كيف سينجح بوريس جونسون في حربه الاقتصاديّة ضدّ روسيا؟
أليشر عثمانوف، رومان أبراموفيتش، أوليغ ديريباسكا… هي بعض الأسماء لعدد من رجال الأعمال الروس المرتبطين بالكرملين وشبكاته غير المشروعة والخاضعين للعقوبات، ارتبطت أسماؤهم بمبالع وممتلكات قدرت بمئات الملايين من الجنيه الإسترليني، فلماذا استثمر الروس في المملكة المتحدة بهذا الحجم الضخم؟ ما الذي جعلهم يشعرون بالأمان؟ ماذا سيحدث لكل تلك الأصول الآن بعد أن انحازت المملكة المتحدة بقوة إلى أوكرانيا؟ وما هو مصير استثمارات الروس في المملكة المتحدة؟ وكيف سينجح بوريس جونسون في حربه الإقتصاديّة ضدّ روسيا؟.
تتبّعت “أخبار الآن” تفاصيل غزو المال الروسي لبريطانيا، فذهبت مراسلتها إلى لندن لتقصّي التفاصيل والحقائق، ولمعرفة ما الذي يريد أن يفعله بوريس جونسون بالضبط، فماذا في كل تلك التفاصيل؟.
بريطانيا مقصد للأوليغارشية الروسية
كشف تحليل أجرته هيئة الإذاعة البريطانية أن عشرات الروس الخاضعين للعقوبات مرتبطون بممتلكات تقدر قيمتها بنحو 800 مليون جنيه إسترليني في المملكة المتحدة.
ومن بين تلك الممتلكات منازل اقتنتها شخصيات مرتبطة بفلاديمير بوتين، ومزارع ريفية بملايين الجنيهات في جنوب إنجلترا، وشقق فاخرة في أغلى مناطق لندن. فما كانت أبرز خلاصات التقرير الذي وضعته الإذاعة بالاستناد إلى فحص تفصيلي للوثائق الخارجية المسربة والسجل العقاري وأوراق المحكمة بالإضافة إلى التقارير السابقة؟
بحسب التقرير إن المملكة المتحدة تشكّل مقصداً مهمّاً بالنسبة للروس فاحشي الثراء لإقامة منازلهم، وثمّة صعوبة في تحديد المالكين الحقيقيين للعقارات التي تشتريها الشركات الخارجيّة في الملاذات الضريبية. وقد سلّطت مجموعة مكافحة الفساد في منظمة الشفافية الدولية بالإستناد إلى نتائج الـBBC، الضوء على مدى صعوبة تتبّع من يملك ماذا في المملكة المتحدة. وبحسب ما صرّحت به رئيسة المناصرة في منظمة الشفافية الدوليّة راشيل ديفيس لـBBC إنه:
- بسبب نظام السرية هنا في المملكة المتحدة وفيما يتعلق بالتبعية الخارجية، من السهل فعلاُ على الأشخاص إخفاء أصولهم وأموالهم في المملكة المتحدة ولا ترى الشرطة بالضرورة مكان وجود هذه الأصول.
- فرضت المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي معًا عقوبات على أكثر من 1000 فرد وشركة روسية بما في ذلك قادة الأعمال الأثرياء أي من يُطلق عليهم صفة الأوليغارشية والذين يُعتبرون قريبين من الكرملين.
- تمت معاقبة معظم المدرجين ضمن اللائحة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير على الرغم من أن بعضهم كان مدرجًا بالفعل على قائمة عقوبات الحكومة.
وتشمل الممتلكات المرتبطة بالروس الخاضعين للعقوبات ما يلي:
- إمبراطورية تبلغ قيمتها 230 مليون جنيه إسترليني أي ما يعادل 302 مليون دولار تعود ملكيتها لمالك تشيلسي السابق رومان أبراموفيتش.
- قصر فيكتوري بقيمة 65 مليون جنيه إسترليني في شمال لندن مع تصريح تخطيط لغرفة سيجار وقبو نبيذ.
- منزل ريفي في ساري وسط نزاع قانوني يتعلق بشريك فلاديمير بوتين السابق في الجودو.
أسماء من لائحة العقوبات
بعد إعلان رئيس الوزراء البريطاني عن فرض عقوبات جديدة على روسيا، حثت منظمة الشفافية الدولية في المملكة المتحدة الحكومة على تسريع الإجراءات للقضاء على الأموال القذرة. وكان تحليل جديد من منظمة الشفافية الدولية في المملكة المتحدة قد حدّد ما لا يقل عن 1.5 مليار جنيه إسترليني من الممتلكات البريطانية المملوكة لروس متهمين بجرائم مالية أو على صلة بالكرملين.
معظم هذه الممتلكات مملوكة لشركات خارجية سرية. ومن المرجح أن يكون الرقم الحقيقي للثروة غير المشروعة المستثمرة في المملكة المتحدة أعلى بكثير، مع ما يقرب من 90 ألف عقار في جميع أنحاء البلاد مملوكة لشركات غير شفافة مما يمنع الحكومة البريطانية، والقانون والجمهور من معرفة من يمتلكها حقًا.أمام ذلك تبدو الجولة على الأسماء التي تناولها تقرير الـBBC حول أولئك الأوليغارشيين الروس والمعلومات المرتبطة بهم مثيرة:
رومان أبراموفيتش
- ورد اسمه على لائحة عقوبات الإتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
- ارتبط اسمه بأكثر من 50 عقار في لندن بقيمة 230 مليون جنيه إسترليني.
في أوائل مارس، فرضت الحكومة البريطانية عقوبات على الملياردير البالغ من العمر 55 عامًا، لديه محفظة عقارية واسعة في المملكة المتحدة مع أكثر من 50 مسكنًا فاخرًا، معظمها في طريق فولهام في غرب لندن.
ويمتلك عبر شركته البريطانية Fordstam Limited عشرات الشقق في قرية تشيلسي، بالإضافة إلى الفندق والمجمع السكني حول ملعب تشيلسي ستامفورد بريدج، بحسب سجل الأراضي.
أغلى ممتلكاته في لندن هو منزل من 15 غرفة نوم في شارع يُطلق عليه اسم Billionaires Row وقد اشترى أبراموفيتش العقار في غرب لندن باستخدام شركة خارجية في العام 2011، وبحسب ما ورد دفع 90 مليون جنيه إسترليني.
في العام 2016، حصل على إذن تخطيط لتجديد 28 مليون جنيه إسترليني بما في ذلك حوض سباحة تحت الأرض على الرغم من أن هذا لم يتم.
