لماذا انقلب الوفاق إلى عداوة بين رئيس مرتزقة فاغنر وبوتين؟
وجدت مجموعة فاغنر المسلحة الروسية، سيئة الصيت والسمعة، نفسها في مرمى نيران كلا الجيشين المتحاربين على الأراضي الأوكرانية، وذلك بعد أن فقد زعيمها يفغيني بريغوجين ثقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب ما ذكره أحد التقارير الأمريكية.
“سفرجي بوتين” الذي كان حليفاً مقرباً مع الرئيس بوتين، ويقود مجموعة عسكرية من العناصر المرتزقة الذين ينفذون أعمال تُوصف بالـ”قذرة” ما برح يواصل القتال لإبعاد القوات الأوكرانية عن مدينة باخموت الشرقية وذلك بعد أشهر من المعارك الطاحنة التي تكبدت فيها فاغنر خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
ويقول الباحث المتابع لتحركات فاغنر ونشاطاتها، أولكساندر كوفالينكو، إنه ورغم سيطرة المرتزقة في شهر يناير الماضي على بلدة سوليدار التي تبعد 10 كيلومتر شمال باخموت شرقي أوكرانيا إلا أن “يفغيني بريغوجين فقد ثقة بوتين بسبب الخسائر الفادحة التي تكبدتها المجموعة الروسية”.
ويضيف كوفالينكو في تصريحات لـ”لقناة فوكس نيوز ديجيتال” الأمريكية أن فاغنر “فقدت خلال معارك سوليدر عامودها الفقري”، لافتاً إلى أن “العمليات الحربية التي خاضتها المجموعة تعرّّضت لانتقادات شديدة داخل روسيا”.
وكانت تقارير انتشرت قبل عدة أشهر تؤكد أن مسؤولي وزارة الدفاع الروسية يتطلعون إلى إبعاد بريغوجين من الدائرة المقربة لبوتين، وهو ما أدى إلى إصابة قائد فاغنر بالإحباط ومهاجمة وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف الشهر الماضي متهماً الرجلين بـ”الخيانة” وبحجب إمدادات الذخيرة عن قواته.
ووفقاً للأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، فإن مدينة باخموت قد تقع في أيدي القوات الروسية خلال الأيام المقبلة، وقال خلال مؤتمر صحفي في ستوكهولم، الأسبوع الماضي: “ما نراه هو أن روسيا ترسل المزيد من الجنود، والمزيد من القوات، وما تفتقر إليه روسيا من حيث الجودة تسعى إلى تعويضه كماً”، مضيفاً أن الروس “تكبدوا خسائر فادحة، لكن في الوقت نفسه لا يمكننا استبعاد سقوط باخموت في نهاية المطاف خلال الأيام المقبلة”.
وتعدّ باخموت جسر الجيش الروسي للتقدم باتجاه سلوفيانسك وكراماتورسك، أكبر مدن منطقة دونيستك التي أعلن بوتين ضمّها إلى الأراضي الروسية مع ثلاثة مناطق أخرى من أوكرانيا في شهر أيلول/سبتمبر الماضي.
ويرى الخبير كوفالينكو أنه “من الصعب القول إن ثمة مخطط لتدمير مجموعة فاغنر، لكن الحقيقة هي أن القيادة العسكرية الروسية تستخدم عناصر فاغنر كلحوم حية”، على حد تعبيره، مضيفاً أن “بريغوجين غير قادر حالياً على فعل أي شيء.. وليس لديه أية وسيلة للمقاومة”.
ويرى معهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، أن وزارة الدفاع الروسية “قد تعطي الأولية حالياً لإنهاء (وجود)” قوات فاغنر في ساحة المعركة بباخموت رغم أن ذلك من شأنه أن يُبطء من معدّل التقدم الروسي في المنطقة المذكورة.
ولا ريب أن القضاء على قوات فاغنر يعني ارتفاع معدّلات الضحايا بين القوات العسكرية الروسية التي تكبّدت بالفعل عدداً كبيراً من القتلى في قطاع باخموت، ويشار في هذا السياق إلى أن أكثر من ألف جندي روسي قتلوا خلال الأسبوع الماضي وحده، وفقاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ويؤكد مسؤولون عسكريون غربيون أن روسيا زجّت بأعداد كبيرة من العناصر وبكميات هائلة من الأسلحة والذخائر في معركة باخموت لتحقيق مكاسبة عسكرية، ولو كانت محدودة، الأمر الذي يشير إلى أن القتال من أجل باخموت في نظر موسكو يحمل طابعاً رمزياً أكثر مما هو استراتيجي.
ووفقاً لكوفالينكو فلا يزال بإمكان روسيا تحمّل تداعيات إبعاد قوات فاغنر عن مجهودها الحربي، لافتاً إلى أن “فاغنر ليست هي الشركة العسكرية الخاصة الوحيدة العاملة في روسيا، فثمة الآن شركة عسكرية خاصة أخرى هي باتريوت التي تعمل تحت إشراف زارة الدفاع الروسية وتزداد شعبيتها بإضطراد”.
ويوضح كوفالينكو أن المسؤولين الروس حاولوا توسيع استخدام موسكو لقوات المرتزقة في أماكن كسوريا، لكنّ احتكار بريغوجين لهذا النوع من الأعمال كان يقف في طريقهم، ويقول: “لدى الجيش الروسي الآن الفرصة لاستخدام الشركات العسكرية الخاصة به والإعلان عنها لبوتين”، مضيفًا أن استخدام روسيا للتجنيد الإجباري سيمكنها أيضاً من الاستمرار في إرسال الرجال إلى الخطوط المواجهة الأمامية في أوكرانيا.