مراقبون: موت أسامة بن لادن كان بمثابة ضربة قاضية لتنظيم القاعدة
يوافق يوم الثاني من مايو/ آيار الذكرى السنوية لمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي كان يوصف بأنه “أكثر الإرهابين المطلوبين في العالم”، على يد قوات خاصة من البحرية الأمريكية في هجوم على مقره في باكستان.
وكانت تلك العملية بمثابة ثأر لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 و إغلاق ملفها.
السنة الثانية عشرة على قتل بن لادن تأتي والقاعدة لمّا تحسم بعد مصير خليفته الظواهري الذي قالت أمريكا إنها قتله في ضيافة طالبان في العاصمة الأفغانية كابول بتاريخ ٣١ يوليو الماضي.
في هذه المناسبة، أكثر أنصار القاعدة على تليغرام من استذكار بن لادن ووصفوه في صور اقتربت من الموروث الديني وبشكل أقرب إلى الخزعبلات حتى اختلط الوهم بالواقع.
في إحدى الصفحات، ذكر أنصار القاعدة أن أسامة بن لادن رأى في المنام أنه ”من سيأخذ الراية ويسلمها للمهدي“ المنتظر. فرد آخر: ”صدقت.“ ووصف ثالث بن لادن بأنه ”القحطاني“ الذي ذُكر في الأثر ”يسوق الناس بعصاه.“ فرد رابع أن ”الظواهري مصري أصل وفصل“ وبالتالي هو ”لربما“ أقرب إلى أن يكون القحطاني المقصود.
يعتبر المؤرخون مقتل بن لادن ضربة شبه قاضية لتنظيم القاعدة. فخليفته الذي قتل أيضاً أيمن الظواهري، شخصية مملة غير جذابة تفتقر إلى الحضور إضافة إلى أنه لا يترك أثراً في الآخرين.
ودفع برنامج وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) لشن هجمات بطائرات دون طيار المثير للجدل على المناطق القبلية في باكستان ما تبقى من أنصار بن لادن إلى الاختباء دائما وأضعف قدرة التنظيم على التخطيط لشن هجمات مثل تفجيرات لندن مجدداً.
أما فروع القاعدة الإقليمية، مثل حركة الشباب في الصومال والقاعدة في جزيرة العرب في اليمن، فقد لجأت إلى العمل والتطوير بصورة مستقلة.
وبات هناك انقسام حول الإرث العقائدي الذي تركه بن لادن حيث يرى بعض الجهاديين أن مهاجمة الولايات المتحدة على أرضها أعطت نتيجة عكسية فقد كتب المنظر الجهادي أبو مصعب السوري في مقال نشر على حسابات جهادية على الإنترنت “إنها حماقة استراتيجية”، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وأصبحت اليوم بعض فروع تنظيم القاعدة تقاتل في منطقة الساحل والصومال وبعض دول الشرق الأوسط، ولا تنفذ ضربات في الغرب.
من هو أسامة بن لادن؟
ولد أسامة بن لادن في 10 مارس/آذار من عام 1957، وأبوه هو رجل الأعمال السعودي، الملياردير محمد بن لادن وأمه سورية تم طلاقها بعد إنجابه، وله أكثر من 50 أخاً وأختاً. فقد والده في حادث سقوط طائرة عندما كان طفلاً.
مارس في صباه رياضة كرة القدم وركوب الخيل وشغف بأفلام بروس لي، كما كان يسافر كل صيف إلى سوريا، موطن أمه حيث كان يصعد الجبال، وأحب ابنة أحد أخواله.
وفي شبابه كان مولعاً بالسيارات السريعة، وكان يقود سياراته بسرعة كبيرة وحطم واحدة منها على الأقل، كما كان يحب الذهاب إلى الصحراء للاسترخاء مع أصدقائه وخيوله.
تزوج لأول مرة من ابنة خاله السورية عندما كان عمره 17 عاماً. ويقال أن له ما لا يقل عن 23 طفلاً من خمس زيجات على الأقل.
كان بن لادن خجولاً وطالباً عادياً وحصل على شهادة في الهندسة المدنية. سافر إلى باكستان بعد غزو الاتحاد السوفييتي السابق لأفغانستان عام 1979.
وتقول بعض الروايات إنه ساعد في إنشاء تنظيم القاعدة عندما كانت القوات الروسية في أفغانستان تمنى بالهزائم العسكرية المتتالية على يد المسلحين الأفغان.
ويقول مؤلف أمريكي إن موت الأخ غير الشقيق لابن لادن، سالم، عام 1988 في حادث سقوط طائرة كان عاملاً حاسماً في تحوله إلى التطرف والتشدد.
أدان بن لادن وجود القوات الأمريكية في السعودية التي أرسلت إلى الخليج عام 1990 بهدف المساعدة في طرد القوات العراقية من الكويت بعد اجتياحها في نفس العام.
وظل ابن لادن مقتنعاً بأن العالم الإسلامي “ضحية الإرهاب الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة”.
ومن ثم دعا إلى الجهاد ضد الولايات المتحدة التي أنفقت مليارات الدولارات على المقاومة الأفغانية التي قاتل بن لادن إلى جانبها.
وفي الثاني من مايو/ آيار من عام 2011 أغارت قوات أمريكية خاصة على مجمع سكني في مدينة آبوت أباد الباكستانية وقتلت بن لادن.
وكان بن لادن يعيش بحرية على بعد 50 كيلومترا فقط من العاصمة الباكستانية، إسلام أباد، وتقريبا تحت سمع وبصر الأكاديمية العسكرية الباكستانية في منطقة أبوت أباد.
لكن بعد مرور 12 سنة على الغارة التي تحولت إلى عمل درامي أنتجته هوليوود، فإن الأعمال الجهادية الدموية لا تزال بشكل كبير ظاهرة عالمية.