عيسى آكاييف لأخبار الآن: إنها حرب عالمية ثالثة على أرض أوكرانيا فقط
كان عيسى آكاييف رجل أعمال يدير شركته الخاصة في عاصمة القرم “سيمفيروبول“، قبل أن تحتلها روسيا في عام 2014، وبعد أن نزح مع عائلته وكثيرين من أبناء تتار القرم إلى المناطق الأوكرانية المحاذية لشبه الجزيرة، قرر توحيد أبناء الأقلية التترية لقتال روسيا والانفصاليين المدعومين منها، حيث تم تسليح كتيبته بتمويل ذاتي في البداية، قبل أن تحظى بدعم وتدريب من القوات المسلحة الأوكرانية لاحقاً.
قابلنا الرجل صاحب الـ57 عاماً قائد الكتائب التترية على الجبهة الأوكرانية ليحدثنا عن ماضيه والحاضر الذي يعيشه كمقاتل يدافع عن بلاده في وجه الغزو الروسي الذي يقترب من إكمال عامه الأول.
في البداية سألناه عن أصوله التتارية حيث قال: “أنا من تتار القرم، وهو شعب عاش في شبه جزيرة القرم من قبل، وكان جزءاً من الدولة الاسلامية في عهد الخلافة، وكنا ننتمي إلى المسلمين العظماء ودولة الخلافه والحضارة الاسلامية، التتار أصولهم تركية كل أسلافي عاشوا في القرم، أمي من عائلة الناجاي القرم من قبائل الكابتشا، والدي من تتار الجبال وهو من أصول شركسيه”.
وعن دوره في الحرب يقول: “ماذا أفعل؟ أنا أحارب وأقاتل العدو الذي اعتدى على بلادنا ويود احتلال أراضينا و قتلنا ويعتدي على دمائنا وممتلكاتنا وديانتنا”.
ويكمل: “هذا العدو يدمر المساجد و الكنائس و كل ما يعترض طريقه يقتل نسائنا وأطفالنا و كبار السن، يسرق وينهب كل شئ و يدمر كل ما لا يستطيع أخذه، وقد قتل هذا العدو الكثيرين”.
وتابع : “الآن أنا أحارب على رأس كتيبة قوات خاصة مسلمة اسمها القرم وجلّ أفرادها من التتار وكذلك من الأوكران المسلمين و أيضا من القوقاز، تقريبا كل أفراد الكتيبة مسلمون ويوجد القليل من المسيحيين أيضا يقاتلون معنا ويجدون معنا كل الاحترام، عموما توجد هنالك بعض الصعوبات كما هو الحال في أغلب الحالات التي يتواجد فيها مجموعة من الرجال حيث تحدث بعض الاحتكاكات، ولكننا بفضل الله نعمل علي حلها فلدينا كتاب الله وسنة رسوله، مهمتنا الرئيسية اليوم الدفاع عن دولتنا و إرجاع ما تم اغتصابه، وبالنسبة لنا كتتار الرجوع إلى أرضنا في القرم إن شاء الله”.
وتحدث آكاييف عن مجازر روسيا وانتهاكاتها في أوكرانيا وقال: “لقد عثرنا بانفسنا الكثير من المقابر الجماعية ولم يكن بها فقط النساء والرجال هنالك أيضا الكثير من الأطفال”
وتابع: “في بعض القنوات علي يوتيوب يمكنكم إيجاد فيديوهات لبعض الفتيات الأوكرانيات وهن يحكون كيف اغتصبوهم و نكلوا بهن وهن في أعمار بين الـ8 سنين و الـ14 سنة الكثير من هذه الجرائم موثقة عند منظمات حقوق الانسان الاوروبية”.
تجنيد قسري للتتار
وحول توقعاته عن سير مجرى الحرب وانتصار أوكرانيا وتحريرها للقرم يقول: “بدون شك أنا أثق في هذا لأننا مع الحق، والله يهدي النصر لمن هو على حق، أنا لا أقول هذا من منطلق الديانة، أنا أقصد أننا في صف المغلوب على أمره ولابد من العدل والعدالة، واثق في أن الله سوف ينصرنا”.
