لقاء حصري مع أبو حنظلة العضو السابق في تنظيم القاعدة والذي يعيش اليوم في أفغانستان
- أبو حنظلة انضم إلى تنظيم القاعدة في أفغانستان في ٢٠٠٤ وتركه في ٢٠١٥ لتلاشي التنظيم هناك
- أبو حنظلة: الأفغان شعباً وطالبان حكومة لا يريدون ”المهاجرين“ بينهم
- ”الأفغان لن ينسوا أن المجاهدين المهاجرين هم وراء ”الضرر“ الذي لحق بهم“
- ”طلبنا من طالبان أن يبحثوا مع دول أخرى إمكانية قبولنا لاجئين سياسيين“
- ”نعيش حياة صعبة نتنقل خفية من بيت إلى بيت ومن خيمة إلى خيمة“
- ”نريد أن نعيش حياة عادية وأن نهتم لدراسة أولادنا“
منذ سيطرت طالبان على الحكم في كابول، والجهاديون – باستثناء داعش – يعتبرون ذلك نصراً لهم كأفراد ومنهج. فأصبحت طالبان قُدوةً، وأفغانستان قِبلةً وربما مستقرا.
بعد أقل من شهر على دخول طالبان كابول، وبتاريخ ٨ سبتمبر ٢٠٢١ تحديداً، كتب المُنظّر الجهادي طارق عبدالحليم، من مسكنه في كندا، عن ”طالبان والإسلام العالمي“ معتبراً أن ”الصمود الأفغاني“ قد أصبح مصدر إلهام ”للمخلصين من العاملين للإسلام.“.
ومن وحي ما كان على ما يبدو أنه يُحكى في أوساط الجهاديين، انطلق عبدالحليم يبحث في فقه ”وجوب الهجرة“ إلى أفغانستان. وهذا مهم. فهو لم يتحدث عن ”الرغبة“ في الهجرة، وإنما عن ”وجوبها؛“ وكأنها مسألة قطعية؛ الأمر الذي يدل على التوسع الواضح في الحديث عنها في ذلك الوقت المبكر من عودة طالبان.
خلص عبدالحليم إلى أن المسألة خلافية من حيث أن ”طالبان ليست خلافة إسلامية،“ وأن زعيم طالبان الملا هبة الله أخوند زاده ”ليس خليفة للمسلمين، ولم يطلب بيعة عامة؛“ وبالتالي فإن هذا ”المفهوم“ ”لا يلزم أحداً أن يهاجر إليهم (أي طالبان).“
الأمر الآخر المهم في ما قاله عبدالحليم هو اعتقاده أن طالبان ”حركياً“ يفضلون هذا الأمر – أي ألّا يأتيهم جهاديون – ”خاصة في هذه المرحلة،“ كما قال.
العرب الأفغان
يُقدّر مجموع المتطوعين العرب الذين ”خدموا“ في أفغانستان بحوالي ١٠ آلاف مقاتل. مركز مكافحة الإرهاب في جامعة ويست بوينت العسكرية الأمريكية، يُقدّر أنه في أي وقت من الأوقات منذ نهاية الثمانينات لم يتجاوز عدد الجهاديين العرب أربعة آلاف متطوع، تركزوا في بمدينة يشاور الباكستانية ومدن حدودية أخرى.
بعد سقوط طالبان الأول في ٢٠٠١، تشتت فلول الجهاديين وخاصة تنظيم القاعدة. كبار القادة وجدوا مخرجاً في إيران، والأفراد العاديون فرّوا مع عوائلهم إلى المنطقة الحدودية مع باكستان.
اليوم، قتل زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في وسط كابول التي عادت طالبانية، يثير سؤالين. الأول، هل أصبحت أفغانستان ومدنها الحيوية قبلة للجهاديين العرب القدماء المخضرمين والجدد الطامحين؟ الثاني، هل يقبل بهم طالبان؛ بل هل يقدرون على حمايتهم؟
ولكن يبدو أن السؤال الأهم هو: هل يقبل الشعب الأفغاني بهم؟ المسألة لم تعد تتعلق بالجهاديين. فهم ليسوا مهمين اليوم. اليوم، المهم هو الأفغان ودولتهم الناشئة أيّاً كانت.
