اتهامات بالتحرش في الصين ضد رموز النظام الحاكم تنتهي بإسقاط الدعوى أو اختفاء المدعية
- 27 يوليو 2021
- المجني عليها: “شو” موظفة في شركة علي بابا.
- المتهم: مديرها برفقة عميل للشركة أجبراها على احتساء الخمر وتناوبا الاعتداء عليها في حجرتها بالفندق.
- النتيجة: إسقاط الدعوى وفصل الموظفة من عملها بتهمة تشويه سمعة الشركة.
- 2 نوفمبر 2021
- المجني عليها: بينغ شواي بطلة العالم في لعبة التنس.
- المتهم: نائب رئيس مجلس الدولة جانغ غو لي والحليف المقرب للزعيم الصيني شي جينبينغ.
- النتيجة: تم حذف التغريدة واخفاء اللاعبة بعد ان اعلنت اتهامها ضد السياسي المقرب من رئيس الوزراء.
- 2014
- المجني عليها: الناشطة الصينية شيان تسي
- المتهم: تشو جون، المذيع البارز في قناة “سي سي تي في” الحكومية والمقرب من الحزب الحاكم.
- النتيجة: اسقاط دعوى التحرش ورفع المتهم دعوى تشهير على المجني عليها.
- 2018
- المجني عليها: وانغ كي الموظفة في الصندوق العالمي للطبيعة.
- المتهم: مديرها في العمل اتهمته بتقبيلها قسراً ومضايقتها في مناسبات عدة.
- النتيجة: أقام المتهم عليها دعوى بتهمة التشهير عام 2018، وأمرتها محكمة خلصت إلى أنها لا تملك أدلة كافية وأنها “نشرت أكاذيب” عنه، بالاعتذار.
- 2018
- المجني عليها: كاتبة مجهولة اتهمته بالاغتصاب وأخريات اتهمنه بالتحرش.
- المتهم: الصحفي الشهير تشانغ وي.
- النتيجة: التشهير بهن على الانترنت والتشكيك في سلوكهن.
في يوم شتوي بارد بأواخر شهر نوفمبر المنصرم، و كبرودة قلوب المسؤولين تجاه قضايا التحرش في الصين، فاجأت شركة “علي بابا” الصينية و عملاق التجارة الإلكترونية السيدة “شو” بخطاب أشد برودة من طقس بكين يبلغها أنها قد فصلت من الشركة بعد اتهامها لرئيسها في العمل بالاعتداء الجنسي عليها بمشاركة عميل في الشركة وبعد الضغط عليها لاحتساء الخمر معهما.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دو بينج محامي السيدة “شو” التي كشف عن اسمها الأخير فقط، تشو، علمت بفصلها في خطاب وصلها في نوفمبر الماضي.
وجاء في خطاب شركة علي بابا عن سبب فصل السيدة “شو” أنها أذاعت معلومات كاذبة حول واقعة الاعتداء، وحول عدم تعامل المؤسسة مع بلاغها.
كما ذكر الخطاب أن هذا التصرف من الموظفة: “تسبب في مخاوف اجتماعية قوية، وجاء بمردود سيء على الشركة”.
وفي أغسطس الماضي نشرت السيدة ” شو ” على موقع “ويبو” _ أحد مواقع التواصل الاجتماعي في الصين _ تغريدة تحتوي على وثيقة من 11 صفحة ذكرت فيها وقائع الحادث الذي تعرضت له وقالت إن مديرها اغتصبها في غرفة بأحد الفنادق حيث كانت غير واعية بعد “ليلة شرب حتى الثمالة”، وانتشرت تغريدتها هذه بسرعة كبيرة في اطار حملة “مي تو” #MeToo التي بدأت في الصين عام 2018 للكشف عن حوادث التحرش والاغتصاب المسكوت عنها في الصين.
أجبروها على احتساب الخمر ثم اعتدوا عليها فاقدة الوعي
وذكرت السيدة “شو” أن مديرها أجبرها على السفر إلى مدينة جينان وهي تبعد حوالي 900 كيلومتر من المقر الرئيسي لشركة علي بابا في هانغتسو من أجل مقابلة عمل مع أحد العملاء.
كما اتهمت “شو” رؤساءها بإصدار أوامر لها ولزميلاتها باحتساء الكحول مع زملائها خلال العشاء.
