إيران تلاحق البلوش في إفريقيا وتسعى لتشويههم
تلتفّ حبال المشانق في إيران حول أعناق الإيرانيين المطالبين بحرياتهم، على طول وعرض جغرافيا بلادهم الواسعة، إلا أنها تشدد على الأقليات الضعيفة البعيدة عن الأضواء في طهران.
يرتفع الخط البياني للإعدامات التي يمتهنها النظام الإيراني في الزاوية الجنوبية الشرقية لإيران في محافظة سيستان وبلوشستان، حيث يثقل الفقر والحرمان المتعمد كاهل أبنائها.
ومُحافظة سيستان وبلوشستان محافظة شرقيّة حدوديّة مع أفغانستان، وباكستان غيرِ المستقرّتَين سياسيا، واقتصاديا. وتنتشر على الحدود بين البلدان الثلاثة عصاباتُ تهريب المخدرات، والسّلاح، والبَشر.
وخلال العقود الأربعة الماضية، عمدت السلطات الإيرانية طمس هوية الشعب البلوشي، عن طريق فرض اللغة الفارسية في الوظائف المهمة والمكاتبات الحكومية، وفرض الثقافة الفارسية في كل مناطق الإقليم، الا أن هذه المحاولات وهذا النهج قوبل بالرفض الكامل من قبل أبناء القومية البلوشية.
يعاني سكان هذه المناطق من أبشع أشكال التهميش، لا يوظَّف منهم حَمَلة الشهادات، ولا يُسمح للاستثمارات الأجنبية بافتتاح مشاريع هنالك، كما يعاني قسم كبير من البلوش من أزمة الهوية، فلا هوية لهم لأنهم متهمون بتسللهم إلى البلاد من أفغانستان وباكستان.
وخلال الاحتجاجات على مقتل الشابة مهسا أميني كلف النظام الايراني الحرس الثوري إخماد الاحتجاجات في بلوشستان، بالقمع والاعتقالات والغاز المسيل للدموع واستخدام الرصاص الحي والطائرات ضد المحتجين.
الإساءة لقومية البلوش
ويسعى النظام الإيراني إلى تشويه البلوش بكل الطرق الممكنة داخل البلاد وخارجها حتى أنه عمد إلى نشر شبكة في تنزانيا للقيام بعمليات إرهابية باسم البلوش.
وبحسب تقارير وفيديوهات تحصلت عليها “إيران إنترناشيونال” فقد تم القبض على ضابط الوحدة 853 التابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية حميد رضا محمد أبراهه، وأقر خلال استجوابه أن النظام الإيراني تسلل إلى إفريقيا من خلال نافذة التعاون الاقتصادي، ويهدف إلى إساءة استخدام قومية البلوش الأفارقة للقيام بأعمال إرهابية.
وعمل”أبراهه” على إنشاء شبكة سرية غير رسمية بهدف تجنيد عملاء وتعزيز أنشطة وزارة الاستخبارات الإيرانية في إفريقيا للنفوذ في الحكومات المحلية والقيام بأنشطة إرهابية والاختطاف وحذف الأهداف الغربية والقضاء عليها في القارة الإفريقية.
وتم القبض على حميد رضا محمد أبراهه، باسمه المستعار “حميد سالاري”، بدار السلام في نوفمبر الماضي، البالغ من العمر 45 عامًا من أهالي مدينة زابل جنوب شرقي إيران وبدأ تعاونه مع وزارة الاستخبارات منذ 15 عامًا.
وفي 6 ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة الهجرة في تنزانيا عبر بيان عن ترحيله بعد أن حصل، وفقًا للوزارة، على تأشيرات مختلفة عبر تقديم مجموعة من المستندات المزورة، بما في ذلك شهادة زواج.
وأعلنت الحكومة في تنزانيا أنه بعد توقيف واستجواب حميد أبراهه، تبين أنه كان يسعى إلى أعمال تخريبية ضد مواطني تنزانيا وعدة دول أخرى.
وقال هذا الضابط الاستخباراتي الإيراني:”مهمتي الأساسية هي إنشاء شبكة من الأشخاص لوزارة الاستخبارات في خطة مدتها خمس سنوات ثم خطة مدتها 10 سنوات، حتى يتمكنوا من فعل ما يريدون هنا”.
وقال حميد رضا محمد أبراهه في هذا الاستجواب: “أنا باعتباري حميد سالاري، عليّ أن أعمل على هذه الخطوات الثلاث: البحث عن أشخاص ووضعهم في مكانهم والموافقة عليهم. يجب عليهم تعلم اللغة، والحصول على وثائق هوية، وعليهم أن يكونوا قادرين على التحرك والتواصل مع الأشخاص الكبار والأشخاص العاديين”.
وتقع تنزانيا في شرق إفريقيا، إلى جانب كينيا وأوغندا، وتستضيف نحو 30 ألف بلوشي هاجروا إلى هناك منذ 300 عام.
وعلى الرغم من أنه ينتمي إلى محافظة سيستان وبلوشستان وشيعي، ولكن حميد رضا أبراهه قدم نفسه على أنه بلوشي وسني في تنزانيا لكي يتمكن من الدخول إلى مجتمع البلوش هناك.
وقال أبراهه في التحقيق: “هناك دائرتان في جابهار وزاهدان تدعماننا، وطلبت يوما منهم أن ابحثوا فقط عن أشخاص إيرانيين أو باكستانيين من البلوش ولديهم بعض المعرفة بتنزانيا ومستعدون للبقاء هنا لبعض الوقت”.
يذكر أنه في العقدين الماضيين، حاول النظام الإيراني الاقتراب من البلدان الإفريقية من خلال الاستثمار وإرسال وفود اقتصادية وتجارية. وكشف أبراهه في تقريره عن الأسلوب الجديد نسبيًا الذي تتبعه وزارة الاستخبارات والمسمى بالمبعوثين غير الرسميين، حيث لا يذهب الأشخاص في مهمات رسمية ولا يكونون على اتصال بالسفارات.
وكشف هذا الضابط الإيراني في اعترافاته عن هيكل جميع دوائر وزارة الاستخبارات ومهامها. وقال إن النشاط الرئيسي للقسم الخارجي هو جمع المعلومات الاستخبارية.
وأظهرت المعلومات التي تم الحصول عليها من استجواب أبراهه عن المنافسة الشرسة بين وزارة الاستخبارات وجهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني، لدرجة أنه، بحسب ما قال “الفشل الاستخباراتي لكل من هاتين المؤسستين يؤدي إلى إسعاد الأخرى”.
جدير بالذكر أن هذا العنصر في الوحدة 853 بوزارة الاستخبارات تم تسليمه لإيران بعد اعترافاته في تنزانيا