يبدو أن الأفغان ضاقوا ذرعاً بالمهاجرين العرب وبعيداً عن خطاب الجهاديين في الشرق الأوسط، الأفغان غير آبهين بهم وهم يسعون إلى إعادة بناء دولة.
لا تأتوا
المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد يقول للجهاديين صراحة ”لا تأتوا.“ في لقاء مع أخبار الآن في الأسبوع الأخير من أغسطس، قال مجاهد: ”هذه رسالة واضحة انا أخاطب الجماعات او الأفراد الذين يريدون أن يأتوا إلى أفغانستان ويستعملوا أراضينا ضد الآخرين لن نسمح لهم ولا نريدهم ولا حاجة لنا بهم.“
فهل طالبان صادقون؟ أم يقولون هذا للاستهلاك العالمي وليس المحلي؟ وهل من الممكن أن يقبلوا متطوعين غير مقاتلين مثلاً؟
أبو حنظلة، عضو سابق في تنظيم القاعدة يعيش في أفغانستان، تحدث لنا عن أن نظرة الأفغان مواطنين ومسؤولين تجاه المهاجرين العرب تغيرت. يقول: ”عامة الناس في أفغانستان وطالبان خاصة واجهوا مشاكل وأزمات من أسر وتشريد وكل هذا بسبب المهاجرين وخصوصاً تنظيم القاعدة … الأفغان لا يريدون تكرار نفس الخطأ (بأن يبقى) تنظيم القاعدة أو أي أحد على أرضهم بينما هم يتحملون الخسائر.“
في المحصلة، يوصي أبو حنظلة كل من يرغب ”بالهجرة“ إلى أفغانستان ألّا يأتي. ليس فقط لأن ”الجهاد“ انتهى؛ وإنما لأن الأفغان لن يرحبوا بهم هذه المرة. يقول: ”الإمارة الإسلامية ليست محتاجة لأحد منهم.“
أبو حنظلة
في الأسبوع الأخير من أغسطس الماضي، تمكنا من الوصول إلى عضو سابق في تنظيم القاعدة لا يزال يعيش في أفغانستان. التقيناه من خلال طرف ثالث عبر تطبيق زووم في مكان لا يود الإفصاح عنه. قال إنه يعيش في المنطقة القبلية الأفغانية المحاذية للحدود الباكستانية.
لم يصرح لنا بالكشف عن اسمه الحقيقي أو حتى عن بلده الأم. سمح لنا بأن نناديه بكنيته الحركية، أبي حنظلة. وقال لنا إنه كان ”مسؤول الإداريات“ في ولاية بختنخوا: مسؤولاً عن مرتبات العائلات وخاصة الأرامل و“رسولاً“ بين ”الأخوة.“ لم يوضح أكثر من هذا.
يبلغ أبو حنظلة ٣٥ عاماً. وُلد في بلد غير بلده. وارتحل مع والده طفلاً إلى أفغانستان في الثمانينات إبان قتال السوفييت. توفي والده في ٢٠٠٤ في غارة جوية ودُفن في قرية في ولاية كنر شرق كابول من دون أن يُشار على قبره أنه عربي.
كل ما يريده أبو حنظلة الآن هو أن يرجع إلى بلده أو أن يعيش في أفغانستان مواطناً مدنياً أو أن يرحل إلى بلد ثالث.