في العام 2017، استخدم أبراموفيتش شركة Fordstam Limited لشراء شقة قبالة طريق King’s Road مقابل 8.7 مليون جنيه إسترليني. وفي العام 2019، دفع 22.3 مليون جنيه استرليني لشقة بنتهاوس من ثلاثة طوابق في موقع محطة كهرباء Lots Road السابق في تشيلسي.
أليشر عثمانوف
- ورد اسمه على لائحة عقوبات المملكة المتحدة والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركيّة.
- ارتبط اسمه بقصرين وعدة عقارات في لندن تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 150 مليون جنيه إسترليني.
فرضت حكومة المملكة المتحدة تجميدًا كاملاً للأصول وحظر سفر على أليشر عثمانوف في 3 مارس مستندة إلى صلات الملياردير الروسي الوثيقة مع الكرملين، وقد جاء ذلك في أعقاب خطوة مماثلة من قبل الاتحاد الأوروبي.
كان رجل الأعمال الأوزبكي المولد والمساهم السابق في أرسنال شريكًا وثيقًا للمساهم الأكبر في إيفرتون فرهاد موشيري، الذي استقال من منصب رئيس شركة USM holdings التي يملكها عثمانوف في أوائل مارس.
بعد فرض عقوبات على الأوليغارشية، أوقف إيفرتون جميع التعاملات مع أعمال عثمانوف بما في ذلك رعاية اتحاد العاصمة لميدان التدريب.
قدرت ثروته بـ 18.4 مليار دولار أي ما يعادل 14 مليار جنيه إسترليني بما في ذلك Beach Wood House في هايغيت شمال لندن… وعقار ساتون بليس في ساري على حد قول الحكومة البريطانية.
لكن متحدثًا باسم عثمانوف قال إن معظم ممتلكات الأخير في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى يخت بقيمة 600 مليون دولار قد تم تحويلها بالفعل إلى صناديق اتئمانية غير قابلة للإلغاء مما قد يجعلها خارج نطاق العقوبات.
ويبدو أنه من الصعب جداً تتبع ملكية المنزلين المستهدفين من قبل حكومة المملكة المتحدة. لقد تم احتجازهما من خلال شبكة معقدة من الصناديق والشركات المسجلة في أماكن مثل جزر فيرجن البريطانية والتي حتى وقت قريب لم تتطلب الكشف عن المالك النهائي، فقد اشترى عثمانوف Beach Wood House مقابل 48 مليون جنيه إسترليني في العام 2008 عبر شركة خارجية، وقد اطلعت بي بي سي من خلال تحقيق مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين على وثيقة تظهر أن عثمانوف حصل على رهن عقاري في العام 2005 لتمويل مدفوعات جزئية لشركة ساتون بليس عبر شركتين في قبرص، فيما يمتلك ابنا أخيه عقارات بملايين الجنيهات في شمال لندن.
أوليغ ديريباسكا
- ورد اسمه على لائحة عقوبات المملكة المتحدة والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
- ارتبط اسمه بممتلكات قريبة من قصر باكنغهام وقصر في ساري، تقدّر قيمتها بأكثر من 70 مليون جنيه إسترليني.
عندما فرضت حكومة المملكة المتحدة عقوبات على أوليغ ديريباسكا، قالوا إن قيمة ثروته تبلغ ملياري جنيه إسترليني وإنه كان شريك تجاري لمرة واحدة لرومان أبراموفيتش.
في أوائل مارس، استمعت المحكمة إلى إفادة تشير إلى أن لديه محفظة عقارية بملايين الجنيهات الاسترلينية في المملكة المتحدة، بما في ذلك قصر هامستون على طراز الآرت ديكو في ويبريدج في ساري، وقد تم شراء العقار المسجل من الدرجة الثانية مقابل 7.1 مليون جنيه إسترليني من قبل شركة Edenfield Investments Limited التي يقع مقرّها في قبرص في العام 2001.
كما يمتلك ديريباسكا منزلاً كبيرًا في ساحة بلجريف احتله المتظاهرون، ومع ذلك قال متحدّث باسم الملياردير في ذلك الوقت إن الممتلكات مملوكة لأفراد الأسرة.
ثمّة أدلة تشير إلى أن ديريباسكا يمتلك مبنى على بعد خمس دقائق سيرا على الأقدام من قصر باكنغهام، وقد تم شراء المنزل الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر في العام 2004 مقابل 4.7 مليون جنيه إسترليني من قبل شركة Astibe Limited وهي شركة خارجية تم تأسيسها في جزر فيرجن البريطانية، والتي تظهر في الحسابات السنوية لشركة EN + مجموعة الطاقة والمعادن التي يمتلك ديريباسكا حصة فيها. وقد تم إدراج العقار كعنوان للشركة بحسب بحث أجرته منظمة الشفافية الدولية.
قام قاض بتجميد الحسابات المصرفية في المملكة المتحدة التي يديرها رجل أعمال بريطاني وسط مزاعم بأنها مرتبطة بديريباسكا، يعتقد محققو وكالة الجريمة الوطنية أن الحسابات كانت تُستخدم لمساعدة الأوليغارشية في تجنب العقوبات.
وقال متحدث باسم ديريباسكا إن العقوبات مضللة للغاية وتستند إلى اتهامات جوفاء لا أساس لها. وجاء في البيان أن ديريباسكا لم يشارك قط في شؤون سياسية ومن الخطأ الإشارة إلى أنه مقرّب من حكومة روسيا أو فلاديمير بوتين.
ميخائيل فريدمان
- ورد اسمه على لائحة عقوبات المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
- يمتلك قصرًا يعود للعصر الفيكتوري في شمال لندن وقد تم شراؤه بـ 75 مليون جنيه استرليني في العام 2016.
تم تجميد أسهم الملياردير ميخائيل فريدمان في المملكة المتحدة في شركة Letter One الاستثمارية، التي تمتلك سلسلة الأغذية الصحية الدوليةHolland & Barrett ، بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
في 15 مارس تم فرض عقوبات عليه من قبل الحكومة البريطانية التي قالت إنه على ارتباط وثيق بالرئيس فلاديمير بوتين. في المقابل رد فريدمان عبر BBC مشيراً إلى أن العقوبات أصابته بالصدمة وأن التصريح الذي كان على صلة وثيقة بفلاديمير بوتين كان غير صحيح على الإطلاق.
بيتر إيفن
- ورد اسمه على لائحة عقوبات المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
- يمتلك قصراً فيSurrey Virginia Water تقدّر قيمته بـ 15 مليون جنيه إسترليني.
