أوكرانيا تجبر روسيا على التراجع بهجوم مضاد
كتب خبير العلاقات الدولية، الباحث فلاديمير فرولوف (Vladimir Frolov)، تقدير موقف مطول عن “تغيير روسيا لأهدافها في أوكرانيا“، وكيف ولماذا تغيرت؟،
وما الذي يعنيه تعيين الجنرال سيرغي فلاديميروفيتش سوروفيكين، مسؤولاً عن العمليات الروسية في أوكرانيا، ونظرًا لأهمية ما ورد في التقرير من كاتب وباحث روسي كبير على درجة عالية من المعرفة بعقلية الكرملين، تقدم قناة (الآن) لقرائها ترجمة كاملة لتقدير الموقف هذا.
تمهيد
تهدف حالة الطوارئ المدنية-الاقتصادية الشاملة، التي أدخلها الكرملين مؤخرًا، إلى ضمان التأسيس لاستراتيجية دفاعية عن الأراضي المحتلة حديثًا من أوكرانيا، وليس “الحرب الشاملة وصولاً لنصر نهائي”.
كما ستوفر التعبئة الاقتصادية والبشرية إمكانية تمديد ما تسمى “العملية العسكرية الخاصة”، بوتيرة بطيئة حتى عام 2023، لكن قدراتها محدودة ولا تسمح بأكثر من ذلك.
استقبل تجمع القوات الروسية في المنطقة العسكرية الشمالية قائدًا جديدًا – الجنرال سيرغي سوروفيكين، الذي على عكس المعتاد، تعمد الظهور العام للجمهور لكي يتحدث عن الأهداف والقرارات الجديدة، بالتزامن مع الأحكام العرفية المتصاعدة التي أعلن عنها الكرملين. تعطي هذه الأوضاع مجتمعة، فكرة عما تبدو عليه أهداف روسيا العسكرية والسياسية على المدى المتوسط بالنسبة لأوكرانيا.
مهام الجنرال سوروفيكين
باختصار، يتمثل “التفويض” الذي حصل عليه سوروفيكين، والذي عليه اعتمد “استراتيجيته”، في التحرك على جميع الجبهات للدفاع الاستراتيجي مع إمكانية شن ضربات مضادة وهجمات تكتيكية لتحسين المواقف.
تعتزم روسيا بناء خط دفاع مستقر وطويل الأجل في الأراضي الجديدة المحتلة من أوكرانيا، تمكنها من تجنب الاختراقات العميقة للقوات المسلحة الأوكرانية، والمزيد من التحولات العسكرية في الحدود الجديدة.
أي أن يكون لديها الوقت لوقف الأعمال العدائية المكثفة قبل الطقس البارد وتجميد النزاع فعليًا، مع الحفاظ على ما تم الاستيلاء عليه من أراضي وضمها إلى الاتحاد الروسي.
هذه هي أقصى طموحات السلطة الروسية، التي لم تعد قادرة على القيام بأي شيء أكثر من ذلك اليوم، حيث لم يعد هناك مجال للحدث عن أي هجوم روسي جديد واسع النطاق في عمق أراضي أوكرانيا.
تحتاج روسيا إلى وقف طويل الأمد للأعمال العسكرية، من أجل إعادة إنشاء قوات برية جاهزة للقتال عمليًا من نقطة الصفر.
التعبئة الجزئية، كما أشار فلاديمير بوتين، ضرورية للحفاظ على الجبهة لمسافة ألف كيلو متر.
إن ضعف تدريب ومعدات المعبئين لا يسمح باستخدامهم في العمليات الهجومية، ولكن حتى الأشخاص الذين يحملون بنادق هجومية من طراز (كلاشينكوف أيه كيه أم)، التي تعود إلى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي مناسبون للاحتفاظ والسيطرة على مناطق جديدة في الخلف؛ بينما النقص الحاد في المعدات العسكرية الحديثة لا يسمح لروسيا بأي عملية هجومية، خصوصًا في ظل مواجهة عدو أفضل تجهيزًا.