وعن النجاحات التي حققتها الكتائب المسلمه كالكتيبة التتارية والشيشانية والطاجيكية في ميدان القتال ضد الروس يقول آكاييف: “بالطبع لديهم نجاحات و لكني لا أستطيع متابعة كل هذا ولكن عندما نلتقي نحاول ان نساعد بعضنا ونتبادل المعلومات ونحاول حل المعضلات التي تواجهنا ولكن للأسف كتائبنا في اتجاهات مختلفة وليس في كل الأوقات نستطيع التفاعل مع بعضنا، لكن علي سبيل المثال نحن نعمل مع كتيبة عبدالحكيم الشيشاني جنباً إلي جنب، الوضع سيئ عدونا قوي و شرس، ولا أمان له، فهو لا يحارب بأمانة
وأكمل : “ليس لدينا نجاحات مدوية كتحرير مدينة مثلاً، ولكن في مساحة المعلومات يحكون كثيرا عن الكتيبة و عن تتار القرم المحاربون، واعتقد أن هذا ما يجعل الروس ينفعلون و يتهيجون، علي سبيل المثال إذا أجري معي لقاء أو مع أي من مقاتلي الكتيبة، فانهم يراقبون ويرون كل هذا، وفي اعتقادي أنه كلما كثر الحديث عن كتيبتنا كلما زاد الضغط على أهالي القرم والله اعلم”.
وعن التحاق التتار بالجيش الروسي بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتعبئة العامة قال: “أعتقد أنه يوجد، لأنهم يجندون الجميع بالتعبئة العامة، و هذا لا يعني انهم و بإرادتهم التحقوا بالجيش لقتل الأوكرانيين، فالروس يدخلون المنازل و يأخذون عنوة وقسرا كل من يستطيع حمل السلاح وعلى حسب ما يقال و يتناقله الناس أن هنالك حوالي خمسة قتلى قد تم دفنهم”.
سألنا آكاييف عن موطنه شبه جزيرة القرم وكيف هو الحال هناك مع وجود الاحتلال الروسي فأجاب: ” الوضع صعب جدا وللاسف معرفة الأخبار من الأشياء الصعبة جدا لأن الروس يراقبون و يتابعون كل صغيرة وكبيرة في الانترنيت، لذا يفضل الكثيرون عدم الاتصال والحديث بالهاتف، ويخافون أن يتحدثوا عن الحالة المزرية، لذا تجدهم دوما يقولون الوضع جيد، حتى عندما يقتل أحد التتار في ساحة المعركة و يأتوا به لدفنه فلا يقول أهله أنه مات في ساحات القتال”.
نحن لسنا إرهابيين
وأكمل: ” توجد صعوبة في الاتصالات ومعرفة الحقيقة، لخوف الناس وعدم رغبتهم في التحدث وخاصة معي، فأنا أجد صعوبة في التواصل بسبب وضعي الحالي كقائد كتيبة، وقد قال لي أحد الأصدقاء القدامى أن الحديث معي محفوف بالمخاطر، وأنا أدري وأتفهم لأنها مسألة حياة أو موت”.
يوضح آكاييف أن ما يفعله الروس لا يصدق: “عندما أتذكر ما رأيت يتمزق قلبي من هولها وتخنقني العبرات لا استطيع التحدث عن هذا. عندما أصلي الفجر وفي سجودي لا استطيع قول شيء، فقط ابكي، لقد عثرنا بانفسنا الكثير من المقابر الجماعية في متيجين ولم يكن بها فقط النساء والرجال هناك، ايضا الكثير من الأطفال”.
ويضيف آكاييف: “في بعض القنوات على يوتيوب يمكنكم ايجاد فيديوهات لبعض الفتيات الأوكرانيات وهن يحكون كيف اغتصبوهن ونكلوا بهن وهن في أعمار بين ال8 سنين و الـ 14 سنة الكثير من هذه الجرائم موثقة عند منظمات حقوق الانسان الاوروبية”.
وحول قتال المسلمين في صفوف الجيش الأوكراني يقول: ” نحن لسنا إرهابيين، كل من يحارب روسيا تجعل منه إرهابيا، الشيشانيون في البداية عندما كانت هناك مساندة من الأوروبيين اعتبروا محاربين يدافعون عن أراضيهم، وبعد أن تمت الحرب الإعلامية أصبحت المشكلة داخلية أي داخل روسيا و رويدا رويدا صاروا إرهابيين كما يزعم الروس، ومن ثم نسيت كل المقابر الجماعية والقتلى من النساء والرجال والأطفال، تم مسح كل هذا من ذاكرة العالم.”
وتابع: “نحن لسنا إرهابيين، بل ندافع عن أرضنا وحريتنا وديننا، ولكي نقاتل الروس لا نحتاج أجرا لهذا فقط التوفيق من الله والتمكن من فعل هذا، أنا كثير ما أقول لأصدقائي أنني ممتن لله الذي مكنني و أنا بعمر 57 عاما أن أقاتل الروس، وثانيا اشكر الله أن مكنني من الثأر من الروس وأخذ حق أجدادي”.
