الوضع الإنساني في ماريوبول في تأزم متصاعد
تستمرّ الحرب في أوكرانيا سالكة مسارها المدمّر للبشر والحجر، فيما يقوم الجيش الأوكراني بإجلاء جميع قوّاته من ماريوبول منهياً بذلك أطول معركة دمويّة في الحرب تاركاً للروس محاصرة المدينة، ومع ذلك فقد تسبب القتال العنيف في أوكرانيا وما زال بمعاناة إنسانية هائلة على مستوى المدنيين وخصوصاً بين الأطفال والنساء. فكيف هو عليه الوضع الإنساني اليوم في ماريوبول؟.
يؤكد مستشار عمدة ماريوبول بترو أندريوشينكو أن “الوضع فظيع للغاية في ماريوبول حالياً لأن شعبنا كله يغادر عبر الحدود بسبب الكارثة الإنسانية. مياه الشرب مفقودة في المدينة لدينا فقط مياه للاستعمال وثمة ما نحصل عليه من قوات الاحتلال من المياه ولكنه ليس كافياً لجميع الناس. ولدينا وضع سيء للغاية فيما يتعلق بالطعام لأن الناس يمكنهم الحصول على السلع الإنسانية فقط من القوات الروسية ويشكّل ذلك جزءاً صغيراً جدًا بالنسبة للجميع”.
وأضاف “نحن في وضع محزن جدًا حقًا لأنه يتم إخبارنا الآن عن بعض الأوبئة التي لا أعرف ما إذا كانت الكوليرا أو أي وباء آخر معدي للناس ونعتقد أنه قبل العام الجديد يمكن أن نفقد أكثر من 10000 شخص في ماريوبول بسبب هذا الوضع الإنساني الرهيب. لذلك لا بدّ من إنقاذ ميناء ماريوبول، فهم يحاولون استخدام ميناءنا مثل قاعدة حربيّة ويريدون الاستيلاء على كل إنتاجنا المعدني والذي تبلغ تكلفته اليوم أكثر من 100000 مليار دولار. يحاولون نقل المعادن عبر السفن لكن ذلك يتعذر عليهم بسبب أعطال الكهرباء، لذلك يحاولون الآن إصلاح السكك الحديدية ونعتقد أنهم يحاولون نقل إنتاجنا من المعادن عبر البر عن طريق استخدام القطارات، لكن الأمر صعب للغاية بالنسبة إليهم، فقد يستغرق الأمر أكثر من شهر واحد لذلك نحاول الآن توفير الحماية للميناء”.
المزيد من الأسلحة!
يتوقف أندريوشينكو عند بعض الأرقام اللافتة على مستوى الوضع في أوكرانيا، وبحسب قوله “إن قواتنا الأوكرانية دمّرت أكثر من ثلاثة آلاف ونصف جندي روسي في ماريوبول، ويشكل هذا الرقم ضعف الجنود الذين حاولوا مهاجمة ماريوبول منذ أن بدأت الحرب”.
وفيما لا يملك أندريوشينكو رقماً محدداً لعدد الجرحى إذ يصعب بحسب قوله إحصاءهم يشير إلى أنه تمّ “قتل العديد من الأشخاص بسبب الصواريخ والقنابل الروسيّة ليبلغ عدد القتلى ما يقارب الـ 22000 شخصاً”.
أمّا على مستوى الدمار الذي لحق بالمدينة قال: “لقد دُمّرت مدينتنا تمامًا تبدو أشبه بالكولوسيوم في روما الآن، أقول ذلك لنفهم أن أكثر من 18٪ من المباني قد دُمّرت تمامًا، فيما تمّ تدمير 16٪ من بنيتنا التحتية”.
وقد طالب أندريوشينكو بـ”المزيد من الأسلحة، فأولاً وقبل كل شيء إذا ما تحدثنا عن أوكرانيا وعن الحصار واحتلال ماريوبول فنحن بحاجة إلى المزيد من الأسلحة لأننا على يقين أن أي مفاوضات من الممكن أن تساعد في دفع روسيا إلى رفع الحصار أو إخلاء ماريوبول إلى جزء من أوكرانيا. إنها قصة حزينة للغاية ولكن لدينا حرب ونبذل الدماء من أجل هذه الحرب. أما الأمر الثاني الذي نحتاجه فهو بعض العمل الموحد للمساعدة في إجلاء جميع الأشخاص الموجودون في ماريوبول، إنه لأمر محزن للغاية فقد ألغى الروس عمليات الإخلاء وأخّروا كل النقاط المرتبطة برحلات الإجلاء لكننا بحاجة لمساعدة شعبنا لذلك نحتاج إلى إجلائه إلى مناطق أخرى ضمن أوكرانيا”.
أما إذا كان الروس قد ارتكبوا جرائم حرب في ماريوبول تماماً كما حصل في بوشا قال: “إن الوضع في مدينتنا يشكل جريمة حرب كبيرة اقترفتها روسيا، ليس لدينا الكثير من الوقائع لكن وضعنا مماثل لوضع بوشا إذا ما تحدثنا عن الإغتصاب أو قتل المدنيين، بعد الاحتلال بات لدينا وضع مختلف، لقد قتلوا كل شعبنا منذ بداية الحرب بالسلاح الذي حظره المجتمع الدولي”.
وعما إذا كانت جماعة الفاغنر تقاتل في ماريوبول قال: “لست أعلم، ما أعرفه أن بعض عناصر الفاغنر يأتون إلى ماريوبول وأعتقد في الدراسة النهائية للهجوم على ماريوبول يؤكد قاديروف ذلك لكننا لا نفهم كم عددهم وليس لدينا بالفعل معلومات تم التحقق منها حول ذلك”. وإذا كان لديه من دليل بأنهم يقاتلون ف يماريوبول أجاب بـ”نعم”.
ولفت أندريوشينكو إلى أن الروس “قاموا أولاً بإجلاء شعبنا من ماريوبول إلى روسيا حيث يتم استغلالهم بما يشبه استعبادهم كيد عاملة رخيصة. يقومون أولاً بإجلاء الناس من ماريوبول المنهكة اقتصاديًا وديموغرافيًا إلى مناطق في روسيا، وبعد ذلك يفرضون عليهم العيش في بعض المناطق التي يحددونها والعمل في وظائف يحددونها هم أيضاً ولا يمكن للأشخاص بعد ذلك تغيير أي شيء في هذا الواقع. أعتقد أن ذلك أشبه بعبيد القرن الحادي والعشرين في الواقع فقد استخدم النازيون في منتصف القرن الماضي الطريقة نفسها”.
إذاً هذا هو الوضع في ماريوبول، قتل واغتصاب وانعدام لأدنى مقومات الحياة من غذاء وماء، وصولاً إلى استغلال واستعباد من كتبت له النجاة والإجلاء من المدينة. فحتى متى يستمر هذا القهر الإنساني غير المبرر في أوكرانيا؟.