ورد اسم إيفن في لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي على أنه واحد من أقرب الأوليغارشيين إلى فلاديمير بوتين وبأنه لا يعمل بشكل مستقل عن مطالب الرئيس. بالإضافة إلى ميخائيل فريدمان، تم تجميد أسهم الملياردير أيفن في LetterOne وتظهر سجلات السجل العقاري أن شركة مقرها في قبرص دفعت 8 ملايين جنيه إسترليني في العام 2009 مقابل منزله إنجليستون هاوس في فيرجينيا ووتر، ساري.
وبحسب ما ورد يمتلك إيفن مجموعة فنية خاصة واسعة النطاق تشمل أعمال كاندينسكي ولويز بورجوا وهنري مور، وكانت الـ “فاينانشيال تايمز” قد صوّرته في منزله إلى جانب بعض قطعه. بعد أن تم إدراجه على لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي، استقال من منصبه كأمين في الأكاديمية الملكية التي أعادت تبرّعًا كان قد قدّمه لها.
قال إيفن لبي بي سي إن عائلته تمتلك أيضا شقة من غرفتي نوم واستوديو في وسط لندن، وقال إنه يختلف بشدة مع وصف حكومة المملكة المتحدة له بأنه من القلة الموالية للكرملين مشدداً على أن العقوبات المفروضة عليه مفهومة لكنها غير عادلة، مضيفًا أنه لا يرى سببًا معقولًا لفرض عقوبات عليه وأنه لم يعمل أبدًا وفقًا لمطالب فلاديمير بوتين مؤكداً أنه لطالما حاول وشركائه الابتعاد عن السياسة.
جيرمان خان
- على لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
- ارتبط اسمه بممتلكات تقدّر بملايين الجنيهات الإسترلينية في منطقة بلغرافيا الغنية في لندن.
ولد خان في كييف عندما كانت أوكرانيا جزءاً من الاتحاد السوفيتي، وكان خان مساعدًا مقرّباً لفلاديمير بوتين الذي شارك في زعزعة استقرار أوكرانيا وفقًا لسلطات المملكة المتحدة التي فرضت عليه عقوبات في مارس الماضي.
يمتلك خان وزوجته أنجليكا عدة عقارات في إنجلترا. وقد كشفت أوراق بنما أن الزوجين لهما أسهم في شركة Apilosa Corporation في سيشيل.
تظهر أوراق تسجيل الأراضي أنها دفعت 62 مليون جنيه إسترليني في العام 2008 لشراء شقتين بالقرب من قصر باكنغهام، وكان جيرمان خان قد اشترى شقتين أخريين في المنطقة في العام 2005. في العام 2018 تم نقلهما إلى اسم زوجته بحسب وثائق السجل العقاري.
اشترى الزوجان أيضًا قصرًا في فيرجينيا ووتر ساري مقابل 26 مليون جنيه إسترليني في العام 2014. تُظهر السجلات أنه تم بيع القصر في 24 ديسمبر 2021 لشركة Ravenmorrow Limited مقابل 31 مليون جنيه إسترليني ومن غير الواضح من يملك العقار الآن.
تأسست شركة Ravenmorrow Limited في ديسمبر من العام الماضي ولم يتم تحديد أي فرد في سجلات الشركة البريطانية بصفته المالك المستفيد.
إيغور شوفالوف
- ورد اسمه على لائحة عقوبات المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
- ارتبط اسمه بشقق فاخرة في وايتهول تقدّر قيمتها بـ14 مليون جنيه إسترليني.
أكد مسؤولون أن أصول شوفالوف في المملكة المتحدة تشمل شقتين فاخرتين في وايتهول تقدّر قيمتها بنحو 11 مليون جنيه إسترليني، وقد تم الإبلاغ عن ذلك لأول مرة من قبل مؤسسة مكافحة الفساد التي أنشأها زعيم المعارضة الروسي المسجون أليكسي نافالني.
تُظهر وثائق تسجيل الأراضي أن العقارات مملوكة لشركة Sova Real Estate LLC في روسيا، والتي بحسب السجلات الرسمية التي حصلت عليها مؤسسة مكافحة الفساد، تشير إلى أنها مملوكة للسيد شوفالوف وزوجته.
وأكد متحدث باسم شوفالوف أنه تم نقل ملكية الشقق إلى شركة روسية تسيطر عليها عائلة شوفالوف في العام 2014. تتجاوز قيمة الشقق بشكل كبير مبلغ الـ 634000 جنيه إسترليني الذي صرّح شوفالوف على أنه يشكل ثروة مشتركة له ولزوجته للبرلمان الروسي في العام 2014.
وقال متحدث باسم شوفالوف لبي بي سي إن هذه القضايا كانت موضوع تدقيقات حكومية مختصة وأنه لم يتم تقديم أي شكاوى على الإطلاق.
ميخائيل غورستيرييف
- ورد اسمه على لائحة عقوبات المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
- يقال أن ابنه يملك مبنى مكاتب مركزي في لندن تم شراؤه في العام 2014 مقابل 41 مليون جنيه إسترليني.
في أغسطس 2021، وضعت المملكة المتحدة غوتسيرييف على لائحة العقوبات بسبب علاقته الوثيقة مع رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو.
غوتسيرييف هو مؤسس مجموعة Safmar وهي تكتل روسي، لم يعد غوتسيرييف متورطًا في شركة Safmar التي أصبحت الآن مملوكة جزئياً لابنه سعيد وهو مواطن بريطاني لم يخضع للعقوبات.
كشفت أوراق باندورا أن سعيد غوتسيرييف يمتلك مبنى مكاتب في مدينة لندن بملايين الجنيهات الإسترلينية تم شراؤه بأكثر من 40 مليون جنيه إسترليني من خلال شركة خارجية سرية. وقد قال ممثلو سعيد لبي بي سي إنه ليس لديه أي علاقات تجارية مع والده.
تصدّر حفل زفافه الفخم عناوين الصحف في العام 2016 وقد تخلله عروضاً لجنيفر لوبيز وإنريكي إغليسياس.
يوري سولوفييف
- ورد اسمه على لائحة عقوبات المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.
- ارتبط اسمه بثلاث شقق وسط لندن.
سولوفييف هو مسؤول تنفيذي رفيع المستوى في بنك VTB الروسي الخاضع للعقوبات وعاقبته حكومة المملكة المتحدة في 15 مارس من هذا العام.