وأضافت أن وقائع حادث الاغتصاب وقعت في ليلة 27 يوليو الماضي حيث كانت تسهر مع مديرها بصحبة عميل ثم تفاجات بالعميل يقبلها عنوة لتستيقظ في اليوم التالي في غرفتها بالفندق، وتجد نفسها عارية، وغير قادرة على تذكر شئ من الليلة الماضية التي أجبرت فيها على احتساء الخمر حتى فقدان الوعي.
وقالت السيدة “شو” في تغريدتها الطويلة على موقع “ويبو” الصيني أنها حصلت على صور من كاميرات المراقبة تظهر مديرها وقد دخل غرفتها في تلك الليلة أربع مرات.
كما ذكرت أنها فور عودتها إلى مقر الشركة في هانغتسو، أبلغت المسؤولين في شركة علي بابا بالواقعة، وطلبت فصل مديرها.
وقالت إن قسم شؤون العاملين وافق على طلبها في بادىء الأمر، ولكن لم يحدث أي شيء بعد ذلك.
الفصل من العمل عقاب رفع دعوى التحرش في الصين
وعقب الهجمة الشرسة التي تعرضت لها شركة “علي بابا” اضطرت الشركة إلى فصل المدير الذي عُرف باسم “وانغ” مع اثنين آخرين من المدراء التنفيذيين بالشركة علما بالواقعة ولم يتخذا قرارا.
كما ردت الشركة على تهمة إرغام الموظفات لدبها على احتساء الخمر بأنها تعارض بشدة ثقافة الشرب القسرية .
و رغم إقالة “وانغ” واعترافه إلا انه تم إسقاط الدعوى القضائية الجنائية المرفوعة ضده من قبل “شو”
وعقب اسقاط الدعوى القضائية قامت الشركة بفصل المجني عليها لأنها خرجت عن صمتها وفضحت ممارسات المدراء بالشركة إلى جانب فضح سياسة إجبار الموظفات على الشرب مع العملاء والمديرين حتى الثمالة.
ولكن شو ما زالت مصرة على مواصلة الحرب على الصمت في قضايا الاغتصاب في الصين حيث صرحت قائلة “لم أرتكب أي خطأ، وبالتأكيد لن أقبل بهذه النتيجة، وفي المستقبل سأستخدم الطرق القانونية لحماية حقوقي ومصالحي”.
بينغ شواي ..تغريدة تفضح مسؤول بارز يعقبها اختفاء بطلة العالم
لم تكن “شو” حالة فريدة في المجتمع الصيني الذي يجبر نظامه الحاكم الجميع على الصمت تجاه الأذى، أيا كان نوع الإيذاء وسببه سواء كان قائما على اضطهاد عرقي وديني كأزمة الإيغور والتبت ومنغوليا الداخلية ، أو اضطهاد مبني على الجندر كمحاربة كل خارجة عن الصمت في قضية التحرش ضد المراة والتي تصل في كثير من الأحيان إلى حد الاغتصاب خاصة عندما يكون الأمر متعلقا برجال قريبون من الحزب الحاكم .
وهذا ما حدث مع لاعبة التنس الصيني الشهيرة بينغ شواي والتي كانت أخبارها تتصدر الصحافة الرياضية العالمية بسبب اعتلائها لقمة رياضة التنس في المسابقات الدولية .
فقد فازت بينغ البالغة من العمر 35 عاما مرتين بالغراند سلام في ويمبلدون عام 2013، وفرنسا المفتوحة في 2014.
ومنذ بداية نوفمبر المنصرم اختلفت نوعية الأخبار المرتبطة ببينغ من بوح بعملية اغتصاب من نائب رئيس الوزراء الصيني السابق إلى اختفاء ومراقبة ومنع من وسائل التواصل الاجتماعي الصينية التي يسهل على النظام التحكم بمحتواها .
ففي الثاني من نوفمبر، نشرت بينغ تغريدة على موقع “ويبو” للتواصل الاجتماعي في الصين فحواها أن نائب رئيس مجلس الدولة جانغ غو لي أجبرها على إقامة علاقة جنسية معه ويذكر أن وكان جانغ، يشغل منصب نائب رئيس مجلس الدولة في الفترة ما بين 2013 و2018، كما كان حليفا مقربًا للزعيم الصيني شي جينبينغ.