وأكمل: “الشباب التتاري المعاصر يتفهم ولكن للاسف البعض يخاف على نفسه و انا لا اسمي هذا جبنا فالكثيرون يفضلون الصمت، في التسعينات عندما عاد التتار إلى القرم أعلنت 18 مايو 1944 كيوم حداد، والكل يتحدث عن تلك الأيام، ولكن في طفولتي أتذكر أن الكثيرين كانوا يخافون الحديث عن الترحيل ولا يودون ذكره”.
ثأر قديم وذكرى لاتموت
واستطرد: “هذا الثأر ليس لأجدادي فقط إنه لكل أمتي لأنهم اغتصبوا أراضي أمتي و نكلوا بهم، و هو ثأر نتوارثه فأنا قد حكت لي جدتي ما فعلوه بنا و أنا سوف أحكي لأبنائي ولأحفادي كذلك حتى لا تموت هذه الذكرى فكل أمة لابد لها أن تعرف من صديقها و من عدوها”
وعن توقعاته لمستقبل الحرب يقول آكاييف: “إنها حرب عالمية ثالثة فقط على أراضينا لا تتضرر منها الأمم الأخرى فقد اختارنا الله لها نريد هذا أم لا، الحرب لن تنتهي بسرعه فالعدو قوي و شرس و غني بالموارد البشرية و الصناعات الحربية ليست في مستوي التكنولوجيا الأوروبية والأمريكية العالية و لكن لديهم القدرة لتصنيع الدبابات والرشاشات والطائرات والمضادات الجوية، فالسلاح الصدئ أيضا يقتل، الأسوأ في الأمر أن الشعب الروسي يريد الحرب و يدعم قرارات قياداته”.
وأضاف: “انظروا فيديوهات المجندين في التيك توك فهم لا يتذمرون ولا يقولون لما نقاتل إخواننا ولماذا تم ارسالنا الى أوكرانيا وإنما يتذمرون من سوء الطعام و السلاح والملبس وعدم دفع الرواتب، فإذا حلت لهم هذه المشاكل فسيقاتلون بكل أريحية فإنهم لا يمانعون مبدأ الحرب لا أحد منهم يقول لماذا أرسلونا لقتل اخواننا”.
وحول نوعية العمليات الحربية التي تقوم بها قواته يقول آكاييف: “في الأساس عملنا هو جمع المعلومات وتعديل الضربات الجوية كما في بعض الأحيان نشارك في اكتساح منطقة أو نساند الكتائب التي تعمل علي حماية منطقة معينة و الكثير من الأعمال الأخرى القاسية والخطرة لذا نتحرك من منطقة لأخرى.
رسالة للعرب والمسلمين
وختم آكاييف بتوجيه رسالة إلى العالم العربي قال فيها: ” أود أن اتحدث للعالم العربي كأخوة لنا في الدين و أخوة في الله حتى يفهموا الموقف بشكل صحيح، روسيا ليست صديقة للإسلام و المسلمين و أيدي روسيا غارقة في دماء المسلمين، أنا أوافق البعض حين يقولون أن هذا عدونا وذاك أيضا، ولكن هناك مقوله أن تختار أقل الأمرين، وبالنسبة لنا روسيا هي أكبر شراً من أوروبا في الوقت الحاضر، والآن أوروبا وأمريكا تدعمنا ونحن نقبل مساعداتهم وهذا لا يدعو للخلاف بين المسلمين لاننا إخوان في الله و عند الحساب يوم القيامة تكون وقفتكم معنا في ميزان حسناتكم، أتمني من إخواننا العرب والمسلمين أن يدعوا لنا بالنصر لأنه في كل الأزمان عندما تكثر الصعاب يكون هذا منطلق للمسلمين حتي يتحدوا”.
وتابع: “في الوقت الحاضر نحن مسلمو أوكرانيا نقع تحت ضغط هائل من عدو أقوى وأشرس منا أنا لا اطلب مساعدات مادية أو أي شئ آخر فقط ادعوا لنا، الذين يذهبون الي العمرة و الحج ادعوا لنا فقط، نحن أيضا كنا نود أن نذهب الى الحج في العام الماضي لكن اشتعلت الحرب ولم نستطع فحملنا السلاح لحماية اراضينا، أتمني من الله ان يحفظكم و يحفظ نسائكم و أطفالكم من كل سوء ولكم جزيل الشكر”.