الوكالة الذرية: تصرفات إيران تشكل تحدياً كبيراً لقدرتنا على مواصلة العمل

  • ندّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، بقرار إيران “إغلاق 27 كاميرا” لمراقبة أنشطتها النووية
  • غروسي: هذا الإجراء يشكّل “تحديا كبيرا لقدرتنا على مواصلة العمل هناك”
  • أعربت واشنطن عن قلقها من “استفزازات” طهران، وحذرت على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن من “أزمة نووية متفاقمة”

 

محذّرةً من “ضربة قاضية” للمحادثات حول هذا الملف الشائك إذا استمر التعطيل، ندّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، بقرار إيران “إغلاق 27 كاميرا” لمراقبة أنشطتها النووية.

وقال المدير العام للوكالة رافايل غروسي خلال مؤتمر صحافي في مقر المنظمة في فيينا إنّ هذا الإجراء يشكّل “تحديا كبيرا لقدرتنا على مواصلة العمل هناك”.

كانت إيران أعلنت الأربعاء وقف العمل بكاميرتَين على الأقل تابعتَين للوكالة الذرية هدفهما مراقبة نشاطاتها النووية، بعد تبني مجلس محافظي الوكالة قرارا ينتقد عدم تعاونها.

استفزازات

وقالت الخارجية الإيرانية في بيان إن “ايران تستهجن المصادقة على مشروع القرار المقترح من جانب أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في اجتماع، لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وتعتبر ذلك “إجراءً سياسيا خاطئا وغير بناء”.

وهذه الانتقادات الأولى التي تُوَجّه لـ إيران منذ حزيران/يونيو 2020، ووافق عليها الأربعاء ثلاثون من أعضاء مجلس حكام الوكالة ولم تُصوّت ضدها سوى روسيا والصين، مع امتناع ثلاثة بلدان هي الهند وباكستان وليبيا.

وجاء القرار بعدما عبرت الوكالة الذرية التي تتخذ فيينا مقرا، عن قلقها حيال آثار يورانيوم مخصب عثر عليها سابقا في ثلاثة مواقع لم تعلن طهران وجود أنشطة نووية فيها.

وأعربت واشنطن عن قلقها من “استفزازات” طهران، وحذرت على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن من “أزمة نووية متفاقمة” و”زيادة العزلة الاقتصادية والسياسية لإيران”.

وأضافت الخارجية الإيرانية في بيانها أن “المصادقة على القرار المذكور الذي جاء بناء على تقرير متسرّع وغير متوازن للمدير العام للوكالة ومعلومات كاذبة ومفبركة من قبل إسرائيل لا نتيجة لها سوى إضعاف مسيرة تعاون وتعامل  إيران مع الوكالة”.

وإضافة إلى تعطيل الكاميرات، أبلغت إيران الوكالة بأنها اتّخذت خطوات أخرى من ضمنها نصب جهازي طرد مركزيين في موقع نطنز، بما يعزز بشكل كبير قدرتها على تخصيب اليورانيوم.

وانتقد الناطق باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده القرار. وكتب على تويتر أنّ لدى ايران “البرنامج النووي السلمي الأكثر شفافيةً في العالم”.

وتابع “المبادرون مسؤولون عن العواقب. رد إيران حازم ومتناسب”.

وأوضح غروسي أن الوكالة الذرية المكلفة التثبت من الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني، قادرة على مواصلة عمليات المراقبة والتفتيش ولديها أدوات أخرى لفعل ذلك، لكنّ قرار طهران يؤدي إلى “شفافية أقل وشكوك أكبر”.

ودعت برلين ولندن وباريس الخميس في بيان مشترك طهران إلى “إنهاء التصعيد النووي” و”القبول الآن بشكل عاجل بالتسوية المطروحة على الطاولة” منذ آذار/مارس لإحياء اتفاق 2015 الذي يُفترض أن يمنع إيران من صنع قنبلة ذرية.

وقالت الدول الثلاث في البيان الذي نشرته الخارجية الألمانية إنه في ما يتعلق بالتسوية المطروحة على الطاولة منذ آذار/مارس “نأسف لأن إيران لم تنتهز بعد هذه الفرصة الدبلوماسية” و”ندعو إيران إلى القيام بذلك فورا”.

وتابعت البلدان الثلاثة في بيانها المشترك “نحض إيران على وقف تصعيدها النووي وإبرام الاتفاق المطروح حاليا على الطاولة بشكل عاجل من أجل إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة في الوقت الذي لا يزال هذا فيه ممكنا”.

“لن نتراجع”

كانت إيران قبل صدور القرار حريصة على تجنب المواجهة مع الوكالة الذرية، لكن هذه المرة أظهر الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي غضبه.

وقال رئيسي “لن نتراجع عن مواقفنا لأن إصدار قرارات كهذه لم يجد نفعا ولم يحقق أهدافه”، وفق ما نقلت عنه وكالة “إرنا” الرسمية.

وقال غروسي إنّه إذا ما استمرّت الأمور على هذا النحو، فلن تكون الوكالة “في غضون ثلاثة أو أربعة أسابيع” قادرةً على توفير المعلومات اللازمة حول متابعة البرنامج النووي الإيراني.

واعتبر أنّ هذا الأمر “سيشكّل ضربة قاضية” لاتفاق 2015.

أبرمت طهران مع القوى الكبرى اتفاقا بشأن برنامجها النووي في 2015، أتاح رفع عقوبات مقابل تقييد أنشطتها وضمان سلمية برنامجها.

إلا أنّ الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات على طهران في إطار سياسة “ضغوط قصوى”. وردّت إيران بعد عام ببدء التراجع عن كثير من التزاماتها الأساسية، أبرزها مستويات تخصيب اليورانيوم.

وانطلقت المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي في نيسان/أبريل 2021، وحققت تقدما كبيرا قبل أن يطالها الجمود في آذار/مارس، مع تبقّي نقاط تباين بين الطرفين الأساسيَين، طهران وواشنطن.

وهذه التطورات الجديدة “ستزيد بالتأكيد الضغط على المفاوضات للدفع نحو اتخاذ قرار في اتجاهٍ أو في نقيضه”، وفق ما أفاد الباحث في “مبادرة التهديد النووي” الأمريكية إريك بروير.

في إيران الرازحة تحت وطأة العقوبات الاقتصادية، استطلعت فرانس برس آراء مارّة، بينهم ابراهيم أحمد بور البالغ 60 عاما والذي دعا السلطات إلى “التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

وشدد على ضرورة التحرك “كي لا تتفاقم المشاكل بشكل أكبر ولكي يعيش الشعب بسلام وازدهار”