أوكرانيا تعلن إسقاط 220 طائرة مسيّرة إيرانية الصنع في أكتوبر
- روسيا تهدد بإعادة النظر في التعاون مع الأمم المتحدة
- موسكو وطهران تنفيان “إيرانية المسيرات” المستخدمة في كييف
نفت موسكو وطهران في الأمم المتّحدة، الأربعاء، أن تكون المسيّرات التي تستخدمها روسيا في شنّ هجمات في أوكرانيا “إيرانية الصنع“، كما تتّهمهما بذلك كييف وحلفاؤها، وفي مقدّمتهم الاتّحاد الأوروبي، الذي يحضّر لفرض عقوبات على طهران بسبب هذه الطائرات.
وفي أعقاب جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي عصر الأربعاء، على مدى ساعتين بطلب من الولايات المتّحدة وفرنسا وبريطانيا لبحث قضية المسيّرات الإيرانية، تناوب على الحديث أمام الصحافيين عند باب المجلس كلّ من نائب السفير الروسي ديمتري بوليانسكي والسفير الإيراني أمير سعيد إيرواني.
وبنبرة ملؤها السخرية انتقد الدبلوماسي الروسي “اتّهامات لا أساس لها، ونظريات مؤامرة وعدم عرض أيّ دليل على مجلس الأمن”.
وأكّد بوليانسكي أنّ المسيّرات “التي يستخدمها الجيش الروسي في أوكرانيا صنعت في روسيا” وبالتالي لا صلة لإيران بها.
بدوره، سخّف السفير الإيراني الاتّهامات الموجّهة لبلاده بتزويد روسيا مسيّرات عسكرية، معتبرًا إياها “مزاعم لا أساس لها ولا جوهر”.
وجدّد إيراواني التأكيد على أنّ إيران تريد “تسوية سلمية” للنزاع في أوكرانيا.
وخلال تصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 تشرين الأول/أكتوبر على مشروع قرار يدين عملية الضمّ “غير القانونية” التي قامت بها روسيا لأربع مناطق أوكرانية، امتنعت إيران عن التصويت شأنها في ذلك شأن 34 دولة أخرى.
تهديد روسي
من ناحيته لم يكتف السفير الروسي بنفي الاتّهامات الموجّهة إلى كلّ من موسكو وطهران بشأن قضية المسيّرات الحربية، بل وجّه تهديدًا إلى كلّ من الأمانة العامة للأمم المتّحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش.
وقال بوليانسكي إنّه في حال أجرت الأمم المتّحدة تحقيقًا لتحديد منشأ المسيرات التي تستخدمها بلاده في أوكرانيا، “سيتعيّن علينا إعادة النظر في تعاوننا معهم (الأمانة العامة)”، مشدّدًا على أنّ إعادة النظر هذه “لن تكون في مصلحة أحد”.
وطلبت الولايات المتّحدة وفرنسا وبريطانيا عقد هذه الجلسة على الرّغم من أنّ روسيا تتمتّع في مجلس الأمن الدولي بحقّ النقض وبإمكانها تاليًا أن تجهض أيّ قرار يمكن أن يصدر عن المجلس.
وأبلغت أوكرانيا منذ أسابيع عن شنّ روسيا هجمات بمسيّرات إيرانية من طراز شاهد-136، وهي طائرات دون طيار تنفجر رؤوسها الحربية في عمليات عمليات هبوط انتحارية، كما تحرّكت كييف لقطع العلاقات مع طهران.
وفي بروكسل، جدّد الاتّحاد الأوروبي الأربعاء، التأكيد على أنّ إيران وراء تزويد روسيا بالمسيّرات.
وقالت نبيلة مصرالي المتحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: “لقد جمعنا أدلّتنا الخاصة” والتكتّل يستعدّ لـ”ردّ واضح وسريع وحازم”.
وأظهرت قائمة أنّ الاتّحاد الأوروبي أعدّ لفرض عقوبات على ثلاثة مسؤولين عسكريين إيرانيين بينهم الجنرال محمد باقري رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية.
والعقوبات التي من المتوقع إقرارها الخميس، في قمّة أوروبية في بروكسل ستشمل “شاهد” لصناعات الطيران، وهي شركة مرتبطة بالحرس الثوري.
وأفاد الجيش الأوكراني الأربعاء، أنه أسقط أكثر من 220 طائرة مسيّرة إيرانية الصنع في نحو شهر، على الرّغم من أنّ قصف كييف بطائرات مسيّرة أسفر الاثنين عن وقوع خمسة قتلى.
