التفجير الذي خلّف عشرات الضحايا في باكستان لم تتبنه أي جهة حتى الآن
أجرت الشرطة الباكستانية بحثاً دقيقاً بين الأنقاض التي خلّفها تفجير أدى إلى مقتل 47 شخصاً على الأقل واصابة أكثر من 100 خلال تجمّع سياسي لحزب متشدد قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في وقت لاحق من هذا العام.
وكان أكثر من 400 من أعضاء وأنصار حزب جمعية علماء الإسلام، يتجمعّون تحت خيمة عند وقوع الهجوم في بلدة خار القريبة من الحدود مع أفغانستان.
وقال فضل أمان الذي كان بالقرب من الخيمة عندما انفجرت القنبلة، لوكالة فرانس برس، “رأيت مشهداً مدمّراً، جثثاً مبعثرة على الأرض، وكان الناس يصرخون طلباً للمساعدة”.
وقع الهجوم في بلدة خار في إقليم باجور الشمالي الغربي، على بعد 45 كيلومتراً فقط من الحدود الأفغانية، في منطقة يتصاعد فيها التشدّد منذ استعادة طالبان السلطة في كابول في العام 2021.
توضيحية لخريطة إقليم باجور الشمالي الغربي
ومن المتوقع أن يتم حلّ الجمعية الوطنية في باكستان في غضون الأسابيع المقبلة قبيل انتخابات مرتقبة في تشرين الأول/أكتوبر أو تشرين الثاني/نوفمبر، بينما تستعد الأحزاب السياسية للقيام بحملاتها الانتخابية.
لم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها عن الهجوم، لكن الفرع المحلي لتنظيم داعش شن مؤخرا هجمات استهدفت جمعية علماء الإسلام.
وتزامن التفجير مع زيارة لوفد صيني رفيع يضم نائب رئيس الوزراء هي ليفينغ، الذي وصل مساء الأحد إلى العاصمة.
من جهته، وصف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الهجوم بأنّه “محاولة لإضعاف الديموقراطية”.
مخاوف من عنف انتخابي
تناثرت أحذية ملطّخة بالدماء وقبّعات صلاة في المكان، إلى جانب مسامير فولاذية وكرات حديد صغيرة من السترة الناسفة.
وكان المحقّقون يجوبون المكان، في الوقت الذي اكتظّ فيه الموقع بقوات الأمن التي تحمل بنادق هجومية، وبينما امتلأت الطرق المحيطة بنقاط التفتيش التابعة للشرطة.
وقال النائب الإقليمي للمفتش العام لمكافحة الإرهاب سهيل خالد لوكالة فرانس برس، إنّ الذي نفذ التفجير استخدم نحو 40 كيلوغراماً من المتفجرات المتصلة بكرات حديد صغيرة لإحداث مجزرة كبيرة.
في هذه الأثناء، حضر آلاف المعزّين مراسم الجنازة الأولى، التي تمّ خلالها تشييع فتيين تراوح أعمارهما بين 16 و17 عاماً.
وقال نجيب الله شقيق أحد هذين الفتيَين “ليس من السهل علينا رفع نعشَين، حطّمت هذه المأساة عائلتنا”.
وأضاف “نساؤنا مصدومات بشدّة. عندما أرى أمهات الضحايا، أفقد شجاعتي”.
من جهة أخرى، أثار الانفجار مخاوف من دخول باكستان في فترة انتخابات دامية بعد أشهر من الفوضى السياسية التي نجمت عن إطاحة عمران خان كرئيس للوزراء في نيسان/أبريل من العام الماضي.
بدأ زعيم الحزب فضل الرحمن نشاطه السياسي كرجل دين متشدد لكنه عمل على تلطيف صورته العامة خلال السنوات التالية سعيا لإبرام تحالفات مع أحزاب علمانية من سائر الأطياف.
وكان قد عمل في الماضي كوسيط في المحادثات بين الحكومة وجماعة طالبان باكستان، منافس تنظيم داعش.
ويتهم داعش جمعية علماء الإسلام بالنفاق لكونها مجموعة دعمت حكومات متعاقبة والجيش.
وبينما لم يحصل حزب جمعية علماء الإسلام على أكثر من عشرة مقاعد أو نحو ذلك في البرلمان، إلّا أنّه يمكن أن يؤدي دوراً حاسماً في أي ائتلاف، في ظلّ قدرته على حشد عشرات الآلاف من طلاب المدارس الدينية، ما يمنحه وزناً ثقيلاً.
وقالت صحيفة “فجر” (Dawn) في افتتاحيتها الاثنين، “من المهم التفكير في سبب تعرّض أعضاء حزب سياسي ذي ميول دينية لمثل هذا العنف الوحشي”.
وأضافت الصحيفة “مهما كانت النظرة المحافِظة بشدّة التي يحملها حزب جمعية علماء الإسلام إلى العالم، فقد اختار التنافس على السلطة والعمل ضمن المعايير التي حدّدها دستور باكستان”.