إبراهيم القوصي يتوعد بتنفيذ هجمات جديدة ضد أمريكا بعد الانسحاب من كابول
نشرت مؤسسة الملاحم للإنتاج الإعلامي، الذراع الدعائية لتنظيم القاعدة في اليمن، إصدارًا مرئيًا جديدًا لإبراهيم القوصي/ خبيب السوداني، المعتقل السابق في سجن جونتنامو الأمريكي والذي يشغل حاليا منصب مساعد أمير التنظيم في اليمن، بعنوان: “رسالة إلى الشعب الأمريكي.. لم تفهموا الدرس بعد”، وذلك في أعقاب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
واستهل “السوداني”- الذي كان مقربًا من أسامة بن لادن أثناء وجوده في أفغانستان- حديثه بتهنئة حركة طالبان الأفغانية بسيطرتها على البلاد، عقب الانسحاب الأمريكي، قائلًا: أهنئ المسلمين عامة وأهل أفغانستان خاصة وعلى رأسهم أمير المؤمنين هبة الله أخوندزاده بهذا النصر الذي أبهر الجميع..”.
وأضاف القوصي أن مقاتلي طالبان “لم يعطوا الدنية في دينهم”، وقاتلوا وهزموا الولايات المتحدة التي تعد ثالث إمبرطورية عالمية تنهزم داخل البلاد، لافتًا إلى أن الملا محمد عمر مجاهد زعيم حركة طالبان المؤسس قال في بداية الحملة على أفغانستان عام 2001:” لقد وعدنا الله بالنصر ، ووعدنا بوش بالهزيمة، وسنرى أي الوعدين سيتحقق”.
واعتبر مساعد زعيم تنظيم القاعدة في اليمن، أن حركة طالبان حازت “نصرًا إلهيًا”، مردفًا أن الشعب الأفغاني يحق له أن يفخر بالنصر الذي حققته الحركة، بعد نحو عقدين من القتال ضد “الإمبرطورية الأمريكية”.
واستشهد “القوصي” بخطاب الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، الذي ألقاه بمناسبة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ملمحًا إلى أن “بايدن” اعترف خلاله بأن أفغانستان مقبرة الإمبرطوريات وأن الحرب فيها كلفت الولايات المتحدة مليارات الدولارات فضلًا عن الخسائر العسكرية في العتاد والأرواح التي تكبدتها طوال سنوات الغزو العشرين.
ولفت إبراهيم القوصي إلى حديث الرئيس الأمريكي عن تحقيق أهداف الولايات المتحدة من غزو أفغانستان، لافتًا إلى أن “بايدن” عدّ قتل أسامة بن لادن وتعهد حركة طالبان بعدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية لتنفيذ هجمات ضد أمريكا وحلفائها، بمثابة الانتصار الكبير، في حين أنه كان يمكن تحقيقه بوسائل أخرى دون الانخراط في حملة عسكرية طويلة ومكلفة.
وأكد القيادي البارز بقاعدة اليمن أن التنظيم سيواصل تخطيط وتنفيذ الهجمات ضد الولايات المتحدة، لأنه تدعم إسرائيل، مدعيًا أن تنظيم القاعدة نفذ هجمات الـ11 من سبتمبر ليوصل رسالة للشعب الأمريكي مفادها أنه سيواصل الهجمات ضدها طالما دعمت إدارتها إسرائيل.
ودلل “القوصي”، على دعواه، بكلمة سابقة لزعيم تنظيم القاعدة المؤسس “أسامة بن لادن” بعنوان: “بيان للشعب الأمريكي”، ذكر فيها أن التنظيم يهاجم الولايا المتحدة لأنها تدعم إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، على حد قوله.
وأشار “القوصي” إلى أن الولايات المتحدة لم تستوعب الدرس ولا الرسائل التي وجهها تنظيم القاعدة لها، موضحًا أن الهجمات ضدها ستتواصل ما لم تزل الأسباب الحقيقية التي أدت لاستهدافها، مستشهدًا بهجومي بينساكولا الذي نفذه السعودي محمد الشمراني داخل قاعدة بحرية أمريكية في ولاية فلوريدا الأمريكية في ديسمبر/ كانون الأول عام 2019، وهجوم فورت هود الذي نفذه الطبيب النفسي بالجيش الأمريكي نضال الحسن في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009.
ومن الواضح أن “القوصي” استدل بالهجومين السابقين بسبب الدور البارز الذي لعبه تنظيم القاعدة في اليمن في تحريض وتوجيه منفذيهما، الذين كانا على علاقة بزعيمي القاعدة الراحلين قاسم الريمي (أبوهريرة الصنعاني)، وأنور العولقي، على الترتيب.