تهدف حالة الطوارئ المدنية-الاقتصادية الشاملة، التي أدخلها الكرملين مؤخرًا، إلى ضمان التأسيس لاستراتيجية دفاعية عن الأراضي المحتلة حديثًا من أوكرانيا، وليس “الحرب الشاملة وصولاً لنصر نهائي”.
كما ستوفر التعبئة الاقتصادية والبشرية إمكانية تمديد ما تسمى “العملية العسكرية الخاصة”، بوتيرة بطيئة حتى عام 2023، لكن قدراتها محدودة ولا تسمح بأكثر من ذلك.
القائد العام الجديد، مخول لاتخاذ “قرارات صعبة” بشكل مستقل حول الانسحاب إلى مواقع دفاعية أكثر فائدة والتي لن تتمكن القوات المسلحة الأوكرانية من اختراقها على الفور، مما يؤدي لتعثرها وتوقفها.
لدى سوروفيكين القدرة على اتخاذ قررا التراجع، حتى لو اضطر إلى مغادرة بعض المناطق المهمة رمزيًا، والكبيرة التي يصعب الدفاع عنها. على سبيل المثال، الضفة اليمنى لنهر دنيبر أو شمال منطقة لوهانسك. سيتحمل سوروفكين المسؤولية عن هذه القرارات من أجل منع زعزعة الاستقرار الداخلي الروسي.
الأهداف الروسية الجديدة
تم توجيه سوروفيكين – ربما لأول مرة منذ فبراير (شباط) 2022 – بجعل الأهداف السياسية لما تسمى “العملية العسكرية الخاصة”، تتماشى مع القدرات العسكرية والاقتصادية الحقيقية لروسيا، في ظل ظروف الصراع الحالي، الذي يتم فيه تنفيذ الدعم اللوجستي والقتالي للعدو من قبل كتلة الناتو بأكملها، وتقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
كان التناقض بين الأهداف الاستراتيجية والقوات والوسائل المخصصة: “هو السبب الرئيسي للإخفاقات العسكرية الروسية من فبراير (شباط) إلى سبتمبر (أيلول).
تم تصميم “العملية العسكرية الخاصة”، للتأسيس لسيطرة الاتحاد الروسي، السياسية والعسكرية على كل أو معظم أراضي أوكرانيا من خلال تغيير النظام الحاكم في كييف.
كان الكرملين يأمل في إخراج الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي من أوكرانيا باستخدام محدود للقوة.
لكن هذه المعادلة قد تبين أنها فاشلة، بعد خسارة المعركة الأولى بالقرب من كييف بحلول منتصف مارس (آذار)، وتبين عدم إمكانية تحقيق هذه الأهداف.
في أبريل (نيسان) الماضي، سحبت موسكو الوحدات التي فقدت فعاليتها القتالية من كييف وتشيرنيهيف وسومي، وجزئيًا من خاركوف، بعد أن أدركت عدم امكانية فرض شروط الاستسلام على كييف.
من أبريل (نيسان) إلى سبتمبر (أيلول)، كان هناك صراع من أجل الحدود المادية لذلك الجزء من أوكرانيا الذي سيبقى تحت سيطرة الاتحاد الروسي.
بحلول أغسطس (آب)، أصبح من الواضح أن قوات الجيش من المتعاقدين والمعدات المتوفرة ليست كافية لتوسيع منطقة السيطرة الروسية بشكل جذري إلى ما هو أبعد مما تم تحقيقه في فبراير (شباط)، ومارس (آذار). كان الاستثناء الوحيد هو الاستيلاء على شمال منطقة لوهانسك وسفرودونتسك مع ليسيتشانسك.
في سبتمبر (أيلول)، بعد الهجوم المضاد للقوات المسلحة لأوكرانيا، بدأت المعركة للسيطرة على مناطق جديدة. أما اليوم، بدأ القتال بالفعل لضمان أن منطقة السيطرة الروسية لا تزال أكبر مما كانت عليه قبل 23 فبراير (شباط)، ولا تتراجع إلى ما وراء حدود 2014-2015.
صاغ بوتين الهدف السياسي الجديد لـ “العملة العسكرية الخاصة”، في مؤتمر صحفي عُقد مؤخرًا في أستانا، بالشكل التالي: “الحفاظ على وجود ممر بري للاتحاد الروسي إلى شبه جزيرة القرم على طول ساحل بحر آزوف والضفة اليسرى لنهر دنيبر، حتى لا تُغلق كييف المياه مرة أخرى عن القرم”.
لهذا، فإن السيطرة على ماريوبول، وبيرديانسك، وميليتوبول، ونوفا كاخوفكا؛ باتت أكثر أهمية من السيطرة على خيرسون وليسيتشانسك وسيفيرودونيتسك. سوروفيكين، لديه السلطة لاتخاذ هذا “الاختيار الصعب” بنفسه.
الآن أصبحت أهداف الحرب “عملية سطو” ذات سقف منخفض لكنها باتت أيضًا أكثر واقعية في مراعاتها للقدرات الروسية بشكل أفضل. وأصبح من الممكن وضع “صيغة نصر” ملموسة إلى حدٍ ما وخطة لتحقيقها، وهو ما لم يحدث منذ فبراير (شباط). أما تصريحات سوروفيكين، حول “أوكرانيا بعيدة عن الغرب وحلف شمال الأطلسي وصديقة للاتحاد الروسي” (مما يعني تغيير النظام في كييف).
لا تعدو أكثر من كونها بروباغندا موجهة للداخل. ببساطة، القائد العسكري الجديد ليس لديه موارد لتحقيق هذا الهدف، ولا تتوقع منه القيادة السياسية ذلك. ومن هنا جاء العنصر الثاني لاستراتيجية سوروفيكين: “إجبار أوكرانيا على وقف الأعمال العدائية النشطة، وتجميد خطوط السيطرةـ والدخول في مفاوضات بشروط روسية مُعدلة تعكس الهدف الواقعي الجديد للعملية العسكرية الخاصة”.
للقيام بذلك، تقوم روسيا من بين أمور أخرى، بتعطيل جزء كبير من البنية التحتية للطاقة الأوكرانية عبر الضربات الجوية والطائرات بدون طيار.
يقلل الانقطاع الخطير للتيار الكهربائي من قدرة كييف على شن الهجوم المضاد، وعاجلاً أم آجلاً سيكون له تأثير سلبي على إمداد القوات المسلحة لأوكرانيا، مما يؤدي إلى إبطاء الهجوم.
كما أن الهجمات المكثفة بمساعدة طائرات بدون طيار ذات تكلفة رخيصة، على الرغم من أنها لا تدمر الأهداف بالكامل، لكنها تحقق هدف آخر وهو احباط معنويات السكان. ومع ذلك، فإن قدرة روسيا على حل هذه المشكلة محدودة للغاية بسبب عدم قدرة القوات الجوية الروسية، وضعف المعلومات الاستخباراتية، لتحديد مواقع الدفاعات الجوية الأوكرانية وضربها وبالتالي تحقيق التفوق الجوي.
تبين أن تجربة سوريا كانت مضللة للغاية، حيث لم يكن لدى العدو أنظمة دفاع جوي حديثة، ولم يقدم له أي طرف خارجي دعم. تم تجميد استثمارات بمليارات الدولارات في شراء طائرات مقاتلة جديدة، والتي فُقد عدد غير مقبول منها بالفعل. بالمناسبة، حتى فبراير (شباط)، كان الجنرال سوروفيكين، قائد القوات الجوية في الاتحاد الروسي.
