ناغورني قره باغ ” الحديقة السوداء” لحروب أرمينيا وأذربيجان
أعلن الانفصاليون الأرمن في ناغورني قره باغ أنهم قبلوا اقتراح باكو إجراء محادثات بشأن إعادة دمج المنطقة المتنازع عليها مع أذربيجان.
وقالت السلطات الانفصالية الأربعاء “ستتم مناقشة القضايا التي أثارها الجانب الأذربيجاني بشأن إعادة الدمج وضمان حقوق وأمن أرمن ناغورني قره باغ (…) في اجتماع بين ممثلي السكان الأرمن المحليين والسلطات المركزية لجمهورية أذربيجان”، مضيفة “ستجري في مدينة يفلاخ في 21 أيلول/سبتمبر”.
وكانت قد شنّت أذربيجان الثلاثاء، عملية عسكرية في ناغورني قره باغ بعد ثلاثة أعوام من الحرب الأخيرة في الجيب الانفصالي، مطالبة بانسحاب أرميني “كامل وغير مشروط” من المنطقة.
ويعتبر النزاع بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم ناغورني قره باغ المعترف به دولياً كجزء من أذربيجان، هو الأطول في أوراسيا ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لكنه بدأ قبل ذلك بكثير، إذ يعود الجدل في شأن تبعية الإقليم الذي يشكل الأرمن 94 في المئة من سكانه ويطلقون عليه اسم “أرتساخ”، إلى فترة انهيار الإمبراطورية الروسية خلال الحرب العالمية الأولى.
وفي مقال نشر خلال حرب الستة أسابيع عام 2020 بين البلدين وصف جيمس بالمر في مجلة “فورين بوليسي” النزاع بأنه “الصراع الكبير المنسي” الناجم عن تفكك الاتحاد السوفيتي.
ولفت الكاتب إلى أن الحرب في حد ذاتها تتخذ أحياناً طابع المأساة وأحياناً أخرى طابع المهزلة. لقد نجم عن تفكك الاتحاد السوفيتي أعداد ضخمة من المرتزقة الروس، الذين قاتلوا مع الجانبين، وفي بعض الأحيان كانوا يبدلون الولاء بين ليلة وضواحيها. وبعد تراجع أولي، حازت أرمينيا على اليد العليا لتنتهي الأمور إلى وقف للنار بوساطة روسية عام 1994 وسيطرة أرمينية على معظم قرها باغ.
كيف بدأ الامر؟
ناغورني قره باغ، وهي منطقة جبلية جميلة، واسمها يعني حرفياً “الحديقة السوداء الجبلية”، التي تلعب دوراً قوياً في الخيال الرومانسي لكلا البلدين.
وكجزء من الاستيلاء السوفيتي على منطقة القوقاز في 1919-1920، تم منحها لجمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفيتية، على الرغم من وجود عدد كبير من السكان الأرمن، ولم تكن هذه مشكلة كبيرة طالما كانت أرمينيا وأذربيجان جزءاً من الإمبراطورية السوفيتية.
خلال تلك الفترة عاش العديد من الأرمن في الجمهورية المجاورة لهم، والعكس صحيح، وكانت الاختلافات الدينية بين أرمينيا ذات الأغلبية المسيحية، وأذربيجان ذات الأغلبية المسلمة، أقل أهمية في دولة شيوعية ملحدة رسمياً، لكن عندما أصبحت الاحتجاجات العرقية والدينية أكثر قبولاً في الثمانينات، بدأ السكان الأرمن الشكوى بقوة بشأن وضعهم.
انفجر ذلك بأعمال عنف في 1989-1990، في كل من ناغورني قره باغ، ومدينتَي باكو وسومقايت الأذربيجانيتين، حيث أدت المذابح الموجهة ضد الأرمن إلى فرض الجيش السوفييتي الأحكام العرفية لمحاولة وقف العنف، لكن دون جدوى.
تسلسل زمني لأبرز الأحداث
- فبراير عام 1988: دورة مجلس نواب الشعب في الإقليم، تتوجه بطلب إلى أرمينيا وأذربيجان وقيادة الاتحاد السوفييتي لنقل الإقليم إلى أرمينيا.
- 14 يونيو 1988:مجلس النواب في أرمينيا يوافق على طلب ضم الإقليم إلى الجمهورية.