يوري البالغ من العمر 51 عامًا يحمل الجنسية الروسية والبريطانيةـ وبحسب مسؤولي وزارة الخزانة الأمريكية فإن زوجته غالينا أوليوتينا كانت متورطة سابقًا في مخطط جواز سفر ذهبي في بلغاريا، تسمح برامج جواز السفر الذهبي لمواطني دولة ما بالحصول على الجنسية في دولة أخرى من خلال الاستثمار.
ويمتلك سولوفييف عقارين في لندن باسمه، واحد هو بنتهاوس في هامبستيد، والآخر في وستمنستر، وقد تم شراء شقة ثالثة بالقرب من قصر كينسينغتون باسم قريب مقابل 2.2 مليون جنيه إسترليني في العام 2006 وتم الكشف عنها في تسريب أوراق بنما عام 2016.
وقال متحدث باسم VTB لـBBC إن سولوفييف غادر مجموعة VTB في 24 فبراير 2022، وهو اليوم الذي شنت فيه روسيا غزوها لأوكرانيا.
أندري أكيموف
- ورد اسمه على لائحة عقوبات المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
- ارتبط اسمه بشقة في نايتسبريدج تقدّر قيمتها بحوالي 15 مليون جنيه استرليني.
عاقبت الولايات المتحدة رئيس مجلس إدارة شركة Gazprombank المملوكة للدولة أندريه أكيموف في العام 2018، وعاقبته المملكة المتحدة أيضاً الشهر الماضي.
بحسب كاثرين بيلتون في كتابها شعب بوتين، فهو عميل استخبارات سابق وأحد أهم الممولين خلف نظام فلاديمير بوتين.
خلال عملها مع الاتحاد الدولي للصحفيين شاهدت BBC أدلة في تسريب أوراق باندورا تربط أكيموف بممتلكات في لندن.
تظهر وثائق السجل العقاري أن ماريانا تشيكينا، شريكة أكيموف، تمتلك شقة في نايتسبريدج تم شراؤها مقابل 10 ملايين جنيه إسترليني من قبل شركة جزر فيرجن البريطانية (BVI) Inma Investments في العام 2012.
إن اسم تشيكينا مدرج كمالكة مشاركة لعدد من شركات أكيموف في سجلات الشركات المسربة وقد وصفتها وسائل الإعلام الروسية بأنها زوجة أكيموف.
بولينا كوفاليفا
- ورد اسمه على لائحة عقوبات المملكة المتحدة.
- تمتلك شقة فخمة في كنسنغتون تم شراؤها في العام 2016 بـ 4,4 مليون جنيه إسترليني.
بولينا كوفاليفا هي ابنة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بحسب حكومة المملكة المتحدةـ وقد تم فرض عقوبات على لافروف من قبل الحكومة البريطانية في نفس الوقت مع فلاديمير بوتين.
بعد بضعة أسابيع، في 24 مارس، عاقبت الحكومة البريطانية كوفاليفا أيضًا قائلة إنها تمتلك عقاراً في لندن بقيمة 4 ملايين جنيه إسترليني.
وتظهر وثائق السجل العقاري أن بولينا كوفاليفا اشترت شقة في كنسينغتون بدون رهن عقاري في العام 2016 عندما كانت في الحادية والعشرين من عمرها.
أركادي روتنبرغ
- ورد اسمه على لائحة عقوبات المملكة المتحدة، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
- ارتبط اسمه بقصر في سوري تقدّر قيمته بحوالي 45 مليون جنيه إسترليني وتشكل ملكيّته موضع جدل قانوني.
روتنبرغ هو أحد أقرب أصدقاء فلاديمير بوتين، فقد تنافس الإثنان في نفس صالة الجودو في سان بطرسبرج. وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات عليه عام 2014 عقب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.
كما أنه يخضع لعقوبات في المملكة المتحدة، حيث أشارت الحكومة إلى علاقاته الشخصية الوثيقة بالرئيس بوتين، وأُضيف شقيقه بوريس وابنه إيغور إلى قائمة العقوبات الشهر الماضي.
في يوليو 2020 اتهم تحقيق أجراه مجلس الشيوخ الأمريكي الأخوين روتنبرغ باستخدام مشتريات سرية من أعمال فنية باهظة الثمن للتهرب من العقوبات. فقد تم شراء Upper Ribsden في قرية Windlesham في العام 2012 مقابل 27.5 مليون جنيه إسترليني من قبل شركة Ravendark Holdings Limited ، وهي شركة مسجلة في جزر فيرجن البريطانية، وقد تلقت قرضاً يزيد عن 30 مليون جنيه إسترليني من شركة أخرى في جزر فيرجن البريطانية قيل إنها مملوكة للسيد روتنبرغ.
في تشرين الثاني 2021 حكم قاضٍ بالمحكمة العليا بأن المنزل احتُجز على سبيل الثقة لصالح روتنبرغ من قبل رافيندارك، تم استئناف ذلك ولم يتم الفصل في القضية بعد.
توضح الصعوبة التي يواجهها كبار القضاة والمحامين في تحديد من يملك قصراً في المملكة المتحدة مدى صعوبة تتبع أصول القلة الخاضعين للعقوبات.
48 قضية غسيل أموال وفساد روسية
تلتزم الحكومة البريطانية الآن بتقديم تشريع من شأنه الكشف عن المالكين الحقيقيين للشركات السرية التي تمتلك ممتلكات في المملكة المتحدة وإعطاء صلاحيات أكبر لشركة Companies House لمنع إساءة استخدام الشركات البريطانية. كذلك تلفت منظمة الشفافية الدولية إلى أنه يتعين على بريطانيا أن تفعل كل ما في وسعها لضمان أن أقاليم ما وراء البحار البريطانية قادرة على فتح سجلات شركاتها للتدقيق العام هذا العام، إذ تُستخدم الشركات المسجلة في المملكة المتحدة وأقاليم ما وراء البحار التابعة لبريطانيا لإخفاء تدفق الأموال غير المشروعة في جميع أنحاء العالم. وقد حددت المنظمة في المملكة المتحدة 2189 من هذه الكيانات المستخدمة في 48 قضية غسيل أموال وفساد روسية. تضمنت هذه القضايا أكثر من 82 مليار جنيه إسترليني من الأموال التي تم تحويلها عن طريق المشتريات المزورة والرشوة والاختلاس والاستحواذ غير القانوني على أصول الدولة.
