خسائر عسكرية وبشرية باهظة تتكبدها روسيا في أوكرانيا
- أوكرانيا: خسائر الجيش الروسي بلغت أكثر من 145 ألف شخص
- فقدت موسكو أكثر من 3340 دبابة وأكثر من 6569 عربة قتال مسلحة
- الأمم المتحدة تدعو روسيا إلى وقف عدوانها على أوكرانيا ووضع حد لإراقة الدماء
عام على بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو الغزو الذي دفع أوكرانيا إلى إعلان حالة الحرب للدفاع عن نفسها، ومع مرور عام على ذكرى الصراع، قتل آلاف المدنيين، في حين خلف القتال دماراً كبيراً في البنية التحتية، وأجبر ملايين الأوكرانيين على مغادرة بلادهم.
وتزداد خسائر روسيا البشرية والعسكرية، كلما استمرت روسيا في غزوها؛ الذي دعا العديد من دول العالم، خاصة الولايات المتحدة، وبعض دول حلف شمال الأطلسي للوقوف بجانب كييف، ومدّها بالأسلحة التي مكنتها من مواصل الحرب دفاعًا عن نفسها، وهي المساعدات التي قلبت الموازين في أرض المعركة، وخسرت روسيا بسببها الكثير.
وفي 24 فبراير 2022، أرسل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قواته لغزو أوكرانيا فيما كان يُفترض أن يكون عملية خاطفة، لكن الهجوم تحول إلى حرب مدمرة، وفقا لـ”فرانس برس”.
ولم يكن الغزو الروسي لأوكرانيا “حربا خاطفة” كما أرادها بوتين، وبعد سنة على اندلاعها، لا يزال الغموض كاملا حول كيفية التوصل إلى نهاية لها.
وفشلت قوات بوتين في حملة مبكرة في الاستيلاء على العاصمة، وأصبح الصراع منذئذ حرب استنزاف تسببت في مقتل آلاف الجنود والمدنيين وحولت مدنا كاملة إلى أنقاض.
وأسفر أسوأ صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية عن مقتل عشرات الآلاف وخروج ملايين من ديارهم وتضرر الاقتصاد العالمي وتحول بوتين إلى منبوذ في الغرب، حسب “رويترز”.
ووفقا لوزارة الدفاع الأوكرانية، فقد بلغت خسائر الجيش الروسي أكثر من 145 ألف شخص، وأعداد كبيرة من الدبابات والمعدات العسكرية والمعدات الخاصة وأنظمة الصواريخ، في الفترة منذ بداية الحرب في 24 فبراير إلى 15 أغسطس.
وفي الإحصائية، التي لم يتم تأكيدها من مصادر مستقلة، قالت الوزارة إن الجيش الروسي خسر أكثر من 145 ألف شخص، وأكثر من 3340 دبابة، وأكثر من 6569 عربة قتال مسلحة.
كما خسر الجيش الروسي وفقا للوزارة نحو 2345 سلاح مدفعي، و471 نظام إطلاق صواريخ متعدد، و243 نظام دفاع جوي، و299 طائرة عسكرية و195 مروحية.
وقالت الوزارة إن خسائر الجيش الروسي شملت أيضا 2026 طائرة بدون طيار، و873 صاروخ كروز، و18 سفينة حربية وزورقا، وأكثر من 5212 آلاف صهريج وقود، و226 معدات خاصة.
دعوة أممية لوقف الحرب
وجددت الأمم المتحدة التأكيد على أن الغزو الروسي لأوكرانيا يشكل انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، ودعت روسيا إلى وقف عدوانها على أوكرانيا ووضع حد لإراقة الدماء.
واستأنفت الجمعية العامة، الأربعاء، دورتها الاستثنائية الطارئة الحادية عشرة، التي افتتحتها في 28 شباط/فبراير 2022 والتي خُصصت لبحث الغزو الروسي لأوكرانيا.
وجاءت الجلسة في الجمعية العامة تزامنا مع مرور عام على نشوب الحرب في أوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022.
