ما أهمية باخموت الأوكرانية بالنسبة للروس؟
- عدد سكان سوليدار كان حوالي 100000 قبل الغزو
- فاغنر ترغب في السيطرة على المدينة لأهميتها الاستراتيجية
- القوات الأوكرانية قالت إن المدينة تفتقد لأي أهمية استراتيجية
- مؤسس فاغنر يرغب في السيطرة على المدينة الأوكرانية لبسط نفوذها في روسيا
خلال الأيام الماضية، لم يتوقف الحديث عن بلدة سوليدار، القابعة في شمال شرقي أوكرانيا، والتي تشنّ عليها روسيا هجوماً وُصف بأنه الأشرس، منذ بدء غزوها للأراضي الأوكرانية في فبراير/شباط الماضي.
وأكد قائد مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين صباح الأربعاء، أن مقاتليه سيطروا على مدينة سوليدار في شرق أوكرانيا بعد معارك كثيفة خلال الأسبوع الحالي مضيفا أن “القتال في الشارع” يتواصل.
وقال بريغوجين عن طريق جهازه الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي “وحدات فاغنر سيطرت على مناطق سوليدار كافة” مشيرا إلى أن قتالا يدور في وسط المدينة.
ولم يتضح مدى سيطرة مجموعة فاغنر على المدينة وتعذر على وكالة فرانس برس التحقق من الأمر.
ولم يعلن الجيش الروسي أي تفاصيل بشأن القتال في هذه المنطقة.
فأين تكمن أهمية تلك المنطقة ولماذا تركّز موسكو عليها إلى هذه الدرجة؟
على خط إمداد استراتيجي بين منطقتي دونيتيسك ولوهانسك في إقليم دونباس تقع “باخموت”، التي تخوض حولها القوات الروسية معارك عنيفة، خصوصاً عند خاصرتها الجنوبية ومناطقها الشرقية.
ولعل التركيز الروسي عملياً ينصّب على “باخموت” لا سوليدار، إلا أن القوات الروسية لجأت للسيطرة على البلدة الصغيرة عبر مدينتي كرامانورسك وسلوفيانسك للاقتراب من سوليدار والوصول لباخموت.
خريطة توضح حدود منطقة باخموت الأوكرانية
ومن شأن تلك الخطوة على الأرض، وضع القوات الأوكرانية في وضع حرج للغاية، وذلك لأن التلال المرتفعة في سوليدار تشرف على كل خطوط الإمداد الأوكرانية وكذلك خطوط الاتصال.
وفي حال السيطرة عليها، يصبح تطويق باخموت من الشمال أسهل بكثير، وبالتالي تعطيل خطوط الإمداد على الأوكران.
وقد يُنظر إلى سوليدار التي كان عدد سكانها حوالي 100 ألف قبل الغزو، بشكل أساسي، على أنها نقطة انطلاق للاستيلاء على باخموت، لكن مسؤولا أمريكيا قال الأسبوع الماضي إن يفغيني بريغوجين، مؤسس مجموعة فاغنر، يريد السيطرة على مناجم الملح والجبس الكبيرة في المنطقة.
باخموت صيدا ثمينا
وتعتبر باخموت، المدينة المدمرة التي أنهكتها الضربات الروسية على مدى ستة أشهر متواصلة، صيدا ثمينا بالنسبة للقوات الموالية لروسيا. فحول باخموت مناجم الملح والجبس التي يحقق الاستيلاء عليها بلا شك مكاسب مالية كبيرة.
واستراتيجيا، باخموت هي البوابة الجنوبية الشرقية شبه الوحيدة لتقدم روسيا في عمق دونيتسك خصوصا نحو المدن الرئيسية الخاضعة للسيطرة الأوكرانية.
يفغيني بريغوجين مؤسس أقوى قوة مرتزقة في روسيا، والذي من المرجح أن يشهد زيادة وضعه السياسي في موسكو، إذا سقطت باخموت في يد روسيا بالنظر إلى دور فاغنر في القتال هناك، يأمل أيضا السيطرة على مخزونات الأسلحة التي كانت مخزنة في مجمعات تحت الأرض منذ الحرب العالمية الأولى لتصبح في يد المرتزقة.
اللافت أن القوات الأوكرانية التي تقاتل في المنطقة قالت إن المدينة التي تقع في شرق أوكرانيا تفتقر إلى أي قيمة استراتيجية واضحة متسائلة عن سبب تركيز روسيا بشدة عليها
وحسب تصريحات لمسؤول أمريكي فإن بريغوجين مهتم بالسيطرة على الملح والجبس من المناجم بالقرب من مدينة بخموت الأوكرانية.
