القضاء الفرنسي يرفض طعن شركة لافارج في قضية “التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية” في سوريا
- المحكمة تبقي تهمة “تعريض حياة الآخرين للخطر” الموجهة إلى الشركة
- المحكمة تثبت تهمة “تمويل الإرهاب” ضد الشركة
ألغت محكمة النقض، أعلى محكمة في النظام القضائي الفرنسي، الثلاثاء، قرار محكمة الاستئناف القاضي بإبطال الاتهام الموجه إلى شركة لافارج الفرنسية لصناعة الإسمنت بـ”التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية” في التحقيق بشأن أنشطتها في سوريا حتى العام 2014، في ضربة قوية للشركة.
وأبطلت المحكمة أيضاً قرار محكمة الاستئناف في باريس القاضي بإبقاء تهمة “تعريض حياة الآخرين للخطر” الموجهة إلى الشركة، وأعادت المسألتين إلى غرفة التحقيق، بأعضاء جدد، لبتّهما من جديد.
في المقابل، ثبّتت المحكمة تهمة “تمويل الإرهاب” ضد الشركة.
وقالت المجموعة في تصريح لوكالة فرانس برس إن “القرار الذي اتخذته اليوم محكمة النقض لا يفترض بأي حال من الأحوال احتمال أن تكون شركة لافارج اس. آ. مذنبة”، مؤكدةً أنها ستواصل “التعاون بشكل كامل مع القضاء”.
وأضافت “لقد اتخذنا تدابير فورية وصارمة لضمان عدم حصول بعد الآن أمور مشابهة”، مشيرةً إلى أن لافارج “لم تعد تمارس أي نشاط في سوريا منذ أكثر من ستة أعوام”.
يشتبه بأن شركة لافارج مولت جماعات إرهابية في سوريا بينها داعش
في هذه الدعوى القضائية التي فُتحت عام 2017، يُشتبه بأن مجموعة “لافارج اس آ” دفعت في 2013 و2014 عبر فرعها في سوريا “لافارج سيمنت سيريا” حوالى 13 مليون يورو لجماعات إرهابية بينها تنظيم داعش، وإلى وسطاء لضمان استمرار عمل فرعها في ظل الحرب القائمة في هذا البلد.
وبلغ استثمار المجموعة 680 مليون يورو في بناء هذا المصنع الذي انتهى تشييده عام 2010.
بيع الإسمنت لداعش
كما يشتبه بأن المجموعة باعت اسمنتاً لمصلحة تنظيم داعش ودفعت لوسطاء من أجل الحصول على مواد أولية من فصائل متشددة.
سلط تقرير داخلي بتكليف من لافارج هولسيم التي قامت من اندماج لافارج الفرنسية وهولسيم السويسرية عام 2015، الضوء على تحويل أموال من فرع لافارج السوري إلى وسطاء للتفاوض مع “جماعات مسلحة”. لكن لافارج في سوريا نفت على الدوام أي مسؤولية عن وصول هذه الأموال إلى منظمات إرهابية.
وقالت محكمة النقض في بيان “يمكن لطرف أن يكون شريكاً في جرائم ضد الإنسانية حتى لو لم تكن لديه نية المشاركة في ارتكاب هذه الجرائم”.
“دفع ملايين الدولارات لجماعة هدفها إجرامي”
وأوضحت أن “في هذه القضية، يكفي دفع ملايين الدولارات بإدراك لجماعة هدفها إجرامي حصراً، لإعطاء صفة التواطؤ، بغض النظر عما إذا كان الطرف المعني يتصرّف من أجل ممارسة نشاط تجاري”.
واعتبر محامي منظمة شيربا غير الحكومية وليام بوردون أن “محكمة النقض ثبتت أن قاضي التحقيق محق بشأن نقطتين أساسيتين، عبر تأكيد الملاحقات بتهمة تمويل الإرهاب وعبر إعادة فتح الجدل في تهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، التي سيتمّ إبقاؤها نظراً إلى العناصر الدامغة الموجودة في الملف”.
وتابع “على الصعيد العالمي، هذه الملاحقات التي ستؤدي إلى محاكمة لافارج وقادتها لأخطر الجرائم، هي سابقة من نوعها وتذكرنا بالضرورة المطلقة التي يمثلها واجب المشرع في مساءلة طوعاً أو بالإكراه، أكبر شركات العالم”.
واعتبرت محكمة النقض في قرارها أن وحدها منظمة “المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان” غير الحكومية يمكن أن تكون طرفاً مدنياً في القضية وفقط في ما يتعلق بتهمة “التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية” الموجهة إلى الشركة.
كذلك، رُفض طلبا منظمتي “شيربا” و”لايف فور باريس” (الحياة من أجل باريس)، لتكونان طرفين مدنيين في القضية.
واعتبر المحامي بوردون أن “شيربا لا تزال فخورة بفتحها هذه الدعوى. إذا كان رفض طلبنا غريباً، فهو ليس سوى لأسباب تقنية يمكن تصحيحها سريعاً”.