أين “القاعدة” مما يحصل في أفغانستان بعد سيطرة طالبان؟
- قيادة “القاعدة” لم تعلق بعد على ما يحصل في أفغانستان بعد سيطرة “طالبان”
- الأنظار تتجه إلى زعيم “القاعدة” أيمن الظواهري الذي لم يعلق على ما يحصل في أفغانستان
أرست سيطرة جماعة “طالبان” على أفغانستان قلقاً كبيراً لدى المجتمع الدولي، خصوصاً أن ما حصل في البلاد إثر ذلك كان مُخيفاً بالشكل والمضمون.
ووسط الرقابة الدولية على الأوضاع في أفغانستان، اتجهت الأنظار بشكل وثيق إلى تنظيم “القاعدة” الذي ما زال بعيداً كل البعد عن تهنئة “طالبان” باستلامها الحُكم من جديد عقب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
وفي الواقع، فإن المقصود هنا هو القيادة الأساسية لتنظيم “القاعدة” والمتمثلة بزعيمه أيمن الظواهري الذي ما زال متوارياً عن الأنظار، علماً أن هناك تقارير غير مؤكدة تشير إلى توفي خلال العام الماضي.
جماعات هنأت “طالبان”
أما فيما خصّ الفروع الأخرى من “القاعدة” في مختلف البلدان، فقد تبين أنها تنشطُ كما يحلو لها، وراحت تهنئ “طالبان” على ما اعتبرته “انتصاراً في أفغانستان”.
وقبل أيام قليلة، أشاد تنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب”، أحد أهم فروع تنظيم القاعدة الإرهابي في العالم، بسيطرة جماعة طالبان على أفغانستان، متعهّداً بمواصلة “القتال والجهاد”.
وقال التنظيم الذي نشأ عام 2009 وتعتبره الولايات المتحدة أخطر فروع تنظيم القاعدة في العالم: “نهنئ أخواننا في الإمارة الإسلامية وجميع المجاهدين في أصقاع الأرض”.
واعتبر التنظيم عينه أنّ “النصر يبيّن لنا أنّ الجهاد والقتال هو السبيل الواقعي لاسترداد الحقوق”، مشيراً إلى أن “لعبة الديموقراطية والعمل بالسلمية المجردة هي كسراب خادع”.
وفي إفريقيا، فإنّ العديد من الجماعات المتمردة أثنت على سيطرة “طالبان” الأخيرة. ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية “BBC“، فإنّ وسيلة إعلامية مرتبطة بحركة الشباب الصومالية علقت على مسألة استيلاء “طالبان” على السلطة في أفغانستان بالقول: “الله أكبر”.
كذلك، هنأ إياد أغ غالي، زعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة، جماعة “طالبان” على ما حققته، وقال: “نحنُ ننتصر”.
ومع هذا، فإنّ قادة وكبار رجال الدين في هيئة تحرير الشام الإرهابية أعربوا عن مشاعر الفرح بـ”انتصار طالبان”، كما أن أحد كبار أعضاء الجماعة التي تهيمن على محافظة إدلب السورية والتي انشقت رسمياً عن القاعدة عام 2016، وصف استيلاء طَالبان على السلطة بأنه “انتصار للمسلمين، انتصار للسنة، انتصار لجميع المظلومين”.
بدورها، وصفت حركة “طَالبان باكستان” المتمركزة في المناطق الحدودية في باكستان المجاورة، الأحداث الأخيرة بأنها “انتصار للعالم الإسلامي كله”.
في المقابل، كان تنظيم “داعش” وحده هو الذي يغرد خارج سرب هذه التنظيمات المتشددة، اذ اعتبر أن مقاتلي “طَالبان” بمثابة المرتدين بسبب استعدادهم للتفاوض مع الولايات المتحدة، فضلاً عن فشلهم في تطبيق الشريعة الإسلامية بصرامة كافية.
ومع هذا، فإنّ “داعش” اعتبر أنّ مقاتلي “طَالبان” هم مسلمون سيئون وعملاء للولايات المتحدة، زاعماً أن “الجماعة الأفغانية تسلمت البلاد بمجرد انحساب القوات الأمريكية، كما أنها لم تخض جهاداً حقيقياً”.
وفعلياً، فإن التناقض الحاد بين تصريحات “داعش” والتنظيمات الأخرى بشأن “طَالبان”، إنما تكشف عن انقسام حادٍ بين الجماعات الإرهابية، كما أنه يدل على وجود توجهات مختلفة تسببت في إضعافها وتشتتها.
لعبة مشبوهة
وعلى الرغم من أن كل تلك الجماعات المذكورة آنفاً قد بادرت إلى تهنئة “طالبان” بما حققته، فإنه كلامها قد لا يؤخذ به بشكل كبير أو قد لا يُعطى أهمية بالغة مقارنة مع أي تصريح رسمي يصدر عن قيادة “القاعدة” الأساسية.
ومن دون أي شك، فإن تصريحات التنظيمات المتشددة تلك لن تساهم في إيذاء صورة “طالبان” بقدر ما قد تفعله قيادتا “القاعدة” و “داعش” عندما تتحدثان بـ”إيجابية” عن انتصار “طالبان”.
ومن الممكن أن تكون هناك لعبة مشبوهة وراء السلبية في خطاب “داعش” والصمت المتواصل من قيادة “القاعدة” الأساسية إزاء انتصار “طالبان”، وقد يكون الهدف من ذلك هو عدم ضرب جهود “طالبان” في إقناع المجتمع الدولي بأنها بعيدة عن التنظيمات الإرهابية، علماً أن لديها علاقات متينة معها.
وبمثابة إعلان “القاعدة” أو “داعش” عن أي دعم لـ”طالبان”، فإن صورة الأخيرة ستهتز أكثر لدى المجتمع الدولي، وهو أمر لا يريده أي تنظيم من هؤلاء حالياً، لأن المسعى الأساس هو ترسيخ “طالبان” أولاً ومن ثم الانطلاق للعمل معها بشكل غير مُعلن.
وبشكل أو بآخر، فإن “طالبان” لم تعلق حتى على عدم حصولها على تهنئة من “داعش” أو “القاعدة”، وهو الأمر الذي يعزز الشكوك بشأن اتفاق مُسبق على هذا الأمر.
إذاً.. أين الظواهري؟
ووسط كل ذلك، فإنّ غياب زعيم “القاعدة” أيمن الظواهري يعزز الشكوك حول تلك اللعبة المشبوهة. وبشكل أساسي، فإن ما حققته “طَالبان” يستدعي خروجاً من الظواهري للتعليق، باعتبار أنه المسؤول الأول عن تنظيم يعتبرُ حليفاً لـ”طَالبان”.
ومن الممكن أن تكون السلطة المركزية للقاعدة قد مُنيت بضعف كبير. فبسبب لامركزيته الشديدة، انتشر التنظيم في العديد من دول العالم، من القارة الإفريقية إلى جنوب شرق آسيا مروراً بالشرق الأوسط، وذلك على حساب إضعاف كبير لسلطته المركزية لكن مع اكتساب قدرة أكبر على الحركة والمرونة.
وحتى الآن، فإنه ما من معلومات واضحة عن الظواهري، كما أنه لا معطيات من “القاعدة” عن سبب اختفائه ولا معلومات تؤكد وفاته أيضاً. إلا أنه من الممكن خلال الأيام المقبلة أن تنكشف الحقائق وسيتبين ما وراء الصمت الغريب للقاعدة بشأن انتصار “طَالبان”.
شاهد أيضاً: باكستان وروسيا والصين.. ماذا يريد هذا الثلاثي من أفغانستان؟