غرق قارب المهاجرين قبالة سواحل اليونان يودي بحياة العشرات
واصلت اليونان الجمعة، عمليات البحث لمحاولة العثور على ناجين غداة غرق مركب قد يكون أودى بمئات المهاجرين.
عُثر على 78 جثة حتى الآن في البحر قبالة شبه جزيرة بيلوبونيز اليونانية، حسبما أكّد خفر السواحل اليونانيون الذين عدلوا حصيلة تحدثت الأربعاء عن 79 ضحية.
لكن المنظمة الدولية للهجرة قالت إنها “تخشى من أن يكون مئات الأشخاص” قد غرقوا “في واحدة من أسوأ الحوادث مأساوية في المتوسط منذ عقد”.
وقال المتحدث باسم الحكومة اليونانية إلياس سياكانتاريس، الأربعاء، إن تقارير غير مؤكدة تشير إلى أن 750 شخصا كانوا على متن المركب.
واصل زورقا دوريات وفرقاطة تابعة للبحرية اليونانية وثلاث مروحيات وتسع سفن أخرى مسح المياه غرب سواحل بيلوبونيز واحدة من أعمق المناطق في المتوسط.
تحقيق
وأمرت المحكمة العليا اليونانية بإجراء تحقيق لتحديد أسباب المأساة التي صدمت اليونان التي تتهمها المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الدولية منذ سنوات بإبعاد المهاجرين الذين يطلبون اللجوء في الاتحاد الأوروبي.
تسلسل زمني للفاجعة
نشر “هاتف الإنذار” تسلسلاً زمنياً لما حدث مع القارب الغارق، حيث وصلهم نداء الاستغاثة الأول في الساعة التاسعة والنصف من صباح أمس الثلاثاء بتوقيت وسط أوروبا، بأن قارباً في محنة يحمل 750 شخصاً، حيث تم إبلاغ السلطات في إيطاليا واليونان ومالطا.
تلقى هاتف الإنذار في الساعة 14:17 أول مكالمة من القارب وقال المتصل إنهم لا يستطيعون البقاء على قيد الحياة في الليل، وأنهم في ضائقة شديدة. لم يستطع “هاتف الإنذار” الحصول على إحداثيات GPS للقارب لأن الاتصال كان ينقطع .
وبعد محاولات عديدة تمكن المنكوبون من إرسال إحداثيات القارب في الساعة الواحدة ظهراً، وأبلغ “هاتف الإنذار” السلطات اليونانية عبر البريد الإلكتروني بالإضافة إلى الجهات الفاعلة الأخرى ، بما في ذلك فرونتكس والمفوضية في اليونان.
في الساعة 17: 20 قال المنكوبون إن القارب لا يتحرك وإن القبطان غادر المركب على متن قارب صغير، وإن المئات بحاجة للطعام والماء.
الرواية اليونانية
وقال خفر السواحل اليوناني إن القارب سقط على بعد نحو 80 كيلومترا جنوب غربي بيلوس بعد الساعة 02:04 صباح الأربعاء، بحسب التوقيت المحلي، وانخفض عدد القتلى المؤكد في وقت سابق من 79 إلى 78 قتيلا.
وقالت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل “فرونتكس”، إنها رصدت القارب في وقت مبكر من بعد ظهر الثلاثاء، وأبلغت السلطات اليونانية والإيطالية على الفور.
وقال خفر السواحل اليوناني في وقت لاحق إنهم لم يجدوا أحدا ممن كانوا على متن السفينة يرتدي سترات نجاة.
ويفيد الجدول الزمني الذي قدمه خفر السواحل بأن أول اتصال بقارب الصيد كان في الساعة 14:00، بحسب التوقيت المحلي، ولم يُقدم أي طلب للمساعدة.
وقال خفر السواحل إن وزارة الشحن اليونانية أجرت اتصالات متكررة بالقارب، وقيل لها مرارا إن السفينة تريد الإبحار إلى إيطاليا.
وأضافوا أن سفينة ترفع علم مالطا قدّمت الطعام والماء في حوالي الساعة 18:00بالتوقيت المحلي، وقدّم قارب آخر المياه، بعد ذلك بثلاث ساعات.
وفي حوالي الساعة 01:40 بالتوقيت المحلي من صباح الأربعاء، قيل إن شخصا ما كان على متن القارب أبلغ خفر السواحل اليوناني أن محرك السفينة تعطل.