يقول: ” ليس لدينا حل غير هذا. ونحن الآن نحاول مع الإمارة الإسلامية حتى يأذنوا لنا بالبقاء هنا فنعيش حياة عادية لكنهم لم يأذنوا لنا بشئ من هذا. ونحن الآن نحاول (إذا استطاع طالبان) فتح طريق لنا إلى بلد آخر، فنذهب إليه ونبقى هناك مدنيين عاديين نعيش حياة طبيعية.“
الحياة على الحدود
كان أبو حنظلة ممن لجؤوا إلى باكستان بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان في ٢٠٠١. لكن الحكومة الباكستانية ضيّقت عليهم. حتى إنه هو نفسه تعرض لاحقاً للسجن. فقرر وآخرين العودة إلى المنطقة القبلية في أفغانستان. يقول: ”كان هذا أسهل لأن الحكومة الأفغانية (السابقة) لم تكن لها سيطرة على هذه المناطق. والخيار الثاني كان الذهاب إلى سوريا لوجود تنظيم القاعدة هناك وكان هذا صعباً؛ فقد أسر البعض في إيران وغيرها ووصل البعض بعد المشقة إلى هذه المناطق (سوريا).“
بحسب أبي حنظلة، توجد في المنطقة القبلية عشر عوائل بمن فيهم اليافعون والشيوخ والأرامل. ويعتقد شبه جازم أنه لا يوجد آخرون في مناطق أخرى. يقول: ” لم نعلم بوجود أحد … ولا أظن يوجد أحد وإلا كنا نعرف عنهم أو تصلنا أخبارهم لأن أغلبهم خرجوا إلى سوريا ولم يبق إلا القليل.“
يعيشون على الحدود حياة ترحال وكفاف؛ يقول: ” نحن حياتنا من يوم أن جئنا من باكستان بعد ما قامت القوات الباكستانية بحملات على القبائل ونفذت عمليات في المنطقة القبيلة، اضطررنا للخروج من هناك. منذ جئنا إلى هنا وحتى الآن ونحن نعيش خفية من بيت إلى بيت – بيوت مهجورة؛ ومن خيمة إلى خيمة؛ نتنقل بهذه الطريقة. وبعد مجئ الإمارة الاسلامية وتولّت الأمر، صار الأمر أصعب لأن الحكومة الماضية ما كان لها وجود في هذه المناطق. لم تكن لها سيطرة على هذه المناطق أما الإمارة الإسلامية فهي موجودة هناك بكثرة ومسيطرة على المنطقة بالكامل فالوضع أصبح أصعب علينا مما كان عليه في الماضي.“
وهم طالبان
لا يبدو أبو حنظلة واهماً. هو يدرك تماماً ما يجري. عندما سيطر طالبان على الحكم في كابول، استبشروا خيراً بأن تعود أفغانستان لهم مستقراً ومقاماً؛ لكن الواقع خالف التوقعات. يقول: ”نعم كنا نتوقع لكن ما وجدنا شيئا من هذا القبيل لأن الإمارة الإسلامية وعامة الناس في أفغانستان ضحوا تضحيات كبيرة؛ ولا يريدون أن يكرروا شيئاً (من الماضي) عندما أعطوا أماكن للمهاجرين وغيرهم وحصل ما حصل (هجمات سبتمبر).“
هذه الرسالة ”لا نريدكم“ وصلتهم من أعلى مستوى. يقول أبو حنظلة إنهم تلقوا رداً على شكل رسالة من المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد. يقول: ”التقى به أحدهم وقال له إنهم لن يأذنوا أو يسمحوا لأحد من المهاجرين بأن يبقوا في أرضهم ويستعملوا أرضهم (لأي مقصد ما) … فوصلتنا هذه الرسالة الشفوية.“
الحياة قبل سبتمبر ٢٠٠١
جاء أبو حنظلة إلى أفغانستان طفلاً وانضم رسمياً إلى القاعدة في ٢٠٠٤، وظلّ عنصراً إدارياً فيها حتى ٢٠١٥. يبدو أفغانياً في لباسه ولسانه؛ فقد لهجته التي يتحدث بها أبناء بلده. ونُذكّر أنه طلب منا التحفظ على ذكر اسمه بلده.
