العصابات الأخطر في العالم.. عنف وابتزاز وقتل واتجار بالمخدرات

السلفادور تنجح وهندوراس تعاني.. العصابات تنشر العنف

ارتفعت حصيلة الاشتباكات في سجن تامارا للنساء وسط هندوراس بين العصابات المتناحرة  إلى مقتل 46 شخصاً، بعضهم بالرصاص وآخرون حرقاً لدى اندلاع حريق في أحد أجنحة السجن، وفقاً لحصيلة رسمية جديدة.

وقال المتحدث باسم النيابة العامة يوري مورا لوكالة فرانس برس إنّ “46 هو العدد الإجمالي للجثث التي دخلت المشرحة”، من دون أن يتمكّن بعد من تحديد ما إذا كان جميع الضحايا سجينات، طالما لم يتمّ التعرّف على الجثث بشكل كامل.

من جهتها قالت رئيسة جمعية أسر السجينات ديلما أوردونيس إن مجموعة من النساء دخلت زنزانة عصابة منافسة وأضرمت فيها النار.

العصابات الخطرة

باريو 18

تعد عصابة باريو 18 أو الشارع الثامن عشر ، واحدة من أكبر عصابات الشباب في نصف الكرة الغربي ، تمامًا مثل منافستها المعروفة (MS13 ) .

وفي حين أن لديها خلايا تعمل من أمريكا الوسطى إلى كندا، فقد تم إضعافها إلى حد كبير في السلفادور بسبب حملة القمع المستمرة، التي شهدت سجن الآلاف من أعضائها بإجراءات موجزة ، مع نزول أولئك الذين فروا من السجن إلى الأرض أو الفرار من البلاد.

ظهرت Barrio 18 لأول مرة كعصابة شوارع صغيرة في لوس أنجلوس.

بينما ترجع بعض الروايات أصولها إلى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي،و بدأت العصابة في اتخاذ شكلها الحالي في الثمانينيات بعد الانفصال عن عصابة كلانتون 14.

في الأصل ، كانت الخلايا العديدة للمجموعة، والمعروفة باسم “الزمر”، المقاطعة الحصرية للمهاجرين المكسيكيين في جنوب كاليفورنيا وتهيمن على الأحياء مثل حديقة ماك آرثر في الجزء الكوري من وسط لوس أنجلوس

وسائل إجرامية

على الرغم من الجهود المبذولة لعزل قادة العصابات عن اتصالاتهم في الخارج وعن زملائهم السجناء ، ابتكر زعماء Barrio 18 مثل فرانسيسكو مارتينيز ، الملقب بـ “الدمية” ، طرقًا لمواصلة إدارة الأنشطة الإجرامية من الداخل.

أصبح بعض باريو 18 أيضًا أعضاء في المافيا المكسيكية، عصابة السجن المخيفة التي جمعت عصابات الشوارع في جنوب كاليفورنيا في مجموعة واحدة قوية تعرف باسم Sureños.
خارج السجن ، تقاتل عصابات الشوارع بعضها البعض. في الداخل ، ويشكلون وحدة واحدة تحت قيادة المافيا.

عنف السجون

بعد سلسلة من حوادث العنف في السجون بين Barrio 18 و MS13 ، قام المسؤولون السلفادوريون بفصل السجناء من العصابتين عن بعضهم البعض وعزز القادة سيطرتهم على الأعمال الإجرامية، مثل الابتزاز، من داخل السجون.
في الخارج ، تشعبوا في تجارة المخدرات الصغيرة. كما بدأوا في العمل بطريقة أكثر تعقيدًا، وغسل الأموال من خلال الشركات الصغيرة مثل غسيل السيارات ومحاولة السيطرة على المنظمات غير الحكومية المجتمعية والمحلية للتأثير على السياسة على المستويات المحلية ، وفيما بعد ، على المستويات الوطنية.

تشكل العصابة أكبر تهديد في دول أمريكا الوسطى مثل السلفادور وغواتيمالا وهندوراس، حيث حولت الحكومات الأضعف والعصابات الأكبر (مقارنة بالسكان) ظاهرة العصابات إلى تهديد كبير للأمن القومي – العصابات تبتز بشكل منهجي وسائل النقل العام تهجير مجتمعات بأكملها ، وشق طريقها إلى النظام السياسي.

