ذكرى كارثة الأنديز التي زلزلت العالم
في سفوح جبال الأنديز الوعرة في أمريكا الجنوبية.. اضطر الناجون من حادث تحطُم طائرة إلى أكل لحوم زملائهم من أجل البقاء أحياء!. في كارثة إنسانية هزّت العالم. إنها كارثة الأنديز.. إحدى أشهر كوارث الطيران الدرامية عبر التاريخ.
في الثالث عشر من شهر أكتوبر عام 1972.. كانت الرحلة 571 لسلاح الجو الأوروغوياني متوجهة من مونتيفيديو في أوروغواي، إلى سانتياغو في تشيلي، وعلى متنها فريقٌ لرياضة ”الركبي“، قبل أن تتحطم الطائرة وسط جبال الأنديز في منطقة مندوسا الأرجنتينية.
وكان على متن الطائرة أكثر من 40 راكبًا، بالإضافة إلى طاقم الطائرة المكون من 5 أشخاص، وقد لقي 29 راكبًا وأعضاء الطاقم الخمسة حتفهم في الحادث.
أما الركاب الذين كُتبت لهم النجاة.. فقد عاشوا 72 يومًا كاملين في عزلة تامة عن العالم، وسط أجواء مناخية قاسية في جبال الأنديز.
وقام الناجون بجمع كل ما يمكن الاستفادة منه من حطامٍ وحقائب، وصنعوا منه ما يشبه الجدار لسد الثغرات في ما تبقى من هيكل الطائرة، واحتموا بداخله.
وتقلّصت آمال الناجين في البقاء على قيد الحياة.. بعد أن وجدوا راديو الطائرة، وعلموا من خلاله أن عمليات البحث قد توقفت بعد أيام من التحطم، خاصة وأن لون الطائرة الأبيض كان لا يمكن تمييزه وسط الثلوج، ليواجهوا حقيقة أنهم أصبحوا منعزلين تمامًا في هذه الظروف المناخية القاتلة.
وكان الناجون يضعون كميات من الثلوج يوميًا تحت أشعة الشمس للحصول على ماء الشرب، وكانوا يتقاسمون الطعام الذي عثروا عليه داخل حطام الطائرة.
وبعد انتهاء ما تبقى معهم من مأكولات، ومن أجل البقاء على قيد الحياة، لجأ الناجون لأكل لحم الضحايا المتوفين الذين حُفظت أجسادهم جراء البرد والثلج، في مأساة مؤلمة تعكس حجم الكارثة التي تحاصرهم.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد.. حيث أدى انهيار ثلجي إلى تغطية حطام الطائرة بالكامل، وتسبب ذلك بمقتل 8 أشخاص من بين الناجين بسبب انعدام الأوكسجين، واستغرقت عملية خروج البقية من داخل حطام الطائرة المغطى بالثلوج 3 أيام، بعد أن نجحوا في فتح نفق عبرَ قمرة القيادة، وخرجوا من إحدى النوافذ.
وكان على هذه المجموعة البحث عن وسيلة للنجاة من الموت، واتفق اثنان على الخروج للعثور على سبيل للنجدة، وأخذوا معهم أكثر الملابس حرارة لمقاومة الطقس، وقدرًا كافيًا من لحم الضحايا لأكله خلال الرحلة، وبعد عشرة أيام من السير على الأقدام، توقفا بجانب أحد الأنهار حيث كانا قد أهلكهما التعب وسوء التغذية، حتى وجدهما راكب خيل من تشيلي، وقام بإبلاغ السلطات بوجودهما.
وفي الثاني والعشرين من شهر ديسمبر عام 1972، قامت طائرات مروحية بالذهاب إلى موقع الحادث وتم إنقاذ نصف الناجين وإرسالهم للتداوي في المستشفيات، ليتم تخليد هذه القصة كواحدة من أشهر حوادث الطيران الدرامية على مر تاريخ البشر.