قبل ٢٠٠١، كان على ما يبدو يعيش حياة ”طبيعية“. في محض حديثه عن والده الذي قُتل في ٢٠٠٤، يقول: ”في ذلك الوقت كانت الأوضاع جيدة شيئاً ما. لم تكن هناك ضغوطات في أفغانستان ولم يكن هناك أسر. وجاءت الإمارة (طالبان). رحبوا بنا ورحبنا بهم وكانت حياة طبيعية ولم يكن يواجهنا أي خطر وكانت لنا حرية كاملة. لكن بعد ما قامت به التنظيمات في أفغانستان والغزو الأمريكي على أفغانستان، بدأت الأوضاع تسوء واضطررنا للرجوع إلى باكستان … في أيام الإمارة الأولى كان الكل في أمان ولم يكن هناك جهاد في أفغانستان إلى أن قُتل في ٢٠٠٤.“
المستقبل
لا يبدو أن ثمة أمل في أن يعطي طالبان هؤلاء المهاجرين القدامى صفة ”مواطن.“ يقول أبو حنظلة: ”إلى الآن نحن نحاول معهم ولكن الأمل قليل جداً لأننا لم ننجح في شيئ ولا نتوقع أن يأتوا بشيئ من هذا.“ في المقابل، يطلب هؤلاء المهاجرون أن يتحدث طالبان بلسانهم لتصويب أوضاعهم عند طرف ثالث. يقول: ”طلبنا منهم أننا بأنفسنا لا نستطيع أن نكلم الدول الأخرى حتى يقبلوا بنا لاجئين سياسيين. طلبنا منهم أن يرتبوا لنا الأمر لأننا في ورطة وأزمة ولكن لم يأتِ منهم رد للآن.“
ما يقوله أبو حنظلة هنا مهم جداً لأنه يظهر حجم معاناتهم أو ”الأزمة والورطة“ كما يصفها التي وجدوا أنفسهم فيها. فإن كان موقف طالبان على هذا النحو من المهاجرين القدامي الذين تربوا في أفغانستان وتزوجوا من أفغانيات؛ فكيف سيكون موقفهم من مهاجرين جدد أو آخرين طامحين فشلوا في العراق والشام ويريدون أن يحيوا آمالهم مرة أخرى على حساب الأفغان؟
أبو حنظلة يوجه رسالة للشباب العرب والمسلمون الراغبون في الذهاب إلى أفغانستان
نصيحة
يمكن أن نقول إن أبا حنظلة هو ابن القاعدة. تركها بسبب تشتت قيادة التنظيم. يقول: ”تركت (التنظيم) بسبب قتل قادة التنظيم وبعد الحملة الباكستانية التي كانت في المنطقة القبلية فتشرد الناس وتشردنا والتنظيم لم يبق فيه شيئ. اضطررنا إلى أن نأتي إلى أفغانستان. ولم نستطع أن نرتبط (نعاود الاتصال بالآخرين).“
بالرغم من هذا، لم يعد يرى في أفغانستان مستقراً له ولأسرته. وعليه، ينصح كل من يفكر في المجيء بألّا يأتي. يقول: ”أنصح لكل من يريد المجيئ إلى هذه الأرض أو أفغانستان ألا يأتي إلى هنا. لأنه أولاً لم يعد جهاد في أفغانستان وثانياً الإمارة الإسلامية لن تأذن لهم في أي صورة من الصور بأن يأتوا إلى هنا ويبقوا في البلد. والإمارة الإسلامية ليست محتاجة لأحد منهم. وكما ذكرت لم يبق جهاد في هذه البلد.“
مذهب القاعدة انتهى
المستقبل الذي يبحث عنه أبو حنظله لنفسه وأسرته يتضمن انسلاخاً تاماً عن طالبان والقاعدة. كل ما يريده هو حياة ”طبيعية نهتم (فيها) لدراسة أولادنا وتحسين أمورنا ونعيش كعامة الناس.“ ولهذا تواصل مع سفارة بلده حتى يعطوه إذناً بالعودة، لكنهم رفضوا بالرغم من أنه غير محكوم في أي قضية في بلده؛ بل إنه بحسبه لم يذهب قط إلى بلده حيث ولد في بلد آخر وسافر مع أبيه إلى افغانستان طفلاً. حدث أمر ما جعل ابن القاعدة هذا يراجع ما اختطه له والده. يقول: ”أنصح مقاتلي تنظيم القاعدة وغيرهم أن لا يقوموا بعمل يتحمل المخاطر والضرر (الناجم عنه) غيرهم من العوام وغيرهم أيضاً من الحكومات وغيرها. أنصحهم ألا يقوموا بعمل من هذه الأعمال ويتحمل الباقي الأضرار. وأنصحهم أن يطيعوا ولاة أمور المسلمين بالحكمة والبصيرة.“
وجاءت تفاصيل مقابلة أخبار الآن مع أبو حنظلة العضو السابق في تنظيم القاعدة والذي يعيش اليوم في أفغانستان كالآتي:
سؤال ١: كيف تحب أن تعرف عن نفسك؟ كنيتك وما كانت وظيفتك في تنظيم القاعدة؟
أبو حنظلة: كنيتي أبو حنظلة وكنت مسؤول الإداريات لمحافظة خيبربختونخوا في باكستان.
سؤال ٢: لماذا وافقت على إجراء المقابلة معنا؟
أبو حنظلة: وافقت من أجل أن تصل رسالتنا نحن وكل المتضرر من هذه الحوادث التي حصلت. أردنا ان نوصل رسالتنا ونوضح موقفنا حتى يعلم الجميع ما موقفنا حالياً.