وخلال ساعة من نشره اختفى المنشور فجأة من على الموقع اختفى ذلك المنشور بسرعة، ربما خلال ساعة من نشره، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تم تعطيل التعليقات على منشورات بينغ،من متابعيها ، الذين يتجاوز عددهم نصف مليون.
كما تم فرض الحظر على البحث باسم بينغ على نفس مواقع التواصل الاجتماعي التي يتحكم فيها النظام الحاكم في الصين، كذلك تم حذف آخر المنشورات التي تشير إلى بينغ من مستخدمين آخرين.
وزارة الخارجية الصينية ترد : بينغ ليست من الشئون الخارجية
بعد ضغوط من المجتمع الدولي بثّت وسائل إعلام رسمية صينية، رسالة منسوبة للاعبة تقول فيها بينغ شواي إن الاتهامات على ما يبدو “ليست صحيحة” ، وهو ما جعل اتحاد التنس النسائي في أن تكون اللاعبة هي التي كتبت الرسالة. وقال رئيس الاتحاد، ستيف سيمون، إن الرسالة أثارت مخاوفه بشأن سلامة اللاعبة.
وقال سيمون، في بيان له: “أجد صعوبة في تصديق أن بينغ شواي هي التي كتبت الرسالة التي تلقيناها، وفي محتوى الرسالة المنسوبة إليها”
واختفت اللاعبة لأسابيع عقب هذه التغريدة ولكن كونها شخصية معروفة دوليا جعل أمر اخفائها يربك الحكومي في بكين حتى نشرت القنوات الحكومية بعض المقاطع للاعبة وهي تمارس نشاطاتها اليومية لاسكات المجتمع الدولي
ومن جانبه امتنع المتحدث باسم الخارجية الصينية، تشاو لي جيان، عن التعليق على سؤال طرح في مؤتمر صحفي حول مكان وجود لاعبة التنس بينغ شواي حاليا، وقال إن قضيتها ليست من “الشؤون الخارجية”.
وأضاف “لست على علم” بالموقف، وذلك سؤال لإحدى الصحفيات عن بينغ شواي.
ومازال مصير لاعبة التنس الشهيرة غير معروف ولا مصير شكواها أو مصير مغتصبها ، بات الصمت المطبق سيد الموقف في ملف اغتصاب الساسة للنساء في بكين.
يان تسي الناشطة الشابة في مواجهة منظف وجه الحزب الحاكم
ككل القضايا التي رفعت ضد مسؤولين تتهمهم بالتحرش في الصين، خسرت شيان تسي قضيتها بعد ثلاثة أعوام من رفعها حيث وصلت رحلة شيان تسي القضائية إلى نفس الشاطئ الذي رسلت عليه باقي قضايا المغتصبات والمتحرش بهن ،بعد أن أسقطت المحكمة قضيتها تحت دعوى عدم وجود أدلة كافية.
لم يكن هذا الرد الوحيد على معركة أهدرت فيها شيان تسي ذات الـ 28 ربيعا أعوامها الثلاث الأخيرة، فقد فوجئت الناشطة الصينية أن حسابها على موقع التواصل الاجتماعي الصيني “ويبو” قد تم غلقه ولم يعد بوسعها نشر نتيجة المحاكمة لمتابعيها او حتى التواصل معهم.
وفي تصريح لها لموقع بي بي سي قالت شيان وهي تبكي “حسابات الأشخاص تُحجب باستمرار. لا توجد وسيلة للتواصل معهم، فقدت فرصة التعبير عن امتناني لهم. السنوات الثلاث الماضية كانت تهدف إلى عزل الناشطات الصينيات في مجال حقوق المرأة عن بعضهن بعضا”.
كانت معركة الشابة صاحبة الـ 25 عاما في ذلك الوقت صعبة أمام ذلك المذيع المخضرم ، أحد أوجه النظام الحاكم البراقة ، ولكن مع تصاعد حركة “مي تو” الصينية في 2018 تشجعت الناشطة الشابة شيان تسي، لتكون قصة ضمن قصص عديدة للقهر الأنثوي داخل سور الصين العظيم.
وفي تغريدة من من 3000 كلمة، روت تسي حكايتها التي اتهمت تشو جون، المذيع البارز في قناة “سي سي تي في” الحكومية، بالتحرش بها جنسيا وعادت بالتفاصيل إلى عام 2014 عندما زارت غرفة ملابسه في الاستوديو على أمل إجراء مقابلة معه.
