تغير المناخ يضرب الأرض.. الآثار كثيرة والخطر كبير

  • بلدة ليتون الكندية شهدت حرائق دمرت 90% منها بسبب موجة حرة شديدة
  • العلماء حذروا من أنّ تغير المناخ سيجعل موجات الحرارة أكثر تواتراً وشدة
  • في شمال غرب أمريكا، يعاني السكان من ارتفاع كبير في درجات الحرارة
  • تغير المناخ قد يفاقم الجوع وقد يؤدي إلى ترحيل ملايين الأشخاص من أماكن سكنهم
  • تغير المناخ أدى بالفعل إلى خفض إنتاج المحاصيل الرئيسية على مستوى العالم

شهدت بلدة ليتون الكندية مأساة كبيرة، إذ التهمت الحرائق بسبب موجة الحر الشديدة، 90% منها، وهو الأمر الذي حوّلها إلى رماد ودفع بسكانها إلى الفرار.

وسجلت القرية هذا الأسبوع أعلى ارتفاع في درجة الحرارة على الإطلاق في كندا، إذ بلغت 49.6 درجة مئوية، وهو أمر مذهل بالنسبة لمنطقة تضم 250 شخصاً فقط يعيشون في الجبال، حيث تكون درجات الحرارة القصوى لشهر يونيو/حزيران عادةً حوالى 25 درجة.

وعلى مدار عقود من الزمن، حذر العلماء من أنّ تغير المناخ سيجعل موجات الحرارة أكثر تواتراً وشدة، وهذا ما حصل مؤخراً في كندا وفي أجزاء أخرى كثيرة من نصف الكرة الشمالي التي أصبحت غير صالحة للسكن على نحو متزايد، وفق ما ذكرت شبكة “CNN” الأمريكية.

وفي شمال غرب أمريكا، يعاني السكان من ارتفاع كبير في درجات الحرارة، وقد طُلب من سكان مدينة نيويورك عدم استخدام الأجهزة التي تستهلك طاقة عالية مثل المجففات، كما أنه جرى الطلب منهم وبشكل مؤلم، عدم استخدام مكيفات الهواء، وذلك من أجل شبكة الكهرباء.

وفي روسيا، أبلغت موسكو عن أعلى درجة حرارة على الإطلاق في يونيو /حزيران بلغت 34.8 درجة في 23 يونيو/حزيران.

ومع هذا، يسارع المزارعون في سيبيريا لإنقاذ محاصيلهم من الموت في موجة الحر المستمرة. وحتى في الدائرة القطبية الشمالية، ارتفعت درجات الحرارة إلى الثلاثينيات.

وتسعى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى التحقق من أعلى درجة حرارة على الإطلاق شمال الدائرة القطبية الشمالية منذ أن بدأت السجلات هناك، بعد أن سجلت محطة أرصاد جوية في فيرخويانسك بسيبيريا درجة حرارة بلغت 38 درجة في 20 يونيو/حزيران الماضي.

وفي الهند، تضرر عشرات الملايين من الناس في الشمال الغربي من موجات الحر.

وصنفت إدارة الأرصاد الجوية الهندية، الأربعاء، العاصمة نيودلهي والمدن المحيطة بها على أنها تعاني من “حرارة شديدة شديدة”، مع تراوح درجات الحرارة ضمن معدل الأربعينيات.

وفي العراق، أعلنت السلطات عطلة رسمية في عدة محافظات ليوم الخميس، بما في ذلك العاصمة بغداد، لأن الجو كان ببساطة شديد السخونة للعمل أو الدراسة، بعد أن تجاوزت درجات الحرارة 50 درجة.

ماذا حصل في ليتون؟

فر السكان يوم الأربعاء، كثير منهم بدون أمتعتهم، بعد أن اجتاح الدخان والنيران القرية التي يقطنها نحو 250 شخصاً وتقع على بعد 260 كيلومترا شمال شرقي فانكوفر.

وقال رئيس البلدية بولديرمان لـ”BBC“: “في غضون 15 دقيقة، اشتعلت النيران في المدينة بأكملها”. وأضاف: “أخذ الناس حيواناتهم الأليفة، ومفاتيحهم وركبوا سيارتهم وفروا”.