سؤال ٣: تقول إنك تعيش في المنطقة القبلية المحاذية لباكستان. كيف انتهى بكم المطاف هناك؟
أبو حنظلة: كان لدينا خيارين عندما كنا في المنطقة القبلية في باكستان. الأولى أن نأتي إلى المنطقة الحدودية في أفغانستان المجاورة لباكستان. وكن هذا أسهل لأن الحكومة الأفغانية (السابقة) لم تكن لها سيطرة على هذه المناطق. والخيار الثاني كان الذهاب إلى سوريا لوجود تنظيم القاعدة هناك وكان هذا صعباً؛ فقد أسر البعض في إيران وغيرها ووصل البعض بعد المشقة إلى هذه المناطق.
سؤال ٤: أقصد منذ عودة الإمارة إلى كابول، لماذا جئتم إلى هذه المنطقة؟
أبو حنظلة: وضحت لك أننا جئنا إلى هذه المناطق قبل أن تعود الإمارة الإسلامية في أفغانستان؛ بعد العمليات التي قامت بها القوات الباكستانية في منطقة القبائل عندما خرجنا من هناك (بعد غزو ٢٠٠١) كان أمامنا خياران. البعض اختار المناطق الحدودية والآخر ذهب إلى سوريا ولم يكن لدينا سوى هذين الخيارين.
سؤال ٥: لماذا تفضلون أن تبقوا ضمن حدود الأراضي التي تسيطر عليها إمارة طالبان الإسلامية؟
أبو حنظلة: ليس لدينا حل غير هذا. ونحن الآن في نحاول مع الإمارة الإسلامية حتى يأذنوا لنا بالبقاء هنا فنعيش حياة عادية لكنهم لم يأذنوا لنا بشئ من هذا. ونحن الآن نحاول (إذا استطاع طالبان) فتح طريق لنا إلى بلد آخر، فنذهب إليه ونبقى هناك مدنيين عاديين نعيش حياة طبيعية.
سؤال ٦: عندما عادت الإمارة الإسلامية العام الماضي، هل توقعتم أن يتغير حالكم إلى الأفضل؟
أبو حنظلة: نعم كنا نتوقع لكن ما وجدنا شيئا من هذا القبيل لأن الإمارة الإسلامية وعامة الناس في أفغانستان ضحوا تضحيات كبيرة؛ ولا يريدون أن يكرروا شيئاً (من الماضي) عندما أعطوا أماكن للمهاجرين وغيرهم وحصل ما حصل. لقد تحملوا ضرراً كثيراً وتعرضوا للأسر والتشريد – الناس عامة والإمارة الإسلامية حركة طالبان خاصة – تعرضوا لكثير من المخاطر ولهذا السبب لم يأذنوا لنا بشيئ من هذا.
سؤال ٧: لم يأذنوا لكم بماذا؟
أبو حنظلة: لم يأذنوا لنا بالبقاء ولم يقبلونا هنا ولا يريدون أن يبقى أحد من المهاجرين في أرضهم وفي أفغانستان ونحن نحاول معهم. وإن فُتح لنا الطريق إلى أي بلد آخر، نحن مستعدون لأن نذهب هناك ونعيش حياة طبيعية.
سؤال ٨: قلتَ لي أثناء التحضير للمقابلة أنه وصلتكم رسالة من السيد ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان.
أبو حنظلة: وصلنا شفوياً. التقى به أحدهم وقال له إنهم لن نأذن ولن نسمح لأحد من المهاجرين بأن يبقوا في أرضنا ويستعملوا أرضنا (لأي مقصد ما) ولن نسمح بهذا الشيئ. فوصلتنا هذه الرسالة الشفوية.
سؤال ٩: لكن ممكن أن يقبلوا بكم مواطنين مدنيين.
أبو حنظلة: إلى الآن نحن نحاول معهم ولكن الأمل قليل جداً لأننا لم ننجح في شيئ ولا نتوقع أن يأتوا بشيئ من هذا. طلبنا منهم أننا بأنفسنا لا نستطيع أن نكلم الدول الأخرى حتى يقبلون بنا لاجئين سياسيين. طلبنا منهم أن يرتبوا لنا الأمر لأننا في ورطة وأزمة ولكن لم يأتِ منهم رد للآن.