وبعد ذلك بوقت قصير، انقلب القارب، ولم يستغرق سوى 10 إلى 15 دقيقة ليغرق تماما. وبدأت عملية البحث والإنقاذ ولكنها كانت معقدة بسبب الرياح العاتية.
وأعلنت السلطات اليونانية، الحداد لمدة 3 أيام بعد الفاجعة.
تقصير أوروبي ويوناني
واشتكى خط مساعدة الطوارئ الخاص بالمهاجرين الذين يواجهون مشاكل في البحر، من أن خفر السواحل كانوا “على علم بأن السفينة في محنة لساعات قبل إرسال أي مساعدة”، مضيفا أن السلطات “أبلغتها مصادر مختلفة” أن القارب كان يواجه مشكلة.
وأضاف أن الناس ربما كانوا خائفين من مواجهة السلطات اليونانية، لأنهم كانوا على دراية بـ”ممارسات الصد الرهيب المتبعة” في البلاد.
وأفادت تقارير إعلامية محلية بأنه كان مبحرا منذ أيام.
وقال جيروم توبيانا، الذي يعمل في منظمة أطباء بلا حدود للإذاعة الفرنسية، إنه كان على السلطات الأوروبية واليونانية التدخل في وقت سابق.
وأضاف: “أمر مروع حقا أن نسمع أن فرونتكس حلقت فوق القارب ولم يتدخل أحد، لأن القارب رفض كل عروض المساعدة.. القارب المثقل بالأحمال هو قارب في محنة”.
اتفاق لإصلاح نظام الهجرة
وتزامنت كوارث غرق القوارب مع توصل دول الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مبدئي “لإصلاح نظام الهجرة” وتقاسم مسؤولية رعاية اللاجئين والمهاجرين، بعد مفاوضات طويلة وخلافات واعتراضات 10 دول، من بينها إيطاليا واليونان.
ووفق الاتفاق، سيتم تخصيص حصة من إجمالي 30 ألف شخص لكل دولة من دول الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن تستوعب الكتلة في نظام الهجرة المشترك الخاص بها في أي وقت.
وسيتم احتساب ذلك بناءً على حجم الناتج المحلي الإجمالي لكل بلد، وعدد السكان وعدد المعابر الحدودية غير النظامية، بما في ذلك عمليات الإنقاذ البحرية وغيرها.
كذلك ستتمكن البلدان غير الراغبة في استقبال الأشخاص، بدلاً من ذلك، من مساعدة أقرانهم المستضيفين من خلال النقود، على الأقل 20000 يورو لكل شخص سنوياً، بالإضافة إلى توفير المعدات أو الأفراد للمساعدة في التعامل مع المهاجرين.
ويُلزم الاتفاق الدول الأعضاء بإنشاء مراكز على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، على الحدود البرية وفي المطارات على وجه الخصوص، للمهاجرين الذين لديهم فرصة ضئيلة إحصائياً للحصول على اللجوء.
والهدف من ذلك هو عدم دخولهم أراضي الاتحاد الأوروبي، على أن تخضع طلبات لجوئهم لفحص سريع من أجل تسهيل عودتهم إلى بلدهم الأصلي أو بلد العبور.
ويجب أن يستمر الإجراء، أي فحص الملف والإحالة، ستة أشهر كحد أقصى، في حين يرى البرلمان الأوروبي أن هذا الإجراء ليس إلزامياً.
القبض على مهربين
أوقف تسعة أشخاص يحملون الجنسية المصرية ويشتبه في أنهم مهربون باليونان، بعد غرق المركب حسبما أفاد مصدر في أحد الموانئ لوكالة الأنباء الفرنسية، الخميس.
بين هؤلاء قبطان المركب المتهالك، وأورد المصدر المذكور أن قارب الصيد كان غادر مصر فارغاً قبل أن يستقله مهاجرون في مدينة طبرق الساحلية بشرق ليبيا، وكان متوجهاً إلى إيطاليا.
فيما ذكرت وكالة الأنباء اليونانية أن الأشخاص أوقفوا في كالاماتا، ميناء شبه جزيرة بيلوبونيز الذي نقل إليه الناجون، ويشتبه بأنهم مارسوا “التهريب غير القانوني” للبشر.
آلاف القتلى
يندرج حادث غرق المركب في جنوب غرب اليونان ضمن سلسلة طويلة من المآسي المماثلة في البحر المتوسط في السنوات الأخيرة.
أحصت المنظمة الدولية للهجرة منذ مطلع العام مصرع أو فقدان 1166 مهاجرا في المتوسط. وبلغ عدد القتلى والمفقودين 26924 منذ 2014.