نتنياهو يدافع عن إصلاح القضاء مع زيادة الاحتجاجات في إسرائيل
تتأهب إسرائيل لمزيد من الإضرابات والاحتجاجات، الثلاثاء، في أعقاب اعتماد البرلمان بندًا رئيسيًا في مشروع الإصلاح القضائي المثير للانقسام، بينما قدمت طعون إلى المحكمة العليا ضد القانون.
أدى إصرار حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة على البند الرئيسي الذي أقرته الاثنين الكنيست الى تحديات قانونية ومواجهات في الشوارع.
ويهدف بند “حجة المعقولية” إلى الحد من صلاحيات المحكمة العليا لإلغاء قرارات حكومية. قبل ذلك كانت المحكمة العليا تمارس رقابة قضائية على عمل الأذرع المختلفة للسلطة التنفيذية، المتمثلة بالحكومة ووزاراتها والهيئات الرسمية التابعة لها.
وتتواصل الاحتجاجات المدنية المستمرة منذ شهور باضراب الاطباء الثلاثاء.
وكان قد دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، عن إقرار البرلمان لبند رئيسي في خطة الاصلاح القضائي المثيرة للجدل التي وصفها بأنها “ضرورية” على الرغم من القلق الدولي والاحتجاجات الشعبية.
أقر المشرعون الإسرائيليون بند “حجة المعقولية” وهو البند الرئيسي الأول في خطة الإصلاح القضائي المقترح، ويهدف إلى الحد من صلاحيات المحكمة العليا لإلغاء قرارات حكومية.
وأيد النص 64 نائبا من الائتلاف الحكومي اليميني المتشدد الحاكم من أصل 120 نائبا في البرلمان. وتم التصويت النهائي على بند “المعقولية” بالقراءتين الثانية والثالثة وقاطع نواب المعارضة عملية التصويت وخرجوا من القاعة.
وبرر نتنياهو في وقت لاحق القرار بالمضي قدما واصفا التصويت بأنه “خطوة ديموقراطية ضرورية”.
وقال نتنياهو في خطاب متلفز: “أقرينا تعديل بند المعقولية حتى تتمكن الحكومة المنتخبة من تنفيذ سياسة تتماشى مع قرار غالبية مواطني البلاد”.
وبند “المعقولية” يلغي إمكانية نظر القضاء في “معقولية” قرارات الحكومة.
قبل ذلك كانت المحكمة العليا تمارس رقابة قضائية على عمل الأذرع المختلفة للسلطة التنفيذية، المتمثلة بالحكومة ووزاراتها والهيئات الرسمية التابعة لها.
وسيعطي التعديل الحكومة صلاحية أوسع في تعيين القضاة ويؤثر خصوصاً على تعيين الوزراء. ففي كانون الثاني/يناير أجبر قرار من المحكمة العليا نتنياهو على إقالة المسؤول الثاني في الحكومة أرييه درعي المدان بتهمة التهرّب الضريبي.
من ناحيتها وصفت الولايات المتحدة، الحليف الأهم للدولة العبرية التعديل بأنه “مؤسف”.
تسببت خطة الإصلاح القضائي بانقسام البلاد وأثارت واحدة من أكبر حركات الاحتجاج في إسرائيل منذ أن اقترحها في مطلع كانون الثاني/يناير الائتلاف الحكومي الذي شكله بنيامين نتنياهو مع اليمين المتطرف والأحزاب الدينية المتشددة.
وتؤكد الحكومة الإسرائيلية أن مشروع إصلاح النظام القضائي ضروري لضمان توازن أفضل للسلطات من خلال تقليص صلاحيات المحكمة العليا التي تعتبرها مسيسة، فيما يؤكد معارضوه أن من شأنه تقويض الديموقراطية وتحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية.
هددت نقابة العمال (الهستدروت) بإضراب عام ردا على التصويت في البرلمان وحثت الحكومة على استئناف المفاوضات مع المعارضة.