سؤال ١٠ : أنت في أفغانستان منذ كنت طفلاً وعشت هناك معظم حياتك. ما المشكلة في أن يقبلوا بكم مواطنين بينهم؟
أبو حنظلة: المشكلة كما ذكرت أنه في الماضي كان هنا مهاجرون وقاموا ما بما قاموا به. وعامة الناس و(في أفغانستان) وطالبان خاصة واجهوا مشاكل وأزمات من أسر وتشريد وكل هذا حصل بسبب المهاجرين وخصوصاً تنظيم القاعدة – بسبب وجودهم في أفغانستان. فهم (الأفغان) لا يريدون تكرار نفس الخطأ (بأن يبقى) تنظيم القاعدة أو أي أحد يبقى في أرضهم وهم يتحملون الخسائر.
سؤال ١١ : شبان عرب ومسلمون يريدون أن ”يهاجروا“ إلى أفغانستان باعتبارها ”الإمارة الإسلامية.“ بماذا تنصحهم؟
أبو حنظلة: أنصح لكل من يريد المجيئ إلى هذه الأرض أو أفغانستان ألا يأتي إلى هنا. لأنه أولاً لم يعد جهاد في أفغانستان وثانياً الإمارة الإسلامية لن تأذن لهم في أي صورة من الصور بأن يأتوا إلى هنا ويبقوا في البلد. والإمارة الإسلامية ليست محتاجة لأحد منهم. وكما ذكرت لم يبق جهاد في هذه البلد.
سؤال ١٢ : لكن قد يقول قائل إن الإمارة لن تترك المهاجرين الذين شاركوا في الدفاع عن أفغانستان في وقت من الأوقات.
أبو حنظلة: هذا كلام لكن الواقع ما نراه نحن. أما (من حيث تنظيم القاعدة) قليل من الناس يعتقدون هذا الشيئ. الواضح والصريح والجميع يعرف أن كل ما حصل في أفغانستان من تشريد العوام وغيره وكل الضرر الذي لحقهم (كان) بسبب المهاجرين والتنظيمات الجهادية في الإمارة الإسلامية قبل سقوطها أول مرة.
سؤال ١٣ : قلت قبل قليل إنكم الآن ”في ورطة وأزمة.“ أنت وعائلتك وغيرك من المهاجرين، كيف تعيشون حياتكم؟
أبو حنظلة: نحن حياتنا من يوم أن جئنا من باكستان بعد ما قامت القوات الباكستان بحملات على القبائل ونفذت عمليات في المنطقة القبيلة، اضطررنا للخروج من هناك. منذ جئنا إلى هنا وحتى الآن ونحن نعيش خفية من بيت إلى بيت – بيوت مهجورة في القبائل ومن خيمة إلى خيمة؛ نتنقل بهذه الطريقة. وبعد مجئ الإمارة الاسلامية وتولّت الأمر، صار الأمر أصعب لأن الحكومة الماضية ما كان لها تواجد في هذه المناطق. لم تكن لها سيطرة على هذه المناطق أما الإمارة الإسلامية فهي موجودة هناك بكثرة ومسيطرة على المنطقة بالكامل فالوضع أصبح أصعب علينا مما كان عليه في الماضي.
سؤال ١٤ : لكن هندامك مرتب لا يوحي بأنك شخص مشرد.
أبو حنظلة: صحيح. كلامك صحيح. لكن أنا ابتعدت عن المنطقة (التي أسكن فيها) قليلاً وجئت كي أجري اللقاء معكم ولهذا السبب ترونني في هذه الصورة. وكان من اللازم أن أختار هذه الصورة حتى أصل إلى هذا المكان كي أجري اللقاء معكم.
سؤال ١٥ : حدثنا عن والدك رحمه الله. كيف كان كأب وكعضو في تنظيم القاعدة، مع التحفظ طبعاً على اسمه بناء على طلبكم وحفاظاً على سلامتكم.
أبو حنظلة: والدي جاء إلى أفغانستان أيام قتال الروس مثلما جاء كثير من الجهاديين وقتها. وبقينا في أفغانستان. وعند انتهاء قتال الروسي بقينا فترة بسيطة. بقينا في باكستان، ولكن الحكومة الباكستانية بدأت تخرجنا من باكستان وتأسر منا وتسلمهم إلى بلادهم واضطررنا إلى الرجوع إلى أفغانستان. كان هذا قبل الإمارة الإسلامية الأولى.
