منشورات متداولة عن اكتشاف المكسيك جثة كائن من كوكب آخر
تثير إمكانية وجود حياة عاقلة خارج كوكب الأرض اهتمام علماء الفلك ووكالات الفضاء الدولية، كما تثير شهيّة صانعي الأفلام والروايات وأيضًا مروّجي الأخبار المضللّة.
في هذا السياق، زعمت منشورات على مواقع التواصل بلغات عدّة حول العالم أن المكسيك أعلنت اكتشاف جثة مخلوق من خارج كوكب الأرض.
وتدّعي المنشورات أن المكسيك ”أعلنت اكتشاف جسم لكائن حي من خارج كوكب الأرض“. وتضيف المنشورات أن وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ستُعلّق على هذا الاكتشاف ”الأهم في القرن الحادي والعشرين“ والذي من شأنه ”أن يقلب العالم“ رأسًا على عقب.
وأُرفقت المنشورات بصورة لما يبدو أنها مومياء كائن برأس غريب وعينين وفم وأنف ويدين، ممدّدة على رداء أبيض في ما يبدو أنه متحف أو مختبر.
هل أعلنت المكسيك حقاً العثور على جثة كائن فضائي؟
لم تعلن المكسيك العثور على مومياء أو جثة لكائن فضائي مثلما ادّعت المنشورات. إلا أن رجلاً مكسيكيًا مثيرًا للجدل يدّعي أنه متخصّص في الأجسام الطائرة، قدّم أمام البرلمان المكسيكي مجسّمين لما يشبه كائنات فضائية (كما صوّرتها أفلام الخيال العلمي). واختار لذلك موعدًا قبيل نشر وكالة الفضاء الأمريكيّة تقريرًا منتظرًا عن الأجسام الطائرة المجهولة قبل نحو أسبوعين.
لكن هذه الخطوة التي شجّعها أحد النواب أمام البرلمان المكسيكي لم تكن ”إعلانًا“ رسميًا من المكسيك عن وجود مومياء أو جثة لكائن فضائي مثلما ادّعت المنشورات، بل إن هذه الخطوة أثارت انتقادات قاسية من سياسيين وعلماء في المكسيك والخارج وسخرية كبيرة على المستويين العلمي والشعبي.
فقد عرض هذا الرجل، خايمي موسان، تابوتين صغيرين يحتويان على متحجرات ادّعى أنّها لكائنين فضائيين، وقال إن عمر المومياوين ألف عام، مستدلاً بما فقال إنها خلاصات توصّلت لها جامعة المكسيك المستقلّة.
ولكن الجامعة ردّت على ذلك بالقول إنها حدّدت فقط عمر العيّنات، ولم تتحدّث عن أن لها مصدرًا من خارج الأرض مثل ما ادّعى عارضها.
وخلص باحثون للقول إن ما المومياوين تتكونان من ”بقايا بشريّة محنّطة مختلفة“.
كيف علّقت وكالة ناسا؟
لم تعلّق وكالة الفضاء الأمريكية ”ناسا“ على هذا الأمر، بخلاف ما جاء في المنشورات، بل ما جرى في الحقيقة أن خايمي موسان هو من اختار موعدًا لعرض التابوتين في البرلمان قبيل إعلان منتظر لوكالة ناسا حول ظاهرة ”الأجسام الطائرة“.
ماذا جاء في الإعلان؟
بعد أشهر من العمل، وعقود من التساؤلات، أكّد تقرير أطلقته ناسا وشارك فيه علماء بارزون وخبراء طيران، أن الوكالة الفضائيّة الأميركيّة “تؤدي دوراً بارزاً في الجهود الحكومية الرامية إلى فهم” هذه “الظواهر الشاذّة غير المحددة”.
وقد أبدل تقرير الوكالة مصطلح “الأجسام الطائرة المجهولة” بعبارة “ظواهر شاذة غير محددة”، بهدف إزالة الفكرة السائدة بأنّ أي ظاهرة على هذا النحو تُرصد في السماء هي “طبق طائر” أو جسم آت من كوكب آخر.
وتُعرّف وكالة ناسا هذه الظواهر بأنها “رصد أحداث في السماء لا يمكن تحديدها علمياً بأنها طائرة أو ظاهرة طبيعية معروفة”.
