كيف مهد نشر المعلومات المضللة الطريق لغزو أوكرانيا؟
في اليومين الماضيين انتشرت صورة على منصات التواصل الاجتماعي لسيدة من أوكرانيا ترتدي الزي العسكري، وزعم الكثيرون أن الصورة تعود للسيدة أولينا زيلينسكي، زوجة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وتم مشاركة الصورة على نطاق واسع من قبل مواطنين أوكرانيين قائلين إنها تعود لسيدة أوكرانيا الأولى، وهي تشارك في مقاومة “الغزو الروسي” لبلادها.
ولكن فريق التحقق من الأخبار في وكالة رويترز توصل إلى أن الصورة ليست لزوجة الرئيس ولكنها تعود لجندية أوكرانية، وذكرت رويترز أن تاريخ الصورة الحقيقي هو 22 أغسطس 2021 وهي لجندية من أوكرانيا بالزي العسكري للاحتفال بمناسبة مرور 30 عاما على استقلال أوكرانيا.
وتم التقاط الصورة للجندية المبتسمة في شارع “خريشتشاتيك” في كييف، بعدسة المصور فولوديمير زاخاروف وهو مصور أوكراني يعيش في كييف أيضا.
You Want to be the First Lady, Can you Fight for your Husband ?
This Is Ukraine First Lady 😍 pic.twitter.com/2ZbSKFtLEJ
— BETWIZAD.COM_Webmaster (@OGBENI_BAMBAM) February 26, 2022
كما نشر حساب “في ميزان فرانس برس” على تويتر لتدقيق المعلومات الكثير من المعلومات المضللة للحرب الروسية على أوكرانيا منها مشهد انتشر على أنه استعراض لطيار روسي بطائرته الحربية في سماء أوكرانيا، بينما هو في حقيقته مجرد جزء من لعبة فيديو ، أيضا انتشرت صورة للرئيس الأوكراني بالزي العسكري أثبتت المنتصة أيضا أن الصورة قديمة وأنه مر عليها عام كامل
بيتشلر: موسكو ترى أوكرانيا شرعية فقط حينما يكون رئيسها حليفا لروسيا
إن الحرب الروسية ضد أوكرانيا هي أكثر حرب تضمنت تداول المعلومات المضللة من قبل وقوعها، حيث تم التمهيد للحرب نفسها بالمعلومات المضللة من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي بدأها بعدد كبير من المعلومات المضللة ساقها في خطاباته والذي يفندها معنا في لقائه بأخبار الآن محلل المعلومات المضللة النمساوي إديتمار بيتشلر، حيث قام بتحليل خطاب بوتين الممهد للحرب قائلا “إذا ألقينا نظرة على خطاب بوتين سنجده مثير للاهتمام للغاية كما أن بوتين قد ناقض نفسه في الخطاب ذاته، لقد ادعى بوتين أن أوكرانيا لم تكن موجودة وليس لها تاريخ كدولة ولكننا نجد أنه في عام 2014، فر فيكتور يانوكوفيتش إلى روسيا، وقالت روسيا إن فيكتور يانوكوفيتش هو الرئيس الرسمي والشرعي لأوكرانيا، ففي ذلك الوقت، عندما كان لديه رئيس أوكراني حليف كانت أوكرانيا دولة شرعية بالنسبة له، لذا ما يمكن رؤيته في السياسة الروسية هو أن الدول الموالية لروسيا هي فقط الدول ذات الشرعية عند روسيا والدول التي لديها سياسة مستقلة ليست شرعية.”
في سياق الأخبار المضللة التي انتشرت غداة شن #روسيا هجوماً عسكرياً برياً وجوياً على #أوكرانيا، انتشر فيديو قيل إنه لطيار روسي يستعرض قوته في سماء أوكرانيا
❌الادعاء غير صحيح
⬅️الفيديو لا علاقة له بأوكرانيا وهو في الحقيقة مشاهد من لعبة فيديوhttps://t.co/FBJzi9caGj #فرانس_برس— 🔍 في ميزان فرانس برس (@AFPfactMENA) February 25, 2022
دروس التاريخ الخاصة بالرئيس بوتين تخالف التاريخ الحقيقي
ويرى بيتشلر أيضا أن الرئيس بوتين في حديثه قد طرح الكثير من دروس التاريخ، وهو ما يمكن أن أسميه دروس التاريخ الخاصة بـ فلاديمير بوتين ويضيف بيتشلر” وهذا التاريخ الخاص بالرئيس بوتين هو ما لا يتفق معه المؤرخون الحقيقيون على الإطلاق، فهم لا يتفقون مع ادعاءاته بأن أوكرانيا ليس لديها تاريخ كدولة قوميةبإلقاء نظرة على السنوات الثلاثين الماضية فإن أوكرانيا عضو معترف به في المجتمع الدولي تربطها علاقات دبلوماسية مع جميع دول العالم، كما أنها عضو في الأمم المتحدة، لذلك نرى أنها دولة ويجب ألا ننساها عندما تحاول روسيا الادعاء خلاف ذلك.”