MS13

ربما تكون Mara Salvatrucha ، أو MS13 ، هي أكثر عصابات الشوارع شهرة في نصف الكرة الغربي. في حين أن أصولها تعود إلى الأحياء الفقيرة والمليئة باللاجئين في لوس أنجلوس في الثمانينيات ، فإن انتشار العصابة يمتد الآن من أمريكا الوسطى إلى أوروبا.

وتعيش العصابة في الغالب من الابتزاز ، وإن مرونة العصابة تدين بروابطها الاجتماعية القوية، والتي يتم إنشاؤها وتعزيزها من خلال أعمال العنف ضد خصومهم وبعضهم البعض.

ساعدت أنشطتهم في جعل المثلث الشمالي – غواتيمالا والسلفادور وهندوراس – أكثر الأماكن عنفًا في العالم التي ليست في حالة حرب. في أكتوبر / تشرين الأول 2012 ، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية العصابة على أنها “منظمة إجرامية عابرة للحدود الوطنية”، وهو أول تصنيف من نوعه لعصابة شوارع أمريكية، لكن عائداتهم الإجرامية لا تقترب حتى من عائدات نظرائهم في تلك القائمة.
وخطت الحكومة الأمريكية منذ ذلك الحين خطوة أخرى إلى الأمام ، في أواخر عام 2020 اتهمت أكثر من عشرة من قادة MS13 في السلفادور بالإرهاب، مما يمثل تصعيدًا غير مسبوق في حرب البلاد ضد عصابات الشوارع الدولية.

أنشطة إجرامية

لم تكن حكومات أمريكا الوسطى ، وهي من أفقر الحكومات وأكثرها فاعلية في نصف الكرة الغربي ، قادرة على التعامل مع تدفق المجرمين، ولم تحذرهم بشكل مناسب من قبل السلطات الأمريكية.
كان لدى المُدانين، الذين غالبًا ما كان لديهم أندر صلة فقط ببلدان ولادتهم، فرصة ضئيلة للاندماج في المجتمع الشرعي ، وكانوا غالبًا ما يتحولون إلى حياة العصابات.

وتختلف الأنشطة الرئيسية لـ MS13 بشكل كبير من منطقة إلى أخرى. في أمريكا الوسطى ، وهذا يشمل الابتزاز والسيطرة على سوق المخدرات الصغيرة المجاورة.

ويمكن القول إن جرائمهم ، مثل ابتزاز شركات الحافلات، أكثر تخريبًا على أساس يومي لعدد أكبر من الناس مقارنة بأي نشاط إجرامي آخر في المنطقة. في الولايات المتحدة ، تركز MS13 على مبيعات الأدوية المحلية و “حماية” المناطق الحضرية لابتزاز الشركات الصغيرة والحانات تحت الأرض.

انتشار العصابات

تختلف الأرقام ، لكن القيادة الجنوبية الأمريكية تقول إن هناك ما يصل إلى 70000 من أفراد العصابات في المثلث الشمالي. ترافق انتشار العصابات مع ارتفاع معدلات القتل.
من بين هذه العصابات ، تعد MS13 الأكبر في المنطقة. ساعدت هجرة أمريكا الوسطى إلى أجزاء أخرى من الولايات المتحدة، مثل مدينة نيويورك ومنطقة واشنطن العاصمة، في تعزيز انتشار MS13 داخل الولايات المتحدة أيضًا.
كما بدأت العصابة في الظهور في أجزاء من أوروبا ، أبرزها إسبانيا وإيطاليا.

S13 هي أعداء مع Barrio 18 ، وهي عصابة شوارع أخرى لها وجود واسع في أمريكا الوسطى والمكسيك والولايات المتحدة. في السنوات الأخيرة ، سعت العصابة إلى توسيع علاقاتها السياسية.

السفادور تحارب العصابات

تستمر السلفادور فى حربها ضد العصابات، وبدأت أرقام جرائم القتل في الانخفاض منذ انتخاب بوكيلى رئيساً للبلاد في عام 2019. وتعهد الرئيس البالغ من العمر 40 عاما بشن حملة للتصدي لعنف العصابات المتفشي والفساد السياسي، وفي عام 2021، سجلت السلفادور 1,140 جريمة قتل، مقارنة بمستوى مرتفع بلغ 6,656 جريمة قتل في عام 2015.

لكن كان هناك ارتفاع في جرائم القتل منذ بداية هذا العام، وكان السادس والعشرين من مارس هو اليوم أكثر دموية منذ عقود.