بدورها، قالت جوانا واجستاف، خبيرة الأرصاد الجوية في “CBC”، إن رياحاً تصل سرعتها إلى 71 كيلومترا في الساعة دفعت النيران شمالا باتجاه القرية مساء الأربعاء، وقد يعني الطقس الحار والجفاف والرياح في المنطقة انتشار الحرائق بسرعة 10 أو حتى 20 كم / ساعة.

وقال النائب براد فيس، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، يوم الخميس إنه لم يحضر أنشطة “عيد كندا” نظرا لأنه كان يكرس كل وقته لحالة الطوارئ. وكتب: “وردت أنباء عن وقوع عدة إصابات والوضع مستمر”.

عواقب لا يمكن الرجوع عنها

ومؤخراً، حذر مشروع تقرير خبراء الأمم المتحدة حول المناخ من “عواقب لا يمكن الرجوع عنها على الأنظمة البشرية والبيئية” في حال تجاوز الاحترار بشكل دائم 1,5 درجة مئوية.

وسيتعرض 204 مليون شخص لـ”موجات حرّ قصوى” في حال زاد الاحترار عن درجتين مئويتين بدلا من درجة ونصف الدرجة، وفق ما ذكرت وكالة “فرانس برس”.

وفي حال عدم تراجع الحرارة بسرعة، قد يهدّد الجوع 80 مليون شخص إضافي على ما توقع خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، مشددين على أن “الأسوأ آت، وسيؤثّر على حياة أبنائنا وأحفادنا أكثر مما يفعل على حياتنا”.

ونص اتفاق باريس للمناخ المبرم في 2015 على ضرورة حصر الاحترار بدرجتين مئويتين كحد أقصى مقارنة بمستوى ما قبل الثورة الصناعية مع السعي إلى حصره ب1,5 درجة فقط. إلا أن مسار الأمور الحالي لا يسمح بتحقيق ذلك على ما يرى علماء.

وشدّد الملخص الفني الواقع في 137 صفحة من هذا التقرير على أن “الحياة على كوكب الأرض يمكن أن تتعافى من تغيّر مناخي كبير عبر الانتقال إلى أنواع جديدة وإقامة أنظمة بيئية جديدة”. وأضاف “أما البشرية فغير قادرة على ذلك”.

وخُصّص تقرير التقييم الكامل الواقع في أربعة آلاف صفحة، وهو أكثر تشاؤماً بكثير من التقرير السابق الصادر العام 2014، لتوفير المعلومات لتؤخذ على ضوئها القرارات السياسية. لكنه لن ينشر قبل شباط/فبراير 2022 بعد موافقة الدول الأعضاء الـ195 في الأمم المتحدة بالإجماع عليه. ويعتبر بعض العلماء أن هذا الموعد متأخر جداً بالنسبة إلى الاجتماعات الدولية المهمة حول المناخ والتنوع الحيوي التي ستُعقد في أواخر العام 2021.

إلى ذلك، قدمت مسودة تقرير أعدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ النظرة الأكثر شمولا حتى الآن بشأن تأثير التغير المناخي على صحة البشرية وثرواتها ورخائها.

وفي ما يلي بعض النتائج التي توصل إليها التقرير بشأن التأثيرات على البشر:

الغذاء والماء

يظهر التقرير كيف أدى تغير المناخ بالفعل إلى خفض إنتاج المحاصيل الرئيسية على مستوى العالم. ومن المتوقع أن يستمر هذا التراجع في الحصاد طوال القرن الحادي والعشرين، ما يزيد الضغط على البلدان التي يتعين عليها توفير موارد كافية لإطعام سكانها الآخذة أعدادهم بالازدياد.

– بين سنتي 2015 و2019، احتاج ما يقدر بنحو 166 مليون شخص، خصوصا في إفريقيا وأمريكا الوسطى، إلى مساعدة إنسانية بسبب حالات الطوارئ الغذائية المرتبطة بالمناخ.