هل تنجح هذه الخطة أم لا؟
هناك ثلاث مشاكل تمنع روسيا من “إجبار أوكرانيا على السلام”، مع مراعاة “الحقائق الإقليمية الجديدة”. أولها أن الكرملين ليس مستعدًا لوقف العملية تمامًا بعد تجميد الجبهات أو أخذ استراحة لاستعادة القدرة القتالية للجيش الروسي.
حتى الآن، لا يتجاوز الأمر المناقشات دون قرار نهائي. هناك مقترحات مغرية لـ “انتظار عودة ترامب” أو على الأقل فوز جمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تقليل المساعدة العسكرية الأمريكية لأوكرانيا.
يلمح زعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفين مكارثي (Kevin McCarthy)، إلى أن هذا ممكن. لكن يبدو أن جزءًا كبيرًا من فصيله سيدعم تخصيصًا استباقيًا قدره 50 مليار دولار لكييف بحلول نهاية العام.
أي قبل أن يتمكن الجمهوريون من كسب نفوذ في مجلس النواب في يناير (كانون الثاني) 2023.
علاوة على ذلك، الأمل ليس استراتيجية. خاصةً عندما تستند إلى الجودة المتدنية للتحليلات المتعلقة بسياسات الولايات المتحدة، والتي خدعت توقعات الكرملين مرارًا وتكرارًا.
تم تعليق نفس الآمال على أن أزمة الطاقة في أوروبا ستجبر الاتحاد الأوروبي على الدخول في مفاوضات مع موسكو بشأن أوكرانيا. لكن الاتحاد الأوروبي اختار الأزمة الاقتصادية.
أدى عدم كفاية التقييمات الروسية للوضع في ألمانيا إلى حقيقة أن الكرملين لم يكن مستعدًا تمامًا لإمكانية تحول برلين من مفهوم “أمن أوروبا مع روسيا”، المُفضل لدى موسكو؛ إلى استراتيجية “أمن أوروبا من روسيا”. والأغرب أنها تفعل ذلك تحت قيادة الاشتراكيين الديمقراطيين.
في الواقع، فإن إمكانية إجراء مفاوضات ذات مغزى مع كييف حول “القرارات الصعبة”، وكيفية العيش على أساسها تعتمد على ما إذا كان الكرملين مستعدًا للتوقف. من الواضح أنه لا كييف ولا شركاؤها الغربيون مهتمون بتحقيق هدنة، حتى لو كانت طويلة.
يؤدي هذا الوضع إلى مشكلة ثانية: لا يمكن لموسكو أن تأمر من جانب واحد بوقف جميع الأعمال العدائية بينما كييف حريصة على تحرير أراضيها المحتلة قدر الإمكان (لا يزال هناك خمسة إلى ستة أسابيع من القتال قبل تغير الطقس). حدوث ذلك يعتمد على تعرض كييف، لخسائر فادحة مما يضطرها للتوقف لأجل للتعافي. لكن تحقيق هذا الأمر ليس بيد الكرملين.
الحدود والضمانات
تتعلق المشكلة الثالثة بموقف الغرب المتفق عليه بأن موسكو “لا ينبغي أن تحصل على استحواذات جديدة من الأراضي”، بحيث يصبح “استثمار فبراير (شباط)” بأكمله خسارة صافية للكرملين.
هذا يعني العودة إلى حدود ما قبل 24 فبراير (شباط). في نفس الوقت الغرب بأغلبية حاسمة، لا يدعم مطالب كييف للوصول إلى حدود عام 1991، أي تحرير (شبه جزيرة القرم، وجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين).
كما أشار الرئيس بايدن في مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز، فإن هدف الولايات المتحدة هو: “استعادة وحدة أراضي أوكرانيا قبل دخول القوات الروسية في فبراير (شباط).
كل شيء آخر هدف إضافي وليس أساسي. تشترك دول الاتحاد الأوروبي الرئيسية في هذه الرؤية باستثناء دول البلطيق وبولندا.
في أوائل مارس (آذار)، أظهر الرئيس زيلينسكي مثل هذا “الفهم لنصر أوكرانيا”، ولكن منذ ذلك الحين توسعت أهدافه إلى حدود عام 1991.