كانت شيان تسي متدربة عمرها 21 عاما، وكان تشو اسما بارزا في الصين، يتابعه ملايين الصينيين و يستخدمه النظام في تحسين صورته عند العامة.
وتناولت تغريدة شيان تسي تفاصيل ما حدث واتهمت مذيع النظام بالتحرش بها بشكل متكرر طوال 50 دقيقة تقريبا على الرغم من محاولاتها منعه، وقبّلها بالقوة.
وأضافت تسي أنها لم تخرج من الغرفة إلا عندما تشتت انتباه تشو أثناء حديثه مع أحد أفراد طاقم العمل ” استطاعت أن تتمالك نفسها وتهرب” وعن عدم حديثها في ذلك الوقت قالت تسي “كنت خائفة من أن تؤثر الإساءة إلى تشو جون على دراستي، لذلك لم أجرؤ على مهاجمته”.
انتظرت تسي 4 سنوات حتى انهت دراستها واستطاعت البوح ، وأقامت دعوى وانتظرت ثلاث سنوات اخرى بين اروقة المحاكم حتى تم إسقاط الدعوى ومعها سقطت كرامة كل من تبوح بحادث اعتداء تعرضت له خلف ذلك السور الأحمر في بكين.
الدولة الصينية تحاصر “مي تو”
قوضت الرقابة الشديدة والسريعة على الإنترنت في الصين إلى جانب العقبات القانونية المتعددة _ التي تواجه المدعيات في قضايا التحرش والاغتصاب والتي تفضي في النهاية إلى إسقاط الدعوى عن المتهم وتحويلها إلى قضية تشهير ضد المجني عليها _ حركة “أنا أيضاً” المناهضة للتحرش الجنسي في الصين.
وها هي وانغ كي الموظفة في الصندوق العالمي للطبيعة، اتهمت عبر الإنترنت المسؤول عنها بتقبيلها قسراً ومضايقتها في مناسبات عدة، لكنه أقام عليها دعوى بتهمة التشهير عام 2018. وأمرتها محكمة خلصت إلى أنها لا تملك أدلة كافية وأنها “نشرت أكاذيب” عنه، بالاعتذار.
وتطلب المحاكم من الضحايا المزعومات تقديم أدلة أقوى بكثير من تلك التي يقدمها المتهمون. وهي ترفض شهادات الأقارب والأصدقاء والزملاء، وفقاً لدراسة أجرتها كلية الحقوق في جامعة ييل الأميركية في مايو (أيار).
وكتب الباحثون أن هذا لا يشجع “أصحاب العمل أو الضحايا على تأديب المتحرشين… لأنهم يعلمون أنهم يخاطرون بالتعرض للمقاضاة وتحمّل عبء ثقيل بإثبات الوقائع”.
التشهير بالمدعيات
وتتعرض النساء اللواتي يبلّغن عن التحرش والمضايقات لحملات تشهير تتعرض لحياتهن الشخصية ، فعندما تم اتهام الصحفي الشهير تشانغ وين بالاغتصاب من قبل كاتبة مجهولة عام 2018، وأعقب ذلك اتهام نساء أخريات له بالتحرش الجنسي أيضاً، حاول الصحفي تشويه سمعتهن عبر الإنترنت، من خلال اتهامهن بشرب الكحول ومواعدة كثير من الرجال.
وفي عام 2018، ظهرت الحركة العالمية المناهضة للعنف ضد المرأة “#أنا_أيضاً” في الصين، وفي البداية ادعت نساء أنهن تعرّضن لتحرش جنسي على أيدي أساتذة جامعات ثم بعد ذلك توالت الاتهامات التي انتغمس فيها رجال من كبار قيادات الحزب الحاكم في الصين
وخوفاً من أن تستحيل الحركة إلى حركة واسعة النطاق وغير خاضعة للرقابة، حظرت السلطات على الفور وسم “#MeToo”من على شبكات التواصل الاجتماعي المحلية التي يسهل تحكم النظام بها حيث يحظر النظام الصيني وسائل التواصل الاجتماعي العالمية مثل تويتر وفيسبوك ويسمح باستخدام منصات يتحكم هو بمحتواها كيفما شاء.