عشرة أعوام على كارثة انهيار مصنع النسيج في بنغلاديش
في 24 نيسان/أبريل 2013، انهار مصنع للنسيج في بنغلادش ليكتشف العالم بذهول وجوه أكثر من 1130 عاملاً ماتوا وهم يصنعون ملابسه في ظروف جائرة. بعد عشر سنوات، تبذل الشركات متعدّدة الجنسيات وشركات الأزياء السريعة جهوداً لتفادي وقوع كارثة أخرى، غير أنّ المنظمات غير الحكومية لا تزال تطالب بقيود قانونية فعلية.
هزّت كارثة مبنى “رانا بلازا”، الذي يضمّ في دكا مشاغل لصناعة الملابس لعلامات تجارية غربية كبرى (بينيتون، برايمارك، وولمارت، أوشان…) الرأي العام العالمي، مع انتشار صور المبنى الكبير المنهار، والجثث المغطّاة بالغبار والوجوه المشوّهة التي خلّفها.
كانت “تيتانيك الأزياء” هذه، على حدّ وصف كاترين دورياك رئيسة “فاشن ريفوليوشن فرانس” التي انبثقت عن مجموعة دولية شُكلت بعد الكارثة، حافزاً وراء قانون فرنسي رائد صدر في العام 2017، بشأن العناية الواجبة لدى الشركات للتحقق من ظروف العمل.
ويعمل الاتحاد الأوروبي على قانون مستوحى منه، من شأنه أن يستهدف انتهاكات حقوق الإنسان والحقوق المدنية، فضلاً عن الأضرار البيئية التي تتسبّب بها الشركات الأوروبية في إطار سلسلة إنتاجها.
وتقول ساندرا كوسار مديرة منظمة “شيربا” غير الحكومية التي تدافع عن ضحايا “الجرائم الاقتصادية”، إنّ القانون الفرنسي يجعل من الممكن “إدراك مسؤولية الشركات الأم عن أنشطة الشركات التابعة لها في الخارج”، عبر مطالبة المجموعات بوضع وتنفيذ خطة العناية الواجبة”. وتضيف “في حال عدم الامتثال، يجوز تحميل الشركة المسؤولية المدنية”.
منذ ذلك الحين، أطلقت منظمات غير حكومية حوالى عشرة إجراءات ضدّ مجموعات مثل “كازينو” و”إيف روشيه”… غير أنّ القرار الأول الذي صدر عن المحكمة في شباط/فبراير، رفض قضية الجمعيات التي كانت تقاضي “توتال إنرجي” ومشروعها النفطي العملاق في أوغندا وتنزانيا.
عدم وجود عددٍ كافٍ من الموقّعين
في بنغلادش، تمّ توقيع اتفاق بشأن مراقبة سلامة مصانع الألبسة بعد شهر على وقوع الكارثة، بين النقابات العمّالية وشركات الألبسة متعدّدة الجنسيات. في العام 2023، وسع نطاق الاتفاق رسمياً ليشمل باكستان.
وبرعاية منظمة العمل الدولية، يُجبر الاتفاق نحو 200 موقّع (بما في ذلك “أتش أند أم” وزارا وبرايمارك ويونيكلو…) على تمويل نظام تفتيش مستقل للمصانع، حسبما توضح نايلة عجلتوني منسّقة مجموعة “ايتيك سور ليتيكيت”.
وتشير إلى أنّه منذ العام 2014، تمّ تجديد 1600 مصنع في بنغلادش والتأكد من احترامها معايير السلامة (حوالى نصف المصانع).
غير أنّ بعض المجموعات الكبرى لم توقّع، بما في ذلك “وولمارت” و”ايكيا” و”أمازون” و”ليفايس” و”أوشان”، وفقاً لعجلتوني.
ورداً على سؤال لوكالة فرانس برس، تؤكد مجموعة “إنديتكس” الإسبانية، الشركة الأم لـ”زارا” والتي تضم 930 ألف عامل في شركات محلية عاملة لحسابها، أنها لم تنتظر وقوع هذه المأساة لإجراء عمليات تدقيق على مورّديها وتسريع إجراءات التقييم منذ ذلك الحين.
وتشير المجموعة إلى أنّها لم تكن تملك أيّ مشغل في “رانا بلازا”، الأمر الذي يسري أيضاً على “إتش إند إم” و”يونيكلو”.
وتقول الشركة السويدية العملاقة (إتش & إم) إنها تنشر معلومات حول المصانع الشريكة لها (غزل وتصنيع) منذ العام 2013. كذلك تتحدث شركة “يونيكلو” اليابانية عن إطلاق برنامج تدريب في العام 2019 للنساء الراغبات في أن يصبحن مشرفات في بنغلادش، بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
بدورها، تقول مجموعة “برايمارك” الإيرلندية إنّها تستمر في تقديم الدعم المالي لمئات الضحايا، بما يصل إلى “أكثر من 14 مليون دولار حتى الآن”. وتقول الشركة إنّها أجرت أو طلبت إجراء 2400 عملية تدقيق في العام 2021.
عمليات تدقيق مشكوك فيها
تحذّر لورا بورجوا مسؤولة النزاعات في منظمة “شيربا” غير الحكومية، من أنّ هذا “الاستخدام المكثّف لعمليات التدقيق الاجتماعي… له حدود”.
وإضافة إلى الارتباط المالي بين الشركة المدقّقة والشركة متعدّدة الجنسيات، تستنكر المسؤولة في “شيربا”، “لقاءات بين المدقّقين والعاملين يتم تنظيمها فجأة أو بحضور المدير”، أو “عمليات تدقيق مزوّرة مع مصانع…”.
علاوة على ذلك، “هناك طريق مختصر بين الإعلان عن التدقيق” والتدابير التصحيحية المتّخذة بشكل فعّال.
بالنسبة إلى نايلة عجلتوني، فإنّ موضة الأزياء السريعة جدا ومنتجاتها الأقل تكلفة في الفترة الأخيرة هو “علامة على فشل المسؤولية الاجتماعية للشركات”. وتقول إنّ “شي إن (SheIn) مثال على غياب الضوابط في أوساط الموضة”. وثمة تشكيك بشركة المبيعات الصينية هذه، بسبب ظروف تصنيع منتجاتها. ولم تستجب الشركة لطلب وكالة فرانس برس التعليق على الأمر.
من جهتها، تنتقد ساندرا كوسار الشركات التي تلعب “لعبة مزدوجة، عبر الظهور على أنّها محترمة… لكنّها تنفق الكثير من الموارد خصوصاً المالية والبشرية، عبر جماعات الضغط التابعة لها، من أجل تفكيك كل هذه القوانين”.
وتقول كوسار إنّه بعد مراقبتها من قبل المجتمع المدني، “أدركت” هذه الشركات أنّها يجب أن تتغيّر، ولكن من منظار القانون، “من السابق لأوانه القول” إنّها أكثر مسؤولية.