– سيؤدي ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون أيضاً إلى تدهور نوعية المحاصيل، وتقليل المعادن والمغذيات الحيوية في المواد الغذائية الرئيسية.

– رغم ارتفاع مستويات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، سيعاني ما يقرب من 10 ملايين طفل إضافي من سوء التغذية وضعف النمو بحلول عام 2050، مما يعرضهم لمخاطر صحية مدى الحياة.

– من المتوقع أن تنخفض إمكانات الصيد البحري التي يعتمد عليها ملايين البشر كمصدر رئيسي للبروتينات، بنسبة 40 إلى 70 في المئة في المناطق الاستوائية في إفريقيا إذا ما استمرت الانبعاثات بوتيرتها المتسارعة.

– من شأن خفض استهلاك اللحوم الحمراء إلى النصف ومضاعفة تناول المكسرات والفواكه والخضر أن يقللا الانبعاثات المرتبطة بالأغذية بنسبة تصل إلى 70 في المئة بحلول منتصف القرن الحالي، ما سينقذ حياة 11 مليون شخص بحلول عام 2030.

أحوال جوية قصوى

سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تقليل القدرة الجسدية للأشخاص على العمل، وستفقد مناطق كثيرة في جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء وأجزاء من أمريكا الوسطى والجنوبية ما يصل إلى 250 يوم عمل سنوياً بحلول سنة 2100.

– سيتعرض 1,7 مليار شخص إضافي للحرارة الشديدة، كما سيكون 420 مليون شخص إضافي عرضة لموجات حر شديدة إذا ارتفعت درجة حرارة الكوكب بمقدار درجتين مئويتين مقارنة بـ 1,5 درجة، وهو الهدف المنصوص عليه في اتفاق باريس.

– بحلول عام 2080، قد يواجه مئات الملايين من سكان المدن في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا وجنوب شرقها، أكثر من 30 يوماً من الحرارة القاتلة سنوياً.

– يُرجّح أن تؤدي الفيضانات في المتوسط إلى نزوح 2,7 مليون شخص سنوياً في إفريقيا. ومن دون خفض الانبعاثات، قد يضطر أكثر من 85 مليون شخص إلى مغادرة منازلهم في إفريقيا جنوب الصحراء بسبب التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ بحلول عام 2050.

– سيشهد العالم في حال بلغ الاحترار مستوى يفوق 1,5 درجة مئوية، ازدياداً بواقع مرتين أو ثلاث في عدد المتضررين من الفيضانات في كولومبيا والبرازيل والأرجنتين، وبأربعة أضعاف في الإكوادور وأوروغواي، وصولا إلى خمسة أضعاف في البيرو.

– يُتوقع أن يتعرض حوالى 170 مليون شخص للجفاف الشديد هذا القرن إذا وصل ارتفاع درجات الحرارة إلى ثلاث درجات مئوية.

– عدد الأشخاص المعرضين لخطر الموت في أوروبا سيتضاعف ثلاث مرات مع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار ثلاث درجات مئوية مقارنة بـ1,5 درجة من الاحترار.

الأمراض والتأثيرات الأخرى

فيما يؤدي ارتفاع معدلات الحرارة إلى توسيع موائل البعوض، من المتوقع أن يكون نصف سكان العالم بحلول عام 2050 معرضين لخطر الأمراض المنقولة بالنواقل مثل حمى الضنك والحمى الصفراء وفيروس زيكا.

– في غياب أي تخفيضات كبيرة في تلوث الكربون، يمكن أن يتعرض 2,25 مليار شخص إضافي لخطر الإصابة بحمى الضنك في آسيا وأوروبا وإفريقيا.

– من المتوقع أن يزداد عدد الأشخاص الذين أجبروا على ترك منازلهم في آسيا بواقع ستة أضعاف بين عامي 2020 و2050.

– بحلول منتصف القرن الجاري، قد يصبح النزوح الداخلي مصير ما بين 31 و143 مليون شخص بسبب نقص المياه والضغوط الزراعية وارتفاع مستوى سطح البحر في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية.