مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني.. بوادر تمرّد لدى الطبقة الوسطى وأزمة وجودية تواجه الشباب
- الطبقة الوسطى تعاني صعوبات في الاندماج بالحياة المهنية وقلة الآفاق
- يفضل جزء من جيل الشباب الصيني التقليل من طموحاتهم
- نسبة كبيرة من الشباب الصيني مستعدة لتبني حالة “ابق مستلقياً”
- تم التعبير عن قلق الطبقة الوسطى من خلال مظاهرات نادرة
- السلطات أزالت لافتات في العاصمة تدعو للإطاحة بالرئيس شي جين بينغ
يشكل مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني، الذي سيفتتح الأحد 16 أكتوبر/ تشرين الأول، حدثًا مهما لأنه سيكون فرصة لشي جين بينغ للترشح لولاية ثالثة على رأس البلاد، وهو أمر غير مسبوق منذ وفاة ماو تسي تونغ، في عام 1976. وبينما يجب أن يبدو الرئيس الصيني أقوى من أي وقت مضى، فإنه يواجه سلسلة من التحديات أبرزها: الشعور المتزايد بالضيق لدى الطبقة الوسطى لا سيما بين شبابها، تعمقه في استراتيجية لا نهاية لها لمكافحة كوفيد19 والاقتصاد الراكد.
ومع ذلك، فإن هذه الطبقة الوسطى هي أحد أعمدة سياسة شي جين بينغ منذ ترقيته إلى منصب رئيس الحزب في عام 2012. هي في قلب “حلمه الصيني”، هذا المفهوم العزيز على الرئيس، والذي يهدف إلى جعل الصين دولة قوية، ومتقدمة تكنولوجيا، مع ضمان الصعود الاجتماعي والازدهار لسكانها.
الشباب في مواجهة “أزمة وجودية”
صعوبات في الاندماج في الحياة المهنية، قلة الآفاق … في هذا السياق، يفضل جزء من جيل الشباب التقليل من طموحاتهم. وفي الأشهر الأخيرة، دعا العديد من مستخدمي الإنترنت على الشبكات الاجتماعية إلى “تانغ بينغ” أو “لاينغ فات” – وتعني بالعربية “ابق مستلقيا”. تقوم الفكرة على تحرير الذات من نماذج نجاح المجتمع الصيني لتبني أسلوب حياة أبسط وأكثر سعادة.
يرجع أصل هذه الحركة، إلى نص مكتوب من قبل مستخدم إنترنت صيني بعنوان “لاينغ فلات إن جاستيس“ وتم نشره على منتدى على الإنترنت في يوليو/ تموز 2021.
يقول لويو هيوازونغ إنه قبل خمس سنوات، استقال من وظيفته كعامل من أجل الذهاب إلى التبت، يعمل من حين لآخر ويعيش على حوالي عشرين يورو في الشهر. وقال في شهادته التي كتبتها صحيفة نيويورك تايمز وهي الآن خاضعة للرقابة في الصين: “بعد العمل لفترة طويلة، شعرت أني مخدر، وكأني آلة، لذلك استقلت”.
ومنذ ذلك الحين، تكثر على الويب الشهادات التي تعبر عن هذا الإرهاق من الحياة اليومية، ويتم حذفها على الفور، وفي الشارع، يرتدي البعض قمصانا تحمل شعار “لاينغ فات” منصة وايبو، أجرت سبرا لآراء مستخدميها في الفترة ما بين 28 مايو/ أيار و 3 يونيو/ حزيران كشف أن 61٪ من المستجيبين البالغ عددهم 241 ألفا قالوا إنهم مستعدون لتبني حالة “اللاينغ فات” أي “ابق مستلقيا”.
وقال المختص في الشؤون السياسية جان لويس روكا: “لقد تحولت معاناة جيل الشباب إلى أزمة وجودية”. “في مواجهة تقلص الآفاق، لم تعد ترى مغزى الخضوع للنظام الصيني شديد التنافسية وهذا المخطط 9-9-6، والذي يتكون من العمل من الساعة 9 صباحًا حتى 9 مساء، ستة أيام في الأسبوع.”
“حتى ذلك الحين، اعتقد الجميع أن الحلم الصيني يعني أن كل جيل سيستفيد من وضع أفضل من السابق” ، هذا ما يحلل أليكس باييت، عالم السينولوجيا ومدير شركة سيركوس غروب، ومقرها مونتريال. “يجد السكان أنفسهم الآن في مواجهة حدود الحلم الصيني”.
من “الاستلقاء على الأرض حتى دعه يتعفن”
في الأشهر الأخيرة، اتخذ شعار “لايتنغ فات” منعطفا جديدا مما أفسح المجال لـ “لات إيت روت” (“دعه يتعفن” ، باللغة العربية) يوضح أليكس باييت “الأول كان نوعا من الدعوة إلى الحياة البسيطة، والثاني يأخذ بعدًا أكثر سلبية، من اللامبالاة”. “على سبيل المثال، إذا طُلب مني القيام بأمر ما، فلن أتجنب تنفيذه فحسب، ولكن إذا اضطررت إلى ذلك، فسأفعل أقل قدر ممكن.”
ويشير أليكس باييت إلى أن “دعها تتعفن” تنتشر حتى بين قياديي الحزب. ويوضح قائلاً: “لقد رأينا ذلك، على سبيل المثال، أثناء الفيضانات: يفضل التنفيذيون انتظار تعليمات واضحة من الهيئات الإدارية بدلا من اتخاذ مبادرات، حتى لو كان لذلك عواقب وخيمة”.
من الضيق الاجتماعي إلى الضيق السياسي؟
والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنه تم التعبير عن قلق الطبقة الوسطى أيضا على أرض الواقع، خلال مظاهرات نادرة في بلد يتم فيه قمع أي محاولة للاحتجاج بعنف.
وأزالت سلطات بكين لافتات نادرة لمظاهرات سياسية من جسر في العاصمة الصينية، وفقا لصور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي اليوم الخميس، وذلك قبل أيام من بدء مؤتمر الحزب الشيوعي الذي يجتمع مرة كل خمس سنوات.
وحملت اللافتات عدة شعارات، من ضمنها دعوة للإطاحة بالرئيس شي جين بينغ وإنهاء سياسات كوفيد-19 الصارمة، وفقا لعدد كبير من الصور ومقاطع الفيديو المتداولة على تويتر المحظور في الصين.
وعادة ما تشهد العاصمة إجراءات أمنية مشددة استعداداً للمناسبات والأحداث المهمة. فقد جرى تعزيز الأمن، على مستوى الشارع حيث تقوم الشرطة شبه العسكرية بتسيير دوريات عند محطات مترو الأنفاق، وفي الأحياء القريبة من “قاعة الشعب الكبرى” التي سيُعقد فيها المؤتمر.
وتقمع السلطات الصينية استخدام شبكات افتراضية خاصة، تتخطى الجدران النارية في الصين، بهدف تقييد الدخول إلى الانترنت، خارج نطاق سيطرة الحزب الشيوعي.