- 17 يونيو 1988: مجلس نواب باكو يقرر إبقاء الإقليم في جمهورية أذربيجان.
- الأول من ديسمبر 1988: مجلس النواب في أرمينيا ومجلس نواب ناغورني قره باغ، يقرران في جلسة مشتركة توحيد الإقليم مع أرمينيا، وفي السنة نفسها وقعت اشتباكات بين الأرمن والأذربيجانيين وتخلل ذلك قتل وتدمير.
- 29 أغسطس 1991: أذربيجان تعلن استقلالها عن الاتحاد السوفييتي.
- 23 نوفمبر 1991: أذربيجان تلغي الحكم الذاتي لإقليم ناغورني قره باغ.
- 10 ديسمبر 1991: إجراء استفتاء حول استقلال الإقليم.
- 6 يناير 1992: إقرار بيان استقلال ناغورني قره باغ.
- 1992: اندلعت حرب أهلية أسفرت عن مقتل 30 ألف شخص من الجانبين وتشريد نحو مليون آخرين
- مايو 1994: بوساطة رابطة الدول المستقلة، وقّعت أرمينيا وأذربيجان وسلطة الإقليم على بروتوكول «بيشكيك» حول وقف إطلاق النار.
- بين عامي 2001 و 2016: استمرت المناوشات بين الطرفين وفشلت جهود الوساطة الأمريكية الروسية
- 2016: مقتل المئات بعد أربعة أيام من القتال العنيف عند خط الفصل في نيسان.
- 27 سبتمبر 2020، اندلعت حرب واسعة بين البلدين، استمرت لستة أسابيع وقتل خلالها أكثر من 7000 جندي و170 مدنياً تمكنت أذربيجان خلالها من استعادة قسم كبير من أراضي الإقليم، لتنتهي الحرب باتفاق لوقف إطلاق النار، وتعهدت يريفان بالتخلي عن المزيد من أراضي قره باغ.
- 10 نوفمبر 2020: وقع اتفاق ثان لوقف إطلاق النار شمل استرداد أذربيجان المناطق الحدودية السبعة التي كانت تسيطر عليها أرمينيا
- 3 أغسطس 2022: أذربيجان تعلن السيطرة على مرتفعات استراتيجة عدة في الإقليم
العملية العسكرية الأخيرة
أعلنت أذربيجان الثلاثاء، أنها أطلقت “عمليات لمكافحة الإرهاب” في منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها وحيث تم سماع دوي انفجارات في العاصمة ستيباناكرت، بينما اتهمت يريفان باكو بشنّ عملية برية وأنها “تريد جرّ البلاد إلى الحرب”.
وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان “بدأت عمليات لمكافحة الإرهاب في المنطقة” مضيفة أنها تستخدم “أسلحة عالية الدقة عند الخطوط الأمامية وفي العمق” في إطار هذه العمليات.
أعلن الجيش الأذربيجاني مساء الثلاثاء سيطرته على أكثر من 60 موقعا للجيش الأرميني في ناغورني قره باغ بعد ساعات من شنه العملية.
دعوة لإلقاء السلاح
دعت أذربيجان الانفصاليين الأرمن الثلاثاء الى إلقاء السلاح، مبدية استعدادها لإجراء مباحثات مع ممثلين عنهم في بلدة يفلاخ في حال قيامهم بذلك.
وقالت الرئاسة الأذربيجانية في بيان “بهدف وقف إجراءات مكافحة الإرهاب، على القوات الأرمينية المسلحة غير الشرعية أن ترفع الراية البيضاء، وتسلّم كامل أسلحها، وعلى النظام غير الشرعي أن يحلّ نفسه. ما لم يحصل ذلك، إجراءات مكافحة الإرهاب ستستمر حتى النهاية”.
وكان الانفصاليون دعوا الجانب الأذربيجاني سابقاً إلى التفاوض وإنهاء الأعمال الحربية. وقالت وزارة الخارجية في الجيب الانفصالي على منصة إكس إن “جمهورية آرتساخ”، وهو الاسم الذي يطلقه الأرمن على ناغورني قره باغ، “تدعو الجانب الأذربيحاني إلى وقف إطلاق النار فوراً والجلوس إلى طاولة المفاوضات”.