في ذلك الوقت كانت الأوضاع جيدة شيئاً ما. لم تكن هناك ضغوطات في أفغانستان ولم يكن هناك أسر. وجاءت الإمارة. رحبوا بنا ورحبنا بهم وكانت حياة طبيعية ولم يكن يواجهنا أي خطر وكانت لنا حرية كاملة. لكن بعد ما قامت به التنظيمات في أفغانستان والغزو الأمريكي على أفغانستان، بدأت الأوضاع تسوء واضطررنا للرجوع إلى باكستان. والدي لم يخرج من أفغانستان وقتل في ٢٠٠٤ في غارة جوية. نحن كنا في باكستان وبقينا في باكستان إلى أن قامت القوات الباكستانية بالعمليات في المنطقة القبلية واضطررنا إلى الرجوع إلى أفغانستان والبعض ذهب إلى سوريا والبعض أسر في إيران. لكن كان الذهاب إلى سوريا شاق والأسهل كان الرجوع إلى أفغانستان وبقينا هنا.
سؤال ١٦ : ماذا كان دور والدكم رحمه الله في التنظيم؟
أبو حنظلة: والدي رحمه الله لم يلتحق بتنظيم القاعدة في باكستان لأنه لم يخرج من أفغانستان وقُتل في ٢٠٠٤. وتنظيم القاعدة عند تأسيسه من جديد كان في ٢٠٠٣ و ٢٠٠٤ إلى أن وقت على رجليه. والدي لم يشارك معهم بعد خروجهم من أفغانستان. هو بقي في أفغانستان. شارك في قتال الروس. وفي أيام الإمارة الأولى كان الكل في أمان ولم يكن هناك جهاد في أفغانستان إلى أن قُتل في ٢٠٠٤.
سؤال ١٧ : وأنت أصبحت في تنظيم القاعدة بحكم وجودك في أفغانستان.
أبو حنظلة: كنت في التنظيم من سنة ٢٠٠٤ إلى سنة ٢٠١٥. كنت مسؤول الإداريات في محافظة خيبربختونخوا في باكستان. ومسؤول الإداريات يعني أنني كنت أعمل واسطة بين الأخوة وبين الشباب وإن كان هناك أمر كنت أقوم بالتحرك والتنقل وإرسال رسائل لهم وغيرها.
سؤال ١٨ : هل التقيت بأسامة بن لادن؟
أبو حنظلة: لم ألتقي به ولم أراه.
سؤال ١٩ : ولماذا تركت التنظيم؟
أبو حنظلة: تركته بسبب قتل قادة التنظيم وبعد الحملة الباكستانية التي كانت في المنطقة القبلية فتشرد الناس وتشردنا والتنظيم لم يبق فيه شيئ. اضطررنا إلى أن نأتي إلى أفغانستان. ولم نستطع أن نرتبط (نعاود الاتصال بالآخرين) ولم تتم الرابطة بعدها.
سؤال ٢٠ :مسألتكم لا تزال عالقة عند الإمارة. وأنتم عالقون في المنطقة القبلية. ماذا تنوي أن تفعل؟
أبو حنظلة: نحن الآن ليس لدينا خيار إلا المحاولة مع الإمارة. وهو صار شبه مستحيل. لا أمل في أن يوافقوا على وجودنا هنا في هذه البلد. توجد محاولات. ولا خيار أمامنا. ومثلما اقترحنا أن إن لم يرغبوا بنا في هذه البلد، فليتفاهموا مع بلاد أخرى تقبل بنا لاجئين ونعيش حياة طبيعية ونهتم لدراسة أولادنا ونحسن أمورنا ونعيش كعامة الناس. هذه محاولاتنا وليس لنا خيار غير هذا.
سؤال ٢١ : كم يبلغ عددكم؟
أبو حنظلة: تقريباً عددنا يجاوز ١٠ عوائل فيها شباب وأرامل وفيها أولاد صغار.
سؤال ٢٢ : في المنطقة القبلية ١٠ عوائل. وفي المناطق الأخرى؟
أبو حنظلة: لم نعلم بوجود أحد في هذه المناطق ولا أظن يوجد أحد وإلا كنا نعرف عنهم أو تصلنا أخبارهم لأن أغلبهم خرجوا إلى سوريا ولم يبق إلا القليل.