أمام كلّ ذلك، بدأت أولى الإحتجاجات تتصاعد في لندن مع بدء الحرب، فالناس يريدون معرفة المزيد من المعلومات عن المال الروسي ولديهم مطالب واضحة من الحكومة. وقد انضمّ الأوكرانيون الموجودون في لندن إلى تلك الإحتجاجات، ناتاليا هي واحدة منهم، تقول إنها تشارك في تلك الإحتجاجات كي تدعم أوكرانيا “عائلتي موجودة حاليًا في خاركيف تلك المدينة التي يتم قصفها الآن بينما أتحدث معكم، لدي عائلة ولدي أصدقاء في جميع أنحاء أوكرانيا وأنا هنا لدعمهم لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله الآن، فأنا لا أستطيع أن أكون هناك معهم”.
نيكيتا، وهو أوكراني آخر مشارك في تلك الإحتجاجات، له رأي من موضوع فرض العقوبات فبرأيه “لا ينبغي التسرّع في فرض العقوبات، فإذا استعجلنا قد يتضمن ذلك أخطاء ولا يُسمح لنا بارتكاب الأخطاء. لكن حتى الآن، يعدّ عزل العديد من الحكومات أو المصارف الروسية عن نظام الدفع السريع أمرًا جيدًا للغاية، وكذلك إغلاق المجال الجوي للدول الأوروبية بما في ذلك بريطانيا رغم أنها لم تعد جزءًا من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الدول المحايدة مثل أيرلندا، فإن ذلك سيشل الاقتصاد الروسي وسنتأكد من أن بوتين ليس لديه المال لشن المزيد من الحروب”.
غزو المال الروسي لبريطانيا
تعتبر ساحة Eaton Square من أغلى الساحات في بريطانيا، حيث من الطبيعي رؤية السيارات الفاخرة مركونة أمام المنازل الباهظة الثمن، ومن الطبيعي سماع أصداء من اللغة الروسية في أرجاء تلك الساحة.
تقول الصحافية جاين وايت نقلاً عن وكلاء العقارات إن “هذا المكان هو أغلى قطعة من العقارات في إنجلترا وويلز بأكملها. تخبرنا منظمة الشفافية الدولية، المجموعة الناشطة، أن أصحاب هذه الواجهات المجهولة مجهولون حقًا، لكن أبحاثهم كشفت أن الغالبية العظمى منهم هم من الروس أو من أوليغارشيي ما بعد السوفياتية. ماذا يعني ذلك بالنسبة للعقوبات ضد روسيا؟ من السهل تجميد حساب مصرفي، من السهل إخراج روسيا من النظام المصرفي الدولي السريع، إنه من الصعب جدًا جدًا البدء في إخراج الناس من منازلهم، خاصة من نوع المنازل التي نراها هنا في ميدان إيتون، حيث تم الإعلان مؤخرًا عن مجرد شقة للبيع في هذا المبنى بسعر 9 ملايين جنيه، ويبلغ متوسط سعر المنزل هنا في ميدان إيتون ما يقارب من 17 مليون جنيه، لذلك عندما نفكر في الثروة والأصول الروسية في المملكة المتحدة لا يكفي التفكير في العقوبات المالية، يجب أن نفكر في الملكية، اكتشاف الملكية والتأكد من أن الروس لا يتلاعبون بسوق الإسكان وأسعار العقارات على حساب الشعب البريطاني”.
في حصيلة من جميع البلدان وجدنا ما قيمته 6 مليارات و7 مليارات جنيه إسترليني من ممتلكات المملكة المتحدة تم شراؤها بثروة فاسدة وإجرامية، ونعتقد أن 51 مليار منها مملوكة لأفراد روس متهمين بالفساد
راشيل ديفيس
مسؤولة منظمة الشفافية الدولية
لدى مسؤولة منظمة الشفافية الدولية راشيل ديفيس ثيكا أرقاماً مثيرة حول المال الروسي في بريطانيا، فقد عملت ثيكا لسنوات في البحث عن مصادر المال الروسي التي تنتشر في بريطانيا وهي تطالب من خلال منظمة الشفافية بقانون ضدّ غسيل الأموال.
وأوضحت “أننا كنا نبحث في قطاع العقارات في المملكة المتحدة منذ العام 2016 ونجمع المعلومات عن العقارات التي نعتقد أنه تم شراؤها بثروة مشبوهة، في حصيلة من جميع البلدان وجدنا ما قيمته 6 مليارات و7 مليارات جنيه إسترليني من ممتلكات المملكة المتحدة تم شراؤها بثروة فاسدة وإجرامية، ونعتقد أن 51 مليار منها مملوكة لأفراد روس متهمين بالفساد أو لديهم علاقات وثيقة مع الكرملين”.
وأضافت “لقد وصل مشروع قانون الجرائم الإقتصادية إلى البرلمان هذا الأسبوع، ونعتقد أن ذلك خطوة مهمة إلى الأمام، إنها موضع ترحيب كبير فهي تحتوي على إجراءات كنا نقوم بحملات لأجلها منذ أعوام. ثمّة بعض الثغرات في التشريع التي نعتقد أنه يجب معالجتها، ولكن بشكل عام أعتقد أن هذا تطور إيجابي”.
ولفتت بحسب الأبحاث التي قاموا بها إلى أنه “من السهل للغاية إدخال أموال فاسدة وإجرامية إلى المملكة المتحدة، إنها لعبة أطفال في الأساس. فلننظر إلى العقارات كمثال، إذا كنتم ترغبون في شراء عقار في المملكة المتحدة دون الكشف عن هويتكم، أو دون أن يعرف أي شخص من أنتم أو من أين أتيتم بثروتكم، كل ما عليكم فعله هو فتح شركة بحيث لا يتعين عليكم التصريح علنًا بمن يمتلك تلك الشركة حقًا، ثم تستخدمون هذه الشركة لشراء عقار في المملكة المتحدة، وعندما تفعلون ذلك ما عليكم سوى إخبار السجل العقاري باسم الشركة، فلا داعي لمنحهم اسمكم على الإطلاق. لذلك حتى القانون هنا في المملكة المتحدة لا يعلم من يمتلك الكثير من المنازل في بريطانيا. ونقدّر أن نحو 84 ألف منزلاً في جميع أنحاء بريطانيا مملوكة بشكل مجهول بهذه الطريقة”.
لتقصي المزيد من المعلومات عن تلك المعطيات، قامت “أخبار الآن” بالاتصال بعدة رؤوس أعمال روس من المستثمرين في لندن، وأغلب من تم التواصل معهم لم يجيبوا على الاتصال، أما من أجابوا فقد رفضوا التحدث أو اللقاء.