ولكن من الناحية الآخرى، شجبت جماعات حقوق الإنسان هذه الأعمال باعتبارها انتهاكات للحريات الأساسية. وجث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين الحكومة السلفادورية على “احترام الإجراءات القانونية وحماية الحريات المدنية”.

لكن معظم السلفادوريين لا يشكون، حيث أن البلاد سئمت من العنف الذي لا نهاية له ، والعصابات التي ترهبهم ، وغياب سيادة القانون التي ألهمت الكثيرين للسفر أكثر من 1000 ميل إلى حدود الولايات المتحدة.

يشعر الكثير من السلفادوريين بالارتياح ببساطة لأن زعيمهم يتخذ إجراءات صارمة ، حتى لو أدى ذلك أيضًا إلى تقويض الديمقراطية الهشة التي كافحت بلادهم من أجل بنائها على مدى العقود الثلاثة الماضية.

احكام السيطرة

في أحد أقسامه الأكثر إثارة للجدل، يشمل إصلاح قانون العقوبات أيضًا اعتبار أفراد العصابات الذين تزيد أعمارهم عن 12 عامًا والحكم عليهم على هذا النحو.

وفي سلسلة أخرى من الإجراءات، قرر المجلس أيضًا الموافقة على عقوبات ضد وسائل الإعلام والصحفيين الذين ينسخون رسائل من ما يسمى ماراس.

تشمل الإصلاحات المثيرة للجدل أيضًا حظر الكتابة على الجدران التي تشير إلى العصابات ومصادرة واستخدام الممتلكات والأسلحة التابعة للعصابات لاحقًا لمكافحتها.

وأشعلت العصابات دوامة من إراقة الدماء عمقت إحباط الناس من نظام سياسي غير قادر على ضمان سلام دائم. الآن ، وضع الكثير من السكان ثقتهم في زعيم شاب ،أعطى الناس الاستقرار الذي كانوا يرغبون فيه.

العصابات تتحكم بالسياسة والأمن

فشلت هندوراس ودول أخرى في امريكا اللاتينية من السيطرة على العصابات وإضعاف تحركاتها أو تجميد عملها واموالها وسيطرتها وذلك يعود لعدة أسباب منهل:

ضعف سلطة الدولة في بعض المناطق: الأامر الذي أهلها لأن تصبح بيئة خصبة لانتشار الأنشطة غير المشروعة. وفي ظل غياب أو ضعف سلطة الدولة القومية في بعض المناطق، تنامى نفوذ الجماعات الإجرامية والعصابات والكارتلات، وتأسست هياكل جديدة للسلطة؛ حيث حلت المافيا – في بعض الحالات – محل الدولة المركزية.

الاستجابة الحكومية التقليدية للتحديات الأمنية: في بلدان كالمكسيك وكولومبيا والبرازيل، ليس هناك سوى القليل من الأساليب المبتكرة لمعالجة التحديات الأمنية لعصابات الجريمة المنظمة. في المكسيك،
محدودية السياسات الإقليمية المُنسقة: ساهم ضعف التنسيق الإقليمي فيما يتعلق بضبط الحدود المشتركة، في إضعاف الجهود المبذولة لمكافحة الجريمة المنظمة في أمريكا اللاتينية.

التحالف مع السياسيين ورجال الأمن: ثمة علاقة وثيقة بين العصابات الإجرامية والسياسيين وبعض عناصر الأمن والشرطة اللاتينية.
وتستغل المجموعات الإجرامية المختلفة تفشي الفساد بين كبار المسؤولين الحكوميين، وضعف مرتبات العاملين في أجهزة الأمن، لتسهيل تنفيذ أنشطتها غير المشروعة

وتُشير بعض التقارير إلى أنه في بعض بلدان المنطقة، هناك تواطؤ بين قوات الأمن والسياسيين والعصابات الإجرامية. في فنزويلا على سبيل المثال، توجد مزاعم بتورط بعض المسؤولين الرفيعي المستوى في الحكومة والجيش مع الجماعات الإجرامية في أنشطة تهريب المخدرات والتعدين غير المشروع. في الوقت نفسه تزيد الممارسات المحلية للرشوة والفساد المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة، من تعقيد الإجراءات اللازمة لمواجهة العصابات العابرة للحدود، وتُضعف فاعلية الجهود الحكومية المبذولة.

