الحرب في سوريا تتسبب في تراجع محصول الحبوب
- المنظمة الأممية للزراعة تسجل انعدام محصول الشعير في سوريا
- كيف أثرت الحرب على قطاع الفلاحة زمن الحرب؟
تضافرت عوامل أزمة المناخ وتعثر الاقتصاد والقضايا الأمنية العالقة لتلحق ضررا بالغا بإنتاج سوريا من الحبوب خلال هذا العام، مما ترك غالبية مزارعيها في مواجهة وضع حرج ومحفوف بالمخاطر.
وأدى عدم انتظام هطول الأمطار في الموسمين الماضيين إلى تقلص محصول القمح في سوريا الذي كان يبلغ نحو أربعة ملايين طن سنويا قبل الحرب، وهي كمية كانت تكفيها لإطعام شعبها وكذلك تصدير جزء منها إلى البلدان المجاورة في الظروف المواتية.
والآن وبعد أكثر من مرور عقد على الصراع، يكابد العديد من المزارعين ظروفا اقتصادية قاسية ومشاكل أمنية في بعض المناطق في الوقت الذي يحاولون فيه التكيف مع تغير ظروف الطقس.
وقال مايك روبسون ممثل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في سوريا إن “محصول القمح بلغ نحو مليون طن بانخفاض 75 في المئة عن مستويات ما قبل الثورة في حين أن الشعير بات شبه منعدم”.
وتفرض ضآلة المحصول المزيد من الضغوط على المسؤولين في سوريا التي ترزح بالفعل تحت العقوبات إذ تواجه متاعب جمة للحصول على القمح من السوق الدولية.
ولا تخضع الشحنات الغذائية للعقوبات الغربية لكن القيود المصرفية وتجميد الأصول جعلا من الصعب على معظم الشركات التجارية التعامل مع دمشق.
وباءت بالفشل العديد من عطاءات الاستيراد الدولية التي أجرتها المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب (حبوب)، وهي المشتري الرئيسي للدولة، مرارا في السنوات الماضية في حين جاءت معظم شحنات القمح من روسيا، حليفة دمشق الوثيقة.
ومما زاد الأمر سوءا ارتفاع أسعار القمح العالمية منذ فبراير الماضي، بعد أن أوقفت الحرب في أوكرانيا تدفق صادرات الحبوب من البحر الأسود لعدة أشهر.
وقال روبسون إن “أزمة المناخ ليس سهلة على أي حال، لكن في دولة مثل سوريا، فالصعوبة مضاعفة مع ارتفاع التضخم وانعدام الكهرباء وعدم وجود مدخلات إنتاج من نوعية جيدة، بجانب بعض القضايا الأمنية المعلقة التي لا تزال تعتمل في بعض أجزاء البلاد”.
ويعتمد الجزء الأكبر من محصول القمح في سوريا، وبالتحديد 70 في المئة تقريبا، على هطول الأمطار مع تداعي أنظمة الري بسبب الحرب.
ومقارنة بالمساحات المزروعة، بلغ المحصول نحو 15 في المئة فقط مما كان يتوقعه المزارعون من مناطق زراعة القمح التي تعتمد على الأمطار.
وأشار روبسون إلى أنه “عندما تهطل الأمطار، كانت تتركز في فترات بعينها ولم تتبع الأنماط التقليدية”. وأضاف “التأخر في هطول الأمطار أدى إلى تعطل المزارعين ولم يتمكنوا من تجهيز أراضيهم في الوقت المناسب ثم انتهت الأمطار في أوائل مارس”.
عادة ما تبدأ زراعة القمح في الفترة ما بين نوفمبر وديسمبر ويحصد المزارعون المحصول في الفترة من مايو إلى يونيو من كل عام
كما أن الاقتصاد السوري يرزح أيضا تحت وطأة الصراع المعقد ومتعدد الأطراف الذي دخل عامه الثاني عشر.
وأدى انهيار الليرة إلى ارتفاع أسعار الأصناف الجيدة من الأسمدة والبذور، وكذلك الوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه. وأمعنت دمشق الإثنين الماضي في إضعاف سعر الصرف الرسمي مقابل الدولار بنحو سبعة في المئة.
وفي المعتاد، ينتج الهكتار الواحد من الأراضي المروية والمزروعة بالقمح بين ثلاثة وأربعة أطنان ولكنه حاليا ينتج طنين فقط تقريبا مع معاناة المزارعين في الحصول على المدخلات الزراعية الأساسية.
ويبدو الوضع محفوفا بالمخاطر فحجم الإنتاج الذي بلغ مليون طن هو أقل بكثير من التقديرات الحكومية بإنتاج نحو 1.7 مليون طن.
وتعني تقديرات فاو أن هناك حاجة إلى استيراد نحو مليوني طن من الخارج لتوفير الغذاء لسكان المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
وأدى انخفاض أسعار القمح عالميا في أغسطس، لأسباب من بينها استئناف صادرات الحبوب من أوكرانيا بموجب اتفاق تم التوصل إليه في يوليو بين كييف وموسكو، إلى جعل الوضع أقل سوءا مما كان عليه قبل شهرين.
لكن لا تزال هناك مخاوف بشأن قدرة الحكومة على توفير التمويل اللازم لتغطية المشتريات. وقال روبسون إن “السوق الدولية تعود ببطء إلى مسارها الطبيعي، لكنني ما زلت قلقا لأنه من الواضح أن هناك حاجة إلى العملات الأجنبية لشراء القمح”.