تأثير المال الروسي في السياسة البريطانية
مع رفض أو تهرّب رجال الأعمال الروس من الحديث في موضوع رؤوس الأموال الروسية كان هناك رأي للمعارض والناشط الروسي أندريس سكاديلوف الذي حصل على اللجوء السياسي في بريطانيا منذ سنوات وذلك لأنه نظم العديد من التظاهرات السياسية ضدّ بوتين، وهو حالياً ينظم تحركات ضدّ روسيا قرب السفارة الروسية في بريطانيا.
يقول سكاديلوف “أنا لا أفكر بالمخاطر التي أتعرّض لها لأنني أفعل ذلك طوال حياتي، لهذا السبب إنها مخاطرة بالنسبة للناس لأن السفارة الروسية تصوّر بالطبع كل من يأتي إلى السفارة الروسية. لكن يمكنني القول إنه عندما ذهبت إلى تظاهرات مختلفة في لندن، لأنه كل يوم هناك تجمّع لدعم أوكرانيا، ألتقي بأشخاص مختلفين من جميع أنحاء الاتحاد السوفياتي السابق من تلك الجمهوريات، لكن بالنسبة للروس فإنهم يأتون كقلة قليلة من الناس للمشاركة في هذه التظاهرات، للمساعدة والاحتجاج لذلك فهم الآن خائفون بالطبع. لكن معظمهم يخافون على أموالهم لأن معظمهم لديهم قضايا جنائية ولديهم أموال جنائية وهم يخشون ذلك، إنهم يخشون بأي حال من الأحوال إرسال الأموال إلى أقاربهم في روسيا، يجب أن يفكروا في الأمر قبل أن يحين الوقت لإيقافهم جميعًا. إنهم يحاولون أخذ أموالهم وإرسالها من أسمائهم. الآن أنا أبحث عن هؤلاء الأشخاص الذين يحاولون تغيير رأيهم، لكنهم لم يفعلوا، لا يمكنهم التغيير لأنهم جميعًا من أنصار الفاشية في روسيا. لقد خلقوا هذا النظام، إنهم ينتجونه ولديهم أموال دموية”.
لكن لماذا يأتي كل هذا المال الروسي إلى بريطانيا؟ وهل يؤثر في صناعة السياسة المحليّة؟
يرحّب مدير مركز السياسة الخارجية آدم هوغ بـ”الإجراءات التي يتم اتخاذها اليوم وأعتقد أنها تأخرت كثيرًا، وأعتقد أننا شخصياً كنا ندعو إلى اتخاذ إجراءات بشأن هذا الأمر لعدد من السنوات، وكانت إحدى الإخفاقات الكبيرة للمراجعة المتكاملة للمملكة المتحدة مؤخرًا هي عدم التركيز على معالجة الفساد الإقتصادي الذي يتركز في لندن كتهديد إستراتيجي وقضية تقوّض حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. لذلك نحن سعداء للغاية لأنه تم اتخاذ إجراء بشأن هذا أخيرًا بعد أعوام من التأخير”.
وأضاف “من الأمور ذات الصلة بشكل خاص سجل الملكية لسوق العقارات في لندن ومع سوق العقارات في المملكة المتحدة، وهو أمر أساسي تمامًا للكشف عن الأماكن التي استثمرت فيها أصول القلة من جميع أنحاء العالم أموالهم في المملكة المتحدة. إن ذلك مرحب به جدًا وأتمنى حقًا ألا يستغرق الأمر وقتاً للحصول عليه. نعم، من الواضح أن غزو أوكرانيا كان بمثابة صدمة هائلة للنظام الدولي، ونشهد أخيرًا أنه بعد بعض التحفظ الأولي بدأ الغرب في التحرك بسرعة فيما يتعلق باتخاذ إجراءات إقتصادية حاسمة، ويمكن أن نرى نوعاً من استجابة الطبقة الوسطى في الأيام الأولى للأزمة، نعم، بعض الإجراءات الجوهرية التي سيكون لها تأثير حقيقي ليس فقط على النخبة الروسية ولكن أيضًا على الاقتصاد الأوسع مع مجموعة من التأثيرات المختلفة التي سنراها. لكن من الجيد أن تتم أخيرًا معالجة حكم القلة الذين استأثروا بالحريات في المملكة المتحدة وأماكن أخرى لفترة طويلة جدًا”.
الإجراءات الحكومية ضدّ المال الروسي
أمام كل تلك المعطيات يبدو من المثير للاهتمام الاستماع إلى رأي السلطات في هذا الموضوع وكيف يتعاملون مع الغزو المالي الروسي؟ وإذا ما كان لديهم من خطة لملاحقة تلك الأموال الملطخة بالدماء؟.
كتبت “أخبار الآن” إلى وزارة المالية عدة مرات لأنها متخصصة بملاحقة الأموال القذرة وغسيل الأموال. ولأن السلطات رفضت لقاءنا كان الحل بالاتجاه إلى أعضاء المعارضة الذين يشاركون في صنع القرار ويراقبون عمل السلطة من داخل البرلمان. فهل لدى المعارضة مطالب واضحة من السلطة ضدّ المال الروسي الذي يغزو بريطانيا؟.
يعتقد عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني غراهام سترينغة “أن العقوبات الأولى ضعيفة للغاية وليست كافية. في نهاية الأسبوع الماضي يوم الخميس، شددت الحكومة العقوبات لكنني لا أعتقد أنها وصلت إلى حد قوة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي. ليس من الواضح بالنسبة لي لماذا يجب معاقبة بعض المصارف وعدم معاقبة البعض الآخر؟ أو لماذا عاقبت الولايات المتحدة 200 من أصحاب المليارات الروس لكنها لم تفرض عقوبات على آخرين؟ لذلك أعتقد أن لدينا بعض الإجراءات التي يجب اتخاذها. حسنًا، أودّ أن أرى روسيا متضررة اقتصاديًا بقدر الإمكان، أعتقد أننا يجب أن نركز حقًا على وقف بيعهم عروض البضائع الاستراتيجية للطائرات التي تجعل الطائرات تطير وأجزاء أخرى مرتبطة بالإقتصاد هناك التي لا يصنعونها بأنفسهم، بالإضافة إلى تقليص القدرة على الدخول في النظام المالي الدولي. لذلك أعتقد أننا يجب أن نتشدد قدر الإمكان في العقوبات، لقد قمنا بتضييق الخناق على الروس ليس بالسرعة الكافية على ما أعتقد ولكن يجب علينا التشديد أكثر قليلاً”.