ويفند بيتشلر التضليل الذي مارؤسه الرئيس بوتين في خطاباته التمهيدية لغزو أوكرانيا فيقول “ما رأيناه أيضًا في خطاب بوتين من تضليل هو ادعاءاته بأن أوكرانيا تمثل تهديدًا أمنيًا لروسيا ، وأنها تريد أن تصبح عضوًا في الناتوحتى يتمكنوا من مهاجمة روسيا، إن بوتين أراد بذلك أن يثير الخوف في نفوس الشعب الروسي فلا شيء من هذا له أي أساس من الصحة، ولا دليل عليه لكنه لا يحتاج إلى دليل فهو دائمًا ما يخيف الشعب الروسي وعندما يخاف الناس، فإنهم يميلون إلى دعمه لذا فهو بحاجة إلى هذا التوتر في دعايته ونظامه الدعائي، ما رأيناه أيضًا في الخطاب بجانب دروس التاريخ هو شعوره بالخيانة من الغرب كلمات متنوعة حول توسع الناتو، لكنه لم يذكر أن كل الدول التي أصبحت أعضاء في الناتو فعلت ذلك بإرادتها لأنها تريد أن يتم تأمينها والآن نرى أن لديهم كل الأسباب للخوف من روسيا ،حيث أن الدول غير الأعضاء في الناتو الآن فقط هي من تعرضت للهجوم ومثال على ذلك جورجيا والآن أوكرانيا، منذ عام 2014.
أوكرانيا لا تمثل تهديد لبوتين ولكنه دائمًا ما يخيف الشعب الروسي وعندما يخاف الناس، فإنهم يميلون إلى دعمه لذا فهو بحاجة إلى هذا التوتر في دعايته ونظامه الدعائي
إديتمار بيتشلر
أكاذيب نشرتها أجهزة بوتين لتبرير غزو أوكرانيا
المعلومات المضللة قبيل انتشار القوات الروسية على الحدود الأوكرانية واستمر ذلك التضليل حتى الآن وهناك مجموعة من الأكاذيب الكبرة التي صنعت خصيصا لاستدرار تعاطف الشعوب التي لا تعلق بتاريخ العلاقات الروسية_الأوكرانية وكذلك لحشد الدعم الروسي خلف قرارات بوتين بالحرب وعن ذلك التضليل يشرح بيتشلر مفندا” من هذا التضليل انتشار ادعاء كاذب بأن أوكرانيا تريد مهاجمة الأراضي الموالية لروسيا وهذا تضليل، ونحن نعلم أن الرئيس زيلينسكي يحاول أن يكون شديد الهدوء، كما إنه يحاول تجنب أي نوع من الاستفزاز يمكن أن يشعل حربًا ولا يمكن أن يعطي روسيا أي مبرر لشن هجوم لذا فهذه واحدة من أكبر وأخطر الأكاذيب”.
إنذار كاذب: هجوم إرهابي وهجمات كيماوية
ويرصد بيتشلر المعلومات المضللة في الحرب الروسية على أوكرانيا فيقول “أيضا هناك ادعاء بأن مخربين أوكرانيين أوموالين لأوكرانيا جاءوا للمنطقة لشن هجوم إرهابي، سمعنا أيضًا عن هجمات كيماوية،هذه الادعاءات الروسية ليست جديدة، لقد سمعنا كثيرًا منها في السنوات الثماني الماضية ولكنها مثارة بشكل كبير الآن ،وهذا بالطبع أخطر بكثير لأن هناك قوات روسية موجود هناك بالفعل، أما الكذبة الكبيرة والخطيرة جدًا الآن هي أن الأوكرانيين يخططون لإبادة جماعية، ضد السكان الناطقين باللغة الروسية أو العرقية الروسية في دونباس هذا ليس تضليلا غبيًا تمامًا فحسب بل هو أيضًا خاطئ جدًا جدًا، لأن أوكرانيا بلد مختلط.
وكل الأوكرانيين الذين أعرفهم لدى أجدادهم جذور روسية أو بيلاروسية فأوكرانيا ليست دولة متجانسة عرقيًا وليس هناك صراع عرقي”
ويضيف بيتشلر”أوكرانيا دولة لا توجد بها حرب أهلية، هناك خلافات سياسية كما هو الحال في كل بلد لكن لا توجد حرب أهلية وهذه كذبة دعاية روسية لذلك يزعمون أنهم يريدون حماية السكان الناطقين بالروسية والسكان من أصل روسي في دونباس، بزعم أن الجيش الأوكراني خطير للغاية وهذا ليس صحيحًا فنحن نرى أشخاصًا من أصل روسي يتحدثون الروسية في جميع أنحاء أوكرانيا حتى في الغرب، خاصة في وسط كييف لا يوجد دليل على ذلك إطلاقا، وهي كذبة خطيرة جدًا تستخدم فقط لإشعال الحرب.”
