤسسة واحدة جميعهم متورطين في انتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الإيغور.
لم يطل الوقت حتى ردت الصين بسرعة وغضب شديدين، فيما وصف إعلاميا بـ”هجمة مرتدة” حسب موقع يورو نيوز، فرضت وزارة الخارجية الصينية عقوبات صارمة على 10 أفراد أوروبيين، من ضمنهم 5 أعضاء في البرلمان الأوروبي و4 مؤسسات من بينها اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي.
وأدرجت بكين أيضا مسؤولين منتخبين بشكل ديموقراطي من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وكندا ضمن القائمة السوداء، وقعت عقوبات الصين على أكثر من 30 فردا وكيانا مختلفين.
كنتيجة لذلك، أعلنت 3 من الأحزاب السياسية الرئيسية في البرلمان الأوروبي والتي تشغل معا 45% من المقاعد، أنه طالما بقيت هذه العقوبات سارية سيرفض البرلمان حتى فتح النقاش حول اتفاقية الاستثمار الصينية.
ما هي اتفاقية الاستثمار الصينية؟
اتفاقية الاستثمار أو ما يعرف إعلاميا بـ CAI هي اتفاقية مقترحة بين الصين والاتحاد الأوروبي تم تقديمها في عام 2013 ولم توقع حتى الآن.
وكانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت في ديسمبر 2020 أن الاتفاق قد تم من حيث المبدأ من قبل قادة المجلس الأوروبي، في انتظار التصديق من البرلمان الأوروبي.
حامت الشكوك خلال شهر مارس الماضي حول التصديق عليها بعد الخلاف الذي سبق شرحه.
الاتحاد الأوروبي وصف تلك الاتفاقية بـ”الصين قدمت أكثر اتفاق طموح لها على الإطلاق”. إذ وافقت الصين على إلغاء متطلبات المشاريع المشتركة والنقل القسري للتكنولوجيات وتحديد سقف للأسهم والقيود الكمية في عدد من القطاعات التي تعمل فيها أغلب شركات الاتحاد الأوروبي في الصين.
كما سيحمي الاستثمارات الأجنبية المباشرة للاتحاد الأوروبي في الصين، في جانب الصناعة، فالصين ستطابق انفتاح الاتحاد الأوروبي، وهو امتياز لم يسبق له مثيل في الاتفاقيات التجارية أو الاستثمارية الصينية، وينظر إليه على أنه خطوة هامة لتحرير السوق في الصين.
ما تأثير الخلاف الأخير على الاتفاقية بين الطرفين؟
أوقف الاتحاد الأوروبي جهوده للتصديق على اتفاقية الاستثمار الصينية بسبب التوتر المتزايد بين البرلمان الأوروبي والصين.
الاتفاقية التي تم التوصل لبنودها بشكل نهائي في ديسمبر الماضي، لم تتسلم التصديقات اللازمة من المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي وأهمها البرلمان الأوروبي.
وأعلن فالديس دومبروفسكيس نائب رئيس المفوضية الأوروبية لوكالة الأنباء الفرنسية: “أوقفنا بعض الجهود حاليا للمفوضية فيما يخص الاتفاقية، خاصة بعد العقوبات الصادرة ضد الصين والعقوبات التي صدرت في المقابل وتضمنت أعضاء في البرلمان الأوروبي، الأجواء لا تساعد على التصديق على اتفاقية الاستثمار”.
مع تطور الخلاف بين البرلمان الأوروبي والصين والعقوبات بين الطرفين إلى أين ستصل الأزمة؟ وهل يتدخل الاتحاد الأوروبي أكثر مع تزايد انتهاكات حقوق الإنسان خاصة ضد مسلمي الإيغور؟