كييف تعرضت لقصف روسي منذ اليوم الأول
- الطلبة العرب يتكاتفون في ظل الأزمة
“نحن على متن القطار، ولا ندري أين سيتجه بنا”.. هكذا أجابنا الطالب المغربي أيمن الخطاف بعدما سألناه عن وجهته التي بدأت من كييف، ولا يعلم لها محطة الوصول، فهو يبحث مع رفاقه عن وجهة آمنة، لا يعرفها حتى السائق نفسه. إجابة تختصر الوضع في أوكرانيا على الأرض، وحال الأجانب والأوكرانيين أيضًا منذ الغزو الروسي- خاصة بعد القصف الروسي للعاصمة كييف.
أيمن المنحدر من مراكش المغربية يبلغ من العمر 22 عامًا، قادته أحلامه للدراسة في إحدى جامعات أوكرانيا، يقول في حوار هاتفي مع “أخبار الآن”، إن العديد من الطرق مقطوعة في كييف، بعضها قطعت بفعل القصف، وأخرى قطعها الجيش الأوكراني عمدًا لغلق الطريق أمام القوات الروسية، ومنعها من دخول العاصمة الأوكرانية.
وفي ظل هذه الطرق المقطوعة يسير القطار، محاولًا إيجاد مسلك، قد يضطر السائق لتغيير طريقه من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، فالوجهة هي “حيث الطريق المفتوح”.
الليلة الأولى.. الرعب الذي تسب به الغزو
الليلة الأولى كانت الأصعب، فالطلبة العرب أغلبهم يعايش الحرب لأول مرة، الفزع تملك البنات أكثر، حيث دخلن حالة صدمة وفزع غير مسبوقة، فهن لأول مرة يعايشن غزوًا ويسمعن صوت القصف والطائرات الحربية.
قال أيمن إنهم تجمعوا في اليوم الأول في محطات المترو، التي تعتبر أهم الملاجئ، لكن مع انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة، وانتشار السرقة والتحرش بالبنات، قررت الطلاب العرب التنسيق فيما بينهم، والبحث عن بنايات تاريخية بها ملاجئ، على خلاف الجديدة غير المهيأة لأوضاع الحرب. “في البناية التي أقطن بها يوجد ملجأ أرضي، دخلته برفقة طلبة عرب آخرين وقضينا ليلّتين برفقة عائلات أوكرانية”.
وقبل أن نطرح سؤلا آخر، قاطعنا أيمن بعد صمت للحظات قائلًا: “أتعلمين ما الذي أعجبني اليوم؟ أحسن شيء شاهدته هو التنسيق والتكاتف بين المغاربة والجزائريين والتونسيين وأيضا المصريين، وقفنا في صفين متراصين، الأول للبنات بدون حقائب كي لا يتعرضن للسرقة، ونحن خلفهن في الصف الثاني محتفظين بالحقائب. وعلى طرفي الصفين الطويلين وقف شباب منا، تبادلوا المعلومات والتنسييق عبر الهاتف، تحسبا لأي طارئ، أو اقتراب لص أو معتدٍ. تم كل ذلك في هدوء”.
الهدوء قاطعه وصول القطار؛ الذي امتلأ عن آخره، فتدخل رجال الأمن الأوكرانيين محاولين منع المزيد من الحشود من دخول العربات، مستعملين الغازات المسيلة للدموع والأسلحة. كانت أوقاتا أخرى صعبة على الجميع في المحطة.
يدرس أيمن “الدراسات الدبلوماسية” في مدينة تابعة لكييف اسمها “خاراكوف”، موقعها يُزيد الخطورة على سكانها في هذه الأيام العصيبة، فهي تقع على الحدود الروسية ولا يحدها إضافة إلى روسيا سوى بيلاروسيا- بلد آخر حليف لنظام بوتين- ومن بين كل البلدان التي فر إليها الناس من أوكرانيا، يقول أيمن إن رومانيا تبدو صاحبة السمعة الأفضل في التعامل مع اللاجئين. فهل سيكون أيمن من المحظوظين للوصول إلى رومانيا قبل الانتقال إلى وطنه المغرب؟