أوكرانيا وسوريا.. تشابه لم يتوقعه أحد
في وقت يستمر فيه الغزو الروسي لأوكرانيا للأسبوع الثالث على التوالي، وسط صمود من الشعب الأوكراني الذي فاجأ القوات الروسية بمقاومته طوال الأيام الماضية، تحل الذكرى الـ11 للثورة السورية.
ونشأت الاحتجاجات في سوريا في عام 2011، بسبب استياء شعبي من النظام الحاكم، وكانت الشرارة في سوريا هي قيام الحكومة بسجن مجموعة من الأطفال في مدينة درعا، ورفض طلب الأهالي بإطلاق سراحهم.
وأدى ذلك إلى خروج الأهالي بمظاهرة في يوم الجمعة 18 مارس 2011، قوبلت بإطلاق نار من القوات الحكومية، وهو الأمر الذي أدى إلى تصاعد النزاع المسلح بعد قيام قوات الأمن بقمع الاحتجاجات الداعية إلى سقوط بشار الأسد.
متى بدأ التدخل العسكري الروسي في سوريا؟
مع تصاعد الاشتباكات بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة، بدأ سلاح الجو الروسي بتوجيه ضربات جوية في الأراضي السورية بتاريخ 30 سبتمبر 2015، وهذا بعد أن طلب بشار الأسد دعمًا عسكريًا من موسكو من أجل كبح القوات المعارضة له في الحرب.
ووافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد. وجاءت هذه الضربات بعد تزايد الدعم العسكري المعلن لنظام الأسد من قبل موسكو.
وكانت أكبر الجرائم التي ارتكبتها القوات الروسية ما حدث في حلب في عام 2016، حيث استخدمت روسيا القوة العسكرية الغاشمة لكبح جماح المقاومة.
وتتضح أوجه التشابه بين ما حدث في حلب وما يحدث في أوكرانيا الآن بما قاله الطبيب الفرنسي رفائيل بيتي، الذي يعمل مع منظمات إنسانية شاركت في تقديم المساعدة خلال النزاع السوري المستمر منذ 11 عامًا لوكالة ”فرانس برس“.
وقال بيتي إن الجيش الروسي يلجأ في أوكرانيا إلى النهج نفسه الذي اتبعه في سوريا لدفع الخصم الى الاستسلام والمدنيين الى الفرار، عبر محاصرة المدن وقصفها بشكل مكثف وتدمير المستشفيات.
وأوضح المسؤول عن اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الصحية في فرنسا: ”رأينا كيف دفع الروس مدينة حلب على الاستسلام عام 2016. لقد فعلوا ذلك على ثلاث مراحل: قاموا بمحاصرتها ثم قصفها بشكل مكثف يوميًا، ثم انتظار أن يستسلم المدنيون من خلال الجوع والبرد وعدم توفر مياه الشرب“.
وأوضح الطبيب الفرنسي في تصريحاته: ”بالنسبة للروس لا قيمة لأرواح الناس بمفهومنا نحن. لديهم عقلية الاتحاد السوفييتي السابق، وبالتالي لا قيمة للفرد والهدف المنشود وحده المهم“.
وواصل: ”في سوريا وضعنا في وقت من الأوقات المستشفيات داخل مناجم مهجورة مقتنعين بأنها ستكون في منأى من القصف. لكننا لم نتنبه بأن للروس أسلحة مضادة للخنادق تنفجر على عمق 17 مترًا وقاموا باستخدامها“.
وأشار إلى أن النهج الروسي واحد سواء في حلب كما في الغوطة بضواحي دمشق أو في غروزني بالشيشان، بمجرد حصول الاستسلام يتم فرز السكان وارغام أولئك الذين كانوا ضد الطرف المنتصر على الرحيل.
سيناريو غروزني يتكرر في أوكرانيا
أما هيئة الإذاعة البريطانية ”بي بي سي“، فقد أوضحت في تقرير لها أن العقيدة العسكرية لموسكو ترتكز إلى استخدام الأسلحة الثقيلة والقصف الجوي لتدمير الأعداء.
وذكّرت ”بي بي سي“ في تقريرها بما حدث في غروزني، حيث ارتكب الجيش الروسي أخطاء فادحة في العمليات البرية. ونصب المتمردون الشيشان كمائن لأرتال المدرعات الروسية في الشوارع الضيقة ودمروها.
القصف الروسي الوحشي حوّل غروزني إلى أنقاض
وأضافت ”بي بي سي“ أن الحل الروسي للقضاء على المقاومة الشيشانية كان هو القصف المكثف. وفي غضون بضعة أسابيع، أدت الغارات المدفعية والجوية إلى تحويل وسط غروزني، والتي كانت مدينة تهيمن عليها المباني المصنوعة من الصلب والخرسانة كباقي المدن السوفيتية، إلى مجرد أنقاض.
وكانت أحداث غروزني في عام 1999 أولى معارك فلاديمير بوتين، الذي كان حينها رئيسًا للوزراء قبل انتخابه بعدها رئيسًا للبلاد.
ودخلت القوات العسكرية الروسية إلى الشيشان بحجة مكافحة الإرهاب، وفي شهر فبراير من عام 2000، سيطر الجيش الروسي على العاصمة غروزني بعد عملية قصف بشعة.
وانهالت القذائف الروسية حينها على غروزني، سواء عن طريق سلاح الجو أو المدفعية، في عملية راح ضحيتها عشرات الآلاف.
ويتكرر الأمر في الوقت الحالي في عدد من المدن في أوكرانيا، مثل خاركيف وماريوبول، حيث تلجأ القوات الروسية إلى القصف الوحشي والحصار من أجل إجبار المدن على الاستسلام.