القوات الأذربيجانية تقوم بترسيم الحدود
انتشرت الأنباء صباح يوم 12 من مايو الحالي بأن القوات الأذربيجانية تقوم بأعمال ترسيم للحدود، وقد قامت بعبور الحدود الأرمينية الأذربيجانية في منطقة سيونيك الجنوبية، بحسب بيان وزارة الدفاع الأرمينية.
في غضون ذلك، دعت كل من فرنسا والولايات المتحدة القوات الأذربيجانية إلى العودة إلى مواقعها الأصلية. في بداية الأمر حاولت السلطات الأرمينية احتواء حالة الذعر، كما نفت وزارة الدفاع الأنباء التي تحدثت عن وقوع اشتباكات في منطقة إيشخنصر، قائلة إن مثل هذه الأنباء “لا تتوافق مع الواقع”. وجاء في بيان لوزارة الدفاع “نحضّ الناس على الامتناع عن نشر معلومات لم يتم التحقق منها ونشر الذعر”.
وقد كتب نائب رئيس بلدية غوريس إيرينا يوليان الجنوبية على فيسبوك أن الجنود الأذربيجانيين تقدموا ثلاثة كيلومترات داخل أرمينيا ، باتجاه قرية فيريشن. في وقت لاحق، أكدت السلطات الأرمينية أن القوات الأذربيجانية قد توغلت بالفعل في الأراضي الأرمينية بحوالي 3.5 كيلومترات بالقرب من بحيرة “سيف Sev”.
خلاف على بحيرة Sev
بحيرة سيف Sev هي المنطقة التي يقع الخلاف عليها، حيث أن 30٪ من هذه البحيرة يقع في أذربيجان، بينما يقع الجزء الأكبر منها والذي يقدر ب 70٪ على الجانب الأرميني من حدود الدولة. وبحسب السكان المحليين، لم تكن هناك قوات أرمينية متمركزة في البحيرة وقت التوغل. وقد وصلت قوات حفظ السلام الروسية إلى المنطقة المجاورة ، وبدأت المفاوضات بين الدول الثلاث.
وفي 13 مايو، عقد اجتماع حكومي طارئ في يريفان، ذكر فيه باشينيان أنه يعتبر تصرفات القوات المسلحة الأذربيجانية مخططًا لها مسبقًا، واتهم باشينيان دولة أذربيجان بتزوير الخرائط ودعا جميع الأطراف للعودة إلى مواقعها الأصلية.
وقال جيفورج توسونيان، مراسل سيفيل نت، إنه تحدث مع السكان المحليين في المنطقة، حيث أخبره أحدهم أنه في الساعة 8 صباحًا من صباح 12 مايو / أيار، كان هناك راعٍ على الجانب الأرمني مع ماشيته، حين قال له جندي أذربيجاني على بعد حوالي 40 مترًا إنه لا يستطيع الرعي في المنطقة ، ثم عاد الراعي إلى منطقته ونشر الخبر بين الناس. وحاول فريق سيفيلنت الاقتراب من البحيرة، لكن الشرطة العسكرية الأرمينية أوقفتها.
منذ نهاية حرب قره باغ الثانية، رسمت سيونيك حدودًا جديدة مع أذربيجان في الجزء الشرقي منها، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، لم تكن هناك حدود بين أرمينيا وأذربيجان، حيث كانت الأراضي المتاخمة لسيونيك تحت سيطرة الأرمن في قره باغ.
وبعد اتفاق وقف إطلاق النار في 9 نوفمبر، تم تسليم المناطق المحيطة بناغورني قره باغ إلى أذربيجان، بما في ذلك مناطق قوبادلي وزانجيلان وكالبجار ولاشين، والتي تقع جميعها على الحدود مع منطقة سيونيك في أرمينيا، وقد أدى ذلك إلى قضايا ومشاكل تتعلق بترسيم الحدود.
وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن في الجمعية الوطنية، أندرانيك كوتشاريان، للصحفيين بأن “الأذربيجانيين جاءوا بخريطة من عام 1974 وقالوا إن الأرض لنا. الآن هناك عملية حل وتوضيح المشاكل المرتبطة بهذه التوترات “.
وأضاف كوتشاريان “أنهم يتفاوضون حاليا، وهناك الآن ممثل عن الجانب الروسي، وهو قائد قواتنا الحدودية. أنا متأكد من أن هذا سينتهي”.
وبحسب السلطات الأرمينية، فإنه بالرغم من التوغل، إلا أنه لم يتم تسجيل أي اشتباكات أو إصابات في الجانب الأرميني، إلا أن بعض الارتباك قد حصل بسبب ادعاء القيادة السياسية والعسكرية الأرمينية أن الأنشطة الأذربيجانية قد توقفت، لتؤكد لاحقًا أن التقارير عن التوغل الذي يبلغ طوله 3.5 كيلومترات كان صحيحًا في الواقع.
لقد كانت هناك مشاكل اتصال واضحة بين السلطات الحاكمة والجمهور، وتم تداول معلومات مضللة عبر الإنترنت، حيث ادعى البعض أن عمليات التوغل قد حدثت في مناطق أخرى بما في ذلك منطقة فايوتس دزور.
وأفاد حاكم سيونيك السابق والسياسي المعارض فاهي هاكوبيان أن القوات الأذربيجانية أغلقت طريقًا يؤدي إلى نقطة تفتيش أرمينية، وأن لديه معلومات عن إصابة جنود أرمن. وبدأت وسائل الإعلام الأخرى في الإبلاغ عن أن القوات الأذربيجانية قد استولت على موقع للجيش الأرميني في منطقة جيغاركونيك. بالرغم من ذلك، فقد صرح محافظ منطقة “جيغاركونيك جينيل سانوسيان” أنه لم يحدث خرق للحدود في المنطقة.
لكن بعد ذلك بوقت قصير، في تاريخ 13 مايو، أكدت وزارة الدفاع الأرمينية أن القوات الأذربيجانية نفذت توغلات عبر حدود الدولة تجاه سيسيان في منطقة سيونيك، وكذلك بالقرب من منطقة فارديني في منطقة جيغاركونيك.
في فاردينيس ، وفقًا لمحافظ منطقة “جيغاركونيك جينيل سانوسيان”، تقدمت القوات الأذربيجانية مسافة كيلومترين داخل المنطقة ، بالقرب من قريتي “فيرين شورزا” و “كوت”، وأكد أن أكبر مسافة قطعها الأذربيجانيون كانت في قسم “كوت”، وكانت حوالي 2 كم، وكان التقدم أقل بكثير في الأجزاء الأخرى، أي ما يقارب 100 إلى 300 متر.
وبحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية الأذربيجانية نص على أن جميع القوات الأذربيجانية متمركزة في الأراضي الأذربيجانية، وجاء في البيان أنه “لم تكن هناك حدود دولية بين البلدين لأسباب معروفة منذ استعادة الاستقلال، لذا فهي في الوقت الحالي عملية فنية معقدة بين الطرفين، مصحوبة بخلافات”.
غريب أن الجانب الأرميني أدلى بتصريحات استفزازية في استجابة غير كافية لهذه العملية. وما محاولات الدوائر الرسمية لاستغلال هذه القضية لأهداف سياسية قبل الانتخابات إلا مساع غير مقبولة.
ونصح البيان الدوائر العسكرية السياسية في أرمينيا بتجنب الذعر، مضيفًا أن الحوار هو الحل في المواقف المماثلة.
وأردف البيان، “أذربيجان ملتزمة بتخفيف التوتر في المنطقة وتدعو الى اتخاذ اجراءات مناسبة في هذا الصدد.”
