الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.. وتحديات مستمرة
اندلعت في فرنسا حركات احتجاج واعمال عنف في عدد من ضواحي العاصمة باريس وعدة مدن أخرى في موجة غضب على خلفية مقتل الفتى نائل برصاص شرطي .
وأوقفت الشرطة الفرنسية أكثر من 1300 شخصا في أرجاء البلاد خلال أعمال شغب تواصلت لليلة الرابعة على التوالي على خلفية مقتل مراهق برصاص الشرطة على ما أعلنت وزارة الداخلية السبت.
وقالت الوزارة في حصيلة لا تزال موقتة إن “79 شرطيا ودركيا أصيبوا بجروح” خلال أعمال الشغب “التي تراجعت حدتها”.
وأضاف المصدر نفسه أن النيران أضرمت في حوالى 1350 سيارة فيما تعرض 234 مبنى للحرق أو التخريب وأحصي 2560 حريقا على الطرقات العامة.
ونشرت فرنسا 45 ألف شرطي ودركي مدعومين بآليات مدرعة لضبط أعمال الشغب التي اندلعت إثر مقتل المراهق نائل البالغ 17 عاما برصاص شرطي خلال تدقيق مروري في إحدى ضواحي باريس في الثلاثاء.
وأصيب الفتى نائل برصاصة قاتلة في الصدر أطلقها شرطي من مسافة قريبة أثناء عملية التدقيق المروري. ووُجهت إلى الشرطي الموقوف البالغ 38 عامًا تهمة القتل العمد.
وأثارت القضية الجدل من جديد بشأن إجراءات إنفاذ القانون في فرنسا، حيث تمّ تسجيل 13 حالة وفاة في عام 2022 بعد رفض الامتثال لأوامر الشرطة.
يقول منتقدون لهذه التظاهرات إنها تشمل فقط أبناء المغرب العربي، أو الفرنسيين من أصول إفريقية بشكل عام، إلا أن تاريخ الاضطرابات التي شهدته فرنسا في عهد الرئيس ماكرون يفنّد هذه الأنباء.
السترات الصفر
في 17 نوفمبر 2018، خرج نحو 290 ألفا من الفرنسيين مرتدين سترات صفراء، لتصعيد الاحتجاج، وإجبار الحكومة على الرضوخ لمطالب دافعي الضرائب من العمال والموظفين.
يوم 17 نوفمبر، شكل منعرجا خطيرا بسقوط عدد من الجرحى قدرتهم السلطات وقتها بنحو 230 جريحا في صفوف المحتجين وبضع عشرات في صفوف رجال الأمن.
اختارت الحركة التي انطلقت شرارتها بداية من قرية صغيرة تسمى “سين ومارن” في ضواحي باريس بحسب وسائل إعلام فرنسية، تلك السترات الصفراء لتكون رمزا للطبقة المحتجة، وهي طبقة العمال والموظفين.
يرتدي المتظاهرون سترات صفر على أساس أن القانون الفرنسي يوجب على جميع سائقي السيارات حملُ سترات صفراء في السيارة وارتداؤُها في حالات الطوارئ، وبما أن فرنسا تعيش طوارئ اقتصادية ناجمة عن زيادة الضرائب، وفقهم، اختار دعاة الاحتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي تلك السترات لتكون إيقونة المظاهرات وهو ما حدث بالفعل.
لا شك أن العاصمة باريس كانت مركز تلك الاحتجاجات رغم تسجيل عشرات الوقفات الاحتجاجية في كبرى المدن الفرنسية على غرار سانت إتيان، ليون نيس ومرسيليا.
شارع الشانزيليزيه الذي يرمز إلى الطبقة “البرجوازية” على اعبار أنه يضم أكبر عدد من محلات بيع “الماركات” العالمية، أصبح مركز التقاء السترات الصفراء، وشهد مشادات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة.
محلات شارع الشانزيليزيه الذي ينتهي عند قوس النصر تعرضت للنهب في إحدى المظاهرات، وهو ما تسبب في إغلاقه في وجه المحتجين بعد ذلك.
رفض قانون رفع سن التقاعد
في 8 آذار مارس نظّم سائقو القطارات والمترو وعمال المصافي وجامعو القمامة وعمال قطاعات أخرى إضرابات، في فرنسا، احتجاجاً على خطة الرئيس إيمانويل ماكرون لرفع سن التقاعد إلى 64 عاماً، قبل إقرارها.
ويرى النشطاء في مجال حقوق المرأة أن إصلاح نظام التقاعد غير عادل للمرأة، خصوصاً أنه زاد عمق الفجوة بين الجنسين التي تواجهها النساء خلال حياتهن المهنية.
وجاءت الإضرابات وأعمال الاحتجاج بعد تنظيم أكثر من مليون متظاهر مسيرة في مدن وبلدات في جميع أنحاء فرنسا، في وقت سابق فيما اعتبرته النقابات أكبر استعراض للقوة ضد التغييرات المخطط لها، منذ بداية الحركة في يناير.
وعانت حركة القطارات ومترو باريس، اضطراباً بالغاً، فأعلنت هيئة السكك الحديد الفرنسية تسيير قطار واحد فائق السرعة من بين كل ثلاثة قطارات في جميع أنحاء البلاد، في الوقت الذي توقفت فيه القطارات المتجهة إلى إسبانيا، وأثرت بعض الإلغاءات على القطارات المتجهة من وإلى بريطانيا وبلجيكا. كما ألغي 20% من الرحلات في مطار شارل ديغول في باريس ونحو الثلث في مطار أورلي.
وتوقفت شحنات النفط في البلاد لليوم الثاني على التوالي، وسط إضرابات في مصافي توتال إنرجي وإسو إكسون موبيل. كما قرر جامعو القمامة في باريس مواصلة إضرابهم أمس. إضافة إلى ذلك، منع العمال المضربون الوصول إلى موانئ مدينتي روان ولوهافر الغربيتين.
وتعهد ماكرون بالمضي قدماً في مشروع القانون، الذي يقدمه باعتباره مفتاحاً لسياساته الاقتصادية المؤيدة للشركات. وبمقتضى الإصلاح المقترح، سيتم رفع الحد الأدنى لسن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً، ما يتطلب 43 عاماً من العمل للحصول على معاش تقاعدي كامل. ودعت النقابات إلى تنظيم تظاهرات في أنحاء البلاد، السبت المقبل.