حتى 2023
وتتّهم الولايات المتحدة إيران عبر نقلها مسيّرات حربية إلى روسيا بانتهاك القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 2015 والذي رعى اتفاقًا نوويًا بات الآن في حكم المنهار.
وعام 2020 انتهى الحظر الذي يفرضه القرار على مبيعات الأسلحة التقليدية الإيرانية، رغم محاولات إدارة دونالد ترامب السابقة تمديده.
لكنّ القرار يحظر حتى تشرين الأول/أكتوبر 2023 كلّ صادرات الأسلحة الإيرانية التي لا تتمّ بإذن من مجلس الأمن في حال كانت تعود بالفائدة على قدرات الصواريخ البالستية.
وقال المتحدّث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل الأربعاء، إنّ “إمداد إيران بهذه الأنواع المحدّدة من الطائرات دون طيار لروسيا يعدّ انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، وهي مسالة تخصّ مجلس الأمن الدولي”.
وقال نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ناقشوا مسألة ما تردد عن نقل إيران طائرات مسيرة إلى روسيا في مجلس الأمن، الأربعاء.
وأضاف برايس في بيان: “عبرنا عن بالغ القلق لحصول روسيا على هذه الطائرات المسيرة من إيران. لدينا أدلة كبيرة الآن على أن تلك الطائرات المسيرة تستخدم لقصف مدنيين أوكرانيين وبنية تحتية حيوية”.
وتابع: “لن نتردد في استخدام عقوباتنا وغيرها من الأدوات الملائمة ضد كل المتورطين في عمليات النقل تلك”.
وتأتي عمليات نقل الأسلحة المزعومة في الوقت الذي تواجه فيه إيران ضغوطا متزايدة بسبب حملة القمع التي تشنها ضد أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ سنوات بعد وفاة الشابة مهسا أميني البالغة 22 عاما وهي قيد الاحتجاز لدى “شرطة الأخلاق”.
وأدّت الاضطرابات إلى فرض عقوبات غربية جديدة على إيران وتراجع الجهود التي يبذلها الرئيس الأميركي جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الذي انسحب منه دونالد ترامب.
وسلط المسؤولون الغربيون الضوء على المسيّرات الإيرانية كدليل على أنّ روسيا، وهي تاريخيًا واحدة من أكبر مصدّري الأسلحة في العالم، تستنفد ترسانتها جراء الخسائر التي تتكبدها في ساحة المعركة.
كوريا الشمالية والصين
وكشفت الولايات المتحدة معلومات استخباراتية تقول إن المسيّرات الإيرانية أصيبت بأعطال في أحيان كثيرة، وأن روسيا تحولت إلى كوريا الشمالية للحصول على طائرات بعد رفض الصين الدعوات لإرسال أسلحة.
وقال وزير الدفاع الاستوني هانو بيفكور خلال زيارة لواشنطن إن روسيا تعتمد على الطائرات المسيّرة بسبب قلّة الإمدادات ونجاح أوكرانيا في حماية أجوائها.
وأضاف بيفكور للصحافيين أنّ الروس “يدركون أنهم في الجو لا يملكون سيطرة حاليًا، لأن هناك دفاعًا جويًا من الجانب الأوكراني. لقد فقدوا الكثير من الطائرات”.
وفي واشنطن، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إنّ “الولايات المتّحدة تنضمّ إلى البريطانيين والفرنسيين في إثارة قضية نقل (الطائرات المسيّرة) من إيران إلى روسيا”.
وأضاف أنّ الدبلوماسية الأمريكية “رأت في الأشهر الأخيرة الكثير من الأدلّة على أنّ روسيا تستخدم (المسيّرات) الإيرانية لشنّ هجمات لا ترحم ومتعمّدة ضدّ السكان الأوكرانيين والبنى التحتية المدنية الأساسية”.
ومنذ شباط/فبراير، أجهضت روسيا كلّ القرارات التي حاول مجلس الأمن الدولي إصدارها ضدّها بشأن الحرب في أوكرانيا.
وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي فإنّ “مجلس الأمن الدولي سيعقد الجمعة، بناءً على طلب فرنسا والمكسيك، اجتماعًا (علنيًا) حول حماية المدنيين، لبحث موضوع الضربات العشوائية ضدّ المدنيين والتي قد ترقى إلى +جرائم حرب+”.