إيران تسعى لقمع الاحتجاجات المستمرة منذ شهور
- النظام الإيراني قدم طلباً رسمياً إلى روسيا للحصول على معدّات وسيارات أمنية
- تعد سيستان بلوشستان ذات الأغلبية السنية أفقر منطقة في إيران
- النساء البلوش هن من بين “الأكثر عرضة للاضطهاد” في إيران
- قتل 128 شخصا على الأقل في سيستان بلوشستان في الحملة الأمنية
- قادة الحرس الثوري استدعوا ألف عنصر من عناصره المتقاعدين
بعد أسابيع من الحديث عن المُسيرات الإيرانية؛ التي تستخدمها روسيا في قصف وتدمير البنية التحتية الأوكرانية، يبدو أنه جاء “وقت رد الجميل”، حيث كشفت وسائل إعلام إيرانية، أن النظام الإيراني، قدم طلباً إلى روسيا للحصول على معدّات، وإرسال خبراء ومستشارين لمواجهة الاحتجاجات المشتعلة في البلاد، منذ منتصف سبتمبر الماضي، على إثر مقتل الشابة الكردية مهسا أميني (22 عامًا)، بعد توقيفها من شرطة الأخلاق التي اتهمتها بخرق قواعد اللباس الصارمة المفروضة على النساء في إيران.
وأفادت “إيران إنترناشيونال“، الجمعة، بأنها حصلت على معلومات تفيد بأن النظام الإيراني قدم في الأيام الأخيرة طلباً رسمياً إلى روسيا للحصول على معدّات وسيارات أمنية خاصة لمواجهة الاحتجاجات. كما طلب إرسال مستشارين وخبراء روس لمساعدة النظام الإيراني على قمع الانتفاضة الشعبية، وهو ما يعني أن الطائرات بدون طيار التي قدمتها إيران لروسيا، لضرب البنية التحتية في أوكرانيا، ستعود الآن كأدوات لقمع الاحتجاجات في إيران.
وبالعودة قليلا إلى بداية العام الجاري، وتحديدا في الوقت الذي شهدت في الشوارع الروسية احتجاجات عدة، تنديدًا بغزو أوكرانيا، حيث تعاملت قوات الأمن بعنف لفض التظاهرات، مستخدمة أدوات القمع المختلفة، حيث تم حينها القبض على الآلاف، بعد احتجاجاهم على إعلان الرئيس فلاديمير بوتين عن تعبئة جزئية للمدنيين من أجل الالتحاق بجبهات القتال في أوكرانيا.
وأفاد التقرير نفسه بأن هذا الطلب يأتي بعد تقارير تشير إلى أن النظام الإيراني يتوقع استمرار المظاهرات الاحتجاجية الواسعة المطالبة بإسقاط النظام لفترة زمنية طويلة.
وكان المسؤولون الأمريكيون قد أشاروا في الأسابيع الأخيرة إلى احتمال التعاون بين روسيا وإيران، في قمع الانتفاضة الشعبية ضد نظام خامنئي، وفقاً لـ”إيران إنترناشيونال”.
وقال قائد رفيع المستوى في الحرس الثوري الإيراني لـ”إيران إنترناشيونال” إن قادة الحرس الثوري استدعوا ألف عنصر من عناصره المتقاعدين لمواجهة الاحتجاجات، بسبب نقص القوات الأمنية، لكن لم يلب هذه الدعوة سوى 300 عنصر فقط، فيما رفض الباقون.
وفي الأثناء، انضمت النساء في محافظة سيستان بلوشستان الإيرانية، الجمعة، إلى الاحتجاجات واسعة النطاق، في خطوة أكدت مجموعات حقوقية أنها “نادرة” في المنطقة المحافظة إلى حد كبير.
التسجيلات المصوّرة، والتي انتشرت على الإنترنت، أظهرت عشرات النساء في عاصمة المحافظة زاهدان، يرفعن لافتات كتب عليها “امرأة، حياة، حرية”، وهو أحد أبرز شعارات الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في منتصف أيلول/سبتمبر.
وهتفت نساء ارتدين “الشادور” “بالحجاب أو بدونه، هيا إلى الثورة”، وذلك بحسب تسجيلات مصوّرة انتشرت على تويتر.
وتفيد منظمة حقوق الإنسان في إيران، ومقرها أوسلو، بأن قوات الأمن قتلت حتى الآن 448 متظاهرًا على الأقل معظمهم في سيستان بلوشستان الواقعة في جنوب شرق إيران عند الحدود مع باكستان وأفغانستان.
نشرت شبكة حقوق الإنسان الكردستانية مقطع فيديو لقوات الأمن وهي تقصف عددًا من المتظاهرين الذين كانوا عائدين من جنازة اثنين من ضحايا احتجاجات #إيران#أخبار_الآن#انتفاضة_إيران pic.twitter.com/S99nS7AEFN
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) December 2, 2022
وعلّق مدير المنظمة محمود أميري مقدّم على التظاهرة النسائية الأخيرة في زاهدان بالقول “إنها بالفعل نادرة من نوعها”، إذ إن المدينة شهدت على مدى الشهرين الماضيين خروج الرجال إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة.
وقال لفرانس برس إن “الاحتجاجات الحالية في إيران ليست إلا انطلاقة لثورة كرامة”.
وأضاف: “ساهمت هذه الاحتجاجات في تمكين النساء والأقليات الذين تم التعامل معهم على مدى أربعة عقود كمواطنين من الدرجة الثانية، ليخرجوا إلى الشوارع ويطالبوا بحقوقهم الأساسية”.
وأوضح أن النساء البلوش هن من بين “الأكثر عرضة للاضطهاد” في إيران.
