لم يكن خطاب بوتين بالأمس، مجرد كلمة رئاسية ألقاها رئيس دولة عبر تلفزيون دولته الرسمي، بل كانت بمثابة اعتداء واضح على دولة جارة، وتزييف لحقائق تاريخية يتفق عليها الجميع.
خطاب بوتين أيضا أعاد نموذج الحروب التقليدية إلى الواقع مجددا، مثيرا حالة رعب عالمية، من حرب منتظرة قد تمتد تبعاتها لمختلف أنحاء الكرة الأرضية.
ففي خطوة من شأنها أن تشعل حربًا مع أوكرانيا المدعومة من الغرب، وعقب خطاب مطول؛ أعلن الرئيس فلاديمير بوتين، الاثنين، اعتراف بلاده باستقلال إقليمي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليين في شرق أوكرانيا كجمهوريتين مستقلتين.
وظهر الرئيس الروسي أمام شاشات التلفزيون وهو يوقع مرسوم الاعتراف بالإقليمين الأوكرانيين الانفصاليين.
وفي خطاب متلفز استمر 65 دقيقة، وجّه بوتين سيلاً من الانتقادات للحكومة الأوكرانية، واصفاً إياها بلادها بـ “الدولة الفاشلة”، ومعتبراً أنّها ليست إلا “دمية” في أيدي الغرب.
ولمّح بوتين أكثر من مرة إلى أنّ أوكرانيا هي تاريخياً جزء من روسيا، متّهماً سلطات كييف باضطهاد الناطقين بالروسية، والتحضير لـ”حرب خاطفة” ضد منطقتي دونيتسك ولوغانسك في شرق البلاد.
وعقب قراره، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجيش بما أسماه “حفظ السلام” في المنطقتين المواليتين لموسكو في شرق أوكرانيا اللتين اعترف باستقلالهما.
وخلال اجتماع مجلس الأمن الوطني، صرح بوتين أن روسيا تواجه تهديدًا “جديا” و”كبيرا جدا” في أوكرانيا وسط تصاعد التوترات مع الدول الغربية التي تتهم موسكو بالاستعداد لغزو الجمهورية السوفياتية السابقة.
وخلال الخطاب إلى مواطنيه الذي اختتمه بإعلان الاعتراف، اتهم بوتين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بتحويل أوكرانيا إلى مسرح حرب. مضيفا أن موسكو تخشى نشر قوات الحلف هناك وتشعر بالقلق من تجسس الطائرات المسيرة الأمريكية عليها.وقال الرئيس الروسي إنه واثق من أن المواطنين الروس يؤيدون هذا القرار، متجاهلا التحذيرات الغربية بأن مثل هذه الخطوة ستكون غير قانونية وستقضي على مفاوضات السلام.
وأضاف بوتين أن مراكز تدريب الحلف في أوكرانيا ترقى إلى مستوى القواعد العسكرية للحلف، وأن موسكو تعتبر انضمام كييف المحتمل إلى الحلف تهديدا مباشرا لها.
وحذر الرئيس الروسي من إمكانية تصنيع أسلحة نووية في أوكرانيا، موضحًا: “نحن نعرف أنه كانت هناك بالفعل تقارير تقول إن أوكرانيا تعتزم تصنيع أسلحتها النووية الخاصة بها، وليس هذا من قبيل التفاخر الفارغ”.
وأوضح بوتين أن “أوكرانيا لا تزال تمتلك بالفعل تقنيات نووية سوفيتية وأنظمة حمل لمثل هذه الأسلحة”.
واتهم بوتين حلف شمال الأطلسي (ناتو) بالبدء في “التملك الوقح”-حسب وصفه- لأوكرانيا، مشيرا إلى أن الغرب يريد لأوكرانيا أن تكون “مسرحا لعمليات قتال محتملة”.
واتهم الرئيس الروسي القوات الأوكرانية بقتل مدنيين من خلال قصف مناطق سكنية في شرق أراضيها الخاضعة لسيطرة الانفصاليين. بينما تنفي كييف استهداف المدنيين واتهمت الانفصاليين المدعومين من روسيا بقصف مناطق سكنية، وهو ما ينفونه بدورهم.
وطالب بوتين كييف “بوقف العمليات العسكرية فوراً… وإلا فإنّ المسؤولية عن استمرار سفك الدماء ستقع على ضمير النظام الحاكم في أوكرانيا بشكل كامل”.
النواب الروس يصادقون على اتفاقيات بوتين مع الانفصاليين
صادق النواب الروس في تصويت، الثلاثاء، على الاتفاقيات التي وقعها الرئيس فلاديمير بوتين مع قادة المنطقتين الانفصاليتين في شرق الدولة المجاورة، غداة إعلانه الاعتراف باستقلالهما وتوجيهه الأمر بإرسال قوات إليهما.
وأعلن رئيس الدوما، مجلس النواب في البرلمان الروسي، فياتشيسلاف فولودين في بيان أن “الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين وإبرام اتفاقيات الصداقة والتعاون يفترض أن يضعا حدا للنزاع ولمقتل مواطنينا المقيمين هناك”.
الكرملين: روسيا “منفتحة” على الجهود الدبلوماسية
وبعد حالة من الجدل العالمي، والانتقادات الواسعة، أكد الكرملين، الثلاثاء، أن روسيا ستبقى منفتحة على الجهود الدبلوماسية بشأن الأزمة الأوكرانية. فيما حذّر من أن قطع كييف علاقاتها مع موسكو سيؤدي إلى تدهور الوضع.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: “ما زال الجانب الروسي منفتحًا على الاتصالات الدبلوماسية على كافة المستويات.. كل شي يعتمد على خصومنا”، مشيرا إلى أن أي تحرّك تقوم به كييف لقطع علاقاتها الرسمية مع موسكو، سيكون “سيناريو غير مرغوب به بدرجة كبيرة وسيزيد من صعوبة كل شيء”.
كييف تستدعي القائم بالأعمال الأوكراني لدى موسكو للتشاور
أعلنت كييف، الثلاثاء، استدعاء القائم بالأعمال الأوكراني لدى موسكو “للتشاور” بعد اعتراف روسيا بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين في شرق البلاد.
وقالت الخارجية في بيان إن القائم بالأعمال الموقت فاسيل بوكوتيلو سيعود إلى كييف على خلفية “قرار (روسيا) غير القانوني الاعتراف بـ”استقلال” المنطقتين الانفصاليتين.