وفي اجتماع طارئ لمجلس الأمن الأرميني، ذكر القائم بأعمال رئيس الوزراء نيكول باشينيان أن حوالى 250 جنديًا أذربيجانيًا متواجدون الآن على الأراضي الأرمينية.
وأعلن باشينيان أن الحكومة تقدمت بطلب المساعدة من منظمة معاهدة الأمن الجماعي وهي كتلة عسكرية بقيادة روسيا.
تم الاستناد إلى المشاورات بموجب المادة الثانية من ميثاق منظمة معاهدة الأمن الجماعي، ما يعني أن على الدول الأعضاء في المنظمة التدخل الآن لتهدئة الموقف. من ناحية أخرى، تدعو المادة 4 إلى المباشرة بعمل عسكري. وقد صرحت الحكومة بأنها ستحتج به إذا فشلت أحكام المادة 2.
بعث باشينيان برسائل تتضمن معلومات مفصلة عن الوضع إلى قادة الدول الأخرى الأعضاء في المنظمة.
ودعا رئيس الوزراء الأرميني الرئيس الحالي لمجلس الأمن الجماعي للمنظمة الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن، إلى تنسيق مواقف الدول الأعضاء بموجب المادة 2 من معاهدة الأمن الجماعي للقضاء على التهديد وبدء مشاورات طارئة للتنفيذ الفوري لآليات مختلفة.
وأصدرت منظمة معاهدة الأمن الجماعي بيانًا قالت فيه إن الكتلة العسكرية ستستغرق ثلاثة أيام لتقييم الوضع وستحاول تهدئة الوضع عبر القنوات الدبلوماسية.
بالإضافة إلى ذلك، أجرى باشينيان محادثات هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين داعيًا إياه إلى الالتزام الصارم ببنود اتفاقية 9 نوفمبر التي أنهت حرب ناغورنو كاراباخ في العام 2020 وتضمنت بندًا أوصى بعدم إتيان القوات الأرمنية والأذربيجانية بأي خطوة.
مشاورات أرمينية- فرنسية
وجرت محادثات هاتفية بين باشينيان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وجدد ماكرون التزام فرنسا بوحدة أراضي أرمينيا وشدد على ضرورة الانسحاب الفوري للقوات المسلحة الأذربيجانية من الأراضي السيادية لأرمينيا.
وأكد أن فرنسا مستعدة “للمساهمة في الحل وتطوير وتقدم التحديات التي تواجه أرمينيا” في المستقبل.
وأضاف ماكرون أن فرنسا تريد من مجلس الأمن الدولي إيجاد حل لهذه التوترات.
في 17 مايو، صرح باشينيان على أنه منذ 14 مايو غادر بعض الجنود الأذربيجانيين الذين عبروا حدود الدولة إلى سيونيك، وأراضي أرمينيا بعد ذلك.
لكنه أضاف أنه “لم تحدث أي تغييرات من الناحية العسكرية والسياسية. غادرت بعض الجماعات، لكن الوضع لم يتغير منذ ذلك الحين.”
وبحسب رئيس الوزراء، فإن أرمينيا تكثف الإجراءات في ما يتعلق بروسيا ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي.
المفاوضات تستأنف في 19 مايو، حسب ما صرح باشينيان.
أما بالنسبة للتقارير التي تفيد بأن التوغل الأذربيجاني يهدف للضغط على أرمينيا للمضي قدمًا في مشروع ممر ميغري الذي سيوفر لأذربيجان ممرًا بريًا بين ناخيتشيفان وكاراباخ، ذكر باشينيان أن مسألة الممر ليست على جدول الأعمال و أن بعض الدوائر السياسية في كل من أرمينيا وأذربيجان تستغل هذه القضية.
في غضون ذلك، صرح المتحدث باسم الرئيس الروسي ديميتري بيسكوف للصحفيين في موسكو إن بوتين يفضل تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار في 9 نوفمبر على أي بديل آخر.
وأضاف بيسكوف أن موسكو على اتصال دائم بكل من يريفان وباكو.