وأكد المسؤول الأمريكي أن هناك مؤشرات على أن الدوافع المادية كانت تدفع «هوس» روسيا وبريغوجين بالسطيرة على باخموت.
وسبق أن اتهمت الولايات المتحدة مرتزقة فاغنر الروسية باستغلال الموارد الطبيعية في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي والسودان وأماكن أخرى للمساعدة في تمويل حرب موسكو في أوكرانيا.
وفي مقطع فيديو نُشر مؤخرا، تم تصوير بريغوجين وهو يزور قبو بالقرب من بخموت مليء بجثث مقاتليه، وكثير منهم من المدانين، الذين قُتلوا خلال القتال المرير من أجل المدينة.
قال بريغوجين إن مقاتليه أمضوا أحيانًا أسابيع في محاولة الاستيلاء على منزل واحد في باخموت.
المدن سرية وأهميتها في المعارك
في حين أعلن رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة يفغيني بريغوجين، أن أهمية سوليدار تكمن بوجود أنفاق التعدين فيها، وهي أنفاق ممتدة تحت الأرض ويمكن لها أن تتسع لجنود ودبابات.
وهذه الأنفاق ليس فقط (لديها القدرة على استيعاب) مجموعة كبيرة من الناس على عمق 80-100 متر، ولكن الدبابات، ويمكن أيضًا لمركبات قتال المشاة التحرك”.
وقال بريغوجين، الذي من المرجح أن يشهد زيادة وضعه السياسي في موسكو، إذا سقطت باخموت في يد روسيا بالنظر إلى دور فاغنر في القتال هناك، فإن مخزونات الأسلحة التي كانت مخزنة في مجمعات تحت الأرض منذ الغزو العالمية الأولى ستصبح في يد المرتزقة.
وكانت تعليقاته تشير إلى الملح الهائل والمناجم الأخرى في المنطقة التي تحتوي على أكثر من 100 ميل من الأنفاق وغرفة شاسعة تحت الأرض استضافت مباريات كرة القدم وحفلات الموسيقى الكلاسيكية في أوقات أكثر هدوءًا.
أهمية باخموت استراتيجيًا
تبلغ مساحة مدينة باخموت 41 كيلومترا مربعا وعدد سكانها 71 ألفا حسب إحصاء عام 2021، وبسبب الغزو فر 90 بالمئة منهم وفقا مسؤولين أوكرانيين.
وفي المقابل، تعد باخموت بالنسبة للأوكرانيين حصنا منيعا للدفاع عن باقي مدن دونيتسك، ومنها يتم توجيه ضربات نحو مواقع القوات الروسية في الأجزاء الخاضعة لسيطرتها، بما فيها مدينة دونيتسك عاصمة المقاطعة.
وبالإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لموقعها الجغرافي في ظل حرب روسيا على أوكرانيا، تعد باخموت مركزا صناعيا مهما، وأحد أكبر مراكز صناعة الآلات الثقيلة في أوكرانيا، كما أنها تشكل عقدة مواصلات مهمة، حيث يمر بها خط سكك حديدية يربط جنوب وشرق حوض دونيتسك بالغرب والشمال.
وتعتمد باخموت بشكل رئيسي على استخراج الملح الصخري، وتسهم بـ30 بالمئة من إنتاج أوكرانيا من هذه المادة التي تقع مناجمها في سوليدار على بعد 10 كيلومترات شمال شرق المدينة.
وفي باخموت العديد من المصانع لمعالجة المواد غير الحديدية ومؤسسات صناعية أخرى، وتوجد فيها واحدة من أكبر الشركات المنتجة للنبيذ بالطرق التقليدية في شرق أوروبا.
وإلى جانب كونها قلعة صناعية، يمارس سكانها أنشطة زراعية أيضا، حيث تنتشر حول باخموت حقول الحبوب ودوار الشمس وغيرها.
معركة باخموت.. التطورات الميدانية على الأرض
أما جديد التطورات الميدانية، فأعلن دينيس برشيلين القائم بأعمال رئاسة دونيتسك الموالي لموسكو أمس الثلاثاء، أن القوات الروسية سيطرت على وسط بلدة سوليدار شرق أوكرانيا، ودفعت القوات الأوكرانية إلى المناطق الخلفية غرب البلدة.
في حين سيطرت قوات فاغنر على ضواحي سوليدار الجنوبية ما بعد منطقة كراسنايا غورا.
يأتي ذلك فيما ما زالت المعارك محتدمة بين قوات “فاغنر” والجيش الأوكراني غرب المدينة، في حين طوقت القوات الروسية المقاتلين الأوكرانيين في جيوب البلدة غرباً.