موسكو ليست مستعدة لمثل هذه الانتكاسات. يجب ضمان “الحد الأدنى من الربحية للعملية العسكرية الخاصة في شكل ممر بري إلى شبه جزيرة القرم، وقد تقترب بقية الحدود من حالة 24 فبراير (شباط). حقيقة أن “مجموعة فاغنر” تقوم “بمبادرتها الخاصة” بتجهيز خط دفاع ثانٍ على طول حدود جمهورية لوغانسك الشعبية قبل الحرب (مع التخلي عن سفرودونتسك)، تتحدث عن خطط الدفاع الرئيسية للقيادة الروسية.
التسوية الدبلوماسية مستحيلة دون إحراز تقدم في قضية الأراضي من جانب أو آخر.
يجب أن يستسلم شخص ما أو يعاني من هزيمة عسكرية، مما يؤدي إلى تراجعه عن مطالبه وتحقيق تسوية.
وهذا السؤال خلافًا للرأي السائد لا يمكن تأجيله إلى وقت لاحق. في السيناريو الأول، سواء كان هناك تغيير في حدود أوكرانيا المعترف بها دوليًا أم لا، يجب حله على الفور مع الإيضاحات اللاحقة على الأرض.
أما فيما يتعلق بالمسألة الإقليمية، هناك عقبة أخرى أمام تسوية طويلة الأجل: “كيف تضمن لأوكرانيا أن روسيا لن تقوم بمحاولات جديدة لإعادة التفاوض بشأن الحدود بالقوة في المستقبل، وكيف تضمن لروسيا أن أوكرانيا لن تكون قادرة على إعادة التفاوض من خلال الحل العسكري”. – حل قضية الأراضي في المستقبل (بغض النظر عمن سيكون في السلطة في كييف)؟ الوضوح بشأن القضية الإقليمية والقبول المتبادل لخط الحدود التقريبي ضروريان لكل من السيناريو الأول والثاني.
حتى الآن، تم بناء جميع الأفكار حول هذا الموضوع حول حزمة من الضمانات الأمنية الغربية لأوكرانيا، والتي سيتم تقديمها بعد إعلان وضعها المحايد.
تتلخص هذه الضمانات في أكثر أشكالها واقعية، في إجراء مشاورات سريعة (في غضون 24-48 ساعة الأولى بعد أي غزو روسي جديد)، للاتفاق على حزم المساعدات العسكرية الغربية لكييف. في الواقع، لا يمكن أن يسمى هذا “ضمانات أمنية” – بل هي “تأكيدات” وعبر القياس مع مذكرة بودابست. فهي لا توفر الردع بالرفض ولا الردع بالعقاب، وهو ما ينطبق على دول الناتو. يرى زيلينسكي طريقتين محتملتين للخروج من هذا الموقف: الأول، هو دخول أوكرانيا المُعجل إلى الناتو.
في الواقع، لقد حدث ذلك بالفعل: “لقد تصاعدت مشاركة الناتو في هذا الصراع لدرجة أنهم يقتربون من تلك المشار إليها في المادة الخامسو بشأن الدفاع الجماعي، باستثناء ربما استخدام السلاح النووي”.
ومع ذلك، فإن التحالف ليس في عجلة من أمره لإضفاء الطابع الرسمي على هذا الوضع لأوكرانيا من خلال قبول طلب العضوية رسميًا.
المخرج الثاني، المحتمل هو تحويل أوكرانيا إلى إسرائيل جديدة مشبعة بالدعم الغربي السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والعسكري، لكي تكون “دولة محاربة”، مستعدة باستمرار لخوض حرب شاملة. وعليه، يجب أن تمتلك “إسرائيل الأوكرانية” قوة جوية قوية وأنظمة دفاع جوي وأنظمة صواريخ بعيدة المدى.