ومع الاعتراف بوجود مثل هذه الأحداث وضرورة أخذها على محمل الجدّ، فإن وكالة ناسا تكرر منذ عام أنه لا يوجد دليل على أن أصلها خارج كوكب الأرض.
وخلال اجتماع مرحلي عقد في أيار/مايو، شدد الخبراء على الحاجة إلى جمع مزيد من البيانات بطريقة أكثر صرامة مما كانت عليه حتى الآن.
وبالتالي، فإن إعلان وكالة الفضاء الأميركية لم يشكّل أي مفاجأة مدويّة، بخلاف ما زعمته المنشورات الباحثة عن بثّ الإثارة والتشويق لجمع المشاركات والتفاعلات.
وتثير إمكانية وجود حياة خارج كوكب الأرض اهتمام وكالات الفضاء الدولية، ولا سيّما وكالة الفضاء الأميركية التي تعكف على رصد الأجرام المناسبة لظهور الحياة على سطحها وتطوّرها.
وفيما تراقب عدسات علماء الفضاء الأجرام البعيدة، لدراسة ظروفها المناسبة أو غير المناسبة لظهور الحياة (المسافة عن شمسها، إمكانية احتوائها على ماء، نوعية العناصر الغازيّة في أجوائها)، خطت وكالة الفضاء الأميركية خطوات إضافيّة في هذا البحث.
ففي العام 2012، حطّ على سطح المريخ المسبار الأمريكي “كوريوسيتي” لدراسة إمكانية أن يكون الكوكب الأحمر ضمّ على سطحه – قبل ملايين أو مليارات السنوات – شكلاً ما من أشكال الحياة، قبل أن يستحيل صحراء قاحلة.
وعلى مدى أكثر من عقد من الزمان، قدّم هذا المسبار مؤشرات جادّة عن إمكانية أن يكون المريخ شكّل في السابق بيئة مناسبة للحياة، لاسيّما وجود ماء سائل ومجار مائيّة على سطحه في الماضي السحيق.
ومن آخر الأدلّة التي قدّمها “كوريوسيتي”، متحجّرة تُشكّل دليلاً على أن المريخ شهد في ماضيه السحيق مناخاً دورياً يتناوب فيه موسما جفاف ورطوبة، وهي بيئة شبيهة ببيئة الأرض ومؤاتية تالياً لظهور الكائنات الحية، بحسب ما أوضح العلماء المشاركون في الدراسة لوكالة فرانس برس.
وفي حزيران/يونيو الماضي، حصل البحث المستمرّ منذ زمن بعيد عن حياة خارج كوكب الأرض على جرعة دعم كبيرة، إذ عُثر على الفوسفور، وهو عنصر أساسي للحياة، في محيط تحت السطح الجليدي لإنسيلادوس، أحد أقمار كوكب زحل، بفضل المركبة غير المأهولة “كاسيني” التابعة لوكالة الفضاء الأميركيّة.
لكن لا يوجد بحوزة الأوساط العلميّة دليل قاطع حتى الآن على وجود حياة خارج الأرض، ولا سيّما حياة ذكيّة، وإن كان كبار علماء الفيزياء والفيزياء الفلكية يتعاملون مع هذه الفرضيّة بجديّة تامّة.
ففي مشروع يكاد يشبه أفلام الخيال العلميّ، أطلقت وكالة الفضاء الأميركية في العام 1977 مسبارين (فوياجر 1 وفوياجر 2) إلى الفضاء يحتويان على مجموعة من الصور والأصوات التي تمثل الحياة على سطح الأرض، لتُخبر عن الحضارة البشرية في حال وقعت بأيدي مخلوقات ذكية في الكون.
وتثير هذه المشاريع قلقاً بين عدد من العلماء، وصولاً إلى التحذير من “لفت نظر” حضارات ذكيّة مُحتملة في الكون إلى كوكب الأرض وما فيه من ثروات ولا سيّما الثروة المائية، على غرار عالم الفيزياء الراحل الأشهر في العالم ستيفن هوكينغ.
وفي هذا السياق، قال هوكينع في العام 2010 “إن زارتنا مخلوقات فضائية يوماً ما، أظن أن النتيجة ستكون مماثلة لما حصل عندما وصل كريستوفر كولومبوس إلى القارة الأميركية وهي لم تكن إيجابية للسكان الأصليين”.
لكن لم يصدر عن أي هيئة علميّة حتى الآن ما يؤكّد كلّ هذه الافتراضات العلميّة.