بدوره يشير المدير في المعهد الملكي للشؤون الدوليّة تشاتام هاوس جيمس نيكسي بأنه يعتقد أنه “سيكون من الإهمال عدم أخذ الأمر على محمل الجد. لقد ألصق بوتين نفسه في زاوية، لكنه فعل ذلك وهو يحمل زراً نووياً، ولديه أنواع مختلفة تحت إمرته يمكن أن تصل إلى نيويورك، لكن تلك هي ذات العائد المنخفض ويمكن أن يكون لها نصف قطر منخفض أو صغير نسبيًا، لكن مع ذلك لا أقترح أنها ليست مروعة. إذاً لديه خيارات في هذا الصدد وإذا كان سينتهج هذه الخيارات يجب أن يعرف أن هذه الخيارات النووية هي نووية بالمعنى المجازي وكذلك بالمعنى الحرفي، لأنه بعد ذلك سيكون من المستحيل التنبؤ بما سيكون عليه الرد الغربي. هل ينبغي أن يكون هناك ولو ضربة نووية منخفضة القوة على أوكرانيا ناهيك عن أي مكان آخر؟ إن الغرب يائس مرة أخرى، هو يائس بشكل مفهوم هو لا يريد الإنجرار إلى حرب ناهيك عن حرب نووية ولكن في نفس الوقت يدرك جيدًا أن هذا هو ابتزاز نووي”.
وأضاف “ليست هذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها ذلك من الروس، لقد قال الروس ذلك في الماضي لكن العالم بدون روسيا لم يعد عالمًا مفيدًا بعد الآن. لقد تحدث مقدّمو نشرات التلفزيون عن حرق الولايات المتحدة منذ أعوام، لذلك كما تعلمون نحن معتادون جيدًا على هذه الأنواع من الأحاديث النووية الفضفاضة، لكن الأمر مخيف أكثر الآن إذ هناك أكبر غزو بري لدولة أوروبية منذ 1939 – 1945. لذلك يجب أن نأخذ الأمر بجدية ولكن ليس الأمر كمثل الخضوع تمامًا له، لأنه من الواضح أن الحل لذلك لا يمكن أن يكون بالنسبة لنا أن نقول حسنًا أنت على حق تمامًا، لقد حصلت علينا حيث تريدنا لأن ذلك في حد ذاته سيؤدي بوضوح إلى المزيد من الهزيمة ومن الصعب للغاية تقييم تداعيات ذلك على أوروبا بصراحة تماماً كصعوبة الضربة النووية منخفضة القوة. لذلك أعتقد أن العنصر النووي إن لم يكن عنصرًا جديدًا في اللعبة فهو شيء يدفع صانعي السياسة الغربيين وربما بعض الروس أيضًا إلى التفكير في مدى صعوبة استجابتهم. إذاً إن فلاديمير بوتين ليس يائسًا لدرجة تجنب الهزيمة وعار الهزيمة بالجنون في النهاية. لذلك لم نعد في كانساس، ونكافح فقط لضمان خسارة فلاديمير بوتين لهذه الحرب ولكن ليس بتلك التكلفة المروعة، وكل واحد منا في مواقف صعبة للغاية”.
كمد شدّد على أنه “لا يبدو أن هناك استراتيجية للخروج كما لا يبدو أن الدبلوماسية يمكن أن تحل هذا الأمر، قد تساعد الدبلوماسية في أنها يمكن أن تؤخر ويمكن أن تزيل الضغط في بعض الأماكن، ولكن لسوء الحظ بسبب استعداد الأوكرانيين للوقوف والقتال، فهم غير مستعدين للتنازل عن سلامتهم الإقليمية وسيادتهم في طموحهم ولا يمكن لروسيا التراجع أيضًا لأن هذا سيكون قاتلًا من الناحية السياسية. يؤسفني أن أقول ذلك لكن الدبلوماسية ليست في الواقع المخرج فهي لن تنجح. نحن الآن ضمن الخيار العسكري لأن هناك حرب قائمة، أنا لا أقترح على الجانبين عدم التحدث أنا فقط أقول إن الدبلوماسية لن تحل المشكلة لأنها ليست في الحقيقة ضمن هدية الغرب. أتفهم أن ماكرون وشولتز مارسا الضغط ربما على زيلينسكي كما حصل في وقت السلم في الماضي لتقديم التنازلات، لكن لم أسمع من معارفي الأوكرانيين بأنهم سيستسلمون أو يتراجعون أو يتنازلون، أعتقد أنهم يقولون إنهم على استعداد للوقوف والموت”.
ويزداد الحل الدبلوماسي تعقيداً بحسب سيدلنيكوف وذلك لأن “المشكلة هي أن بوتين ليس بصحة جيدة الآن، فهو مريض عقليًا، والعالم كله يجلس حالياً على قنابل ذرية لأن هذا النوع من الأشخاص مثل بوتين ومحيطه يمكنهم فعل كل شيء، يمكنهم الضغط على الزر. يجب أن نرى الأمور كما هي عليه، وعلى العالم أن يمنعه ويمنع من حوله”.
المال الروسي في بريطانيا أداة حرب؟!
قد لا يكون وجود هذا الكم الهائل من المال الروسي في بريطانيا محض صدفة، وهو ربما ليس فقط كما نعتقد تبييض أموال، إنما هو آداة حرب قد تستخدم في أي لحظة. نجح وينستون تشرشل بالفوز في الحرب العالمية الثانية، فهل ينجح بوريس جونسون بحربه الاقتصادية ضدّ المال الروسي الذي نهش سوق العقارات البريطاني؟.
يأمل هوغ “أن تُحدث الأحداث الأخيرة تغييرًا جوهريًا في الطريقة التي تنظر بها المؤسسات الثقافية والمجتمع البريطاني الأوسع عمومًا إلى مصادر كل التمويل وليس الروسي فقط، لفهم الآثار المحتملة لمصادر التمويل هذه على حقوق الإنسان. وهذا يحتاج إلى تحسين الشفافية للتأكد من أن الناس منفتحون بشأن مصدر هذه الأموال. ولكي نكون واضحين للغاية، فإن العمل مع الأنظمة الاستبدادية والأنظمة الاستبدادية الصريحة له تأثيرات عالمية حقيقية من حيث تأثيرها في البلدان التي ينتمون إليها، ولا ينبغي استخدام المملكة المتحدة لغسل سمعتها على مستوى العالم. إذاً آمل أن تكتسب هذه المشكلة زخمًا الآن. لقد كنت أناشد لعدد من السنوات على المستوى الأكاديمي والثقافي، وأعتقد أننا نأمل أن نرى بعض التغيير خلال الأسابيع والأشهر القادمة”.