من الواضح أن سيناريو “إسرائيل على نهر الدنيبر” ليست بالخبر السعيد لموسكو، ومن هنا جاءت مطالب نزع السلاح في أوكرانيا، والتي مع ذلك، أصبحت بالفعل غير واقعية. هذا الوضع غير مستقر ويضمن تكرار “الحرب الوقائية”.
البديل
البديل المحتمل للضمانات الأمنية الغربية، هو نشر قوات حفظ سلام دولية في أوكرانيا. قد تتكون وحدة حفظ السلام هذه بشكل أساسي من قوات الناتو المزودة بأسلحة ثقيلة – مثل قوات كوسوفو (Kosovo Force)، التابعة للناتو.
إن قوات حفظ السلام المسلحة تسليحًا جيدًا ستجعل من الممكن تحقيق الردع دون الإفراط في عسكرة أوكرانيا، ودون انضمام البلاد الرسمي إلى الناتو. سوف تمتد المظلة النووية للحلف إلى قوات الناتو لحفظ السلام، وبالتالي إلى أراضي أوكرانيا.
يبدو أن موسكو يجب أن تكون ضد مثل هذا الخيار. بعد كل شيء، حذر بوتين على وجه التحديد في أستانا من أن: “التورط المباشر لقوات الناتو في عمليات ضد القوات الروسية في أوكرانيا قد يؤدي إلى استخدام موسكو سلاحًا نوويًا”.
ولكن هنا من الممكن الاتفاق بطريقة جيدة على إدخال قوات الأمم المتحدة/الناتو بعد توقف الأعمال العدائية النشطة لضمان الحدود الجديدة لأوكرانيا والاتحاد الروسي (مع الممر الروسي إلى شبه جزيرة القرم)، التي سوف تعترف بها كييف. كجزء من التسوية النهائية. في نهاية المطاف، فإن المطلب الروسي الرئيسي هو اعتراف أوكرانيا بحدود جديدة مع الاتحاد الروسي، والسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، وأراضي الممر البري، فضلاً عن الضمانات الدولية بأن كييف لن تراجع هذا الاعتراف بالوسائل العسكرية.
لذلك، لا يهم ما إذا كانت هذه الضمانات ستقدم تحت ستار الأمم المتحدة أو مباشرةً من قبل الناتو أو الاتحاد الأوروبي.
حتى دخول أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي وحده سيجعلها تتمتع بأحكام المادة 42، في الجزء السابع من معاهدة الاتحاد الأوروبي، والتي تشبه صياغة المادة الخامسة في حلف الناتو، والتي تشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي تقريبًا. ومن المفارقات، بعد نتائج “العملية العسكرية الخاصة”، ستحتاج روسيا حقًا إلى ضمانات من الغرب بعدم قيام كييف بأي أعمال عسكرية انتقامية في المستقبل. بالطبع، قد يبدو مثل هذا الحل تقسيمًا إقليميًا لأوكرانيا إلى مناطق سيطرة روسية وغربية، لكنه سيحمي من تكرار الأحداث الجارية ويضمن استقرار الأمن الأوروبي استنادًا إلى أفضل ممارسات الحرب الباردة.
وهو ما تشعر نخبة السياسة الخارجية الروسية بالحنين للعودة إليه.
منذ عام 2008، كان بوتين يبحث في الغرب عن استعداده “لأخذ وتقسيم” أوكرانيا. لقد توقعت روسيا في وقت سابق أن “تأخذ” أكثر بقليل من بيرديانسك وميليتوبول. في الأشهر الأخيرة، حرضت موسكو وارسو مرارًا وتكرارًا على “إرسال قوات” إلى غرب أوكرانيا. لذلك إذا كان من الممكن تنفيذ المخطط من خلال وسطاء – على سبيل المثال، أردوغان – أو وهذا هو الأفضل من خلال “التفاوض المباشر مع بايدن” في قمة مجموعة العشرين، ثم ستكون موسكو أول من يصوت على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بشأن نشر وحدة حفظ سلام بولندية في فينيتسا.