التفجيرات التي وقعت قبل 5 أعوام هي الأكثر دموية في تاريخ الصومال
- مقتل 587 شخصًا وإصابة 316 آخرين
- مقتل 2,078 شخصاً وإصابة 2,507 شخصاً من المدنيين من يناير 2016 حتى أكتوبر 2017
في الرابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2017، عاش الصومال واحدة من أبشع الهجمات الإرهابية في تاريخه، والتي كلفته مئات القتلى والجرحى، في هجوم نفذته جماعة الشباب الصومالية، والمرتبطة بتنظيم القاعدة.
5 سنوات على التفجير الأكثر دموية، ولا تزال ندوب الهجوم ظاهر، ويشعر بها المواطنون في الصومال، على الرغم أن مدن الدولة الأفريقية لم تشهد الهدوء منذ ذلك الحين، حتى اعتاد أطفالها على أصوات الانفجارات، ومشاهدة القتلى والجرحى في الشوارع والطُرقات.
ما الذي حدث في الرابع عشر من أكتوبر 2017؟
انفجرت شاحنة مُفخخة عند تقاطع مزدحم في مقديشو، مما أسفر عن مقتل 587 شخصًا وحوالي 1000 آخرين -حسب آخر الأرقام- اليوم، يُعرف التقاطع باسم تقاطع 14 أكتوبر، وهناك نصب تذكاري يشير إلى المكان الذي فجرت فيه القنبلة المباني.
الانفجار الدموي، كما دمر المباني مزق مئات العائلات التي فقدت أقاربها وأصدقائها.
وحينها قال خبير عسكري غربي وفقا لصحيفة “الغارديان” يعمل مع الحكومة الصومالية، إن القنبلة كانت تستهدف وزارة الخارجية، ومن المرجح أن جماعة الشباب لم تتوقع الدمار الذي قد تسببت به”.
وأضاف الخبير العسكري: “إن انفجارها بالقرب من صهريج وقود كان حظًا سيئًا للغاية”.
ضحايا الهجوم
تم تأكيد مقتل ما لا يقل عن 587 شخصًا، في الهجوم الذي وقع في أحد أكثر شوارع مقديشو ازدحامًا.
وكان من بين الضحايا كبار الموظفين المدنيين، وخمسة مسعفين متطوعين، وصحفي ورجل أمريكي من أصل صومالي وطالب بكلية الطب و 15 طفلاً.
ووفقا لبعض التقارير، فإنه قد لا يُعرف العدد الإجمالي للوفيات على وجه اليقين، حيث لن يتم العثور على بقايا العديد من الأشخاص بسبب تأثيرات الحرارة الشديدة (التي يمكن الشعور بها على بعد 100 متر من مكان الحادث) وآخرون دفنوا بسرعة من قبل الأقارب.
ودفنت الحكومة الصومالية حوالي 160 جثة، لم يتسن التعرف عليها في اليوم التالي للقصف. كما تم نقل أكثر من مائة جريح إلى مستشفى المدينة، وهو واحد من ستة مستشفيات قريبة من الانفجار كانت مكتظة بالمصابين.
من هو الجاني؟
بينما لم تعترف أي جماعة بمسؤوليتها عن هذا الهجوم، يعتقد المسؤولون أن الهجوم نفذته خلية من جماعة الشباب، بعد تصريحات أدلى بها عضو رئيسي، وهو مقاتل مخضرم شارك في الهجمات السابقة في مقديشو.
ويعتقد المحققون أن الدافع وراء الهجوم ربما كان رغبة في الانتقام من الغارة التي قادتها الولايات المتحدة على مسقط رأسه في أغسطس. تم اعتقاله أثناء قيادته لمركبة ثانية مليئة بالمتفجرات داخل المدينة يوم الانفجار.
وقال مسؤول إن الرجل اعترف وكان فخوراً بما فعله من أجل قضية الجهاد.
قال مسؤول آخر إن القنابل كانت مخبأة تحت الأرز والسكر وسلع أخرى في الشاحنة. تم اعتقال السائق لكن رجل أعمال محلي وزعيم قبلي منح الشاحنة.
وذكر المسؤول أن المحققين كانوا يحددون ما إذا كان المهاجمون قد تلقوا مساعدة من داخل قوات الأمن. صرح مسؤول استخبارات صومالي بأنه تم القبض على الرجل الذي كفل تسليم الشاحنة.
