بايدن يتّهم بكين بعدم المبالاة بعد تغيّبها عن قمة المناخ
اتّهم الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء الصين، أكبر مصدر للتلوّث في العالم، بأنها أدارت ظهرها للتحدّيات المناخية “الضخمة” بتغيّبها عن قمة المناخ (كوب 26) المنعقد في غلاسكو والذي توصّل المشاركون فيه إلى اتفاقين رئيسين يهدفان إلى احتواء غازات الدفيئة المسببة للاحترار العالمي وحماية الغابات.
وفي مؤتمر صحافي عقده في ختام مشاركته في مؤتمر المناخ المقرّر أن يستمر حتى 12 تشرين الثاني/نوفمبر، قال بايدن “أعتقد أن الصين اقترفت خطأ كبيرا بعدم المجيء”، وأن الرئيس الصيني شي جينبينغ “أضاع فرصة التأثير على الناس في العالم أجمع”.
وأضاف “إنها مسألة ضخمة، وهم (الصينيون) أداروا ظهورهم. كيف يمكن التصرّف على هذا النحو وادّعاء الريادة؟”.
واكتفى الرئيس الصيني بإعداد رسالة مكتوبة نشرت على الموقع الإلكتروني للمؤتمر، من دون أيّ مداخلة، سواء بشكل مباشر عبر الفيديو أو عبر تسجيل مصوّر.
وتابع بايدن “هناك مشكلات مناخيّة خطرة جدًا، وهو (شي) لا يُبدي استعدادًا للقيام بأيّ شيء”. واعتبر أنّ “الوضع هو نفسه بالنسبة إلى (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين” الذي لم يحضر الاجتماع.
ويتعرّض قادة العالم لضغوط من أجل بذل المزيد لمكافحة تغيّر المناخ وحصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية، خلال مؤتمر المناخ الذي يستمرّ أسبوعين في غلاسكو.
وتعهّد أكثر من 80 بلدًا، بما في ذلك الاتّحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الثلاثاء خلال مؤتمر الأطراف للمناخ، خفض انبعاثات الميثان، أحد الغازات الدفيئة الرئيسة المسبّبة للاحترار العالمي، بنسبة 30 % بحلول 2030، وفق ما أعلنت رئيسة المفوّضية الأوروبية.
وقالت أورسولا فون دير لايين إلى جانب بايدن إنّ “الميثان هو أحد الغازات التي يمكننا خفضها بشكل أسرع” من غيره، مشيرة إلى أنّه مسؤول عن “نحو 30 في المئة” من احترار الكوكب منذ الثورة الصناعية.
وردّ بايدن “إنّه أحد أقوى الغازات الدفيئة”، مؤكّدًا أنّ موقّعي هذا الالتزام يمثّلون 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منتصف أيلول/سبتمبر العمل معًا على مسوّدة هذا الاتّفاق الذي انضمّت إليه منذ ذلك الحين عشرات الدول الأخرى، بينها كندا وكوريا الجنوبية وفيتنام وكولومبيا والأرجنتين.
والميثان الذي ينبعث من الزراعة وتربية المواشي والوقود الأحفوري والنفايات، هو ثاني غاز دفيئة مرتبط بالنشاط البشري بعد ثاني أكسيد الكربون. ورغم أنه لا يتم الحديث عنه كثيرًا، إلا أنّ تأثيره على الاحترار أكبر بنحو 29 مرة لكل كيلوغرام من تأثير ثاني أكسيد الكربون على مدى مئة عام، ونحو 82 مرة خلال فترة 20 عاما.
وتقليل الانبعاثات ليس الهدف الوحيد وإنما كذلك التخلص من المزيد منها. من ثم فإن الغابات التي تمثل رئة الكوكب إلى جانب المحيطات تؤدي دورًا أساسيًا في مكافحة تغير المناخ من خلال امتصاص جزء كبير من مليارات الأطنان من غازات الدفيئة التي تطلقها الأنشطة البشرية في الغلاف الجوي كل عام.