وخرج أيضا عشرات الرجال إلى الشوارع، الجمعة، على وقع هتافات من بينها “لا نريد حكومة تقتل الأطفال”، بحسب تسجيل مصور آخر نشره ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي.
قامت قوات الأمن الإيرانية بإطلاق النار نحو المحتجين في مدينة زاهدان، كما استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في المدينة.#احتجاجات_إيران pic.twitter.com/zcuA8ebCFb
— إيران إنترناشيونال-عربي (@IranIntl_Ar) December 2, 2022
الجمعة الدامي
وتعد سيستان بلوشستان ذات الأغلبية السنية أفقر منطقة في إيران بينما يعاني سكانها البلوش من التمييز.
وقتل 128 شخصا على الأقل في سيستان بلوشستان في الحملة الأمنية، التي تشنّها السلطات الإيرانية، بحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران، وهي أكبر حصيلة للقتلى الذين تم تسجيل سقوطهم في 26 من محافظات إيران الـ31.
لقي أكثر من 90 من هؤلاء حتفهم يوم 30 أيلول/سبتمبر وحده الذي بات يعرف في أوساط الناشطين بيوم “الجمعة الدامي”.
وأثار تلك الاحتجاجات الاغتصاب المفترض في السجن لفتاة تبلغ 15 عاما من قبل قائد للشرطة في مدينة شاباهار التابعة للمحافظة.
ويشير محللون إلى أن تحرّك البلوش مستلهم من الاحتجاجات المرتبطة بوفاة أميني والتي بدأت للمطالبة بحقوق المرأة قبل أن يتسع نطاقها لاحقا لتشمل مطالب أخرى.
وقالت منظمة العفو الدولية الثلاثاء إن “أقلية البلوش الإيرانية واجهت تمييزا متأصلا يقيّد قدرة أفرادها على الوصول إلى التعليم والرعاية الصحة والوظائف والسكن المناسب والمناصب السياسية”.
وأشارت المجموعة الحقوقية التي تتخذ من لندن مقرا في بيان إلى أن “أقلية البلوش تحمّلت العبء الأكبر للحملة الأمنية الوحشية التي نفّذتها قوات الأمن خلال الانتفاضة التي اجتاحت إيران منذ أيلول/سبتمبر”.
وتأتي كردستان في المرتبة الثانية لجهة عدد قتلى الاحتجاجات (53 شخصا) إذ إنها مسقط رأس أميني، وذلك بناء على قائمة منظمة حقوق الإنسان في إيران. وتقع المحافظة في غرب إيران عند الحدود مع العراق وتعد مركزا آخر للاحتجاجات فيما يشكّل السنة غالبية سكانها.
عقوبات كندية تستهدف القيادة الإيرانية
وفي السياق، قالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، الجمعة، إن كندا فرضت عقوبات إضافية على إيران بسبب ما وصفته بحرمان النساء والفتيات من حقوقهن وفضلاً عن قمع الاحتجاجات السلمية.
وتستهدف أحدث جولة من العقوبات أربعة أفراد وخمسة كيانات قالت أوتاوا إنها مرتبطة “بانتهاكات طهران الممنهجة لحقوق الإنسان” والإجراءات التي “تهدد السلم والأمن الدوليين”.
Canada will not stand idly by while the Iranian regime’s human rights violations increase in scope and intensity against the Iranian people.
That is why we are imposing sanctions on an additional 4 Iranian individuals and 5 entities. pic.twitter.com/2v7PyTw9jS
— Mélanie Joly (@melaniejoly) December 2, 2022
دعوات للعصيان المدني
تواصلت الدعوات إيران للمشاركة في إضرابات واحتجاجات مناهضة للسلطات تمتد على مدى 3 أيام، يتخللها عصيان مدني واعتصامات في مدن عدة. كما أصدرت مؤسسات ومجموعات دعوات لدعم الإضراب والعصيان والاحتجاج الجماهيري.
وذكر موقع “إيران إنترناشيونال” أن مجموعة “شباب أحياء طهران”، وشباب أحياء 30 مدينة أخرى، و”الجبهة الموحدة لأحياء إيران”، ومجموعة الأطباء والممرضين المطالبين بالحرية، أصدروا دعوات لهذه الأيام الثلاثة.
ودعت “شباب أحياء طهران”، النقابات وأصحاب المحال التجارية والصناعات وسائقي الشاحنات إلى الإضراب في 5 ديسمبر، مشيرة إلى تنظيم تجمعات الأحياء في 6 ديسمبر، فيما تبدأ التجمعات الطلابية قرب “جامعة أمير كبير” وصولاً إلى ساحة آزادي في العاصمة طهران، بعد ظهر يوم 7 ديسمبر.
في الوقت ذاته، أصدر شباب أحياء 30 مدينة إيرانية، بياناً دعوا فيه إلى المشاركة في مظاهرات احتجاجية من 5 إلى 7 ديسمبر.
وجاء في البيان: “الآن مضى ما يقرب من 10 أسابيع على بداية ثورتنا على نظام الاحتلال، الجمهورية الإسلامية”، إثر مقتل الفتاة الإيرانية مهسا أميني بعد احتجازها على يد شرطة الأخلاق في سبتمبر على خلفية اتهامها بانتهاك قواعد اللباس.
وأضاف البيان: “النظام الإجرامي في إيران ارتكب مجزرة في مراسم أربعين رمز ثورتنا (مهسا أميني) في 26 أكتوبر”.
وطالب البيان الشعب الإيراني بالاحتفال بـ”اليوم الأربعين لشهداء أربعينية مهسا ويوم الطالب، بمظاهرات واعتصامات وإضرابات على مستوى البلاد، من الاثنين إلى الأربعاء، احتجاجاً على فظائع هذا النظام الوحشي”.