تطوير علاقات وثيقة بحركات التمرد المسلح الإقليمية: وذلك بالرغم من الأبعاد السياسية المرتبطة بنشأة بعض الجماعات المسلحة وحركات التمرد في أمريكا اللاتينية؛ حيث جاءت كرد فعل على التاريخ الطويل للتهميش الاجتماعي والاقتصادي، والتفاوتات الضخمة بين الأثرياء والفقراء في أمريكا اللاتينية؛ فإنه يحكمها، بدرجات متفاوتة، المصالح الاقتصادية المرتبطة بالأنشطة غير القانونية.

العمل مع العصابات الإجرامية العابرة للإقليم: يؤدي انتشار الفقر والفساد، وازدهار الأنشطة الإجرامية في أمريكا اللاتينية، إلى تنافس العصابات الإجرامية فيما بينها من أجل كسب النفوذ والسيطرة على الأراضي.

التنسيق مع التنظيمات الإرهابية الدولية: ظهرت بعض المؤشرات خلال السنوات الماضية حول ارتباط عصابات الجريمة المنظمة ببعض التنظيمات المصنفة إرهابياً على المستوى الدولي. فقد ذكرت العديد من التقارير خلال السنوات الماضية أن “حزب الله” اللبناني يمتلك علاقات وثيقة مع بعض الجماعات الإجرامية النشطة في أمريكا اللاتينية. ونجح “حزب الله” في استغلال انتشار الفساد، وحالة الفراغ الأمني، والغياب النسبي لسلطات إنفاذ القانون في بعض المناطق، وتحديداً في المثلث الحدودي بين البرازيل والأرجنتين وباراجواي، في تكثيف أنشطته الإجرامية هناك.

تداعيات خطيرة

لانتشار عصابات الجريمة المنظمة في أمريكا اللاتينية العديد من التأثيرات السلبية على بلدانها، ومنها:

الإضرار بالأمن القومي

تؤثر التهديدات الأمنية للعصابات الإجرامية العابرة للحدود في أمريكا اللاتينية على الأمن القومي لدول المنطقة؛ إذ تُعتبر من أهم أسباب عدم الاستقرار السياسي، كما أنها من النتائج المترتبة عليه. ومع انتشار الصراعات العنيفة بين العصابات الإجرامية عبر الحدود، تصبح هناك أعباء إضافية على أجهزة الأمن، إلى جانب الأعباء الملقاة على عاتقها لمواجهة مشكلة الجريمة داخل المناطق الحضرية، إضافة إلى أن انتشار عصابات الاتجار بالمخدرات يؤثر سلباً على بعض الدول المصدرة للمخدرات ودول العبور.

تقويض النظم الديمقراطية

أدى انتشار عصابات الجريمة المنظمة إلى تجدد الحديث حول جدوى الحلول غير الديمقراطية، خاصةً مع السوابق التاريخية للحكم العسكري لدول أمريكا اللاتينية.

إيجاد اقتصادات موازية

تُعرقل التهديدات الأمنية لعصابات الجريمة المنظمة جهود تحقيق التنمية المستدامة، وتُضعف فرص جذب الاستثمارات الأجنبية، كما أنها تُسهم في إنشاء وانتعاش الاقتصادات الموازية (الاقتصادات غير المشروعة). وتُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن قيمة تجارة المخدرات عبر الحدود في أمريكا اللاتينية تبلغ 450 مليار دولار سنوياً، إضافة إلى 12 مليار دولار أخرى تكلفة الاتجار غير المشروع بالأسلحة، و40 مليار دولار غيرها لتجارة التبغ غير المشروع.

تهديد الأمن الإنساني

تضر التهديدات الأمنية للعصابات الإجرامية بأمن المواطن العادي في أمريكا اللاتينية، الذي يصبح عُرضة للاختطاف والسرقة والقتل. ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، مثَّلت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، %33.5 من نسبة جرائم القتل على مستوى العالم. وبلغ معدل القتل السنوي 24 لكل 100 ألف نسمة في عام 2017، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي.

ما يُشير إلى وجود علاقة قوية بين كثافة الاتجار بالمخدرات وبين العنف المزمن بالمنطقة. ومع اشتداد وتيرة العنف الناتج عن المنافسة الدموية بين هذه الجماعات، والاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن الحكومية في مواجهتها، زادت كثافة حركة المهاجرين غير الشرعيين إلى خارج المنطقة الذين يكونون بدورهم ضحايا لممارسات العصابات الإجرامية.