“إطلاعات روز”صحيفة أفغانية تواجه قمع طالبان

بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابل في أغسطس الماضي وعقب اكتمال خروج القوات الغربية مؤخرا، إشتدت معاناة صحفيو جريدة “إطلاعات روز” ذات الشعبية الكبيرة في أفغانستان حيث تعرض صحفيان من الجريدة لضرب مبرح من قبل عناصر الحركة المتشددة، وذلك خلال تغطيتهما لتظاهرة نسائية في العاصمة الأفغانية للمطالبة بالحفاظ على حقوق المرأة التي اكتسبتها على مدى عقدين منذ سقوط إمارة طالبان الأولى.

ورغم تعهد ساروج العمري، عضو اللجنة الإعلامية التي تم تشكيلها حديثًا من قبل طالبان بالتحقيق في تلك الواقعة بيد أن مدير التحرير الجريدة، زكي دريابي، يشكك في قيمة وجدوى تلك التعهدات، وفقا لما ذكرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية.

وكان العمري قد ذكر خلال زيارته لمقر الصحيفة أن حركة طالبان تعرب عن أسفها لما حدث، قبل أن يستدرك قائلا: “أشعر بالحزن عند أرى صور وفيديوهات تعرض الصحفيين للضرب، ولكن يجب على على الصحيفة ومحرريها أن يكون لديهم حس أكبر بالمسؤولية، تلك الاحتجاجات التي نظمتها بعض النساء كانت غير قانونية، وبالتالي عليكم أن تكونوا أكثر حذرا تجاه التغطية، ونحن بدورنا سوف نحقق بشان ما حدث”.

وحول المخاوف المتزايدة بشأن قمع وسائل الإعلام من قبل طالبان  أكد العمري أنها صورة خاطئة عن الحركة التي ستعلن قريباً عن آلية جديدة لكيفية عمل وسائل الإعلام، وأنها ستكون أكثر حرية ووضعها أفضل مما كان عليه في عهد الحكومة السابقة. ولفت العمري إلى أنه سوف يسمح للنساء بمواصلة العمل في قطاع الإعلام ، ولكن عند الضغط عليه بالسؤال فيما إذا كانت المؤسسات الإعلامية والصحفيين سوف يحتاجون إلى تنظيم عملهم وفقًا للقوانين الدينية الصارمة، أومأ العمري برأسه، مجيبا: “سنكون أكثر حرية من الماضي، لكن يجب أن يكون لكل حرية إطار”.

إطلاعات روز"صحيفة أفغانية تحتضر تحت قمع طالبان"

مدير تحرير جريدة،”إطلاعات روز” زكي دريابي
(Getty images)

من جهته، وصف دريابي الزيارة التصالحية والمفاجئة بالخدعة قائلا:”بعد أن اعتذر المسؤول في حركة طالبان أخبرني بأنه يجب أن نكون أكثر حرصًا، وأن تعرض صحفيينا للتعذيب كان خطأنا.. وأن العمل الإعلامي هو الذي تسبب لزملائنا بذلك.. ولكني أتمنى حدوث  تحقيق فعلي ونزيه”.

وعود طالبان بحرية الصحافة بلا قيمة

غادر مئات الصحفيين الأفغان البلاد عقب سيطرة طالبان، ولكن بالنسبة لأولئك الذين لم يتمكنوا من الرحيل أو الذين قرروا البقاء، فهم يرون أسوأ مخاوفهم قد تحققت من خلال مجموعة من المراسيم والترهيب والاعتداءات الجسدية عليهم، إذ فقدت العديد من غرف الأخبار موظفيها وأخمدت أصواتهم وفرضت الرقابة الذاتية على أنفسهم. وتم اعتقال ما لا يقل عن 14 صحفياً جراء تغطية الاحتجاجات في كابل قبل أن يطلق سراحهم لاحقا بعد أن تعرض تسعة منهم للتعنيف، وفقاً للجنة حماية الصحفيين التي وصفت وعود طالبان السابقة بالسماح لوسائل الإعلام بالعمل بحرية بأنها “بلا قيمة”.

وفيما أغلقت حوالي 80 في المائة من المنافذ الإعلامية، بسبب مخاوف أمنية أو مشاكل مالية أو عدم اليقين بشأن مستقبلها في ظل حكومة طالبان يواصل الصحفيين الأجانب الذين يعملون لصالح وسائل إعلام دولية ممارسة نشاطهم بحرية.

تدهور وضع الإعلام في زمن طالبان

صحيفة “إطلاعات روز” هي ثاني أكثر الصحف اليومية قراءة في البلاد و لديها مئات الآلاف من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمكن مراسلوها من الكشف عن العديد من الأخطاء الحكومية  بما في ذلك ممارسات التوظيف التمييزية والفساد والإفراط في الإنفاق الذي أدى إلى استقالة مسؤولين وإجراء تغييرات في الحكومات.
ومع سقوط الحكومة السابقة، اختفت معظم مصادر التمويل للصحيفة من إعلانات ومساعدات غربية، مما جعل من الصعب تغطية التطورات في جميع أنحاء البلاد، وانخفض عدد الموظفين من 45 إلى 20 فقط، والذين بحسب المشرفين على الجريدة لا يزال لديهم بعض الشجاعة لمواجهة ضغوط حركة طالبان.