وقال رئيس الهستدروت أرنون بار دافيد في بيان “من الآن فصاعدًا، أي تقدم أحادي الجانب في الإصلاح ستكون له عواقب وخيمة” مضيفا “في الأيام المقبلة سأدعو إلى تحرك عمالي عام في الاقتصاد وتفعيله عند الضرورة حتى الإغلاق الكامل”.
أغلقت مصالح تجارية كبيرة في البلاد الاثنين احتجاجا على الاصلاحات القانونية.
وأعلن “منتدى الأعمال الإسرائيلي” الذي يمثل نحو 150 من كبار شركات القطاع الخاص الإضراب الإثنين في محاولة “لوقف التشريع الأحادي الجانب وإجراء حوار”.
واضاف المنتدى في بيان “يجب أن نتوصل إلى تفاهمات لمنع الضرر الكبير الذي يلحق بالاقتصاد والصدع الذي يمزق المجتمع”.
هزيمة للديمقراطية
وتظاهر عشرات آلاف الأشخاص من المحتجين ضد الاصلاح القضائي الاثنين بعد احتجاجات الأحد أيضا.
وفي واشنطن، أكد البيت الابيض في بيان أن “عبر الرئيس (جو) بايدن في العلن وفي الجلسات الخاصة عن رأيه بأنه لتتسم التغيرات الكبرى في أي ديموقراطية بالاستمرارية، يجب أن تحظى بأكبر قدر ممكن من التوافق”.
وأضاف البيان “من المؤسف أن التصويت جرى اليوم بأغلبية جد ضئيلة”.
وفي ألمانيا، أكد مصدر في وزارة الخارجية أن برلين تراقب التوترات “بقلق بالغ”. وقال المصدر “انطلاقا من تضامننا العميق مع اسرائيل وشعبها، ننظر بقلق بالغ إلى التوترات المتفاقمة في المجتمع الإسرائيلي”.
بعد الاعلان عن اقرار البند، خرج المحتجون حاملين الاعلام الاسرائيلية إلى الشوارع الرئيسية.
واستمرت التظاهرات مساء الإثنين في القدس وتل أبيب وقام المتظاهرون بإغلاق طرق رئيسية. واستخدمت الشرطة خراطيم المياه لتفريقهم.
وجاء التصويت بعد ساعات من عودة نتنياهو (73 عاما) إلى الكنيست بعد يوم واحد من خضوعه لجراحة جهاز ينظم ضربات القلب.
وقال زعيم المعارضة الوسطي يائير لبيد إن التصويت لم يكن “انتصارا للائتلاف بل هزيمة للديمقراطية الإسرائيلية”. وأضاف “يمكن للحكومة أن تقرر سياسة لكن ليس أن تغير طابع دولة إسرائيل وهذا ما حدث اليوم”.
وحاول الرئيس الاسرائيلي إسحق هرتسوغ ايجاد حلول توافقية بين المعارضة وحكومة نتنياهو المتشددة قبل التصويت، لكنه فشل.
وقال هرتسوغ في بيان الاثنين “نحن في حالة طوارئ وطنية، حان وقت المسؤولية. نحن نعمل على مدار الساعة بكل الطريق الممكنة لإيجاد حل. هناك أسس للتفاهمات، لكن الفجوات التي تتطلب من الجانبين إظهار المسؤولية لا تزال قائمة”.
وقالت وزارة الدفاع الاسرائيلية إن رئيس الوزراء ووزير الدفاع أصدرا تعليمات للجيش بإطلاع الوزراء على الوضع الأمني واستعداد الجيش.
ويتهم معارضون نتنياهو الذي يحاكم بتهم الفساد أمام القضاء، بتضارب مصالح فيما وصفه بعض المحتجين بأنه “وزير الجريمة”.
وقال شهاف كوشينسكي (34 عاما) وهو موظف في مجال التكنولوجيا المتطورة كان يحتج قرب البرلمان “اليوم من المحتمل أن يتم تشريع القانون الأول في البرلمان الذي سيبدأ في إسقاط ديموقراطية إسرائيل”.
وأضاف: “سيعطي هذا للحكومة سلطة غير محدودة … هذه هي البوابة إلى الديكتاتورية ولهذا نحن هنا، نحن نقاتل من أجل ديموقراطيتنا”.