سؤال ٢٣ : قلت لي أثناء التحضير للمقابلة إنك حاولت الاتصال بسفارة بلدك حتى تعود. وبناء على طلبك نتحفظ على ذكر اسم بلدك.
أبو حنظلة: تواصلت وحاولت الاتصال لكن لم يأذنوا لي بالذهاب للسفارة ولم يستقبلوني.
سؤال ٢٤ : هل عليك أحكام في بلدك؟
أبو حنظلة: لا. ليس عليّ أي أحكام في بلدي لكن لعل عندهم بعض القوانين المتعلقة بمن يرجع من هذه البلاد فقد يتعرض عندهم لبعض المخاطر.
سؤال ٢٥ : وكيف تشعر زوجتك وأولادك؟
أبو حنظلة: هم أكيد متضايقون من الوضع الذي هم فيه. والواضح أن هذا هذا الأمر طال وليس فترة بسيطة. ولدوا في هذه الحالات والآن كبروا ما شاء الله. وهم متضايقون جداً. ونحاول أن نخرج لهم بحل ولأنفسنا.
سؤال ٢٦ : هل يمكن أن أسألك عن الشخص الذي تعتقد أنه سيخلف الدكتور أيمن الظواهري؟
أبو حنظلة: ما سمعت شيئ إلا في الأخبار. يقولون إن مسؤولين في إيران لعل أحد منهم يتولى المسؤولية لكن أنا لم أسمع شيئاً في هذه الساحة من أحد.
سؤال ٢٧ : وما رأيك إن تولى الإمارة شخص موجود في إيران؟
أبو حنظلة: حالياً، كما ذكرت فإنهم في أفغانستان لن يستطيعوا أن يُكملوا مسيرتهم لأن الإمارة الإسلامية لن تأذن لهم بأي تحرك هنا. في أفغانستان لن ينجحوا. أما في غيرها، فليس لي علم او خبرة كيف وضعهم. هل يستطيعون أن يقوموا بشيئ في بلدان أخرى؟ لكن في أفغانستان لن ينجحوا.
سؤال ٢٨ : هذا الشعور عند الشعب الأفغاني تجاه المهاجرين بأن المهاجرين تسببوا المرة الأولى بما حصل في بلدهم. هل تشعر الآن هذا التمييز السلبي تجاهكم؟
أبو حنظلة: نعم. نعم. بل نسمع كثيراً من الكلام. الجميع يعتقد – عامة الناس وغيرهم وحتى المسؤولين في الطلبة – أن كل ما جرى هنا وحصل من ضرر هو بسبب المقاتلين المهاجرين الذين كانوا في أفغانستان ونفذوا عمليات في أفغانستان لحقت بالضرر على الجميع.
سؤال ٢٩ : ماذا تنصح مقاتلي القاعدة في أماكن أخرى من العالم؟
أبو حنظلة: أنصح مقاتلي تنظيم القاعدة وغيرهم أن لا يقوموا بعمل ويتحمل المخاطر والضرر غيرهم من العوام وغيرهم أيضاً من الحكومات وغيرها. أنصحهم ألا يقوموا بعمل من هذه الأعمال ويتحمل الباقي الأضرار. وأنصحهم أن يطيعوا ولاة أمور المسلمين بالحكمة والبصيرة.
سؤال ٣٠ : أن يتخلوا عن الجهاد الذي كان يدعو إليه الشيخ أسامة بن لادن؟
أبو حنظلة: ألا يقوموا بأي عمل جهادي إلا بإذن ولاة أمر المسلمين بالحكمة والبصيرة.
سؤال ٣١ : تقصد الحكام؟
أبو حنظلة: نعم الحكام. وأقول هذا الكلام لأن النتيجة رأيناها. لأن الكثير من عامة الناس – التضحيات – ضحى كثير من عامة الناس. القتال كان بين التنظيمات الجهادية وبين أعدائهم من القوات الأخرى وأكثر التضحيات كانت من العوام وغيرهم. فلا بد من يراجعوا فيه ولاة أمر المسلمين إن كانوا يريدون القيام بشيئ فبإذنهم وبمشورتهم وبالحكمة والبصيرة.