في فبراير 2018، حكمت محكمة عسكرية في مقديشو على شخصين بالإعدام لدورهما في التفجيرات. طبقاً للمحكمة، كان حسن عدن إسحاق يقود شاحنة كان من المقرر استخدامها في تفجير ثان. كما حُكم على إبراهيم حسن أبسوج غيابيًا عن التفجيرات أيضًا، وهو متهم أيضًا بتدبير تفجير سيارة مفخخة في مقديشو في نوفمبر 2016 وأودى بحياة 20 شخصًا.
تقرير يحمِّل جماعة الشباب معظم دماء المدنيين في الصومال
بعد أقل من شهرين، من هجوم الرابع عشر من أكتوبر في الصومال، وتحديدا في الحادي عشر من ديسمبر، أشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة إلى أن النزاع المسلح في الصومال لا يزال يتسبب بخسائر فادحة للمدنيين، إذ يلحق الضرر بالبنى التحتية ويشرِّد ملايين الأشخاص ويعيق إمكانية الوصول إلى مساعدات الإغاثة الإنسانية التي تستهدف المجتمعات الأهلية المحتاجة.
ويغطي التقرير بعنوان “حماية المدنيين: بناء أسس السلام والأمن وحقوق الإنسان في الصومال“، والذي أعدَّه مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال، الفترة الممتدة من الأول من كانون الثاني/يناير 2016 حتى 14 تشرين الأول/أكتوبر 2017.
ووثقت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال خلال الفترة المشار إليها مقتل 2,078 شخصاً وإصابة 2,507 شخصاً من المدنيين. ونُسب أكثر من نصف هذه الإصابات (60 بالمئة) إلى جماعة الشباب و13 بالمئة إلى الميليشيات العشائرية و11 بالمئة إلى جهات حكومية، بما في ذلك الجيش والشرطة، وأربعة بالمئة إلى بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال و12 بالمئة إلى مهاجمين مجهولي الهوية أو غير محددين.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال، مايكل كيتنغ: “في نهاية المطاف، إن المدنيين يدفعون ثمن الفشل في حل النزاعات القائمة في الصومال من خلال الوسائل السياسية”، مؤكداً أن “الأطراف في النزاع لا يبذلون ببساطة الجهد الكافي لدرء العنف عن المدنيين. وإنه لأمر مخزٍ”.
ويشير التقرير إلى أن المدنيين وقعوا ضحايا لهجمات غير مشروعة، إذ استهدفتهم جماعات غير تابعة للدولة مباشرة ومن خلال استخدام الهجمات بالقنابل والهجمات الانتحارية عشوائياً، مؤكداً أن هذه الهجمات التي يحظرها القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني تشكل في معظم الحالات على الأرجح جرائم حرب ومن الضروري أن تتم تحديد هوية مرتكبيها وتقديمهم إلى العدالة.
ومن أسوأ الحوادث التي يذكرها التقرير الانفجاران اللذان هزا العاصمة الصومالية مقديشو في اليوم نفسه في 14 تشرين الأول/أكتوبر وحمَّل المسؤولون الحكوميون الصوماليون مسؤوليتهما لجماعة الشباب، وقد قُتل فيهما ما لا يقل عن 587 شخصاً وفق الأرقام المسجلة رسمياً، بالإضافة إلى 357 جريحاً.
وقال الممثل الخاص كيتنغ: “شكل هذا العمل البربري الهجوم الأكثر دموية بعبوة ناسفة يدوية الصنع في تاريخ الصومال، وبالتأكيد أحد أسوأ الهجمات في القارة، إن لم نقل في العالم”. مضيفا: “للأسف، سوف يظل الشعور بتأثيره موجوداً لفترة طويلة”.
ونُسب عدد ملحوظ من الإصابات المسجلة بين المدنيين، بما في ذلك مقتل 251 شخصاً وإصابة 343 شخصاً، إلى الميليشيات العشائرية، وذلك في بعض المناطق التي يغيب فيها تواجد قوات الأمن الفيدرالية أو الحكومية على نطاق واسع.
وأشار التقرير إلى أن “الجفاف فاقم النزاع العشائري بسبب المنافسة على الموارد. واستغل بعض العناصر المناهضين للحكومة هذه النزاعات من أجل زيادة زعزعة الاستقرار في المناطق والحد من الآفاق الرامية إلى السلام الدائم وإضعاف حماية المدنيين”.