متحدثا في افتتاح الاجتماع، دعا رئيس الجمعية العامة تشابا كوروشي إلى أن يكون هذا المعلم- والمعاناة التي عاشها الملايين خلال العام الماضي- بمثابة “تذكير لنا جميعا بأن الحلول العسكرية لن تنهي هذه الحرب”.
ودعا طرفي النزاع والمجتمع الدولي إلى إعادة الالتزام بقيم ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
وقال رئيس الجمعية العامة إن الحرب المستمرة منذ عام خلقت يأسا وأحدثت نزوحا ودمارا وموتا على نطاق لم تشهده أوروبا منذ عقود، مشيرا إلى أن حجم الخسارة الناجمة عنها هائلة وعصية على الفهم.
وأضاف “قتل عشرون ألف مدني والعديد من الجنود – بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الجرحى. تفرق ثمانية ملايين لاجئ في جميع أنحاء أوروبا وخارجها؛ نزح ستة ملايين داخليا – غالبيتهم من النساء والأطفال، وتشتت العائلات، والتي غالبا لا تعرف مصير أحبائها”.
وقال كوروشي إن الاستهداف المنهجي للبنية التحتية المدنية ترك ملايين الأوكرانيين بلا كهرباء أو ماء أو تدفئة في خضم الشتاء، محذرا من أن استهداف البنية التحتية المدنية يمثل انتهاكا مباشرا للقانون الإنساني الدولي.
حرب نووية تلوح في الأفق
من ناحية أخرى، حذر رئيس الجمعية العامة من أن خطر اندلاع الحرب النووية لا يزال يلوح في الأفق، وكذلك مخاطر وقوع حادث نووي، مشددا على أن هذا التهديد لا يقبله الضمير، لما له من تداعيات عالمية كارثية محتملة.
وأضاف: “لا يمكن الانتصار في الحرب النووية ولا ينبغي خوضها على الإطلاق. أعرب عن دعمي القوي للعمل المهم الذي تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان السلامة والأمن النوويين في أوكرانيا. وأؤكد على الحاجة الملحة لإعادة الالتزام بنزع السلاح العالمي ونظام عدم انتشار الأسلحة النووية”.
وأرسل رسالة إلى قادة وشعب الاتحاد الروسي مفادها أن روسيا كانت ولا تزال عضوا بارزا في مجتمع الأمم، مشيرا إلى أن بقية أعضاء هذا المجتمع في انتظار عودة روسيا إلى مسار صنع السلام والحفاظ عليه، للمساهمة في الاستقرار والازدهار المشتركين.
الغزو الروسي لأوكرانيا إهانة لضميرنا الجماعي
بدوره، وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه يعد بمثابة إهانة لضميرنا الجماعي، مشيرا إلى أن مرور عام على هذا الغزو يمثل معلما قاتما لشعب أوكرانيا وللمجتمع الدولي.
وقال “إنه يشكل انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. ويلقي بعواقب إنسانية وخيمة على حقوق الإنسان. ولهذه الحرب تأثير ملموس يتجاوز حدود أوكرانيا”.
وكرر الأمين العام ما ظل يقوله منذ اليوم الأول لبدء الغزو الروسي بأن هجوم روسيا على أوكرانيا يتحدى المبادئ والقيم الأساسية لنظامنا متعدد الأطراف، مؤكدا أن ميثاق الأمم المتحدة واضح لا لبس فيه: “يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة”.
وقال الأمين العام إن الأمم المتحدة ملتزمة بسيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، داخل حدودها المعترف بها دوليا.
وأكد غوتيريش أن الحرب ليست الحل، بل هي المشكلة. مضيفًا أن الناس في أوكرانيا يعانون بشكل كبير، مشيرا إلى أن الأوكرانيين والروس والأشخاص الذين هم أبعد من ذلك بكثير يحتاجون إلى السلام.