لماذا نصدق المعلومات المضللة
بصفة عامة فإن انتشار المعلومات المضللة هو في حد ذاته حرب أخرى لها عقباتها وتوابعها الوخيمة وعن خطورة انتشار المعلومات المضللة بصفة عامة يقول بيتشلر” انتشار الملعوةمات المضللة أمر خطير للغاية لأننا كبشر نميل إلى تصديق ما نريد تصديقه، إذا كان الأمر يتعلق بالتضليل الروسي فأنا أتحدث عن أوروبا ولماذا ستؤثر هذه المعلومات في البعض خاصة فيوسط أوروبا، ولدينا في الأساس ثلاثة أسباب للاهتمام بالمعلومات المضللة وتصديقهاالسبب الأول هو أنه يناسب أيديولوجيتنا، وقد تكون هناك أيديولوجيات يمينية متطرفة، مفادها أننا ضد الديمقراطية، أو ضد الاتحاد الأوروبي أو ضد نظامنا أو شيء من هذا القبيل.”
ويرى بيتشلر أن هناك سبب هام لتصديق الناس للمعلومات المضللة الروسية هو أنهم يعملون مع روسيا فمثلا إذا كان للبعض مصالح اقتصادية في مجال الطاقة، فيمكن أن يكون ذلك بمثابة مهمة مدفوعة الأجر في نظام فلاديمير بوتين، ثم يميلون إلى الاعتقاد أو حتى نشر المعلومات المضللة لأنهم لا يريدون مواجهة الحقيقة. في بعض الأحيان لا يصدقون ذلك ، لكنهم يشاركونها فقط لأنه وظيفتهم وهذا هوالسبب أننا لا نستطيع فعل أي شيء حيال التضليل.
لماذا نعجز أمام المعلومات المضللة
كما يتم تصنيع”أنتي فيروس لكل فيروس” ، فإن مصطلح “المعلومات المضللة ” تبعه مصطلح “محو الأمية الإعلامية ، ولكن هل يفيد محو الأمية اللإعلامية في كل الحالات؟
يقول بيتشلر” ماذا يفعل محو الأمية الإعلاميةفي الصين مثلا؟، لا يساعد في حالة واحدة أو اثنتين، وإذا كان الأمر يتعلق بالأيديولوجيا، فربما نستطيع تدريب الناس أما النقطة الأكثر أهمية عندما نتحدث عن الناسهو عدد الأشخاص الذين لا يؤمنون بالمعلومات المضللة، إذا كانوا لا يعرفون ما يحدث بالفعل في أوكرانيا، وهذا خاص جدًا عندما نتحدث عن أوكرانيا، حيث لم يزر أي أوروبي غربي البلاد تقريبًا، إنها ليست دولة سياحية، ليست مثل إسبانيا أو فرنسا
وهذا يجعل من السهل جدًا نشر معلومات مضللة عنها، لإخبار الناس بأن جميع الأوكرانيين فاشيين ،أو أن اللغة الروسية ممنوعة، بالنسبة لي كان من السهل جدًا التحكم في فضح هذه الأكاذيب بنفسي لأنني زرت أوكرانيا أكثر من 40 مرة، وقضيت أيضًا الكثير من الوقت بها في عام 2014 في جميع أنحاء البلاد شرق وغرب ووسط أوكرانيا، لذلك علمت أن المزاعم الروسية غير صحيحة.”
إشاعة الإبادة الجماعية.. لماذا قد يصدقها الألمان
يرى إديتمار بيتشلر إن مجرد الحديث عن الإبادة الجماعية ضد العرقيات الروسية في أوكرانيا إشاعة سخيفة بالنسبة له ولكن بالنسبة للنمساويين العاديين وألمانيا، فإن دحضها أمر صعب، حتى بالنسبة لمدققي الحقائق أو لمدربي محو الأمية الإعلامية ، فعادة الناس في دول وسط أوروبا لا تمتلك الكثير من المعرفة عن أوكرانيا،لذا فمن من السهل جدًا نشر معلومات مضللة حولها،
وهذا يسهل إرباك الناس ونشر الأكاذيب مقارنة بالمواضيع الأخرى، هذا هو السبب في أن مشاريع مثل الاتحاد الأوروبي ضد التضليل مهمة جدً، لأن لديهم الخبرة في أوكرانيا .”