يشار مع ذلك إلى أن عدد الإصابات الذي نُسب إلى الجيش الوطني والشرطة في الصومال، بالإضافة إلى بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، كان أقل بشكل ملحوظ عن الأعداد التي جرى تحميل مسؤولية ارتكابها للمقاتلين في جماعة الشباب.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين: “بالرغم من ذلك، تعتبر هذه الإصابات مثيرة للقلق بشدة بما أنها تقوِّض ثقة الشعب الصومالي بالحكومة والمجتمع الدولي، ما يوسِّع بدوره الحيِّز الذي يواصل ضمنه العناصر المناهضون للحكومة عملهم”. أضاف “في حين أن تحقيق التوازن بين حقوق الإنسان والأمن يشكل تحدياً، إلا أن احترام حقوق الإنسان وحماية المدنيين أمر ضروري كأساس لدولة قوية وشرعية تعمل من أجل مصلحة جميع شعبها”.
وتتجاهل وكالة الأمن والمخابرات الوطنية القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل روتيني عند قيامها بعمليات التوقيف والاعتقال، بحسب التقرير الذي يضيف أن الصحافيين والأشخاص المشتبه بانتمائهم إلى جماعة الشباب يعتقلون غالباً من دون تهمة موجهة إليهم. ويشير التقرير إلى أن المعلومات بشأن ظروف الأشخاص الذين يعيشون تحت سيطرة جماعة الشباب ضئيلة، لافتاً إلى أن التحقيق بشأن الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان في هذه المناطق لا يزال يمثل إشكالية بسبب غياب تيسير الوصول إليها والخوف من الأعمال الانتقامية.
ويوضح التقرير أن النزاع ألحق الضرر بالأطفال بشكل متفاوت، معرضاً إياهم إلى “انتهاكات خطيرة خلال العمليات العسكرية، بما في ذلك القتل والتشويه والتوقيف والاعتقال على يد قوات الأمن الصومالية”. بالإضافة إلى ذلك، ازدادت بشكل كبير التقارير التي تتحدث عن تجنيد الأطفال. ففي أول عشرة شهور من عام 2017، أفيد عن تجنيد 3.335 طفل تقريباً، ونُسب 71.5 بالمئة من هذه الحالات إلى جماعة الشباب و14.6 بالمئة إلى ميليشيات عشائرية و7.4 بالمئة إلى الجيش الوطني الصومالي.
وبموجب ما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني، تقع المسؤولية الأولية لحماية المدنيين على عاتق الأطراف المتورطة في النزاع والسلطات الصومالية. وبحسب بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال، بالرغم من حصول بعض التطورات الإيجابية، إلا انه لا يزال ثمة الكثير من الجهد المطلوب لتحقيق مستوى مناسب من الحماية للمدنيين.
وتعتبر بعثة الأمم المتحدة أن تنفيذ الاتفاق بشأن الهندسة الأمنية الوطنية للصومال، والذي تمَّ التوصل إليه من قبل الحكومة الفيدرالية والولايات الفيدرالية الأعضاء في نيسان/أبريل من هذا العام، محور أساسي من أجل تحقيق إصلاح مستدام في القطاع الأمني. ويقدم الاتفاق فرصة لضمان أن المؤسسات الأمنية التي يقودها الصومال قابلة للمساءلة ويمكنها حماية المدنيين بما يتوافق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني مع الدعم المستمر للأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
ومن بين توصياته، يحث التقرير الأطراف في النزاع على اتخاذ كل التدابير الوقائية المجدية لحماية المدنيين والمنشآت المدنية بوقف استخدام كل أشكال العبوات الناسفة اليدوية الصنع وقذائف الهاون والصواريخ والقنابل من المناطق المأهولة وإليها. كما يدعو التقرير إلى حلِّ كل الجماعات المسلحة غير المشروعة والميليشيات. كذلك، يشجع التقرير بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال على تعزيز إجراءاتها الخاصة بالمساءلة في ما يتعلق بالحوادث التي يتورط فيها مدنيون، وذلك بإجراء تحقيقات ومحاكمات قضائية فاعلة بشأن الادعاءات الخطيرة المنسوبة إلى بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وبعض القوات الدولية الأخرى، ما يقدم الجناة إلى المساءلة ويؤمن المساعدة المناسبة والتعويضات الفاعلة للضحايا.
ويحث التقرير أيضاً الحكومة الفيدرالية والولايات الفيدرالية الأعضاء على اعتماد مجموعة من التدابير القانونية وتدابير السياسة العامة، بما في ذلك احترام إنفاذ القانون بهدف ضمان إجراء تحقيق فاعل والمقاضاة بشأن الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وتقديم التعويض الفاعل.