“بينما قد تبدو الآفاق قاتمة اليوم، فإننا نعلم أن السلام الحقيقي والدائم ينبغي أن يقوم على أساس ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. وكلما طال أمد القتال، زادت صعوبة هذا العمل (التوصل إلى السلام)”.
جهود أممية متواصلة لمساعدة المتضررين من الحرب
وقال الأمين العام إن الأمم المتحدة ظلت تعمل على الأرض مع شركائها في المجال الإنساني، مشيرا إلى أن 40 في المائة من الأوكرانيين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية.
كما تتعاون وكالات الأمم المتحدة مع البلدان المضيفة التي استقبلت أكثر من 8 ملايين أوكراني – في أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية.
وتطرق غوتيريش إلى النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضي لجمع 5.6 مليار دولار لمساعدة شعب أوكرانيا.
وأشار أنطونيو غوتيريش إلى أنه زار أوكرانيا مرتين منذ بداية الحرب، حيث استمع إلى شهادات بشأن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
وأكد التزام الأمم المتحدة بضمان العدالة والمساءلة في هذا الصراع مثلما يحدث في أي مكان آخر.
مشروع يدعو إلى تحقيق السلام
وقدم وزير الخارجية الأوكراني، ديمترو كوليبا مشروع قرار شاركت في صياغته أكثر من 60 دولة.
ويؤكد مشروع القرار على ضرورة تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في أوكرانيا بأسرع ما يمكن وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
ويجدد مطالبة روسيا بسحب جميع قواتها العسكرية من أراضي أوكرانيا فورا، وبصورة كاملة، ودون قيد أو شرط. ويدعو مشروع القرار إلى وقف الأعمال العدائية.
وتؤكد مسودة القرار الحاجة إلى ضمان المساءلة عن أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي المرتكبة على أراضي أوكرانيا من خلال التحقيقات والملاحقات القضائية المناسبة والعادلة والمستقلة على المستويين الوطني أو الدولي، وضمان العدالة لجميع الضحايا ومنع الجرائم المستقبلية.
وقال وزير الخارجية الأوكراني إن هذا القرار “سيسهم في جهودنا الجماعية لإنهاء الحرب والتمسك بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”، مشيرا إلى أن بلاده لا تريد الحرب ولم تخطط لمهاجمة أحد، على حد تعبيره.
تدهور القدرات الروسية
وكانت هناك تقييمات متناقضة لقدرة روسيا على شن “هجوم جديد مهم”، رغم أن كبار المسؤولين الأوكرانيين حذروا مرارا وتكرارا من أن موسكو تخطط لبذل جهد جديد كبير هذا العام، حسب “الغارديان”.
وعلى الرغم من التعبئة التي أعلن عنها بوتين سبتمبر من العام الماضي، يعتقد محللون أن القدرات الروسية قد تدهورت بسبب الحرب وأن أولئك الذين يتوقعون إعادة موسكو غزو جارتها على غرار ما حدث العام الماضي “مخطئون”.
وبعد أن فشلت روسيا في الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية كييف، وخسرت أراضي في النصف الثاني من عام 2022، تستفيد موسكو الآن من مئات الآلاف من القوات التي استدعتها في الخريف في أول تعبئة لها منذ الحرب العالمية الثانية، وفقا لـ”رويترز”.
ويؤكد أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة سانت أندروز في اسكتلندا، فيليبس أوبراين، إن أوكرانيا أصبحت أقوى واكتسبت أنظمة أفضل وهي على وشك الحصول على المزيد.
ويقول “لقد بدأ الروس يضعفون، لديهم عدد أكبر من الجنود ولكن معداتهم أسوأ، وجنودهم أقل تدريباً مما كانوا عليه، وإمدادات الذخيرة الخاصة بهم آخذة في الانخفاض”.
وهناك القليل من الأدلة على أن روسيا أكثر قدرة على القيام بعمليات أسلحة مشتركة معقدة، ودمج قواتها بشكل أفضل مما كانت عليه قبل عام، وفقا لما ذكره أوبراين وآخرون لـ”الغارديان”.