بدوره يقول سنرينغة إنه بالنسبة لـ “أصحاب المليارديرات الذين وضعهم الأمريكيون في القائمة … إذا نظرت على سبيل المثال إلى مالك نادي تشيلسي لكرة القدم فقد تم توثيق أمواله جيدًا والتي تمت سرقتها من الناس في المنطقة الشرقية لأوروبا وقد ساعدت تلك الأموال في الأساس بانتخاب يلتسين ثم ساعدت في إعادة انتخاب الرئيس الحالي لروسيا. إذاً تلك الروابط موجودة، لن يكون في استطاعتي إخباركم عن المئتين جميعهم، لكنه قد يكون المستثمر الروسي الأبرز في هذا البلد ويمكن رؤية أمواله القذرة تتحرك على وجه الدقة. لقد انتقل للحديث عن أنه يدير مؤسسة خيرية ولا يزال يمتلك المال يبدو أنها جهاز لإيقاف مصادرة تلك الأموال والموارد. بالنسبة لي، لا يبدو أنها طريقة اللحظة الأخيرة لتجنب أي عقوبات ضده، ولست متأكدًا من أن مفوضية المؤسسات الخيرية ستوافق على ما حدث. ليس من الواضح أن ذلك يأتي في إطار معنى الصدقة في هذا البلد والذي عادة ما يكون حول التخفيف من حدة الفقر وتعليم الناس”.
ويشير نيكسي إلى أن “المنظمات مثل غرفة التجارة البريطانية الاحتياطية لم يعد لها أي معنى بعد الآن فهي لم تعد صالحة. سيكون لديك دائمًا قطاع الشركات هذا بشكل عام والذي يعتمد على تدفق دخل معين من روسيا. هذا هو سبب وجودهم بالكامل، إنه في حمضهم النووي. سيرغبون دائمًا في القيام بذلك على الرغم من أنه يرى انسحابًا بالعشرات في الوقت الحالي والواحد يشجع الآخر، لكنني أعتقد أن هذا لن يختفي أبدًا ستكون روسيا دائمًا بلدًا يبلغ تعداد سكانه 150 مليون نسمة، ويفترض المرء أنه ما لم يكن هناك شكل من أشكال الانقسام اللانهائي بعد هذه الحرب الرهيبة، فهي ستكون دائمًا سوقًا للسلع الأساسية والسلع الكمالية. وبالمناسبة طبعاً لا أحد يتحدث عن أخذ السلع الأساسية الآن، لن يتحدث أي شخص في عقله الصحيح عن منع المواد الغذائية والأدوية من دخول روسيا سيكون ذلك جنونًا. السلع الكمالية هي أمر مختلف تمامًا. بدأت شركات الترفيه الآن وشركات التكنولوجيا في التفكير في أن هذا في الواقع كما أقول شديد السمية للغاية وقاتل للغاية بالنسبة لهم، وهم ينسحبون مدركين أنه في الواقع هذا القليل الإضافي على الهامش، لأن روسيا بالنسبة لبعضهم لم تكن تعتمد أبدًا على الشركة بالطبع ولكن بالنسبة لبعض هذه الشركات لم تكن روسيا سوقًا ضخمة على الإطلاق ولن تحدث فجوة كبيرة في أرباحها النهائية. لكن بالنسبة للآخرين بالطبع سوف يعانون أكثر بكثير وهذه ضربة كبيرة للبعض. يعتمد الأمر فقط على قطاع مقابل قطاع ومن شركة مقابل شركة”.
هل تنفع العقوبات ضدّ روسيا؟
بات من غير الواضح إلى أي مدى قد تكون العقوبات ضدّ روسيا مفيدة أو لها تأثير، فالمال الروسي ليس فقط في مجال العقارات إنما متشعب في كل مجالات الحياة الثقافية والرياضية وغيرها في بريطانيا. فكيف تؤثر العقوبات على روسيا في سياق الحرب ضد أوكرانيا؟.
يثني نيكسي على السؤال ويقول: “لأننا الآن نفرض عقوبات على روسيا لمدة 6 أو 7 أو 8 سنوات، ثم مرة أخرى لا أحد في عقله الصحيح يريد أن يؤذي ربة منزل واحدة في فيرونيا لا يمكنها شراء غسالة أطباق تحتاجها لإطعام أسرتها المكونة من خمسة أفراد أو أي شيء آخر، أعني أن هذه ليست النية أبدًا والعقوبات حاولت ألا تؤذي هؤلاء الأشخاص الذين لا يمكنك إيذاءهم هذه الأيام. وأفترض، إذا كنت صادقًا معكم فهذا ما لم أفهمه أبدًا وهو ذكاء العقوبة، وكلما استهدفت العقوبة مجتمع الأوليغارشية ونخبة بوتين ودوائره الداخلية والخارجية فإن ذلك من شأنه أن يضرّ متوسطي الحال الروس بشكل أقل. لذلك أنا لا أفهم حقًا أو على الأقل لم أفهم أبدًا حتى الآن فكرة أنه يجب عليك قلب البطانية، واستهداف روسيا وشل الأشخاص الذين من الواضح أنه لا ينبغي أن يكونوا معوقين لأنهم مثلي ومثلك. إذاً أفهم أن الأمر مختلف قليلاً الآن لأنني أعتقد أن هناك حجة أكثر دقة الآن حيث يمكن للناس أن يبدأوا في الفهم. لكن إذا كنت كذلك، إذا كنت تحجب هاتفًا ذكيًا أو سلسلة من البرامج التلفزيونية فإن ذلك سيقود الناس إلى التساؤل عن السبب. وبينما بالطبع هناك قسم مغسول الدماغ من الجمهور الروسي يستمع فقط للقناة الأولى حيث يتلقون الدعاية فقط منهم، أعتقد أن الكثير من الروس لا يزال لديهم إمكانية الوصول إلى بعض العناصر المجانية من وسائل الإعلام عبر الإنترنت، لا يزال لديهم إمكانية الوصول إلى أصدقائهم ربما في أوكرانيا”.
أصبح من الواضح أن المال الروسي في بريطانيا بات يشكل جزءاً أساسياً من الاقتصاد البريطاني ويلعب دوراً مهماً ليس فقط من أجل رؤوس الأموال ولكن أيضاً من أجل المجتمع البريطاني، وهذا يعني أن العقوبات سوف تمسّ أيضاً الشعب البريطاني. ربما نجح المال الروسي بالوصول إلى غايته، لكن هل ينجح بوريس جونسون بإنقاذ بريطانيا منه؟