محاولة انقلاب.. النيجر على صفيح ساخن

تشهد النيجر محاولة انقلاب الأربعاء احتجز خلالها عناصر من الحرس الرئاسي الرئيس محمد بازوم فيما منحهم الجيش “مهلة لإطلاق سراحه”، وكُلّفت بنين في ضوء ذلك القيام بمهمة وساطة.

وفي وقت لاحق الأربعاء، عمد عناصر الحرس الرئاسي إلى تفريق متظاهرين مؤيدين لبازوم حاولوا الاقتراب من المقر الرئاسي حيث يُحتجز في نيامي عبر إطلاق عيارات نارية تحذيرية، وفق ما أفاد مراسل لوكالة “فرانس برس”.

ودان الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) ما وصفته الجهتان بـ”محاولة الانقلاب”، وهو وصف للأحداث الجارية أكده مصدر مقرّب من بازوم.

كما دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “أي محاولة لتولي الحكم بالقوة” ودعا إلى احترام الدستور النيجري، بينما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها البالغ وطالبت بإطلاق سراح بازوم. كما صدرت إدانات عن فرنسا والجزائر المجاورة.

في الأثناء، توجّه رئيس بنين باتريس تالون إلى النيجر للقيام بوساطة، وفق ما اعلن رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لـ”إيكواس”.

وقال تينوبو إثر لقائه تالون في اأوجا “سيغادر إلى هناك الآن، إنه في طريقه” إلى النيجر.

محاولة انقلاب واحتجاز الرئيس.. القصة الكاملة لما يحدث في النيجر

احتجاز الرئيس محمد بازوم

وانتُخب بازوم عام 2021 على رأس الدولة الغارقة في الفقر والتي تعاني عدم الاستقرار.

وكان عناصر الحرس الرئاسي أغلقوا صباح الأربعاء جميع المداخل إلى مقر إقامة الرئيس ومكاتبه. وبعد انهيار المحادثات “رفضوا الإفراج عن الرئيس”، وفق ما ذكر المصدر في الرئاسة.

وأضاف المصدر ذاته الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن “الجيش منحهم مهلة”.

وقالت الرئاسة في رسالة نشرتها على تويتر الذي تغيّر اسمه إلى “إكس” “انتابت لحظة غضب عناصر من الحرس الرئاسي.. وحاولوا من دون نجاح كسب دعم القوات المسلحة الوطنية والحرس الوطني”.

وأضافت أن “الجيش والحرس الوطني على استعداد لمهاجمة عناصر الحرس الرئاسي المتورطين في لحظة الغضب هذه ما لم يعودوا إلى صوابهم”. وتابعت أن “الرئيس وعائلته بخير”.

لم تكشف الرئاسة عن سبب الغضب الذي شعر به عناصر الحرس الرئاسي.

وتم إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى المجمع الرئاسي في نيامي رغم عدم وجود اي انتشار غير عادي للجيش أو أصوات إطلاق نار في المنطقة بينما بدت حركة السير طبيعية، وفق مراسل “فرانس برس”.

محاولة انقلاب واحتجاز الرئيس.. القصة الكاملة لما يحدث في النيجر

مسيرة لمؤيدين لمحمد بازوم. مصدر الصورة: AFP

إدانات دولية

وأصدر الاتحاد الإفريقي و”إيكواس” بيانين منفصلين دانا فيهما “محاولة الانقلاب”.

استخدم المصدر المقرّب من بازوم المصطلح ذاته في وصفه للأحداث وأضاف أن محاولة الاستيلاء على السلطة “مصيرها الفشل”.

ودعت “إيكواس” إلى إطلاق سراح بازوم فورا وبدون شروط وحذرت من أن جميع المتورطين يتحملون المسؤولية عن سلامته.

ودان الاتحاد الاوروبي على لسان مسؤول السياسة الخارجية فيه جوزيب بوريل “أي محاولة لزعزعة الديموقراطية وتهديد الاستقرار في النيجر”، مؤكدًا أن التكتل ينضم إلى “إيكواس” في تنديدها بما يحصل.

شاهد الفيديو للمزيد عن أحدث النيجر

عرضة للانقلابات

شهدت الدولة الواقعة في منطقة الساحل 4 عمليات انقلاب منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 وعدة محاولات أخرى للاستيلاء على السلطة.

كان بازوم، وزير الداخلية سابقًا،  مقرّبًا من الرئيس السابق محمد إيسوفو الذي تنحى طوعًا بعد ولايتين.

واعتُبرت عملية تسليم السلطة التي جرت في أبريل 2021، بعد الانتخابات التي فاز فيها بازوم عقب جولتين في مواجهة الرئيس السابق محمد عثمان أول انتقال سلمي للسلطة في النيجر منذ الاستقلال.

لكن بقي شبح ماضي النيجر المضطرب يطاردها. فوقعت محاولة انقلاب قبل أيام فقط من تنصيب بازوم في أبريل 2021، وفق ما ذكر مصدر أمني حينذاك.

ووقعت محاولة ثانية للإطاحة ببازوم في مارس هذا العام “بينما كان الرئيس.. في تركيا”، بحسب مسؤول نيجري أكد توقيف شخص. ولم تعلّق السلطات علنًا قط على الحادثة.

محاولة انقلاب واحتجاز الرئيس.. القصة الكاملة لما يحدث في النيجر

فقر وبؤرة إرهاب

تشكل الصحراء ثلثي مساحة النيجر الواقعة في قلب منطقة الساحل القاحلة في غرب إفريقيا وتحتل مرتبة متأخرة على مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة.

ويبغ تعداد الدولة الإفريقية 22,4 مليون نسمة، وهو عدد يرتفع بشكل متسارع نظرًا إلى بلوغ معدل الولادات سبعة أطفال لكل امرأة.

تعاني البلاد تحركين للإرهابين: الأول في الجنوب الغربي تنفذه عناصر قدمت من مالي المجاورة عام 2015، والآخر في الجنوب الشرقي ينفذه عناصر إرهابية مقرهم شمال شرق نيجيريا.

وفر مئات الآلاف من منازلهم، ما تسبب بأزمة إنسانية وفاقم الضغط على الاقتصاد.

وتلقى الجيش النيجري تدريبات ودعم لوجستي من الولايات المتحدة وفرنسا، علمًا بأن للدولتين قواعد عسكرية في البلاد.

وأصبحت النيجر العام الماضي مركزًا للعمليات الفرنسية لمكافحة الإرهابيين في الساحل، والتي أعيد النظر فيها بعدما انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو إثر الخلافات السياسية مع البلدين.

واستعانت مالي بمجموعة المرتزقة الروسية فاغنر، فيما تفيد مجموعات حقوقية بأن العناصر الروس تورطوا في ارتكاب فظاعات.