وبهدف وقف تدهور الغابات واستصلاحها، أقرّ قادة أكثر من 100 دولة تضم 85 في المئة من الغابات العالمية، بينها غابة كندا البوريالية وغابة الأمازون في البرازيل وغابة حوض الكونغو المدارية، الإعلان المشترك خلال اليوم الثاني من مؤتمر الأطراف.
وبحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يتعيّن خفض كلّ الانبعاثات بنسبة 45 بالمئة بحلول 2030 لإبقاء الاحترار ضمن هامش 1,5 درجة مئوية.
وأعربت خبيرة المناخ في “الصندوق العالمي للحياة البرية” فانسيا بيريز-سيريرا عن رغبتها برؤية “كلّ الموقّعين على اتفاقيّة باريس للمناخ” ينخرطون في هذه المبادرة.
مساحة 27 ملعب لكرة القدم في الدقيقة
ستستفيد المبادرة من تمويل رسمي وخاص قدره 19,2 مليار دولار على مدى سنوات.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الثلاثاء “لا يمكننا التعامل مع الخسارة المدمرة للموائل والأنواع، من دون مكافحة تغير المناخ، ولا يمكننا التعامل مع تغير المناخ من دون حماية بيئتنا الطبيعية واحترام حقوق الشعوب الأصلية”.
وأضاف “حماية غاباتنا هي الأمر الصحيح الذي يجب القيام به، ليس لمكافحة تغيّر المناخ فحسب، بل أيضا من أجل مستقبل أكثر ازدهارا للجميع”.
ونقلت عنه أجهزته قوله “هذه الأنظمة البيئية الرائعة هي رئة كوكبنا”، مشدّدًا على أنّ الغابات “أساسية لاستمراريّتنا”، إلا أنها تتراجع “بوتيرة تثير القلق” توازي مساحة 27 ملعب لكرة القدم في الدقيقة.
وقال جونسون الثلاثاء إنه “متفائل بحذر” بشأن التقدّم المحرز حتّى الآن، لكنّه حذّر من أن “الطريق لا يزال طويلا” من أجل التوصل إلى اتّفاق مجدٍ.
وعلى تويتر، شدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أن “التوقيع هو الجزء السهل”، مشددا على “وجوب التطبيق من أجل الناس والكوكب”.
ووفقا لمنظمة “غلوبل فورست واتش” غير الحكومية، تسارعت وتيرة إزالة الغابات في العالم في السنوات الأخيرة، إذ ازداد تدمير الغابات الأصلية بنسبة 12 % في 2020 مقارنة بالعام السابق.
والتعهّد الجديد لمكافحة قطع أشجار الغابات يلتقي مع “إعلان نيويورك حول الغابات” في عام 2014 الذي التزم كثير من الدول في إطاره بخفض هذه الظاهرة بالنصف بحلول 2020 والقضاء عليها في 2030.
لكنّ منظّمات غير حكوميّة مثل غرينبيس تعتبر أن هدف 2030 بعيد جدا من الناحية الزمنية ويعطي الضوء الأخضر “لقطع أشجار الغابات لمدة عقد إضافي”.
من جانبها، أبدت منظمة “غلوبل ويتنس” خشيتها من “تكرار الفشل الذي كان مصير التعهدات السابقة” بسبب نقص التمويل وعدم الوفاء بالعهود.
وأعلنت الحكومة البرازيلية التي تتعرّض لانتقادات حادّة بسبب سياستها البيئيّة، الاثنين، لمناسبة كوب 26، أهدافا أكثر طموحًا بشأن خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومكافحة قطع أشجار الغابات.
لكن منذ بداية ولاية الرئيس اليميني المتطرّف جايير بولسونارو عام 2019، فقدت منطقة الأمازون البرازيلية 10 آلاف كيلومتر مربّع من الغابات سنويًا مقابل 6500 كيلومتر مربع في العقد السابق.