وهدد إبراهيم القوصي بتنفيذ هجمات جديدة ضد الولايات المتحدة، قائلًا إن التنظيم يواصل التخطيط لتلك الضربات التي لا يُشترط أن تكون شبيهة بهجمات 11 سبتمبر، وإن الأمريكيين سيكتشفونها فقط عندما يتم تنفيذها داخل ديارهم.
إلى ذلك، تضمن إصدار “رسالة إلى الشعب الأمريكي.. لم تفهموا الدرس بعد”، مقارنة بين الانسحاب الأمريكي من العاصمة الأفغانية كابل (2021)، والانسحاب الأمريكي من العاصمة الفيتنامية “سايغون” (1975)، بجانب إبراز التناقض بين تعهد الرئيس الأمريكي (الأسبق) جورج بوش بهزيمة حركة طالبان وحلفائها عام 2011، وبين رحيل آخر جندي أمريكي من أفغانستان، أواخر أغسطس/ آب الماضي.
ويبدو أن تنظيم القاعدة في اليمن سجل الإصدار الأخير، عقب فترة وجيزة، من الانسحاب الأمريكي من كابل، لكنه استغرق بضعة أسابيع لنشره، وذلك بالنظر إلى طبيعة وآلية العمل داخل الجناح الدعائي للتنظيم وخصوصًا مؤسسة الملاحم للإنتاج الإعلامي.
ويشير اختيار عنوان الإصدار “رسالة إلى الشعب الأمريكي.. لم تفهموا الدرس بعد” إلى أن التنظيم يواصل اللعب بنفس طريقته القديمة- الجديدة، التي تركز على محاولة كسب التعاطف بإظهار نفسه بأنه مجموعة مسلحة تركز على نصرة القضية الفلسطينية، وهو ما فعله زعيم التنظيم المؤسس أسامة بن لادن، وسار على نهجه قادة التنظيم في اليمن وعلى رأسهم مأمون الحاتم الذي نشر التنظيم، قبل مقتله في 2015، إصدار له بعنوان “رسالة إلى الشعب الأمريكي”، تضمنت تأكيدًا على نفس الرسائل الدعائية للقاعدة حول الحرب مع الولايات المتحدة.
كما أكد إصدار “رسالة إلى الشعب الأمريكي.. لم تفهموا الدرس بعد، على نفس الرسائل التي تضمنتها إصدارات دعائية شبيهة أخرجها التنظيم خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع انسحابه من مناطق سيطرته في بعض المديريات اليمنية الجنوبية وعلى رأسها مديرية الصومعة بمحافظة البيضاء، وسيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان وإعلانها أنها قطعت علاقاتها مع القاعدة.
ولم يشر التنظيم في هذا الإصدار إلى سبب انسحابه من مديرية الصومعة أو الاتهامات الموجهة له سابقًا بالتحالف مع جماعة الحوثي التي تقود تمردًا مسلحًا في البلاد، منذ 7 سنوات، وهو ما يعد تأكيدًا إضافيًا على أن الإصدار جرى تسجيله قبل مدة.
وحرص تنظيم القاعدة على مغازلة حركة طالبان، بشكل واضح منذ انسحاب القوات الأمريكية من العاصمة الأفغانية كابل، وذلك في البيانات الإعلامية الصادرة عن قيادته المركزية/ العامة، والبيانات الصادرة عن الأفرع الخارجية وفي مقدمتها الفرع اليمني.
وأكد إبراهيم القوصي، مساعد أمير تنظيم القاعدة في اليمن، في ثنايا حديثه على توجه القاعدة المتودد لحركة طالبان، عبر الثناء على أمير الحركة الملا هبة الله آخوند زاده، ومقاتليها، ووصف سيطرتهم على أفغانستان بـ”النصر الإلهي/ الرباني”.
وفي سياق متصل، نشر تنظيم القاعدة في اليمن، أوائل أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، كتابًا حول مشروع التنظيم في شبه الجزيرة العربية، بعنوان: (تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب: التعريف – الأهداف- المشروع- المبادئ- السياسة)، قائلًا إنه محاولة للإجابة عن التساؤلات التي تُثار حول “قاعدة اليمن” من قبل أعضاء التنظيم وغيرهم.
وشدد الكتاب على أن “قاعدة اليمن” تابع لتنظيم القاعدة العالمي الموالي لـ”طالبان”، مضيفًا أنه يدين للحركة الأفغانية بـ”حق السمع والطاعة”، بجانب النصرة والولاء والدعم، وتقديم الدعم المالي والعسكري والبشري لها، لأن العلاقة معها قائمة على “المحبة والأخوة”، على حد وصف الكتاب.